عرض مشاركة واحدة
قديم 02-12-2020   #3


الصورة الرمزية إرتواء نبض

 عضويتي » 27920
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » منذ أسبوع واحد (06:13 PM)
آبدآعاتي » 1,384,760
الاعجابات المتلقاة » 11619
الاعجابات المُرسلة » 6425
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » إرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   7up
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه

اصدار الفوتوشوب : لا استخدمه My Camera: Sony

мч ѕмѕ ~
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي





جالِسة أَمام اللَّوْحة المَأهولة بالسِّحرِ والجَمال.. لَوْحة سافَرَت على سَحَابة حَمَلتها من بَيْن صَفَحات القصص الخرافية التي كانت تَقصَّها عليها والدتها.. سندريلا.. الجَميلة والوَحش.. سنووايت وأخريات كان عقلها البريء يُسْهِب في خياله لِرَسْم فَساتينهن البرَّاقة والبارعة الجَمال.. وها هي اليَوم تَتَأَمَّل فُسْتانًا يُشْبه تلك الفَساتين في الرَّوعة والتَّفاصيل الأميرية. ابْتَسَمَت وهي تُمَرِّر أنامِلها على قِماشه الفاخِر.. التَّطريز النّاعِم.. الدَّانتيل الأنثوي والتَّفاصيل الراقية التي اعْتَنَت بها بدِقِّة.. هي لا تَعْتَقِد.. بل هي واثقة أَنَّهُ أَجْمَل فُستان زَواج رَأتهُ عَيْناها.. أَنيق وباذِخ وفي الوَقت نَفْسه بَسيط ومُريح للعَيْن.. وهي بتسريحة الشَّعر ومَساحيق التَّجميل سَتكون مَلِكة هذا الفُستان أو هذه اللوحة كَمَا سَمَّتها. تَرَكت مَكانها واتَّجَهت إلى مرآتها.. تَوَّقَفَت أَمامها تُطيل النَّظَر في مَلامحها.. هي لا تُشْبِه والدتها تَمامًا.. على عَكس شَقيقتها الكُبرى.. مَلامحها امْتَزَج فيها وَجْه والدتها ووالدها وشَقيقتَيها أيضًا.. كانت تُشْبِههم جَميعًا.. ولا تُشْبِههم في الوَقت نَفسه.. فهي الوَحيدة التي امْتَلَكت شَعر أَشْقَر وعَيْنان خَضراوان.. لا تَعْتَقِد أَنَّ وَجْهها سَيُجْلِب لتلك الخَبيثة المَتاعب.. رُبَّما وُجودها في حياتها في البداية سَيُعَكِّر عليها أَيَّامِها وسَتُذَكِّرها بالماضي.. ولكنّها تَعْتَقِد أَنَّها سَتَعتاد عليها في النّهاية.. وهي تُريد ذلك.. بَل وتَطْمَح لِكَسب ثِقَتها ومَحَّبتها حتى يَكون الكَسْر أَكثر وَجعًا.. والصَّدمة أَقْوى وأَعْنَف.. مالت شَفَتاها بابْتسامة ساخِرة ويداها تَرْتفعان لِتَلمسان خَدَّيها.. حَيث تَركت قُبْلتان.. واحدة على الخَد الأيمن.. وأُخرى على الخَد الأيسر.. وهَمَست بنبرة غَصَّت بمَوَدَّة مُلَوَّثة: ألف مبروك.. الله يتمم على خير
كان ذلك في اللقاء الأول.. عندما أَتَت مع شَقيقاتها وحَماتها وابنتها لإتمام تَقاليد الخِطبة.. أَمَّا ليلة عَقد القَران فكان القَلَق مُغرِقًا عَيْنيها ومُسَيْطِرًا على نَظراتها التي وَجَّهتها لها ولِعبد الله بشكلٍ أَكْبَر.. وكأنَّ إحساس أُمومتها الرَّث يُحَذِّرها من الخَطَر المُقَترِب منه.. هي حتى عندما باركت لها وأَعادت تَقبيلها، بَقَت لثواني تَنظر لها بابْتسامة مُتَرَدِّدة بل وراجِفة.. عَدَستاها تَنتقلان على وَجْهها بسرعة حائِرة.. وكأَنَّها تَبْحَث عن جَواب يُؤكِّد على قَلَقِها.. وهذه المرة هَمَسَت بنبرة سَمَعت فيها رَجاء: تحملّي بولدي.. تراه أَمانة عندش.. عبد الله يملك أَطيب قَلب في الدّنيا.. مبروك عليش هالقلب.. الله يهنيكم
اسْتَدارت عن المرآة بالتَّوالي مع تَقَلًّص ابْتسامتها.. خَطَت للسَّرير وهي تَعْبَث بأطراف خصلاتها وفِكْرها سارِح في جُملة بَلقيس.. اسْتَلَقت على ظَهْرها وَسَطَه.. رَفَعت يَدها اليُمْنى أَمام وَجْهها.. ابْتسامة حُب حَديث الولادة حَطَّت على شَفَتيها عندما سَلَّمَت عليها الزُّمردة.. تَحَسَّستها بأصابعها وهي تَسْتَرْجِع اللحظة التي قَبَّل فيها باطِن كَفّها بكُل رِقّة.. قُبْلته أَحْيَت فيها رَعْشة جَديدة ومُخْتَلِفة.. هي لا تَنكر أَنَّها تُحِبّه منذ زَمن.. إلا أَنَّ حُبّها كان نابِعًا من شعورها بالجاذبية تجاه ملامحه الوَسيمة.. مُراقبته من نافذة غُرفتها حينما يأتي لاصطحاب والدته.. حَديث والدتها عنه والقراءة عنه في مُذَكَّراتها.. ببساطة حُبّها كان حُب غير مؤسَّس.. لكَن الآن هُو زوجها.. والسَّاعتان اللتان قَضتهما معه بَعد عَقد القران زَرَعتهُ في رُوحها شُعورًا طاهِرًا وعَفيفًا. زَفرة طَويلة غادرت صَدْرها وهي تَغمِض وتَسْتَقِر بِكَفَّيها فَوْقَ صَدْرها.. لَن تُساعدها شَخصية عَبد الله.. سَتُعيقها رُجولته.. ابْتسامته.. طيبته.. نَظراته.. لَمساته وَأحاديثه.. هَمَسَت ومَلامحها تَتَصَدَّع من تَوَجُّسٍ وأَلمٍ خَفي: لا تَصَعّبها عَلَي عَبد الله.. لا تَصَعّبها عَلَي



تَساءَلت بَعدَما طالت فَتْرة الصَّمْت التي أَعْقَبَت سَرْدها للمَوقف: انزين إنتِ.. شنو رايش؟
أَدارت رَأسها عن النّافِذة لِتُجِيبَها بِعُقْدة حاجِبَين مُسْتَنْكِرة: مو موافقة أكيـد
انْتَقَت نَبْرة هادِئة ولَطيفة لإبداء رَأيها: بس من حقش تفكرين جِنان.. من حقش تبدأين حياة جَديدة.. أمش معاها حَق.. هذي فرصة.. أستاذ نادر شاب من عمرش وما سَبق له الزّواج.. ويبين إنّه مهتم فيش
أَشاحت عنها لِتُواصل تَأَمّلها العَبثي وهي تُعَقِّب بَملل: ترى لاعت جبدي وانتوا تقولون فرصة وفرصة.. بكلامكم تحسسوني إن فيني عيب، أو إني أكون مطلقة وعندي بنت فهذا عيب
وَضَّحَت وهي تقف لِتَقترب منها: جِنان احنا ما قلنا إن وضعش عيب.. احنا نتكلم ونفكّر بمنطقية.. لا نجذب على أنفسنا وخل نكون صادقين من هالناحية.. فعلاً شي نادر إن المرأة اللي تكون في وضعش يخطبها رجَّال مو مُنفصل ولا أَرْمَل.. ما بقول إنّي متأكدة.. بس أتوقع إنّه واجه صعوبة عشان يقنع أمه تخطبش له
نَظَرَت لها والمَلَل قَد أَرْخَى جِفْنيها: نَدى اللحين إنتِ شتبين؟ لوين تبين توصلين بحجيش؟
أَجابت بصراحة ونُصْح: أبيش تفكرين.. ما أبيش تغلقين كل الأبواب قدامش.. تستاهلين الحياة
ارْتَفَع حاجِبَها وباعْتراض: والحياة ما تتحقق إلا بزواجي! الحمد لله أقدر أعيش الحياة اللي أبيها من غير زواج ورجَّال
أَفْرَغت تَنْهيدة صَبر: ما قصدت جذي.. إنتِ فاهمة قَصدي جِنان.. وأنا فاهمتش.. أدري تبين توجهين حياتش ووقتش واهتمامش كله لبنتش.. لكن بيجي يوم وجَنى بتكبر وبتتزوج وبتصير لها حياة.. وقتها بتحسين بفراغ.. بتفتقدين الحِس اللي يتمازج مع حسّش.. كل من بيكون ملتفت لحياته وعايلته.. إنتِ ما بيكون لش غير نفسش
حَرَّكَت كَتفها بِعَدم اهْتمام وشَفتيها تُمَيّلهما السُّخرية: عــادي.. طول عمري ما لي غير نفسي.. كل مرة أَظن إنّي لقيت اللي بيحتويني انصدم برمية إهمال على وجهي.. كأنها تصحّيني من أحلامي السخيفة "شَخَرت بتَهَكُّم" ما وَفى معاي غير أحمد المسكين
بجدِّية أَضافت: جِنان.. اعطي نفسش فرصة التفكير.. بس فكري.. شيلي من بالش كل تهديد من فيصل.. ترى صَدقيني ما يقدر يسوي شي.. ولو سوّى الكل بيكون معاش.. حتى أمه وأبوه.. ترى هو ما عنده غير التهديد.. يبي يخوفش بس عشان ما ترتبطين بأحد.. ما يقدر يحرمش من بنتش
هَمَسَت ولَحْنُ الأَسَى يُعَرِّج كَلِماتها: زين أنا شسوي بقلبي؟ أتزوج وأظلم الرجَّال معاي! أتزوج وأنا كل فكري عند رَجَّال غيره! حتى لو فيصل ما حرمني من بنتي.. أنا.. شلون أحرم نفسي منه؟ على الأقل اللحين لو فكرت فيه.. لو حبيته.. لو اشتقت له ما بكون خاينة.. بس لو تزوجت.. كل هذا بيكون خيانة.. كل هذا بيكون ظلم لنادر "حَرَّكَت رَأسها تُؤكِّد رَفضها للفكرة وهي تعود للنافذة" ما أقدر.. ما أقدر أَتحمل ذنوب أكثر.. زواجي ما راح يصير.. كفاية اللي صار مع أحمد
: ارتباطش من أحمد كلش غير.. ظروفه غير وأسبابه غير.. كنتِ عالقة في صدمة فقدش لبنتش وفيصل في الوقت نفسه.. كنتِ مكسورة من تركه لش وإخلافه للوَعد.. كنتِ تبين أي شي وأي شخص ينتشلش من هالدوامة السودا.. وما كان في غير أحمد اللي سَبق واحتواش أيام مراهقتش.. سلمتين نفسش للوَهم وساعدش غياب فيصل.. غَرقتين في عالم أحمد غصب.. وطَمستين على حُب فيصل بوَهم حُبش لأحمد.. ما بنقول ما كان حبش لأحمد حَقيقي.. بس ما كان حُب الزوج لزوجها.. كان حُب الطفلة المجروحة المسجونة داخلش لأبوها أو أخوها أو حتى صَديقها
وَجَّهَت لها نَظْرة يُشاغبها الدَّمع وتَكسرها الخَيبة: نـدى.. ترى إنتِ بحجيش هذا تأكدين على إنّي عالقة بحب فيصل وصعب أنساه.. شلون تبيني أفكر في ارتباطي بغيره!
أَمْسَكت كَتِفها بَحنو وهي تُجيب بِمَلَق: أبي تعطين نفسش فرصة.. ما بنكر وبقول إنّ سهل نسيان فيصل.. بس مو مستحيل.. فكري.. لا تحرمين نفسش من الحق في التفكير.. تقدرين تطلبين إنّش تكلمين نادر.. تعرّفي عليه أكثر.. تفاهمي معاه.. اكتشفي شخصيته.. اسمحي لنفسش إنها تتفحصه وتكتشفه وتقرر إذا هو مناسب لها أو لا
ابْتَعَدت عنها إلى السَّرير ابْتعادًا مُسَيَّر بالهُروب وهي تَمْسح وَجْهَها براحتيها وتقول: مادري ندى.. مادري
جَلَست في الوَقت الذي وَقفت فيه نَدى أَمامها.. اسْتَقَرَّت على الأَرْض الخَشبية برُكبتيها وهي تَحْتَضن يَدها بعناية وتهمس: حَبيبتي إنتِ.. أدري شكثر ضايعة وحايرة وخايفة.. صلي ركعتين وادعي من الله يمسح على قلبش ويهديش للصَّلاح.. صَفّي عقلش وقلبش.. ارتاحي اللحين وبعدين فكري وقَرّري
بخفوت وبَصَرٍ مُنْخَفِض: أوكـي "وَقَفَت ندى وهي تُرَتِّب حجابها.. تَناولت حَقيبتها فَتساءَلت هي" بتمشين؟
: اي حَبيبتي
اقترحت: قعدي تعشي معانا بعدين امشي
ابْتَسَمت لها: الله يغنيكم.. بس منصور والعيال ينتظروني في البيت
بادَلتها الابْتسامة بأخرى باهِتة: على راحتش
انْحَنَت لِتَترك قُبلة أخويّة على خَدّها ثُمَّ قالت وهي تُهديها نَظْرة مُشَجّعة: كل شي راح يكون بخير.. بس إنتِ تحملي بنفسش ولا تضغطين عليها.. تمام؟
هَزَّت رأسها: تَمام
لَوَّحت لها وهي تَبْتعد للباب: مع السلامة
رَفعت يدها: في حفظ الله
ما إن خَرَجت نَدى حتى وَقَفت هي لِتَتّجه لغرفة ملابسها.. التَقطَت ثَوب اسْتحمامها ثُمَّ دَلفت لدورة المياه.. كعادتها تَسْتِحم عندما يُحاصرها لَهيب فَيْصل.. تَقِف تَحْت الماء لِتَتَخَيَّل أَنَّ مَطَرًا يَنهمر عَليها لِيُطْفئ نيرانها.. نادر.. نــــادر.. لَم تتوقَّع.. لَم تَتَوقَّع ولا لِلحظة أَن يَخْطبها! أسْئلة كَثيـــرة تَجول في خاطرها.. وتعلم أَنَّها لَن تَجِد أجوبتها عند غيره.. لذلك فِكرة الحَديث مَعه التي اقترحتها نَدى قَد تَسْتَعين بها إذا تَضاعفت العُقَد داخلها.



تَجْلَس على الأَريكة بجانب والدتها، وأمامها كانت تَجْلس حُور على يَمين أُمِّها.. للتو انتَهَيْنَ من طعام العشاء الذي أعَّدته حُور بمُساعدتها البَسيطة.. مُنذ فَترة لَم تأتِ أُم حُور لزيارتها بسبب المَرض.. كانت حُور التي تزورها مع يُوسف وأحيانًا مع والدتها.. أما يُوسف فالليلة هُو مع مُحَمَّد الذي قَرَّرَ أن يَدعوه للعشاء في أَحد المَطاعم ليتَجاذبا أَطْراف حَديثٍ خُطِّطَ له.. فَمُحَمَّد الذي لَم يَعْثُر هُو ورَفيقَيه على نِصْف خَيْط في كُتب وأوراق والدها.. قَرَّرَ أن يُحَقِّق مع يُوسف بطريقته الخاصَّة كما قال.
حُور وهي تَحْتَضِن يَد والدتها وبإبهامها تَمْسَح على تَجاعيدٍ ما هي إلا تَهَدُّلاً من ثقْلِ أَسْرارٍ ماضية عَظيمة: يُمّه.. شرايش تظلين معانا في البيت؟ المكان شكبره.. يشيلنا ويشل عشرة بعد.. أحسن من قعدتش بروحش هناك
اسْتَنكَرت بحاجَبين مُرْتَفعين: هَوْ يُمّه حُور شلون أترك بيتي! ما يصير حبيبتي
دَعَمَت اقْتراحها: أبوي أكثر وقته مسافر.. وإذا ما سافر كله في الشركة وينسى نفسه مع شغله
ابْتَسَمت لها وبرِضا: ما عليه يُمّه.. أنا تعودت من سنين.. حتى لو أبوش أكثر أيَّام السنة مسافر.. ما يصير في اليومين اللي يرجع فيهم ما أكون في استقباله
قالت بعد تفكير: زين أنا بكلمه.. أنا بقول له اقتراحي.. ما أتوقع يرفض
نَهَتها بِمَلق وهي تُداعب خَدّها: حُور يا عمري ما يحتاج تكلمين أبوش.. أنا من نفسي مابي أترك بيتي.. أدري لو إنّي قلت لأبوش عادي بيوافق.. بس أنا مابي
مالت شَفتيها وبنبرة زَعَل: يعني يُمّه ما تبين تقعدين معاي؟ بيتي مو قد المقام؟
ضَحَكت: بعد عمري والله فوق المَقام.. وما في أم ترفض إنها تكون قريبة من بنتها.. بس حَبيبتي مو حلوة في حق أبوش
أُم يُوسف بِلُطف: ما عليه حُور.. خلي أمش على راحتها
هَمَسَت والضيق يُصَدّع ملامحها وهي تُرْجِع ظَهْرها للخَلف: على راحتش
نَظَرت لها مَلاك من مَوْضعها.. هي تعلم جَيَّدًا ما تعْنيه حُور بطلبها.. هي تَخْشى على والدتها من الوحْدة.. تَخْشى عليها من براثنها التي تَنْهَش الرُّوح عندما يَجْثم الليل على الصُّدور.. هي وَحيدة وليست وَحيدة في الوقت نفسه.. فهي لها ثلاث أخوات وأخان ولكن من أبٍ آخر.. جَدة حُور توَفَّت مُنذُ زَمَن.. فبَقيت والدتها مع جدها الذي كان من أَشهر تُجَّار الذَّهب.. وكانت هي وَريثته الوحيدة.. وَرَثَت أموالاً طائلة وأمْلاكًا تُبْهِر الضَّمائِر ويسيل لها لُعاب النّفوس.. لكنّها لَم تَكُن تَهْتم لكُل ذلك.. فهي كانت تَفْتقد للعائلة.. تَفْتَقِد لَيَد الأُم بدفئها وطَبْطَبتها... جدتها التي ضاقت من افْتقار حَياتها للبَشَر قَرَّرت أن تترك جدها وتتزوج من ابن خالها الذي كان يحبّها سِرًّا.. لكنَّها تَوَّفَّت بعد ولادتها لآخر أبناءها بفترة قصيرة.. وبقيت والدتها وَحيدة في منزلٍ يَضج بالصَّمت.. لا تنكر أن أخواتها وأخاها يزورونها.. ولكن في المُناسبات فَقط.. فكُلٍّ مِشغول بحياته.. لذلك حُور تُريدها أن تعيش معها.. لعلمها بانْشغال والدها الدّائم.. أو حَقيقةً بإهْماله.. حُور لا تشتكي.. والدليل ما كان يجري بينها وبين يوسف.. ولكنَّها قَد شَهِدَت في الطفولة على بعض المواقف العَصيبة التي كانت تَجمع والديها.. هي ملاك، في نظرها سُلطان رَجُلٌ طَيِّب.. قَد يَكون قاسيًا مع أُسرته وكثيرٌ من الرّجال هكذا.. لكنّه كان الظَّهر الوَحيد الذي أسْنَدهم بعد مَقْتَل والدها.. لكن بَعْد أن تَكاشَفت هي ومُحَمَّد.. بَدأت أَحاسيسها نَحْوه تَسلك مَجرىً آخر. انْتَبَهت من غمرة أفكارها لحُور التي ذهبت لارْتداء حِجابها.. نَظَرَت للمدَّخل لترى يُوسف ومُحَمَّد يَتَقَدَّمان وَبقايا ضِحْكة قَد تَعَلَّقَت بأطْراف وَجْهيهما.. ارْتَسَمَت على شَفتيها ابْتسامة غَصْبًا وهي تَرى الانشراح يَملأ الاثنيْن.. يَبْدو أن العشاء كان هَنيئًا مَريئًا. مُحَمَّد الذي ظَلَّ واقِفًا تساءَلَ بَعْدَ أن سَلَّم: بتمشين؟
نَظرت للساعة.. كانت قَد تَجاوزت الحادية عَشَر.. أَجابت وهي تقف: ايــه.. بس بلبس عبايتي
اتَّجَهت إلى حَيثُ عُلِّقَت عَباءتها.. تَقابلت مع حُور العائِدة والتي تساءلت: بتروحين؟
: ايــه "ثُمَّ اسْتَطردت وهي تَضع يَدها على كَتِفها وبرِقّة" حوري حبيبتي لا تتضايقين.. أمش مراة قايمة ببيتها وزوجها.. وتدري عيب عليها لو تركتهم وجت تعيش اهني
كَشَفَت عَن تَنهيدة ومن عَيْنيها لاحَ قَلَقٌ مُوارب: أدري مَلاك.. بس هالفترة صايرة كله تمرض.. وهي كبرت.. تبي من يشيلها ويهتم فيها.. ما يصير الخدامات متحملين فيها وأنا بنتها بعيدة عنها
شَدَّت على كتفها: حُور أنتِ انشغلتين مع مرض يوسف.. وأساسًا إنتِ مو مقصرة.. كل يوم تروحين لها وتزورينها.. أدري ما يوفّي حقها.. بس إنتِ مو هاملتها
هَمَسَت وعيناها يُشاغبهما الدَّمع: بس خايفة عليها.. أخاف تتعب ومحَّد عندها
ابْتَسَمت لها برأفة: حبيبتي لا تحاتين.. أَمْنيها واسْتودعيها الله
هَزَّت رأسها: ونعم بالله

،

كان مُنْتَبِهًا لِتَشَبُّث عَيْنيها به.. لا يدري إلى ماذا تنظر بالتَّحديد.. ولكن بَصَرها المُوَجَّه إليه دَوْمًا في الآونة الأخيرة؛ باتَ يُشْعِره وكأنّه الرَّجُل الأَهم في هذا الكَوْن.. التَفَتَ لها لثانِية ثُمَّ أعادَ بَصره للطَّريق وابْتسامتها قَد انْعَكَسَت على شَفَتيه.. ضَحَكَت وهو اتَّسَعَت ابْتسامته والتَّعَجُّب قَد أَرْفَعَ حاجِبَيه: شنـو!
حَرَّكَت كَتِفَها وهي تُجيب: بــس... مستانسة
هُو الذي فَهَم ما تعَنيه من جَوابها أَفْصَح: ترى ما فاتحته بموضوع القضية "وَضَّحَ سَريعًا قَبَل أن تستنكر" كان مرتاح واجد.. ونفسيته منشرحة ومندمج معاي في السوالف.. ما حبّيت أَبعثر كل هذا وأغصبه على تذكّر الماضي.. فقلت أخليها لوقت ثاني
قابَلَتهُ عَيْناها بامْتنان وهي تهمس: مَشكور "نَظَرت للساعة ثُمَّ اسْتَفسرت" محمد تعبان؟
نَظَر لها: لا عادي مو تعبان.. ليش؟
مالَ رأسها بتردّد وبابْتسامتها الجانِبية المُميزة: قلت نغيّر جو
وافقَ سَريعًا: اي مو مُشكلة.. وين تبين تروحين؟
أَفْصَحت: خاطري في البحر
هَزَّ رأسه: البحر البحر "أشار للأمام" نواصل قدّام "ثُمَّ أشارَ للخلف" لو نرجع ورا.. اختاري؟
أَجابت بعد تفكير قصير: لا خلنا نواصل قدّام.. هناك البحر أحلى
ابْتَسم: على أمرش
بَعدَ دقائق كَانا يَرْسمان خطواتهما على الرِّمال السَّاكِنة.. الهواء كان أَقَرب للبرودة.. نسائمهُ هادِئة وناعِمة.. تَنفذ إلى صَدرك برِقَّة تُشْبِه الاحتضان.. فَتُنْعِش رُوحك وتَطرد عنها الكَلَل. كانا الوَحيدان اللذان يَزوران البَحر في هذا الليْل.. اليوم هُو يَوْم دَوام رَسْمي وغدًا أَيَضًا، فَالأَغلب قَد قَصَد مَنزله.. خاصَّةً وأنَّ الوَقت قَد اقْتَرب من مُنتصف الليْل. تساءَلَ وبَصرَهُ مَعْقود برَقْصة اسْتقبال الفَجْر التي يُمارسها المَوْج اجْتذابًا للنّفوس: ليش كنتِ تبين تضريني؟
رَنَت إليه بِطَرْفها قَبْلَ أن تُصَحِّح لهُ بِثقة: قصدك ليش كنت أبي أقتلك
ابْتَسَم بخفّة وهو يَهْمس مُتَعَجِّبًا: من وين هالثقة الكبيــرة اللي عندش! واثقة إنّش تقدرين تقتليني!
رَفَعت رأسها وبذات الثّقة: كل واحد عنده نقطة ضعف.. وكنت مؤمنة إنها مُمكن تظهر نقطة ضعفك قدامي وأقتلك
عَقَدَ حاجِبَيه وباسْتغراب: زين ليش! ما أذكر إنّي ضَرّيتش.. يعني المواقف اللي جمعتنا ما حَوَت أمور مُمكن إنها تزرع داخلش حقد تجاهي يدفعش للتفكير بل لمحاولة قَتلي!
وَضَّحَت بكلمة وعَيْناها تَسْتَرْجِعان مأساةٍ مَضَت ساعاتها ولَم يَمْضِ أَثَرها الجاثِم فَوْق القَلب والرُّوح: البنــك
اسْتَنكر: البنك! أنا أنقذتش من حريق.. المفروض تشكريني.. مو تقتليني!
نَظَرَت إليه: إنت خذيت أوراق من هناك صح؟
صَمَتَ وبدأت حَرَكة قَدماه تَتَباطأ شيئًا فَشيء.. تَوَقَّفَ وهو يَشِعر كَأَنَّما صَخْرة هَوَت فَوْقَ رأسه.. تَوَقَّفَت هي ونَظرت إليه من مكانها.. امْتَصَّت الصَّدمة من عَيْنيه المُتضاعف غَبَشهما.. وقَرَأت على صَفْحة ملامحه أَسَفِه الحائِر.. هَمَسَت لهُ ومَيَلان ابْتسامتها قَد تَعَرَّجَ من ثِقل الأَلَم: إنت مو السبب.. كل شي مقدَّر ومكتوب "أَرْخَت جِفْنيها وهي تُكْمِل بتوضيح" أنا كنت في وضع ما يعلمه إلا رَب العالمين.. الصَدمة ابتلعتني بالكامل.. فقدت الإحساس بكل شي.. حتى عقلي وتفكيري.. وما كنت أقدر أنتقم منهم.. وأَشفي غليلي وأطفّي النار اللي فيني منهم.. وَسط كل هالضياع رَبطت اللي صار فيني فيك.. لو ما إنت خذيت الأوراق اللي كانوا يبحثون عنها عندي.. جان ما صار اللي صار "رَفَعت بصرها مع اقترابه منها" كانت وساوس من إبليس ومن الحالة النفسية الصعبة اللي كنت أعيشها "قَفَزَت من حنجرتها ضِحكة مَبْحوحة ووَسَط عَيْنيها قَد فاضَ دَمْعٌ لاسِع" لكن إنت ما شاء الله عليك ما واجهتني إلا بنقاط قوّتك.. نفذت من القَتل بذكــاء
هَبَطَت دَمْعة على خَدَّها في الوَقت الذي هَمَسَ فيه: آسـف
هَزَّت رأسها تَنهاه وهي تَمسحها بظاهر كَفَّها: لا تتأسّف محمد.. إنت فعلاً مو سَبب اللي صار
: بَس أنا كنت متخفّي.. عارف خطواتي وتحركاتي.. لكن إنتِ.. كنتِ واضحة لهم.. واضحة من غير تَعقيد.. وأنا فاتني هالشي
عَقَّبَت بتسليم: سواء كنت متخفية أو ما كنت.. اللي صار كان بيصير في كل الأحوال مدام ربّي مقدره لي "رَشَّحَت ابْتسامتها من تَرَسّبات كَمَدٍ خانِق وبعفوية عانقت ذراعه بذراعها مُسْتَعَدِّةً لمُواصَلة المَشي.. اسْتَفَسَرت باهْتمام" شنو فيهم الأوراق؟ "اسْتَدرَكت سَريعًا" يعني إذا يصير أعرف
أَجابَ وهُو يُحاول أن يَتجاهل إحساس ذراعها وهي تُلامس ذراعه: بلى يَصير
وعيناها ترنو لجانب وَجْهه بتركيز: شنــو؟
وهو يُولي بَصره شَطر البَحَر: أَسْماء وهمية للمُساهمين في البنك والمُستثمرين فيه.. وكل المعلومات عن كل الحسابات المفتوحة فيه والقروض المُسَجَّلة وكل المبالغ المُودَعة والمَسحوبة.. وتفاصيل عن الخزنة والأرقام السرية وغيرها من أمور.. يعني ببساطة الأوراق فَضيحة
هَمَسَت بصدمة: يعني البنك وهمي! مو موجود!
حَرَّك رأسه: لا.. فلوس الناس صارت في يد أصحاب اللعبة.. تصوري اللحين عدد الأُسَر اللي تَدَمَّرت وحالات الإفلاس والخساير اللي صارت.. هذا غير الصدمة اللي ممكن عَرَّضت البعض لأمراض جسدية أو نفسية
تَساءَلَت بعدم تصديق: يعني اخذوا كل الفلوس؟ كلــها؟
أَكَّدَ: كلها.. وحَرقوا البنك عشان تختفي كل الوثائق، سواء كانت ورقية أو إلكترونية.. بس هالأوراق كان لازم تظل.. لازم تنجو من الحَريق.. عشان جذي هي محفوظة في خزنة تعتبر من أكثر الخزنات سريَّة وأصعبها للفتح.. من ضمن هالأوراق موجودة حسبة تقسيم ربحهم.. كل هالأسماء الوهمية من خلفها توجد أسماء حَقيقية.. وكل اسم له نسبة من الفلوس.. فضياع هالأوراق مُصيبة بالنسبة لهم.
نَطَقَت ببطء تربط الخيوط: واللحين الأوراق عندك.. وهم يدورون عليها.. بس ما يدرون إنّك إنت اللي أخذتها
ضَيَّقَ عَيْنه وبَصره يعود لها: تقريبًا "أرْدَفَ يُذَكِّرها" ذيك الليلة اللي التقينا فيها في البنك.. بعد الحريق.. كان في هناك شخص
اتَّسَعَت عَيْناها وبخوف: شافــك؟
: لا كان ظلام.. ما مداه يشوفني
زَفَرَت بنصف راحة: الحمد لله "عادت وأَفْصَحَت عن سؤال" وكلش كلش ما شفتون شي غريب في كُتب أبوي وأوراقه؟
: للأسف ولا شي.. وأنا جدًا مستغرب إنّه ما ترك أثر أو دليل يوصّلنا للمجرم! كان يمديه.. لأنّه أكيد كان متوقع إنّه بينقتل عاجلاً أو آجلاً
هَمَسَت بِحَشرجة: يمكن لأنّه خايف علينا.. خايف لو ترك شي وراه المُشار إليه يضرنا.. أصلاً.. كل العذاب اللي تعذبه بسبب خوفه علينا.. أمي تقول كان رافض يخبّر الشرطة عن اللي يصير فيه عشان لا يعرضنا للخطر "وبحسرة" بس لو كان مشتكي عليهم
وَضَّحَ وهُو يُخفض عينيه لها، يَتأَمَّل تَصافق أهدابها المُجاهِدة جَيْش الدُّموع: مَلاك قلت لش قبل.. العصابة عددها كبير ومو معروف.. وأياديهم طويلة.. عندهم أعضاء متواجدين في كل مكان.. عادي محقق أو شرطي أو قاضي يكون تبع لهم.. وأبوش يعرف هالمعلومة.. عشان جذي كان يحذر إن يوصل أي شي للشرطة
هَمَسَت وَجَسدها يَنْكَمِش باقْترابٍ إليه: حَبيبي أبوي... الله يرحمه
تَمْتَم: الله يرحمه
واصلا رِحَلتهما لنصف ساعة أو أَكثر والصَّمت حاديهما.. فلا صَوْت يَعْلو على صَوْت البَحر.. قَطعا المَسافة ذَهابًا، ثُمَّ أقفلا رَاجِعَيْن دُون أن يَنطق أحدهما بِكَلمة.. عَيناها تارَّة على السَّماء تُناجي فَقيد رُوحها.. وتارَّة على البَحر.. تَنْهل بالنَّظَرِ إليه راحة وسَكون.. أما هُو فَعَيْنيه تُناظِران الأَمام ولا غيره.. كَبَّلَ بَصره قِسْرًا حتى لا يَنْحرف إلى وَجْهها.. لوَهْلة وجَسَدها مُلْتَصِق بِجَسده.. ورائِحتها تَتَغَلْغَل إلى صَدره بعذوبة.. وذراعها تَغْفو حَوْلَ ذراعه؛ أَرادَ أَن يُقَبِّلها.. وما أَرْوَعها من قُبْلة لَو أَنَّها تَحَقَّقَت.. لكن هذا الأمَر صَعْب.. صَعْبٌ عَليه وعليها.. هُو لا يُجيد هذا الدور.. دَور الزّوج المُحِب.. يَخشى أن تكون أفعاله خاطِئة.. وهي.. آه منها هي.. لا زالت تَعتبره أخ.. أو صَديق.. كَما اتَّفقا.. حتى بعد ذلك الاحتْضان الرَّبيعي.. وبالطَّبع لَن يُقْدِم أَخاها أو صَديقها على هذه الفِعْلة!
في حدود الساعة الواحدة اسْتراح جَسَديهما على مَقْعَدي السَّيارة.. نَطَقَ باسْمها قَبْلَ أن يُشَغِّل المُحَرِّك: مــلاك
التَفَتَت إليه وهي تَرْتدي حِزام الأمان: نعم
أَفْصَحَ عن سؤاله: الساعة.. اللي معلّقة في مكتب أبوش.. تحسين فيها شي غريب؟
عَقَدَت حاجِبَيها بعدم فهم: يعني شنو؟
حاولَ أن يَشْرَح: يعني.. في شكلها.. أو حجمها
بِصدق: ما أدري والله.. ما أذكرها أصلاً "اسْتَفسَرت باهْتمام" إنت لاحظت شي يعني؟ شاك في شي؟
وهو يضغط زِر التَّشغيل: لا.. بس "صَمَت لِلحظة ثُمَّ أَكْمَل مع تَحَرّك السَّيارة" بس حسيتها ثقيلة أكثر من اللازم
هَمَسَت بعد تفكير قصير: ما أدري.. تعتقد فيها شي داخل خلاها هالكثر ثقيلة؟
حَرّك كتفه: يمكن.. احنا افترضنا إن الشخص المتردد على المكتب يدوّر على السلسلة اللي راويتيني إياها.. بس لو كان داخل الساعة شي.. فهو بالتأكيد يدوّر عليه.. لأنّه مخفي.. خلافًا للساعة اللي كانت ظاهرة وتجاهلتها الشرطة والفاعل نفسه
عَقَّبَت: زين فتشوها.. افتحوها شوفوها
: أكيد بنفتحها.. بس قبل لازم أكلّم يوسف





يتبع


 توقيع : إرتواء نبض




رد مع اقتباس