عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 11-09-2019
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
لوني المفضل Aliceblue
 عضويتي » 27920
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » منذ 3 يوم (07:49 PM)
آبدآعاتي » 1,384,760
الاعجابات المتلقاة » 11618
الاعجابات المُرسلة » 6425
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » إرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond repute
مشروبك   7up
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي ذات مقيدة حول عنق إمرأة / 41



بسم الله الرحمن الرحيم

تَوَكَّلتُ على الله

الجزء الحادي و الأرْبَعون

الفَصْل الأوَّل

عُقْدة رَبْطة العُنُق الأُرْجوانية كانت مُتَسَامِحة مَعه،سَلِسة و مُسْتَجيبة لتَوْجِيهات أَصابعه الرَّشيقة،فهي كما باقي العُقَد تَنْحَني إليه باسْتسلام دون أن تُطيـل في مُحاولاتها المُهْتَرئة لزَعْزَعة اتّزان شَخْصِيته..عَداها هي،الفَريدة في كُل شيء،و المُنْتَبِذة لها مَسْكَناً مُنْزوي بين حُجْرات قَلْبه،لتَكون الطَّفْرة التي خَسَرت خَلاياه أمام حُكْمها حتى تَمَلَّكَته..،لا زال مُرْتَبِطاً بها،و نَبْضُه تُسَيّرهُ إلْتواء أَهْدابها المُحَصّنة عَيْنا القَمَر النَّاعستين..كالقَمَر هُما تُرْبِكان يَحْموم لَيْلٍ ابْتَلَع رَفيف نُجوم باهِتة..و لكنَّهُ خَلَعَ تاج سُكونه تَبْجيلاً لإبْداع خالقٍ تَجَلَّى في عَيْنيها..عَيْني السَّهَر و السُّهاد المُنتَشية منهُ دَقَّات ذاكَ المَريض بها..،طَوى يَاقة قَميصه الأبْيَض و بَصَرُهُ مُنْشَدِهاً لحَديث نَفْسه المُتَآمِرة على قَلْبه..الليلة سَيَشْطُب بقَلَمِ النّسيان على وُجودها..سيُمْحي بَقايا ماضٍ بُحَّت ذكْرياته و هي تَزْعَق بين صَفَحات فُؤادٍ نَقَّحَ قاموسه من الإعْتذار..يَشْعُر و كأنَّ الأَحْداث تَسير باتّجاه قافِلته لتُسانده و تَرْفَع راية النِسيان التي أَخاطَها بشرايينه لعَلَّهُ يَنْسى و يَغْفو شَوْقِه الأَعْزَل،ذلك الشَّوق الخالي الوِفاض،المُقْتات على رغيف هَمْسٍ و احْتِضان..، زَفَرَ تَناقُضاتِه السائِرة في نفسه مَسْرى السَّحاب الثّقال،هُطولها نَحيبٌ على ماضٍ لا يَعُود،و إن حاكى حاضره ليُصَيّره نسخة منه فهو سينتهي خاسِراً،فمحْور الماضي قد فارَقته،و باقْفرار الحاضر منها تَسْتَحيل المُحاكاة..لا طريق لديك فَيْصل،كُل الطُّرق لا تُؤدي إليها..تلك الجِنان التي عانَقَت روحها روحك و لم يَكن بينكما أحد،لم يَكن هنالك أحمد و لا ياسَمين..كُنتما أنتما فقط،مُمتزجان برقة و مشاعر بيضاء سناها يُضيء ليالي سَهَرَكما بخفوت شاعري..،أغْلَق زِرار كُمّه الأيْسَر و عقله بدأ يَسْتَرْجِع الطَّريق الوحيد الذي يَرْجو أن يبيعه النسيان بلا ثَمَنٍ عَصي على الروح..ياسمين،الأنثى التي أبْدَت و بوضوح تَعَلُّق قلبها به،على الرغم من أنَّهُ لم يَكُن يراها سوى واحدة من طالباته لا أكثر،فجنان أعْمَتهُ عن أي أنْثى غيرها..نَثَرت بين عـروقه عطْرها ليُسْكَر جَواه مع كل ضَخّة دماء جَديدة..،واصل إغلاق زرار الكُم الأيْمن..هُو في الليلة الماضية قابَلَ والد ياسمين في المطعم الذي اصطحب جَنى إليه بعد أن اسْتَنْزَفَت أكثر من نصف طاقتها في اللعب،لا يدري هل كانت صُدْفة أم أنَّ القَدَر أراد أن يُؤكّد لهُ أنَّ طريق خلاصه يقبع بين جُنبات ابنة هذا الرجل..هو كان سيصبر ليومان ثُم يُحادثه،لكن هذا اللقاء دفعه لطلب رقم زوجته لتُحادثها والدته..و جاءهُ رد لم يَتَوقعه عقله..فهو أجابَهُ و ضِحْكة فَرِحة تُدَثّر صوته"ما يحتاج الرقم،باجر تقدرون تشرفونا في البيت" شَدَّ على يده و عيناه تَبْعثان فوْجاً من نظرات مُنتَشِية فَخْراً ليَهْمس"من فترة كنت انتظرك تكلمني،والله اني ما بحصل واحد احسن منك يكون زوج لبنتي"تَعَثَّرَت الإبْتسامة على شَفَتيه و رمْشٌ هَتَفَ بتصافُق مَبْهوت..هذه هي النهاية إذاً؟! نهاية أَرْض جِنانه..سَتُدَمَّر حَتْماً الآن..سيأتي اليَباب مَكَانها ناشِراً جَناحين من رَماد لا يعرفان أَلْوان الرَّبيع اليَانعة..لن يَتَرَدَّد اسمُ الجِنان مُجَدَّداً بين أَضلاعه..و لن يَجْرُأ على تَلَقّف سنابك ذِكْرها ليَغيب هائماً بطَيْفها..فالحَرام ستتعاقد معه الخِيانة..حَرامٌ ذاك الذي يمنعه من النَّومَ و خَيالُها يُرَبَّت على جِفْنيه..و الآن عندما سينعقد اسمه باسم تلك سَيَكون خائِن إن مَرَّ ذِكْرها على مَسْمَعه و تاهت نَبْضاته شَوْقاً لها..،ارْتَدى ساعته المُشيرة للسابعة و عَشْرُ دقائق صَباحاً،فَوْرَ اسْتِيقاظه قَصَد غُرفة والديه يُريد مُحادثة والدته بالموضوع،و التي يَعْلَم أنَّها ستُواجهه برفض ساحِق..لكنَّهُ وَجَدها تَسْتَحِم فعاد أَدراجه ليَتَجَهَّز لعَمَلِه..،هي بمُهْلة اليَومان لم تَكُن مُوافقة..فكيف إن عَلِمَت أنَّ أهل الفَتاة ينتظرون قُدومها مَسَاءً ؟!دَعَك صِدْغه بسَبَّابته و هو يَمس شفته السُّفلى بأسْنانه..هُو في وَرْطة يَرْجو أن يَنْفذ من بين خُيوطها المُتشابكة بسَلام..يَرْجو أن تَتَفَهَّمهُ والدته..فما دامت الأُمور قد نَحَت هذا المَنْحى فلن يَتَراجع،فخير البر عاجله..و هو لن يَتَخلَّى عن حَبْلِ الخَلاص المَمدود إليه،سَيَتَمَسَّك به و إن كان جاهِلاً إلى أين ستَنوء بهِ خَارطته..،اسْتَدار بعد أن أَغْرَق جَسده بالعِطر كما اعْتاد..تَقَدَّم من سَريره ليَتناول معطفه الرَّسمي الكُحْلي الفاتح،طَرْقُ الباب و مُناداتها جعلاه يَتَراجع بالْتِفات ناطِقاً،:دخلي يُمَّه
كان الباب مَرْدوداً،دفعته بخفَّة لتَدْخُل مع تَقَدُّمه جهتها و هي تَتَساءل،:آمر حبيبي كنت تبيني ؟
تَوَقَّفَ أمامها ثُمَّ انْحَنى لاثِماً جَبينها العَطِر،مِسْكُ الأمومة المُتَغَذّية عليه نَفْسه التي تَعود طِفْلة تَحْبو تحت ظِل عَيْنيها كُلَّما تَكَاشَفا على غَفْلة من ناس..،رَفَعَ رأسه هامِساً،:ما يآمر عليش عَدو "ابْتَسَم لها بخفَّة مُرْدِفاً" نَعيماً
أجابَتهُ و ابْتسامة حَنانها تُجَمّل شَفَتيها الصَّغيرتين،كما شَفَتي نُور،:حبيبي تسلم
نَاداها و بَصَرُه يُوْزِع على الأرْضِيَّة ارْتباكاً عَلَّها تَجْتَذبهُ فيَتَحَرَّر،:يُمَّـــه
بانْتباه تَجَلَّى على مَلامحها،:قَول حبيبي اسْمعك
تَصَافَقَت أَهْدابه أوْتاراً اضطْرَبَت من عَزْفٍ مُزْعِج..أَرْخَى جِفْنيه مُغْمِضاً للحظات ثُمَّ رَفَعهما عاقِداً نظراته بنظراتها المُنْتَظِرة كلماته..بَلَّلَ شَفَتيه مع انْحِشار يُمْناه في جَيب بنطاله يُواري ارْتِجافها..ما بكَ فَيْصَل ؟ ألِئنَّ ما رَسَمَهُ عَقْلُك وُثّقَ بالحقيقة بعدما كان قَذَعُ يَتَطاير بشَعْواء بين روحك و قَلْبك ؟ أم لأن فراقها أصْبَحَ واقعاً،و الإمْتزاج مع أُنْثى غَيْرها حَدُّ السَّيف الذي سَيَنْحر آخِر نَبْض يَحْتَضِن حُبّها ؟ نِسْيانها جَذْوة،عليه أن يَحْترق بلهيبها حتى يَتَبَرأ من قَيْدها..،ازْدَرَدَ ريقه بصُعوبة من غَصَّةٌ غَريبة عارَضَته..نَطَقَ و بَحَّتهُ قد تَعاظمت مُثيرة قَلَق والدته التي لاحظت الرياح الهَوجاء المُلْتَبِسة ملامحه،:البارحة قابلت أبو ياسمين..طلبت منه رقم زوجته بسـ "طَوى سَبّابته ماسَّا أنفه بظاهرها و هو يُكْمِل" بس هو فاجأني و قال لي إنَّ يرحبون فينا في بيتهم " و ألْقى طامَّته" الليــلة
زَمَّ شَفَتيه مَعَ تَخَبُّط عَدَستاه على وجْهها،و هُناك عند عُقْدة حاجبيها تَوَقَّفتا تَجْتَرِعان اسْتنكارها الذي انْعَكَسَ تَصَدُّعاً على ملامحه..نَطَقَت تُحاول أن تَسْتَوعب،: إنت قلت بعد يومين بتخليني اكلم امها..اللحين جاي تقول لي اتفقت مع ابوها اروح اخطبها الليلة !
مالَ رأسه بخفَّة يُتَرْجِم قِلَّة حيلته،:شسوي يُمَّه..ما عرفت اقول لا و ابوها كان متحمس و مستانس
تَساءلت..كما تفعل دائماً تَساءلت عَلَّها تَظْفر بجواب نَقي..لا يَشُوبه كَذِبٌ ولا كبْرياء،:و إنت جاهز إنّي اخطبها لك الليلة ؟
طَلَبَ الإسْتعانة من ابْتسامة الثِقَّة لتَتَرَبَّع على شفتيه لكنَّها رَفَضته،تَرَكته وَحيداً يُحاول شَدَّ شفتيه بارْتباك..يَحكي عُبوساً لا ابْتسام..بهمسٍ يَكادُ أن يَنْجلي بين اخْتلاجات الرُّوح،:ايــه..جاهز
ارْتَخَت ملامحها و انْطَوى البُرود بين عَيْنيها..صَمْتٌ ذاك الذي جاسَ بإزْعاج بَيْنهما،صَمْتٌ ينفث تَوَتُّراً ليَجْري سُمَّاً وسط عُروقه..فَتَحَ فمه يُريد أن يُقْنعها لكنَّ تَحَرّكها المُفاجئ أَصْمَته..اسْتدار يَتَتَبَّع خطواتها التي اتَّجهت لسريره..تَلَقَّفت الصَّورة المُسْتَقِرَّة فوق الدرج بجانبه ناطِقة بحدَّة صَفَعته،:تقول لي جاهز..زين هذي شنو ؟"أشارت للصورة و صَوْتها يَعْلو يُنَبّش عن جَواب" هذي شنو فيصل ؟ ليش موجودة عندك ؟!
غادرت يُمْناه جَيْبه بصَدْمة و فَمَه قد فُغِرَ لتَتَطاير الحُروف هارِبة من بَوْح تَكَوَّن في صَدْره مثل أجَمَة أَخْنَقَت أَنْفاسه..أَطْبَقهُ و بَصَرهُ يتَعَثَّر بالهواء..أجابَ مُتَفَرّساً سِرْج التَبْرير ليَفُر من شُكوكها..شُكوك أُمومتها،:هذي عشان جَنى لأنــ
قاطَعته و هي تقترب منه،:جَنى و خلاص الْتَقَت مع أمها..هذي هي بين أحْضانها،حقيقة أجْمَل من الصُّورة..ماله داعي تبقى عندك فيصل"تَرَكَت الصُّورة و هي تَهز رأسها مُضيفة" ما عليه..ماعليه بنقول حجّتك جَنى
جَنَحت لتَخْطو باتّجاه غُرْفة الملابس و هو من خَلْفِها يُناديها برَجاء أن لا تَفْضحي سُتْري أمّي..لا تهتكي كبريائي المُشيح وجهه عن عِشقها..لا تَخْبريني أنَّ جَوى أُمومتك يَعْلمُ بتَيه روحي بين أَراضي جنانها..رَجَوْتُكِ أمَّاه..،لَحِقَها ليَراها قد شَرَّعت أبْواب خزانة الملابس..تُشير لملابسها المُتعانِقة مع ملابسه..و بتساؤل يَجْلده..يُوْخِز ذَّاته المِرْفال،:ثيابها ليش للحين مَعَلّقة بين ثيابك ؟ شتبي في ثيابها جَنى ؟ "و هي تَدُق ناقُوس اشْتياقه" حتى ريحتها اختفت منهم..انتظرتك تتخلص منهم بعد رجعتك بس ماشفت منك تصرف
أَمالَ الخُسْران جَسَده مع ارْتفاع يَده ماسَّاً بباطنها جَبينه الواقِع رَهْن عَرَقِ ارْتباك..لم تَكتفِ فهي قد تَجاوزتهُ قاصِدة حاجياتها المَصْفوفة على التَسْريحة بجانب حاجياته البَسيطة..عُطورها،مساحيق التَجْميل و فُرْشاة شَعْرها التي خانته و لم تَحْتفظ و لو بنصف مَوْجٍ عَذْب يَرْوي بهِ عَطَشَ قَلْبه..و هي تُشير لكُل شيء،:إنت فيصل للحين مو قادر تفصل نفسك عنها..للحين تدورها بين بقاياها..تحاول غصب تحييها بين ساعات يومك..شلون تبي ترتبط بغيرها !
واجَهتهُ و هو حَبيساً خَلْف قُضبان ذَنْبه المَوْسوم بالكْبرياء..لا زال عَبْداً مُذْنباً مُلَوّثاً بحُبّهِ لها..لم يَسْتَطِع الفرار لنَهْرِ التَوْبة..كيف الفِرار لغير شُرْبِها و عَذْبُ لقائها هُو الغُفْران ؟ نَطَقَ و هو يَرْفَع يديه يُطالب بتَهْدِأتِها،:اسمعيني يُمَّه..خليني اشرح
جَلَسَت على المَقْعَد مُعَقّبة،:قُـوول..تحجّى و أوْجع قلبي بكلامك اللي عيونك تفضحه و تقول إنّه جذب..ما هو كلام قلبك
انْحَنى جالِساً على رُكْبَتيه..طَأطأ رأسه يَحْجب عن عَيْني تَفَحُّصِها حَقيقته الغارِقة وَجْهه..هُوَ مُحْرَج أمام أَهَم امْرأة في حياته..لا يُريدها أن تَقْرأ قَصائد الشَّجَن المَسْطورة فوق صَفْحة مُقْلتيه..هي لا يَجب أن تَسْتَشْعِر ضَياع عَدَستيه و تَخَبّطهما بَحْثاً عنها في مُسْتَوْدَع الماضي المَهْجورة.. لا يُريدها أن تَسْمَع صَرير أبواب قلبه المُتَصَدّعة من أنَّات شَوْق..،بوَجْسٍ مَبْحوح،:يُمَّــه
هَمَسَت آمِرة بمَلَق،:طالعني
اسْتَجاب لها بتَرَدُّد رافِعاً رأسه لها..احْتَدَمَت دَقَّات قَلْبه المُنْطَوي على نفسه بحَذَر..فهو لم يَعْتَد على البَوح..و لكنَّ صَمْته أَثْقَل كاهل والدته..نَحَت بين أَضْلاعِها ألَمهُ المُبْكَم حتى أَمْسَت تَتَوَجَّع لوَجَعه بلا تَفسير..،نَطَق لاطِماً وَجْه كبْريائه،:احبْـــــها يُمَّه..للحين احبْــها
تَصَدَّعت ملامحها القابع بينها بضع تَجاعيد زَمَن و هي تَلْمَح عنائه..تساءلت تُطالب بَجواب،:و ليش ما ترجعها و تريح قلبك
أَجاب مثل طَفْلٍ يَشْكو على من آذوه و سَلبوا لُعْبته ،:لأنها عَوَّرتني "الْتَقَطَ كَفّها الرَّاجِفة ليَسوق باطنها إلى صَدْره،هُناك فوق الذي يَنْحَب بصَمْت" واجد عَوَّرتني يُمَّه..كلما اذكر يزيد جرح قلبي
عاَنَقت خَدّه بعَطْف هامِسةً،:يا بعد عمري سلامة قلبك..تعال يُمَّه "شَدَّتهُ إليها مُوَسّدة رأسه صدرها مُرْدِفة بحَشْرَجة بُكاء وُلِدت من رَحْم حال ابنها المَكْسور و الذي تُبْصره للمرَّة الأولى" لا تكتم في قلبك حبيبي..قول لي خلني اداوي جرحك
اسْتجاب مُطْلِقاً سَراح كلماته النَّاحبة لخمسة أَعْوام،:أوْجَعتني مَرَّة و مرّتين و ثلاث..و الرَّابعة يوم قالتها لي "بغَصَّة أَجَّجتها الذكرى" مابي البيبي لأنَّه منك..لأنك ابوه مابيه
شَدَّدت من احْتضان رأسه و هي تَشْعُر بصوته المَبْحوح بحَرْقة يَمْرق فُؤادها..يَمْتَشِق أَنْفاسَها بقَسْوة تُضْرم نيراناً تَشْتَعل بين كُل شَهيقٍ و زَفير..،عَبَرت دَمْعتها محجرها المُحْمَر..هي تَعْلم جيّداً أنَّ قرار جنان للتخَلُّص من جنينهما عَصَفَ بأبُوَّته،و لا زالت ذّكراه تُؤرق رُجولته..،
أَكْمَل يَسْرد على مَسْمَعيها حكاية جُرْحِه و معها كانت الجُدْران و باسْتنكار تَجْتَرِع المَرارة المُدَثّرة كلماته..فهي التي قَد شَهِدَت على هَمْسٍ أُنْثوي ناعِس سَكَبَتْهُ جِنان برِقَّة وسط أُذْنِه..كانت العَيْنُ التي احْتَفَظت بمشاهِدهما الحمَيمية..تلك القُبْلات و الضّحكات المُرْتَشِفة خَمْراً حلال !،:ابي انساها،ابي انام و أوْعى و عقلي ما يعرفها.. قلبي نَسى هَواها..ابي ابدا من جديد بعيد عنها..ابدا مع امْرأة غيرها تملي عيوني و قلبي
نَطَقَت تَكْشف لهُ أسْوأ الأَحْوال،:و اذا ما نسيتها ؟ بتستأثم بالبنية ؟
مالت شَفتاه بابْتسامة مُرْهَقة حَدَّ الرَّغبة بالبُكاء..هَمَسَ و لَحْنُ رَجاء اسْتَشَفَّته حُواسها رافَقَ كلماته،:ان شاء الله بنسى..قلبي مو حكر عليها



ماضٍ

،:لن تهرب الآن،عليك تنفيذ الأوامر أولاً

مَرَّرَ لسانه على شَفَتَيْه مع انْعِقاد أَغْصان الجَليد بملامحه..زَحَفَت فُوَّهة السّلاح حتى اسْتَقَرَّت عند صِدْغِه الأيْمَن مع تَحَرُّك تِلك النّاطِقة..فهي تَوَقَّفت بجانبه تَنْفث نَظَرات ماكِرة لم يَلْتَفِت لها و لم يُعِرْها أَدْنى اهْتِمام..،رَفَعَت يَدَها الحُرَّة قاصِدةً وَجْنَتَهُ و بنُعومة بالِغة لاَمَست شُعيْرات لِحيته الخَفيفة هامِسَةً بلَحْنٍ تَكَلَّلَ بالإعْجاب،:لا أَنْكُر أنَّ وَسامتك سَحَرتني
أَشاحَ وجهه عن لَمْسَاتِها الشَيْطانية،المُباغِتة الغِشاء المُصْمِت النَّفْسِ الأمَّارةَ بالسُّوء..تَقَدَّمت خُطْوة لتُقابِله بابْتِسامة مائِلة مُتَعَلّقَة بشَفَتيها المَطْليتين بلون أَحْمَر باهِت يَبْعَث الكآبة..أكْمَلَت و السّلاح ينخفض بالقُرب من فَمه،:و اعْتَرف أنَّني لا زُلت أتمنى أن أقضي ليلة معك
اشْتَدَّ غَبَشُ عَيْنيه و حَوْلَهما أسْبَلَت خُطوط الإشْتداد ذراعيها حتى تَهَدَّلت أَجْفانه بارْتخاءٍ لا مُبالي..يَعْلَمُ مَدى شَكاسة مَقاصِدها،بل هُو يَسْتَطيع أن يَجْتَرِع قَذَعُ أَهْوائها من هَمَساتها المائل لَحنُها بإغراء يُثير الإشْمئزاز..تُريد أن تُسْقطه في أُخْقُوق الحَرام،أن تَجْرف حَسناته لتَغْرس بُذور ذَنبٍ مَكانها..سُخْرية أَرْفَعت زاوية فَمَه..فَلْتَحْلُم هذه العَجوز ! تساءَلت و هي تَجْلُس على المَقْعَد أمامه،:ألا تُريد أن تَسْتَقِر هُنا في روسيا..بَلدك ؟
حَوَّر السُّخرية لابْتسامة ثِقة و هو يُجيب و عيناه تُحارِبان بشَجاعة شَكُّ عَيْنيها،:بَرْلين أَغْنتني عنها
أَرْخَت ساق فَوْق الاُخْرى قبْل أن تُخْفِض السّلاح وسط حُضْنها مُعَقّبة،:هذا واضح..أنت تتحدث الألمانية بطلاقة..و كأنَّك نسيت الرُّوسية
مال رأسه بخفَّة مع اعْتلاء حاجبه..إنَّها تَتَصَيَد ثَغْرة من خلالها تُوْلِج اتّهاماتها وشُكوكها لتُجْبره على الإعْتراف..لكنَّهُ تَعَلَّم جَيّداً تحت يدي آسْتور كيف يُحيك بَيتَ العَنْكبوت ليَصْطَد لمُحاولات نَبْشهم..،بَلَّلَ شفتيه اللتان استعارتا ابْتسامة واسِعة ليُنَقّح بها البُرود الذي أجَّجَ شُكوكها..و بروسية مُتَمَكّنة،:انا اعيش في ألمانيا..يجب أن أتعايش مع هذه البلد،و البداية هي اللغة
مَرَّغت عَيْنيها على وجهه بوُضوح و هو بهدوء يُسْنِد ظهره للمَقْعد المُحْتَضِن جَسَدَهُ المُقَيَّد..يَنْتَظِر شَكَّاً جديداً تَغْزِلَهُ بمسامعه..و كما تَوَقَّع فهي نَطَقت بكلمات تَلَحَّفَت بالإسْتنكار،:إنَّها المَرَّة الأولى التي أُقابل فيها روسي ذو بَشْرة سَمْراء !
لم يَسْمَح لشَوْكِها أن يَمَس ثِقَته المَبْنية بيدي فَقْد،أجابَ و تلك الإبْتسامة لا زالت تُعينه،:جدي لوالدتي كان لاتيني..فلا تستغربي لَوْني "أَرْدَفَ بالأسْبانية و حاجبه ارْتَفَع لتنبعث من أسْفَله نَظَرات بارِدة مَسَّت اشْتعال ظُنونها" أنا مَزيج من الأعْراق
قَوَّست شَفَتيها بتقييم و هي تُخْفِض ساقَها المَرْفوعة..تناولت السّلاح،مَرَّرت باطن كَفَّها عليه ببطئٍ و احْتِراز،و كَأنَّها تَراه للمرة الأُولى،تتعرَّف على انْحناءاته و تقيس مَدى خُطورته..رَفَعَتهُ أمام وَجْهه مع اسْتقرار عَيْنيها المُتَكَحّلتين بعينيه ناطِقةً بسُؤال عاشِر،:هل تستطيع أن تتعرف على نوع هذا السلاح ؟
ببرود أَلْقى نَظْرة عليه ثُمَّ هَمَسَ بهدوء،:لا..لا أستطيع
أَرْفَعَ الإسْتنكار حاجبيها و هي تُعَقّب بعدم اقْتناع،:هذا غَريب ! فأنت من سُكَّان ألْمانيا فكيف لا تتعرف عليه !
وَضَّحَ بمَنْطقية،:لا أعتقد أنَّهُ شيء غَريب..فليس شَرْطاً أنَّ يكون لدى جَميع سُكَّان ألْمانيا خبرة في الأسلحة
،أَعْلم أنَّه ليس شَرْطاً و لَكــن "اقْتَرَبَت منه مُقَلّصة المَسافة بَيْنهما لتُرْدِف بهَمْس خَبيث" و لكن من يُحاول التَنبيش من خلفي لا بُد أنَّهُ خَبير في الأسلحة..أليس ذلك صَحيح ؟
زَمْهَرير ذاك الذي انْحَشَر وَسَط حَنْجَرته و تكالب بحدَّة حَوْل مُقْلتيه..و بهَمْسٍ لهُ شذرات جَليدية،:لا أعرف عن ماذا تتحدثين
و كأنَّها اجْتَذّبت بَعْضاً من شتائه الكَئيب لتُوْزِعَهُ على ملامحها التي تَدَثَّرت بالبُرود..أَطْلَقت كلماتها الرَّافضة نِقاشاً،:أخْبرني من أنت و ماذا تُريد و سأطْلق سراحك
مالت شَفتاه بابْتسامة كَلَّلَها بالبَراءة و هو يُعَقّب،:ديميتري موريس..اعتقدت أنّكِ قد حفظتي اسمي!
اقْتَرَبَت أكْثَر و ذلك السّلاح الصَّامت عَلا مُتَّخِذاً جَبينه هَدَفاً له..أَلْصَقَت فوَّهته ضاغِطةً بقوَّة أَرادت أن تَرى ألَماً بين طَيَّات ملامحه السَّاكنة..و بفَحيح ضَعَّف من ابْتسامته،:إما أن تعترف أو أن أُفْرغ هذا السلاح في رأسك
ثانية..اثنتان..ثلاث..و في الرَّابعة مَرَقَ الصَّمْتُ شَهْقة مَصْدومة فَرَّت من حَلْق العَجوز بقَسْوة كادت أن تَجْرحه..فَيَدُ هذا الشَّاب قد أحاطت بالسّلاح بأضْعاف قوَّتها المَهْزوزة..و في ثوانٍ لَوى ذراعها خلف ظَهْرِها يُجْبرها على مُواجهة الجهة المُعاكِسة،و هو من ورائها يَهْمُس بثقة،:لا أعْتَقد أنَّ هذا السّلاح يُريد رأسي
دَفَعَها لتَجْتَذِبها أَرْضٌ مَسيكة استَعْصى عليها اجْتِراع صَدْمَتها..اسْتَقَرَّت بباطن يديها المُرْتَعشتين فَوْقها..جَسَدُها مائل باسْتسلام..وفَمُها فاغِر تَذوي منهُ الكَلِمات..هي مُتَأكّدة أنَّ رجالها أوْثَقُوه بشدَّة،من جَميع الجِهات حاصَروه،يُسْتحال أن تُفَك العُقْدة من أي أحد يُحاول إنْقاذه،كيف اذاً هو المُقَيَّد أحَلَّها !ظِلَّهُ الضَّخم غَشاها حتى اسْتَحْوَذَ على أَنْفاسِها..رَفَعَت رأسها ببطئ الجُبَناء ليَتَّضِح لِسَواد عَيْنيه بُهوت ملامحها و الذُّعر النَّاعِق غُراباً بين حَواسِها..ازْدَرَدت ريقها و هي تُبْصره كيف يَقِف بطُوله الفارِع مُحاصِراً جَسَدها الهَزيل و الذي ذَرَّف على الخَمْسون..بخَواء مُوْحِش ارْتَفَع صَوْتُه،:إيّاكِ و العَبَث معي
عَيْناهُ مَوَثَّقَتان على حَواسِها،حتى أنَّها لوَهْلة ظَنَّتهُ لا يَرْمِش..زَحَفَت يَدَها ببطئ شَديد قاصِدة جانب خِصْرها و هو مُواصِلاً بَصْقَ كَلِماته،:أَعْطَيتكِ مُهْلة مُنذُ أن نَطقتي بسؤالكِ الثاني..لكنّكِ واصلتي تحقيقاتك الفاشِلة
عَقَّبَت و كلماتها مُحَمَّلة فوق هَوْدَجٍ من قَهَر،:ثقتك لا تُطاق أيَّها الشاب..تتحدث و كأنَّك الأهم و الأقوى
حاجبهُ الأيْسَر اتَّخَذّ مَسير الغُرور ليَعْلو مُثيراً اسْتفزازها،:لأنَّها الحقيقة..أنا الأهم
بدِقَّة أجْفَلَتها أَطْلَقَ على جهاز المُناداة الذي كانت قد تناولتهُ سِرَّاً من أسْفَل ملابسها..تَابعت بنظرات مُتَخَبّطة كيف اسْتَقَرَّ الجهاز عند زاوية الغُرْفة و هو قُطَعُ متناثِرة و ذاك أكْمَل ليَصْفَع ضعفها،:و الأَقوى
تَراجعت للخلف زاحِفة حتى وَصَلت للحائط..اسْتَنَدَت إليه لثوانٍ قَبْلَ أن تَتَخذهُ مُعيناً يُساعدها على الوُقوف..نَطَقت بسُؤال كَوى صَبْرها،:من طَرِفَ من أنتَ مَرْسول ؟
رياح نافِجة تَحْتضَن لَيْلٌ شَتْوي يَتيمٌ من قَمَر كان صَوْته..،:مَرْسولٌ من ذَّاتــي
اقْتَرَبَت بخطوات حَذِرة و لسانها لم يَتَخَلَّ عن أسْئلته،:من الواضح أنَّك تَبْحَث عن شيء ما..ماذا تريد تَحديداً ؟
شَخَرَ بسُخْرية مع انْخفاض ذراعه المُسَيْطِرة يدها على السّلاح..أجاب و هو يُقَلّب بَصَره على الغُرْفة الفَقيرة من أثاث،:أنا لا أبْحَث عن شيء بل الأشياء تبحث عني
جُمْلته هذه صَيَّرَتها بُرْكان انْفَجَر باصِقاً حُمَمه للقضاء على ثقته اللاسِعة..هي تَحَرَّكت و الحِقْد يُسَيّرها،و في لحظات كانت قَد تَلَقَّفت سكين صَغيرة من خلف ظهرها لتُلْقِيها عليه سَهْماً مَسْنون اسْتجابتهُ السَّريعة لم تَجْعله يَفُر منها..فقمَّتها الحادَّة لامَست جانب عُنُقِه مُخَلّفة جرحاً طَفيفاً تناثرت منهُ بضع قَطرات اصْطَبَغت بها تَسْميته المَنْحوتة بلَهَب فوق جلْده..اسْتَغَلَّت انْشغاله بتَقليب جِرْحه مُجْتَذِبة ذراعها للخلف بقوَّة لتَعود بها ناحية وجهه لتَلْكُمه..لكنَّهُ عادَ و صَدَمها باسْتجابته الخارِقة..سَيْطَر بقَبْضَتِهِ على ذراعها ثمَّ لَواها للحد الذي جَعَلَ عظامها تَتَفرقع مع ارْتفاع تأَوُّهاتها..هُوَ ألْجَمَ طُرقُ دفاعها و جَلَدَ دَهاءَها الذي لطالما تَبَخْتَرت به..إلهي من هذا الرَّجُل ! قَرَّب فَمه من أُذنها ليُفْرغ من سَحابة جَليده آخر كلامته،:أُكَرّر..إيّاكِ و العَبث مَعي
ثَمَّ أَتْبَعها بضَرْبة مَدْروسة خلف عُنُقِها أَفْقَدَتها الوَعي..تَراجع للباب و هو يَحْشر السّلاح أَسْفَل ملابسه عند خاصرته،فَتَحَهُ بَعْد أن ارْتَدى قُفَّازيه حتى لا يُخَلّف بصماته..خَرَجَ بهدوء بعد أن تأَكَّدَ من خُلو المكان من أَحَدِهم،تَحَرَّك بهُدوء و بخُطوات هامِسة مُتَجاوِزاً المَمَر المُظْلِم عَدا من ضّوْءٍ أبْيَض رَهيف..فَوْر ابْتعاه اسْتَقَلَّ السَّلالم قاصِداً غُرْفة نَوْمِها..و هُناك عند ذلك السَّرير انْحَنى مُواجِهاً الذي لَمَحَهُ قَبْلَ ساعات..الشق المَحْفور وسط بطنان الخَشَب..مَسَّه بأصابعه المُتَدَثّرة،تَحَسَّسَهُ بعناية يتَعَرَّف على مفتاحه..بخفَّة ضَغَط للداخل ليَبْرز لهُ الخَشَب كما درج مَفْتوح..سَحَبَهُ ليَتَّضِح ما بداخله..كما تَوَقَّع،مَجْموعة من الأوراق المُرَتَّبة بعناية..تناولها قَبْلَ أن يُغْلِق الدرج المَخفي ببراعة..كانت مُرَتَّبة حَسَب التواريخ و مُحْتواها قوائم دَخْل اعتيادية..و لكن الغير اعتيادي أنَّ كُل قائمة لشَركة تختلف عن الاُخرى،و صافي الدَّخل يتجاوز المَلْيون في كُل واحِدة ! بانَت ابْتسامة السُّخرية المُحْتَكِرة شَفَتيه و هو يَهْمس،:حتى الغبي بيفهم شنو هذا..وين الحُكومة عنهم !
وَقَفَ و هو يَحْشر الأوراق مع السّلاح مع تَحَرُّك عَدَستاه بتَفَحُّص على الأرْجاء..اقْتَرَب من المنْضَدة المحْتَوية حاجياتها..بدأ يَبْحث بين قوارير العطر و مُسْتحضراتها التَجْميلية..اسْتَقَرَّت أصابعه على إحداهن..كانت شَفَّافة و ذات غطاء دائري أَصْفَر..رَفَعها و هو يُضَيّق عَيْنيه بتَرْكيز..رَجَّها بقوَّة قَبْل أن يُسْكنها ليتَفَحَّص مَسير السَّائل في جَوْفِها..ثوانٍ و فَتَحها و هو يَتناول وِشاحاً كان يَرْتاح فوق المَقْعَد المُقابل المرآة..أَفْرَغ مُحْتوى القارورة فيه ثُمَّ بَدأ بمَسْح كُل ما لامستهُ يده أثناء بَحثه الأوَّل..حيث أنَّهُ تَحَرَّز أن يَرْتدي قُفَّازاته حتى لا تَكون دليلاً ضده حينما تعثر عليه و هو يُفَتّش..و هذا الزَّيت و الذي يَبْدو أنَّه خُصّص لشَعْرها المُقْبِل على الإنْقراض قد ساعدهُ لإخْفاء هَوِيّته المَكْتومة بين بَصَمات أَصابعه..،تَرَكَ الغُرْفة بعد أن تَخَلَّصَ من آثاره و مُباشرة تَوَجَّه للأسْفَل حَيْثُ من الباب الخَلْفي غادَرَ بحَذَر المَنْزل الصَّاخب من سُكون..خَطَى بثقة نَحْوَ السُّور الحَجَري و اللَّيْلُ من فَوْقِه قَد أَخاطَ رِداءً من سَواد تَتَزَيَّن بهِ سَماء سَرْمَدية مُرَصَّعة بالنُّجوم،عَلَّها تُجابِه غَبَشَ عَيْنَيه..تَشَبَّثَت أصابعه بالأطْراف النَّافِرة من الحجارة المُتَلاصِقة ببعْثَرة،و بالتوالي حَشَرَ مُقَدِّمة قَدَميه بين الفَراغات الفاصِلة بين الواحِدة و الأُخْرى،و بثبات بدأ يَتَسَلَّق السُّور،يَنْقل يديه و قَدَميه من مَوْضِع إلى آخر برشاقة اكْتَسَبَها من ماضٍ كان فيه مُتَدَرّب يَحْفُر الأرْض بيدين مُقَيَّدتين،و يَتَقَلْقَل جَسَدَهُ بين أمْواج بحْرٍ آسِن ليَنْجو برئتين مُلَوَّثتين قد صُدأت أنْفاسَهما من اغْتراب،فلأعوام لم تَرْتشفان عَسَلَ لقاء نَقي..،دَقيقة و كان يَقْفز من أعْلى السُّور إلى الأرْض مُسْتَقِرّاً بقدميه فوقها..،اسْتَقام واقِفاً و هو يَمس بعَفوية خاصرته جهة أدِلَّته..مَشى بخطوات حَذِرة دون أن يُلْقي نَظْرة للوراء..فهو خلال ثوانٍ انْسَلَخَ عن الأحداث التي جَرَت،و كأنَّ شيئاً لم يَكُن..رَشَّحَ حَواسِه من انْفعالات الساعات الماضية..و إن كانت انفعالات تَتَجَلَّد بشتاء مُقْتِم..هو كعادته فَصَلَ ذَّاته عن بُؤرة الإحساس فقط ليَعَيش..على الرَّغم أنَّ المَوت أشْهى أحْلامه،لكنَّهُ أَقْسَم أن يَصْبُر للحين الذي يَشاء اللهُ أن يُوَسَّد جَسَدَهُ الثَّرى..،اسْتَقَلَّ سَيَّارته المَرْكونة قَريباً..كانت مُظَلَّلة و يُسْتحال النَظَر لما داخلها بالعين المُجَرَّدة..أخْرَجَ السّلاح و الأوراق و دون أن يُطيل النَّظَر فيهم أخْفاهم في درج السَيَّارة..ثَوانٍ و حَرَّكها و هو يَرْفع الهاتف لأُذنه ينتظر الجواب الذي جاءهُ بلَهْفة،:موهاميـــد أهذا أنت ؟
أجابهُ ببرود،:نعم..و من غيري !
وَصَلتهُ زَفْرة ارْتياح قبل أن يتساءل ليطمئن،:كيف حالك ؟ لقد قلقت عليك كثيراً
و هو يُشير للسَّاعة و كأنَّهُ يراه،:هذا واضح..فأنتَ أجبت مُباشرة دلالة على أنَّك لم تنم بعد ! إنَّها الثَّانية و النُّصف عندكم في بَرْلين
أكَّدَ،:نعم إنَّها كذلك..لكنني قلقت عليك،خَشيت أن يُصِبْك أذى،حينها لن أُسامح نفسي و لنـ
أكْمَل عنهُ بنصف ابْتسامة مُحِبَّة تاهَ نصفها بين غَيْهَبات الحياة،:و لن يُسامحك هاينز
آسْتور على الجِهة الأُخْرى أَفْرَغَ حُزَم قَلَقِه المُسْتَعِرة وَسَط صَدْره..فهو الذي أَقْحَمَ مُحَمَّد في هذه المَتاهة المَجْهولة البداية و النهاية..هو بشكلٍ و بآخر أَنْقَذه من التَحَلّل بين جُدْران سُجون بَرْلين..لكنَّهُ في الوقت نَفسه ساقَهُ لمَقْصَلة الإعدام..تلك المَقْصَلة التي تُعْدَم فَوْقَها الذَّات و الرُّوح باقِية،تَتَلَوى بعذابٍ أَبَدي..،هَمَسَ،:أعذرني..لكنَّكَ تعلم أنَّ سفري لموسكو مَعك سيُعَقّد الخطَّة أكْثَر
عَقَّب جارِفاً التأنيب عن أَرْضه،:انتهى الأمْرُ على خَير..لا تُفَكّر به
،:و ماذا وَجدت ؟
أَجاب ليَرْسِم ابْتسامة النَّصر على وجه آسْتور،:كما تَوَقَّعت..غَسيل أمْوال و سلاح وُولثر
،:وَجَّدتها هُناك في المكان الذي أَخْبرتني عنه في الرّسالة ؟
أكَّدَ،:نعم..في الدرج المَحْفور وسط السرير
عَقَّبَ بحماس،:اذاً لدينا عَملٌ جَديد
حَرّك كتفه،:نعم كما يَتَّضِح لدينا عَملٌ جديد في هذا الخُصوص
بخَبَثٍ اعْتادت أن تَلْتقطه مسامع مُحَمَّد،:لكن قبل ذلك علينا أن نُعيد رَسْم ملامحك



حاضر

تَساءَلت و هي تُرَتّب الأطْباق فوق الطَّاولة،:شنو رايك ؟
أَجاب بضحكة،:ما عندي راي،مو مهم رايي من الأساس..ولدش رجَّال فاهم عاقل،و هذي حياته و هو أعلم فيها،و بنت عمته خلاص ما بينه و بينها نَصيب
أَسْنَدَت جذْعها للمَقْعد الخَشَبي و هي تَمس صدْغَها و الإرْهاق النَّفْسي مَنْحوت حَوْلَ عَيْنيها..و بصَوْت أَخْفَضَهُ الهَم،:صَراحة ناصر هو اعترف لي..اعترف إنَّه للحين يحبها
عَقَّبَ بثِقة،:ادري فيه
عُقْدة اسْتغراب طالت ما بين حاجبيها مُتسائلة،:شدراك ؟
بمُشاكِسة يُحاول بها تَلْطيف أَجْواء الكآبة العابِرة سَماء زَوْجته،:ترى أنا بعد أبوه،لا تظنين بس إنتِ أمه يعني بس إنتِ تقدرين تعرفين اللي في قلبه
مالَ رأسَها بخفَّة و ضِحْكة قَصيرة لازمت صوتها و هي تُعَقّب،:ما ظنيت،بس قلت يمكن هو بعد كلمك
وَضَّحَ،:ولدش ما يتكلم..بس هالشي واضح في تصرفاته،تكفي نظراته لها أكْبر دليل إنها بعدها في قلبه
قَطَّبت جَبينها مع احْتلال الضيق فُؤادها،:زين ناصر ما يصير جذي..يحبها و ياخذ غيرها
بمَنْطقية حاول بها إزالة الغشاوة عن عَيْنيها،:شالفايدة يحبها و كل واحد شايل في قلبه على الثاني ؟ إنتِ تقولين إنه مَجْروح منها..و هي شفناها شكثر عانت من أفعاله..فخلاص عيشتهم مع بعض مستحيلة..الحُب مو أساس العيشة يا ليلى،اذا ما كان في تقدير و احترام و تفاهم بينهم هذا انتحار مو حياة
بتنهيدة أَفْرَغت أَسْمال قَلَق،:و إنت الصادق،مو حياة..زين عادي يعني اروح اخطبها وإنت مو اهني ؟
ضَحَك،:لو أنا اهني شكنت بسوي ؟ هذي خطبة نسوان،وجودي مو مهم..اذا ان شاء الله وافقوا بيجي دورنا احنا الرجال
تَساءلت،:و نُور ؟ يعني هي بعد مواهني و احنا بنروح من غيـ
قاطعها،:يا ليلى لا تعقدين الأُمور..نور لو بتكون معاكم بتقعد ساكتة ما بتقدم و لا بتأخر..اهم شي إنتِ أمه و شوفي من تبينه يكون وياش
عَدَّدت،:أكيد جُود و وحدة من خواتي "و بتردد تَساءلت" ناصر يصير اقول لأختك ؟ يعني هي عمته الوحيدة و عيب علي اروح و هي مو وياي
ببساطة أجاب،:أكيد يصير..قلت لش لا تعقدين الأمور..و أم محمد بالعكس بتستانس اذا سمعت بالخبر " وهو يَدق ناقوس تَوَجُّساتها" ما بيصير نفس ما إنتِ متخيلة
زَفرَت بارْتياح بانت أطْيافه على وجْهها الذي اسْتَبْشَر،:خلاص بكلمها و بكلم جُود و الله يسهل
أَكَّدَ على دُعائها،:ان شاء الله بتتسهل..بس إنت لا تحاتين،استأذنش اللحين عندي شغل
بابْتسامة امْتنان اسْتَشْعَرها مَسْمَعه،:في حفظ الله

،

يتبع




 توقيع : إرتواء نبض



رد مع اقتباس