عن عائشة رضي الله عنها أنها لم تكن تفعل ذلك: أي النزول بالأبطح وتقول: إنما نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان منزلًا أسمح لخروجه. رواه مسلم.




المفردات:

لم تكن تفعل ذلك أي النزول بالأبطح: يعني بعد نفرها من منى. والأبطح هو المحصب كما تقدم قريبًا.



لأنه: أي الأبطح الذي نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء كما تقدم في الحديث السابق.



كان منزلًا أسمح لخروجه: أي أسهل لخروجه من مكة قافلًا إلى المدينة.




البحث:

هذا الحديث رواه البخاري أيضًا في باب المحصب عن عائشة رضي الله عنها قالت: إنما كان منزلًا ينزله النبي صلى الله عليه وسلم ليكون أسمح لخروجه. تعني بالأبطح. وفي لفظ لمسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: نزول الأبطح ليس بسنة، إنما نزله رسوله الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان أسمح لخروجه إذا خرج. كما روى البخاري ومسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: ليس التحصيب بشيء إنما هو منزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما روى مسلم من حديث أبي رافع رضي الله عنه قال: لم يأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنزل الأبطح حين خرج من منى ولكني جئت فضربت فيه قبته فجاء فنزل. وفي لفظ لمسلم عن أبي رافع: وكان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم. ويظهر من هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمر أبا رافع رضي الله عنه بالنزول فيه. لكن لعل أبا رافع فهم من كلام سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك بيوم أنه صلى الله عليه وسلم نازل غدًا بخيف بنى كنانة، فقد روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ننزل غدًا إن شاء الله بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر. وفي لفظ لمسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بمنى: نحن نازلون غدًا بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر. وذلك أن قريشًا وبني كنانة تحالفت على بني هاشم وبني المطلب أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني بذلك المحصب. قال النووي: وكان نزوله صلى الله عليه وسلم هناك شكرًا لله تعالى على الظهور بعد الاختفاء، وإظهار دين الله. اهـ، لكن بعض الخلفاء كانوا ينزلون بالمحصب إذا نفروا من منى بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى البخاري في صحيحه من طريق خالد بن الحارث قال: سئل عبيد الله عن المحصب فحدثنا عبيد الله عن نافع قال: نزل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر وابن عمر. وعن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يصلي بها يعني المحصب الظهر والعصر أحسبه قال: والمغرب، قال خالد لا أشك في العشاء ويهجع هجعة ويذكر ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. كما روى مسلم من حديث ابن عمر رضي لله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا ينزلوا بالأبطح. وقد ذكرت في بحث الحديث السابق إجماع العلماء على أن النزول بالأبطح بعد النفر من منى قبل طواف الوداع ليس من مناسك الحج، غير أن نزول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ونزول الخليفتين الراشدين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فيه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على استحباب ذلك لمن تيسر له لما فيه من التذكير بنعمة الله بإظهار رسوله صلى الله عليه وسلم على أعدائه الذين كانوا قد حصروه فيه، وإظهار دين الله عز وجل على دين المشركين من قريش وبني كنانة وغيرهم.




ما يستفاد من ذلك:

1- استحباب النزول بالأبطح بعد النفر من منى قبل طواف الوداع لمن تيسر له النزول به.



2- أنه لا شيء على من لم ينزل بالمحصب قبل طواف الوداع.



3- استحباب سلوك الطرق التي تكون أسمح للخروج من مكة بعد الحج.