عرض مشاركة واحدة
قديم 07-02-2011   #7


الصورة الرمزية جنــــون

 عضويتي » 752
 جيت فيذا » Feb 2010
 آخر حضور » منذ 20 ساعات (09:53 PM)
آبدآعاتي » 3,247,317
الاعجابات المتلقاة » 7388
الاعجابات المُرسلة » 3673
 حاليآ في » » 6ـلىآ رَصيـﭮ الـجنـﯛטּ εïз ••
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الترفيهي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط
 التقييم » جنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   star-box
قناتك mbc
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه

اصدار الفوتوشوب : Adobe Photoshop 7,0 My Camera: استخدم كاميرا الجوال

мч ѕмѕ ~
لا أخشى عليك

..................من نسآء الكون

بــل أخشى عليك

من #

طفلة
تشبهني

مشآكسَة ، ثرثآرة ، مجنونة ، وتحبكَ كثيراً كثيراً
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي



والتدين نفسه مما تصون عنه الفلسفة الحديثة مفكريها .
ومن بركات المضغ البرجسوني هذه الفكرة الإلحادية الرائعة من كتاب "التطور الخالق" : "الذكاء تكوَّن بتقدم متواصل على طوال خط يتصاعد خلال الحيوانات الفقرية إلى الإنسان . وإن ملكة الفهم وهي ملحقة بملكة العقل هي تكيفُ تزايد في الدقة والتركيب والمرونة لشعور الكائنات الحية مع ظروف الوجود المهيأة لها .
ومن هنا فإن الذكاء (العقل) وظيفته هي غمس الجسم في الوسط الذي يعيش فيه، وامتثال العلاقات الخارجية بين الأشياء بعضها وبعض، والتفكير في المادة" .
قال أبو عبدالرحمن : فهو يستعير من أخيه دارون فكرة تطور الإنسان من قرد . وهي الفكرة المكذبة لخالق الإنسان والقرد الذي أخبر أنه خلق آدم عليه السلام من تراب، وأنه أبو البشر.(42) لا بشر قبله، وأنه نبي كريم أهبط إلى الأرض في كمال الخلق بفتح الخاء، والخلق بضمها، والدين، والمعرفة، والتربية.
ويلزم من هذا أن الفرد في الجاهلية أذكى وأعقل وأعرف من صناع الأهرام لأن الجاهلي جاء في سلسلة التطور .
وأن الهمجي من قوم عاد أذكى وأعقل وأعرف من صناع الأهرام، لأن الجاهلي جاء في سلسلة التطور .
وأن الهجمي من قوم عاد أذكى وأعقل وأعرف من نوح عليه السلام ومن آمن معه، لأن العادي أيضاً جاء في سلسلة التطور !!.
والدين عند برجسون استاتيكي، وديناميكي.
فالأديان السماوية استاتيكية ناشئة من الأسطورة، والخرافات ، والامتثالات الخيالية. والبقاء بعد الموت ترياق يضعه الاعتقاد الديني .
أما الدين الوضعي (الديناميكي) - وهو الدين الحق عند برجسون- فهو التصوف النصراني . لا التصوف اليوناني، لأنه عقلي !.
وليس هو حب الإنسان لله، بل هو حب الله للناس .
فجعل الرب عابداً، والمربوب معبوداً !!.
ويلي ذلك إلحاد وسفسطة بأسلوب مجازي، فمذهبه أن عقلنا غير قادر على إدراك الطبيعة الحقيقية للحياة، والمعنى العميق لحركة التطور .
وأنِّي له أن يدرك الحياة، وما هو إلا جزء منبثق عن الحياة، وخلقته الحياه في ظروف معينة ليعمل في ظروف معينة؟.
لو كان ذلك في مقدوره لكان معناه أن الجزء يساوي الكل، والمعلول يمكن أن يمتص علته، ولجاز أن يقال : إن المحارة ترسم شكل الموجة التي حملتها إلى الشاطئ .
والواقع أننا نشعر بأن كل مقولاتنا العقلية لا تنطبق على الحياة : من وحدة وكثرة، وعليِّة آلية، وغائبة ذكية . وعبثاً نحاول أن نولج ما هو حي في هذا الإطار أو ذاك، فإن كل الإطارات تنكسر، لأنها ضيقة جداً، قاسية جداً .
خصوصاً بالنسبة إلى ما نريد إدخاله فيها .
قال أبو عبدالرحمن : لست والله أعلم في أي عقل وجد برجسون أن العارف يساوي المعروف حتى يلزم من معرفة الجزئي للكلي أن تالجزء يساوي الكل ؟!.
ولست أعلم في أي عقل وجد أن الموجود المعلول يمتص علته إذا علم علة وجوده؟!.
ولا أحد يدعي أن العقل يعلم كل حقائق الوجود، وإنما يعلم ما غاب عنه من خلال ما حضر عنده من مدركات الحس، فيكون علمه علمَ أحكامٍ كلية من خلال أفكاره الفطرية التي لا يخطو العلم دونها، ومعرفةَ وجودٍ لبعض الأشياء، وعلمَ وصف (لا تكييف) من خلال أحكامه الفطرية الخالصة . ومن خلال آثاره الموجود المشاهدة . وهو علم كيفية وكمية لما يخضع لإعادة إحضار المعرفة بالحس المكرر (التجربة) .
وليس في سياق برجسون ما يقتضي تمثيله الفضولي بالمحارة وشكل الموجة، ولا دلالة ألبتة في هذا المثال على نفي معرفة العقل لما هو جزء منه، وهو الطبيعة .
وبرجسون يتحدث باسم العلم افتراء، وذلك عند نفيه السكون، والتجزؤ في المكان، ورد البدهيات التي تميز الموجودات من وحدة وكثرة، ورد البدهيات في وصف المعلوم من الكون وتفسيره بالعلية والغائية .
وحجته المادية الإلحادية أن الكون في حركة دائبة، وتغير، وصيرورة .
ولازم فلسفة برجسون حينئذ - وهذا ما صرح ببعضه كثيراً - أن العقل لا يحدد مفهوماً، وأن المكان لا يمسك جزءاً ولا سكوناً، لأن ما نحسبه سكوناً وجزءاً وتحيزاً في توالي المتغيرات مدفوع إلى صيرورة جديدة . وهو يدفع نفسه بنفسه .
قال أبو عبدالرحمن : ومع أننا لم نحصل على برهان من برجسون، وإنما حصلنا على الدعوى والمجاز:(43) فليكن البرهان من جانبي تطوعاً، وهو أن دعوى المؤمنين بالله هي الدعوى الموافقة للعلم، وموجزها أن الإنسان العارف غير محيطة معرفته بالكون، وأن ما أذن الله له بمعرفته على كثرته بعقولهم ووسائلهم الحسية معرفة كمية وكيفية مشاهدة، أو معرفة متعاقبة الكيفية في المشاهدة لا يحصيها العد كماً، ولا الوصف كيفاً . وهذه المعرفة لا تخلو من أحد أمرين :
أحدهما : مفعول مشاهد يحصره المكان، ويتجزأ فيه .
وتلك معرفة حقيقية . وعلى فرض وجود أي ميتافيزيقيا علمية تدعي أن المتجزئ المتحيز في المكان في حركة وتغير وترقب لصيرورة : فلا ريب أن معرفته على ما هو عليه من سكون مشهود، وتغير غير ملحوظ معرفةُ حقيقية مقيدة بحالتها ووصفها .
وثانيهما : فعل في المفعول كالتخلق والنبات، وتلف خلية وبناء خلية . إلخ .
فدعوى هذا العقل تقبل ببرهان علمي، وهي لا تنفي المعرفة بالمفعول على ما هو عليه .
واستعاض برجسون بالمجاز عن البرهان في بهرجة دعواه، ولهذا قال الدكتور عبدالرحمن بدوي بعد السياق المذكور آنفاً "ويستمر برجسون في بيان تطور الحياة مستخدماً صوراً وتشبيهات شعرية، مما باعد بينه وبين اللغة العلمية والوثيقة التي استعملها البيولوجيون، وهو أمر جعله هدفاً سهلاً لسهام خصومه" .
قال أبو عبدالرحمن : لا يهم برجسون سهام خصومه، لأنه في مجال مكابرة الحقائق، ولأن أهل الخصوصية العقلية قلة في المجتمعات .
وإنما يهمه كثرة من يصطاده من أنصاف العقلاء .
والأجهزة الصهيونية السياسية التي تملك التلميع بالمال والإعلام قادرة على جعل الفكر العفن للملمَّع - بصيغة المفعول - مظهر كمال فكري يتربى عليه أنصاف العقلاء، فيتنازلون عن النصف الآخر تهيباً من معارضة فكر حضاري !.
ويشفع برجسون سياقه بأضخم دعوى طفولية، وهي أن الإنسان يخلق بعضه، وهو متكون من مخلوقات الطبيعة على مدى سنة التطور !.
يقول الدكتور عبدالرحمن بدوي في سياقه لمذهب التطور لدى برجسون :
والغريزة التامة ملكة استخدام وبناء آلات عضوية، والعقل التام هو ملكة صنع واستعمال آلات غير عضوية .
ويقصد بكلمة "عضوية" هنا أنها تصلح نفسها بنفسها، بينما غير العضوية لابد أن يصلحها فاعل آخر غيرها .
ويقول برجسون في التطور الخالق : بالنسبة إلى الوجود الواعي أن يوجد هو أن يتغير، وأن يتغير هو أن ينضج، وأن ينضج هو أن يخلق نفسه باستمرار .
إن الكون يعاني المدة، المدة معناها الاختراع وخلق الأشكال، والصنع المستمر لما هو جديد على وجه الإطلاق .
والمدة تقدم مستمر من الماضي الذي يعرض المستقبل وينتفخ وهو يتقدم .
وأينما حي شيء : فثم يوجد . في مكان ما سُجِّل : يُسجَّل فيه الزمان .
إن استمرار التغير، والاحتفاظ بالماضي في الحاضر، والمدة الحقة .. هذه الصفات مشتركة بين الشعور وبين الكائن الحي .
إن الحياة تلوح كتيار يمضي من جرثومة إلى أخرى عن طريق كائن عضوي متطور .
قال أبو عبدالرحمن : أسلفت نوع المعرفتين، وهما معرفتنا لسكون الشيء حينما لا نلاحظ بأي وسيلة علمية حركته وتغيره، فهي علم حقيقي بما هو عليه في صيرورته، وهي علم بمفعول . ومعرفتنا للشيء حال تغيرة وسيره إلى صيرورة أخرى، وهي معرفة بالفعل خلال المفعول، ومعرفة بالفعل حال حركته .
وكل معرفة لا تنفي حقيقة المعرفة الأخرى .
والعلم بالتغير والحركة لا يثبت في كل شئ، ولا يُنفي عن كل شئ، بل الإثبات والنفي رهن البرهان العلمي . ولكن برجسون ينفي قدرة وإرادة وعناية المقدِّر للحركة والسكون سبحانه، فيجعل الكون في عملية خلق دائبة من قبل نفسه . قال الدكتور عبدالرحمن بدوي : ومن الأفكار الأكثر أصالة في فلسفة الحياة عند برجسون فكرة السورة الحيوية، ومفادها أن الحياة منذ نشأتها هي استمرار لسورة واحدة توزعت بين خطوط مختلفة للتطور .
لقد نما شيء، وتطور بسلسلة من الإضافات التي كانت ألواناً من الخلق .
وهذا النمو نفسه هو الذي أدى إلى انفصال الميول التي لم تكن تقدر على النمو بعد نقطة معلومة دون أن تصير غير متوافقة فيما بينها. لا شيء يمنع من تخيل فرد وحيد فيه.(44) بسلسلة من التحولات المتوزعة على آلاف القرون يتم تطور الحياة .
أو إذا انعدم وجود فرد وحيد : يمكن أن نفترض كثرة من الأفراد يتوالون في سلسلة على خط واحد . في كلتا الحالتين لن يكون للتطور غير بعُد واحد .
لكن التطور تم في الواقع بواسطة ملايين من الأفراد على خطوط مختلفة كل منها أفضى إلى تقاطع.(45) منه تفرعت طرق جديدة، وهكذا باستمرار إلى غير نهاية . وعبثاً حدثت تقاطعات، فإن حركة الأجزاء استمرت بفضل السَّرة الأولى للكل .
فشيء من الكل يجب إذن أن يبقى في الأجزاء .
وهذا العنصر المشترك يمكن أن يكون محسوساً للعيون على نحو معين . ربما بحضور أعضاء واحدة في أجهزة مختلفة كل الاختلاف .
قال أبو عبدالرحمن : صدق الله وكذي برجسون، فهناك حقيقتان :
أولاهما : أن الخلق منذ آدم ما زال ينقص . بهذا جاءت الأديان السماوية خلافاً لدارون وبرجسون .
وأما التطور سلوكياً وعقلياً وعلمياً فالتاريخ في صعود ونزول، ونزول وصعود . حيث يكون الاتِّباعُ للأنبياء عليهم السلام، والمصلحين، وحقائق العلم والعقل . أو عدمه .
وثانيهما : أن التطور في مراحل عمر الفرد، ولم يأت تطور الفرد في مراحل أعمار الأجيال .
وقال الدكتور عبدالرحمن بدوي عن نظرية المعرفة عند برجسون التي هي إما منطقية وإما حدسية : لكن هذا الوجدان ليس وليد الغريزة، بل هو وليد التفكير العقلي المتواصل، والتأمل الفكري المستمر، وحشد الوقائع العلمية السليمة، ومقارنتها بعضها ببعض .
والعقل هو الذي يحقق الوجدان ويجعله محدداً، وينميه في قول منطقي .
قال أبو عبدالرحمن : إذن المعرفة الفطرية ذات مصدرين : معرفة غريزة صفتها عنده أنها تصنع نفسها بنفسها، ومعرفتها معرفة بالمادة، وهي معرفة شيء .
ومعرفة عقل، وهي معرفة علاقة بين شيئين أو أشياء، فمعرفة العقل معرفة بشكل المعرفة ؟!.
وبرجسون هاهنا ادعى على الغريزة ما ليس فيها، واعى أن سلوكها معرفة . والسلوك غير المعرفة .
وإنما الغريزة طبيعية مخلوقة في الشيء صفتها الميول والنزوع والاستجابة .
ولا يوصف نزوعها بأنه معرفة، وإنما هي من علم الخالق وقدرته .
ومن الغرائز ما هو ذو نفع للشيء، وقد جعل الله استجابته ونزوعه حتمياً مدة بقاء ذلك الشيء، للاحتفاظ ببقائه.
ومنها ما هو ذو نفع وضر، فتتضارب وتتعارض، كنوازع الأنانية والإيثار، والغضب والرضى . إلخ .
والسلوك الحر ينتج عن الاستجابة لإحدى هذه النوازع، ولم يجعل الله كل نازع حتمياً، بل جعله الله لحرية الفرد تطويع النازع بالتعويض والتربية والاحتكام للعقل.
وثنائية المعرفة بين الغريزة والعقل من كيس برجسون، وإنما الثنائية بين الوجود والمعرفة . وتحقق وجود الشيء لا يُشترط بتحقق معرفته. إلا أن المعرفة لا تكون معرفة إلا بحكم العقل، فما يحصل بالحس الباطن وجدان، وما يحصل بالحس الظاهر وجدان، وما روى بالخبر وجدان سمعي، ولا يكون معرفة إلا إذا أثبت العقل صورته أو حكمه .
إذن المعرفة عقلية فحسب، وتكون عقلية بالحس، وعقلية بالشرع، وعقلية بالإلهام والحدس، لأن العقل صححها بعد وجدانها .
وإسناد الصناعة إلى العقل لا معنى له إلا على سبيل المجاز، بمعنى أن الصناعة تتم بعقل سابق، وعقل مصاحب، وعقل متابع . والمجاز لا تبني عليه الفلسفة . وليس بصحيح أن معرفة العقل معرفة علاقات فحسب، بل هي معرفة أشياء بتصوراتها ومنافعها وأضرارها وبقية أحكامها، ومعرفة العلاقات والفوارق بين الأشياء كالقبل والبعد والطول والقصر والشبهية والضدية . إلخ .
والمعرفتان اللتان مضتا دونيتان عند برجسون، وإنما المعرفة العليا ما صدر عن ملكة الوجدان (العيان الميتافيزيقي).
قال أبو عبدالرحمن : ليسمِّ برجسون الوجدان بما شاء من خلق وديمومة، وليسم معرفته بالحدس أو العيان، فالمحقق أنه وجدان حتى تصدر صورته أو حكمه عن العقل . ومع عزوب العقل لا معرفة .
وقال برجسون في كتابه عن "الفكر والمتحرك" ومهما تكن بساطة العيان . هذا الوجدان : فإن فيه من الخصوبة والثراء ما يجعله حافلاً بالمعاني والنتائج بحيث لا يستكشفها إلا بعد جهد طويل يبذله في المشاهدات والتجارب، وإجراء العمليات المنطقية ، وبهذا الجهد يُخضع هذه الفكرة للامتحان الدقيق الذي بدونه لن تحظى فلسفته بأي اعتبار .
والعيان هو وحده القادر على فهم الحياة، وإدراك ما هو حي ومتغير ومتحرك في المدة" .
قال أبو عبدالرحمن : هذا تلاعب باللغة الموصلة، وإفراغ للفظ من مضمونه اللغوي، والعرفي العام، والاصطلاحي الخاص، وشحن له بدعاوى جديدة ولا يسلك هذا إلا متلاعب بالعقول .
والوجدان شيء، وعيانه شيء آخر. والوجدان هو مصدر المعرفة، وليس هو هي.
وما ذكره عن الوجدان هاهنا إنما هو كلام عن مصدر المعرفة، وهو كلام عن نوع من الوجدان خصيب . وقد يكون الوجدان أمنيات وأوهاماً وإرثاً حسياً خاطئاً.
والزمان عند برجسون آنية (أي آنُ غير قادر- متحرك لا ساكن . لا مدة) . يقول في مذكراته التي كتبها من أجل وليم جيمس عام 1908 م : فلشدة دهشتي أدركت أن الزمان العلمي لا يتصف بالمدة، وأنه ما كان ليتعين شيء في معرفتنا العلمية بالأشياء لو أن مجموع الواقع قد نشر في لحظة، وأن العلم الوضعي يقوم جوهرياً في استبعاد المدة .
ولهذا فمفتاح فلسفته عيان المدة حركة وتغيراً وصيرورة .وحقائق هذا المفتاح :
1. أن الحركة غير قابلة للقسمة بخلاف مكانها ومسارها، وأنها كيفية لا كمية .
وإنما ضل زينون بتوحيده هوية المكان والحركة .
2. التغير لا يجري على موضوع ثابت، بل التغير هو المتغير. فلا توجد متحركات تتحرك .
بل يوجد حركات تتحرك !!.
قال أبو عبدالرحمن : سلف الحديث عن نوعي المعرفة للمفعول غير ملحوظة حركته، وللفعل حال ملاحظة الحركة والتغير . بيد أن برجسون يختفي وراء الحسبانية والسفسطة . وهي سفسطة شرسة حيلتها إسقاط هوية الأشياء ولا هوية إلا باستقرار ينظِّم الأشياء حسب الماضي والحاضر والمستقبل .
ولكن التوالي (المعية) بين هذه الأزمان يجعل الأشياء في حركة وتغير وصيرورة تذوب معها الأزمان كذوبان نغمات الجملة الموسيقية في بعضها .
ولهذا وصف المدة غير القارة بأنها خلاقة .
وتتجلى هذه السفسطة في إنكار مبدأ العلية، لأن شرط اعتقاد هذا المبدأ وجود العلة والمعلول في هويتين منفصلتين .
بيد أن الزمن خلق واختراع دائب لا تنفصل معه هوية .
ومن السفسطة رفض البدهيات دون تحديد بديل مفهوم، فحينما ضخَّم الدعوى بأن الأحوال العقلية والنفسية لا يتلو بعضها بعضاً كالتتابع بين العلة والمعلول، وأنه لا يعيِّن بعضها بعضاً : رفض تميز الأنابهويات متعينة من وقائع الشعور . من إحساسات، وعواطف، وأفكار .
وها هنا لا يحدد بديلاً .
وليس العجب من مثل المستوعب الرائع الدكتور عبدالرحمن بدوي الذي يستعرض مثل هذه الأفكار من مصادرها الأصلية بلغة مؤلفيها، ويجريها كلها على صدق التفلسف !!.
ومن السفسطة الشرسة جعل النوازع المريضة التي تخل بالسلوك صيرورة لا مفر منها . فالإنسان ليس بين عاطفتين متضادتين يختار إحداهما برياضة وتربية . وإنما هو في حركة دائبة وصيرورة، فالإنسان يحيا بالعاطفة الأولى ثم يتغير حين تطرأ العاطفة الثانية .
ومن سفسطاته دعوى أن الامتداد أسيق من المكان .
وكذلك بقاء الروح بعد الجسد، فهو عنده احتمال في احتمال !!.
ورد الثوابت - لا مجرد الشك - ضرورة فكرية في الفلسفة البرجسونية .. يقول "أمام الأفكار المقر بها دائماً، والمقالات التي تبدو بينة، والتوكيدات التي كانت تدعى حتى ذلك الحين علمية : فإن هذا العيان الجديد يهمس في أذن الفيلسوف بكلمة : مستحيل" .
قال ابو عبدالرحمن : ولو كان الأمر شكاً توسلياً بنَّاء لكان الشك مرة في العمر في كل توكيد جديد حتى يقوم البرهان على أنه من الثوابت .
وعن تقسيم برجسون للذاكرة يقول الدكتور عبدالرحمن بدوي في موسوعت: "تناول برجسون مسألة الذاكرة في كتابه المادة والذاكرة سنة 1869 م، فميز بين نوعين من الذاكرة : الذاكرة العادة، والذاكرة المحضة .
الأولى يمكن أن تقيم في الجسم، وهي مجرد\ تركيب لحركات . أما الذاكرة المحضة فهي وظيفة للروح (أو العقل)، وهي التي تمنحنا رؤية ارتدادية لماضينا.
ويضرب مثلاً على الأولى حفظ قصيدة ، وعلى الثانية استحضار الذهن لدرس سمعه .
فنحن في الحالة الأولى بإزاء عادة، لأن الحفظ يقوم في تكرار مجهود واحد هو ترديد القصيدة مرة تلو مرة .
أما في حالة استحضار درس سمعناه فإن ذاكرة قد سجلت مرة واحدة، وكأنه حادث وقع لي .
إنه مثل حادث في حياتي، وماهيته تقوم في أنه يحمل تاريخاً، وبالتالي لا يمكن أن يتكرر .
والشعور يكشف لنا عن اختلاف في الطبيعة بين هذين النوعين من الذاكرة .
ذلك أن ذكرى درس سمعته هو امتثال (وامتثال فحسب) أستطيع أن أطيله، أو أن أقصره، وأستطيع أن أدركه بنظرة واحدة وكأنه لوحة .
أما القصيدة المحفوظة فإن تذكرها يقتضي زمناً محدداً هو زمن إنشادها بيتاً بيتاً، إنه ليس امتثالاً، بل هو فعل.
والقصيدة بمجرد حفظها لا تحمل أية علامة تدل على منشئها وموضعها من الماضي . إنما صارت جزءاً من حاضري، وعادة من عاداتي مثل المشي.
وبالجملة فإن الذاكرة الأولى تسجل على هيئة صور ذكريات كل أحداث حياتنا اليومية كلما جرت، ولا تغفل أيه تفاصيل، وتترك لكل واقعة مكانتها وتاريخها دون أيه نية للمنفعة أو التطبيق العملي، فإنها تختزن الماضي بتأثير ضرورة طبيعية .
وبفضلها يشير التعرف الذكي (أو بالأحرى العقلي) على إدراك قمنا به من قبل، وإليها نلجأ في مرة نصعِّد منحدر حياتنا الماضية بحثاً عن صورة من الصور .
لكن لكل إدراك يستطيل إلى فعل ناشئ، وبقدر ما تثبت الصور بعد إدراكها، وتصنف في هذه الذاكرة : فإن الحركات التي تواصلها تعدل الجهاز العضوي، وتخلق في الجسم استعدادات جديدة للعقل .
وعلى هذا النحو تتكون تجربة من نوع خاص جديد يستقر في الجسم، وشلشلة من الميكانسمات المركبة، وردود فعل متزايدة العدد والأنواع ضد المهيجات الخارجية، مع(46) أجوبة حاضرة عن عدد متزايد باستمرار من استجوابات ممكنة. ونحن نشعر بهذه الميكانسمات حين نأخذ في العمل، وهذا الشعور بماض من المجهودات المختزن في الحاضر هو أيضاً ذاكرة . لكنها ذاكرة مختلفة عن الأولى كل الاختلاف، متوجهة دائماً إلى الفعل، وقاعدة في الحاضر، ولا تنظر إلى المستقبل .
وهي (أي الذاكرة الثانية . أي المحضة) التي تمثل منها المجهود المكدس . وهي لا تلغي هذه المجهودات الماضية في الصور (الذكريات) التي تستعيدها، بل (47) النظام الدقيق والطابع المنظم اللذين بهما تتم الحركات الحالية .


 توقيع : جنــــون


مواضيع : جنــــون