عرض مشاركة واحدة
قديم 02-01-2020   #2


الصورة الرمزية إرتواء نبض

 عضويتي » 27920
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » منذ 2 يوم (08:46 AM)
آبدآعاتي » 1,384,760
الاعجابات المتلقاة » 11618
الاعجابات المُرسلة » 6425
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » إرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   7up
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه

اصدار الفوتوشوب : لا استخدمه My Camera: Sony

мч ѕмѕ ~
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي





تَم العَقَد.. تَم التَوقيع على حُلْمه.. تَمَّت مُوافقتها على خَوض الحَياة مَعه.. تَمَّت ولادته.. ها هُو يُوْلَد من جَديد، يُولَد بابْتسامة لا بصرخة تركل الدُّنيا... يُولَد بقلبٍ تَتراقص فيه النَّبضات زَهْوًا وَطَرب.. يُولَد بالتماع عَين وارْتعاش أطرافٍ وارْتباك حَواس.. الليلة هُو سيتعرف على طَلال جَديد، وهي أيضًا ستتعرف على طَلال جَديد.. طَلال آخر غير ذاك الذي صَفعتهُ الدُّنيا وصالت وجالت بَين قَلبه وَرُوحه وعَثَت فَسادًا.. آآآه ما ألذ الشُّعور.. ما ألذّه وأشهاه.. أهذا هُو شُعور المرء حينما يَلمس حُلْمه؟ شُعور التحَليق في السماء.. الغوص في بَحْرٍ من أَفراح.. التقَلّب عَلى أَرْضٍ من رَبيع وأَزهار.. الليلة هُو جُزْءٌ من لَوْحة حالِمة قَد عُلِّقَت على أحد جُدْران الدّنيا انتصارًا، والناس من حوله يتأملون الحُب النابض فيها. صَحيح أنَّ عقدهما قَد تم قَبْلَ فترة.. لكن الليلة وبعد تصديقه في المحكمة.. وبعد تسليم نسخة منه لناصر.. وبعد تلقّيه التَهاني والتبريكات.. اسْتَشعرَ حُلْمه بكيانه كُلّه.. تَأكَّد بأنّه حَقيقة.. لَيْس وَمْضة عابِرة في المَنام.. ولا سِرًّا يَخشى هَتك ستره.

: شوي شوي على وجهك لا ينشق من الابتسامة

نَظرَ لرائِد الذي يقف على يساره وبذات الهَمْس: خلنـي.. خلني أعيش اللحظة اللي انتظرتها نص عمري
ابْتَسمَ لَهُ بِعَطْف اتَّضح في عَينيه وهُو يقول بِمُشاكسة: زيــن إثْقل شوي وخفّف من الابتسامة لا تفشلنا عند الرجال
هَمَسَ لهُ بحاجب مرفوع: ما يهمنـي
انْتَبه لفيصل الذي يقترب.. وقف عنده ليقول بابْتسامة: هــا بتروح اللحين؟
تَساءَل بعدم فهم: وين؟
ضَحَكَ رائد: شفيك.. ما تبي تشوف زوجتك؟
ازْدَرد ريقه وبسؤال: عادي يعني اللحين؟.. أقصد يعني الرياييل موجودين.. عادي أطلع؟
رائِد بِمُزاح: اللحين مو توّك تقول ما يهمونك؟
وَضَّح: أقصد يعني أمشي وهم موجودين
أَجاب: بس خلصوا من المبارك والتسليم.. ما بتسوي لهم شي بوجودك.. احنا موجودين وما أعتقد اللحين بعد بيجي أحد.. ها شقلت بتروح لو بتنتظر لين طلعتكم؟
رائِد بتشجيع وحماس: رُوح رُووح خوك.. شتبي في الرجال.. روح لمرتك
تَحمحم وبهمسٍ باسِم: زيــن
رَتَّب لهُ رائد غترته ثُمَّ مَسَح على كَتفيه وبابْتسامة واسِــعة: قَمــر قَمــر
ضَحَكَ بخفّة لرفيق دربه وبهمسٍ راجي: دعواتك
غَمَزَ لهُ وبمحبّة: الله ويّاك خُـــوك

مَشَى مع فَيصل تارِكان المَجلس الخارجي قاصِدان داخل المنزل.. فتح فيصل الباب وبصوتٍ جَهور تُمازجه بحّته المُميّزة: يـــا الله... يـــا الله
تَأكَّد من خلو المَكان من النساء ثُمَّ الْتفت لطَلال قائِلاً وهُو يُشير للداخل: ادخل.. هي في المجلس.. أعتقد تدله ما يحتاج أدلك
نَطَقَ بتعجّب: بتخليني أدخل بروحي!
ضَحَك: شفيك طَلال صاير طفل؟ ما بتاكلك إختي.. للحين هي نتفة مثل ما تركتها
تَساءل عندما رآه يبتعد عن الباب: انزين إنت وين بتروح؟
: بروح للرجال حق العشا "رَبَّت عَلى كتفه ثُّمَّ دفعه بخفّة" توكّل توكّل داخل

دَخَلَ باسْتجابة مُتردّدة.. أغلق الباب ثُمَّ خَطى بهدوء ناحية المَجْلس.. وَقَف أَمام الباب، نَظَرَ إليه وعَيْناه تَرْسمان لهُ صُورًا عَديدةً لها.. هي في الدّاخل الآن.. بأي شَكلٍ تنتظرهُ.. بأي وجه وبأي نَظْرة؟ هل هي مُبْتَسِمة، أَم أن عُبوس الماضي لا يَزال يُقَوِّس شَفتيها الصَّغيرتين؟ عَلى خَدّيها تَضَّجِع حُمْرة الخَجَل أم جَمْرة غضَب؟ أَهدابها الطَّويلة قَد شاركهما الكُحل لِتَزيين عَينيها أم أَنَّهما كانتا للدّموع مُسْتَقَر؟ هَل ارْتَدَت إليهِ الأبْيَض أم أنَّهُ جاء مُتَأخّرًا بَعد أن طَلَّقته من ألوان حياتها؟ تَساؤلات كَثيرة كانت تَحْتدم داخله.. وهَواجس شَتَّى تُعَرْقِل مَسيره إليها.. ظَلَّ واقِفًا عند المَجلس بشَجاعة مَبْتورة.. خائفًا من اللقاء، ومُعَرَّى من ثِقة لَم يَخِط عَباءتها مُنذ ليلة الخيانة.. اسْتَمَرَّ وقوفه لفترة لا يعلمها، واقفٌ والأفكار تَتلقف عَقله وتُضْعِف من عَزيمته.. وهُو مُنَشَدِه لغرقه لَم يَنتبه لباب المَنزل وهُو يُفْتَح.. ولا للخطوات التي أخذت تقترب منه.. ولَم ينتبه لوقوفها بجانبه.. كان مَشْغولاً بكامل حَواسه بارْتباكه وتَردّده.. إلا أَنَّ مَسًّا ناعِمًا، أُنثويًا وحَنونًا نَبَّهه.. احْتضان كَف تَزْخَر بالعَطْفِ والدَّفء غَمَرَ يده.. حانت منه الْتفاتة ليلتقي رَماد عَيْنيه بوجهٍ فارقهُ لِأكثر من عامين.. ابْتَسَمَت لهُ بِحُــب بَحَثَت عنهُ ذاته اليَتيمة في هذه الليلة.. هَمست بملقٍ لَم تتوقع أن يتفجّر في نفسها عند لُقياه: مَبـرووك حَبيــبي
نَطَقَت دَمْعة فَرَّت من ماضي طِفْلٍ مَنبوذ؛ لترعى وَسَط عَيْن أربعيني شابت رُوحه من الدّنيا.. هَمَسَ ببحّة والدّمعة تَرسم طَريقها على خَدّه: غَيــ ـداء
ارْتفعت يَدها وبرقة مَسَحت دمعته وهي تهز رأسها تَنهاه عن البُكاء، وهي التي لَم تستطع كَبْح لِجام بُكائها.. احْتضنها بِشَوْقٍ عارم وامْتنانٍ عَميـق اسْتشعرته بقلبها.. الحمد لله أنَّها أطاعت عبد الله وحضرت.. الدّهشة التي عانقت وجهه عندما رآها وَخَزت ضَميرها.. وكأنّهُ طِفل قَد تحققت إحدى أمنياته المُستحيلة. وَصَلها هَمْسه القريب من أذنها: غيداء اللي في عمري عيالهــ ـم طولهم.. وأنا توني بدخل على زوجتي.. بدخل عليها بشيبتي
ابْتعدت عنهُ قَليلاً لترى وجهه وهي تَقول: طَلال خيـ ــرة.. صدقني خيرة.. كلنا ما ندري وين الحِكمة من اللي صار.. يمكن لو كانت لك قبل بيكون ضرر لك ولها.. ما تدري
هَزَّ رَأسه بتفهم وابْتسامته تتسع.. قَبَّل جبينها بصمت وهي قالت بعد أن شَدَّت على يده: خلنا ندخل عشان تشوفها
اسْتفسر: إنتِ شفتينها؟
: لا والله.. توني جاية من بيتنا.. اللحين بشوفها معاك "تساءلت بابتسامة جانبية" مستعد؟
اسْتَنشق نَفَسَ عَميق أَعقبه بزَفيرٍ تَخَلَّصَ معهُ من كُل الضياع الذي داخله.. هَزَّ رأسه: إن شاء الله

طَرَقَت الباب بخفّة ثُمَّ فتحته وهي تقول بمرح: ســلام يا عرووس

لَم يرفع رَأسه لكن وَصَلتهُ شَهْقَة نُور المصدومة ونبرتها الباكية وهي تنطق بـ"غيــدااء".. تركت غيداء يده متجهة لها وهُو عَلَّقَ بصره بالوَرد الأبيض والزَّهري المُحْتَضِن خاتَمي الزواج الذي اختراهما هُو.. لَم يلتقِ مع نُور مُنذ آخر لقاء في شقته.. نعم هُو قابلها وهي زوجته عدّة مرات.. بل واقترب منها واحتضنها.. لكن الليلة كُل شيء مُختلف.. كُل شيء كما لو أنَّه المرَّة الأولى. حَشَرَ يَده في جَيْب ثَوْبه يَعْبَث بمفاتيحه، يُلْهي ارْتباكه.. كانت لا تزال تتحدث مع غيداء بكلماتٍ هامِسة لَم يُرَكِّز فيه.. بَصره وَقَع عَلى كُل شي في المَجْلِس عَداها.. كان يتجنّبها ويتَجَنّب المَجال المُحيط بها. عادت إليه غَيْداء وهو لا زال في مكانه.. نظرَ لوجهها المُحْمَر من البُكاء.. كانت تبتسم على الرَغم من سَحابة الحُزن المُسْتَقِرَّة عند ناصية وَجهها.. لا يَلومها.. لا يلومها أبدًا.. هَمست لهُ: أنا بروح اللحين للبنات داخل.. إنت اقعد شوي مع زوجتك بروحكم.. عشان عقب شوي تجيكم المصورة
هَزَّ رَأسه بابْتسامة مُرْتَعِشة.. مَسَحت بحنان على كَتِفه قَبل أن تُوَدّعه بابْتسامة... تجاوزته وظَلَّ يُناظرها حتى خَرَجت من المَجْلس وأغلقت الباب من خَلْفها.. عادَ وأَدارَ وجهه لجهة زوجته ويَده تترك جَيْبه.. قَبضَ بيده على ثوبه ومن ثُمَّ بَسَطها بخفّة، وكأنَّهُ يَتَخَلَّص من آخر شُعورٍ مُرْتَبِك.. لَم يَتَحَرَّك، لَكن عَيْناه تَسَلَّمتا المُهِمَّة.. حَبَت العَيْنان على الأرْضِيَّة الرُّخامِية كما طِفل يُجَرّب الحُرِّية للمرَّة الأولى، بلهفة وبنَبْضٍ مُتَحَمِّس.. تَوَقَّفَتا عند قَدَميها المُنتَعِلَتين خُفٍّ ناعِم يُلامس الأرض.. تَبَسَّمَ، فهي تَستقبله بطولها الذي يُحِب، بداية مُبشِّرة... واصَلَ رِحلته عابِرًا ساقِيها المَكْشوفتين حتى توَقَّفَ عند طَرَفِ فُستانها وَأَمرَ أَنفاسه كذلك بالوقوف.. أَبيْـض.. تَرْتَدي أَبْيض.. رَمَشَ مَرّاتٍ مُتتالية، شَحَن طاقة أَنفاسه لِيُكْمِل الرحلة.. حيثُ في مُنتصفها الْتقى بِكَفَّيها الرَّقيقّتيْن المُمسكتين بباقة ورد بَسيطة جدًا، وبَيْضاء أيضًا.. واصَلَ وَتنهيدة بطول سنوات انتظاره تَسْتعد لإطلاق سراحها.. وَهُناك.. عِندَ شاطئ العَيْنين أُفْرِجَ عنها، تَرَكت قَلْبه لِيَسْكنهُ وَجْه حَبيبته.. آآه.. تَرَفَقي بي.. ترفقي بقلبي.. ترفقي بذاتي المَعْطوبة.. ذاتي التي لَم تَعْتَد على هذا الكَرم من الدُّنيا.. هل كُنتِ في السابق هكذا جَميلة؟ أَم أنَّ الحرمان يَجْعل الأشياء عند اللقاء أَجْمل؟ لا لَيس الحرِمان.. أَنت جَميلة مُذ كانت ذراعاي تَتسعان لجسدكِ الصَّغير.. أَتذكر ذلك جيّدًا.. أَتذكر أَنَّ عَيْناي لَم تُبْصِران قَمَرًا كَوجْهَكِ.. كُل الوُجوه كانت ليالٍ حالِكة.. وَوجْهَكِ النُّــور الذي يُهْديني لطريق السّماء.. طَريق الحُلْم الذي أَضَعته مُذ خُسِفَ قَمَركِ. أخيرًا تَحَرَّكت قَدماه.. خَطى إليها تَحت ناظريها.. لَم تَكن تنظر إلى وجْهه.. ولكنّها كان ترى خُطواته.. كان يَمْشي على نَغْمِ نَبَضاتها.. يَمْشي إليها كما لَو اَنَّهُ يأتيها للمرة الأولى.. شَدَّت على وَرْدها عندما تَوَقَّفَ أَمامها، بقُرْبها.. يُبْصِر ارْتباك أَهْدابها ويُصْغي لِبَعْثَرة أَنْفاسها.. ها هي يَدهُ تَتحرّك.. لا تدري إلى أين وجهتها ولكنّها تقترب منها.. توقفت عند كَتفها، مَرَّر ظاهرها على خصلاتها الغافِية فوقه بنعومة قَبْل أن تنتقل لِعُنقها، أَغْمَضَت مُسْتَشْعِرة الدّفء الذي بُثَّ منها وَرأسها قَد أمالتهُ نسائم الهَوى المُنتشي منها المَكان.. حَرَّكَ إبهامه مُتَحَسِّسًا نَبْضَها كأنَّما يَطْمَئن على الشَّوق المُتَّخِم داخلها.. أَبْصَرت وهذه المَرَّة العَينُ في العَيْن.. ابْتَسَمتَ لَهُ والكُحل الذي لازمَ خياله ها هُو يُعانِق جِفْنيها المُحْمَرَّين.. يُعانِقهما بجُرأة أثارت غيرته، لذلك أمَرَ شَفَتيه بالاقْتراب لِتَقْبيل جِفْنَي النُّور.. اتَّسَعَت ابْتسامته لِضحكتها المكتومة بحرج، عاد ليتأمَّل وجهها والصَّمتُ لَم يُفارقه.. فالكَلامُ يُصَيِّرهُ اللقاء ابْتذالاً يعتزله المُحبّون.. فبالصَّمتُ يُطَهَّر الحُب من خَطايا اللسان.. فَيعلو صَوْت نَبْض الفؤاد.. وتُنَظِّمُ العَيَنُ أَشْعارًا تُلْقى على وزن بحر الرّمش والهَدَب. رحلته هذه المَرَّة أرادت به أن يَسْتَقِر.. فَقد تَعِبَ الجَوى من مَسافات قَطَعها لسنواتٍ وَسَنوات.. وَهُناك عند مُفْتَرِق الغِياب والسَكَر أَنْهى رحلة البَحث عن النُور.. مُبْتَدِئًا رِحلة جَديدة يُمازجهُ فيها.. رِحلة بها يُلْقي كُلَّ الذي مَضى خَلْف ظهره.. يَرْمي بالذكريات في قعر مُحيطٍ لَن يَجوب بحاره.. رِحلة يَعْزِم فيها على حَرْق آثامٍ خَلَت، وعلى تَبديد السّواد عن رُوح التي بَيْن ذراعيه.. هذهِ الأُنثى التي اخْتارها القَدَر لتكون الدّواء لذاته. أَبْتَعَدَ عنها قَليلاً، تَفَحَّصَ عَيْنيها مُنَبِّشًا عن أَثَرٍ لِتَلك الليلة.. نظرت إليه هي أيضًا.. لَم يَر شيء.. لَم يتَّضح لهُ شيء غير الخَجَل الذي ضاعَفَ من حُسْنها الأخَّاذ. هَمَسَ بِبَحَّة المشاعر المُتَّقِدة سامِحًا للسانه بالتَّعبير: يا بعد قلبي ورُوحي وكل دنيتي.. رجعتين لي.. رجعتين لي نتفتي
احْتَضَنت خَدّه بيدها المُرْتَعِشة وبهمس: شلونـك؟
أَمْسَكَ بيدها، قَبَّلَ باطِنها ثُمَّ أَجاب بسؤال: وشلونه العطشان إذا لقى ماي قلبه؟ "احْتَضَنها دافِنًا وجهه في عُنُقها حيثُ قُيِّدت الذات.. هَمَسَ لِيعترف لها بأشهى أحلامه" أبي أرتوي وأرْتوي.. لين أنسى العطش ولياليه ووجعه.. أبي نبدا من يديد وننولد من يديد.. أبي أعيش حياة خالية من كل اللي كان.. حياة ما فيها إلا إنتِ

عانقتهُ هي وشَدَّتهُ إليها كموافقة على حُلْمه المُعَنْوَن بالحِرمان.. هي أيَضًا تُريد أن ترتوي إلى حد النسيان.. تُريد أن تشطب كُل الذي خَطَّته على صَفحات الذكريات.. تُريد أن تَحيا مع الذي تَمَنَّاهُ قَلْبها المُراهِق وعقلها النَّاضِج.. لا يَهمّها من هُو ومن هي.. فالامتيازات تسقط في الحُب.. لَم يهمها ذلك أَبَدًا.. لَم يهمها اللقب الذي يَسْبق اسْمها.. وَلم تَلتفت لفروقٍ يُبهرجها المُجْتَمع لِيَضعها حاجزًا بينهما.. تُريدهُ عَقلاً وقَلْبًا ورُوحًا.. تُريدهُ أمانًا ودفئًا.. تُريده حُضْنًا وقُبْلة.. وتُريدهُ ظَهْرًا وسَنَدًا وَرَجُل.. لا تُريد شيئًا آخر.. تُريد طَلال وَكَفى.



الأيَّامُ انْطوت لليالٍ وَمَضَت الأَشْهر وهي تَخْفي بَين جنباتها خبايا قُلوبٍ وكلماتٍ تَرَدّدت بالبَوْح فاختارت الصَّمت والمُشاهدة.. البعضُ لا زال يَرْقُدُ فَوْقَ السَّحابِ في السَّماء.. والبعض يَتَوَسَّدُ أَرْضًا مَسكية وقاحِلة لا تملك جواب.. والبعض تائه بين هذه وتلك.. أَما جَنى فاليومُ هي تَخْطو لبداية مُتَحَمِّسة لها.. بداية في مدرستها الجَديدة.. يَدٌّ مُمسكة بكف والدتها.. والأخرى مُمسكة بكف والدها.. تنظر لأحدهما ثُمَّ تنظر للآخر بابْتسامة تَتَّسِع بسعادة.. وقلبها البريء يَتمنى لو أَنَّ ظلَّهما يَحْتضنها دومًا. دخلت المدرسة برفقتهما وعَيناها تُلاحقان الطُّلاب والطّالبات.. وتُوزعان نظرات التفحص والاهتمام على الأرجاء.. الصفوف والساحات.. والمُعلمات والمُعلّمين.. داخلها رَهْبة بسيطة من الجَو الجَديد وخوفٌ بسيط من المُسْتقبل.. تُرى مع من ستعقد صداقتها؟ من سيدرسها مادة الرياضيات التي تُحِب؟ وفي حصص الرياضة هل سيلعبون الجُمباز الذي تخاف؟ انْحَنت لها والدتها التي لَم يَفُت أُمومتها الارْتباك المُشاغِب أهدابها.. مَسَّت ذقنها برقة وهي تقول: أشـووف "تفَحَّصَت وجهها ثُمَّ قالت بثقة" لا واضح عدل إنش متحمسة للمدرسة.. صح؟
هَزَّت رأسها بابْتسامة مُتردّدة وجنان واصلت كلماتها المُحَفَّزة وهي ترتب غرّتها على جبينها: ماما بتستانسين وااجد.. خالو ندى قالت لي إن أول يوم يسوون لكم أشياء حلوة ويعطونكم هدايا بعد.. استانسي وتعرفي على الطلاب والطالبات اللي معاش بالصف.. وقولي لي إذا رجعتين شنو صار أوكي؟
والحَماس بدأ ينمو داخلها: أووكي ماما
رَفَعت رأسها لوالدها الذي تَساءَل: ها بابا مستعدة تروحين لصفش؟
هَزَّت رأسها: ايييه
ابْتَسَمَ لها: مشينا
اتَّجها بها إلى صَفّها المعرّف لهما مُسْبَقًا.. وَقَفا عند الباب، هُو قَبَّل جَبينها ثُمَّ قال بحُب: بالتوفيق حبيبتي
جِنان احْتَضَنت يَديها بِمَلَق: ماما أنا راح أجي آخذش نهاية الدوام
نَظَرَت لوالدها باسْتفسار وهُو أجابَ على سؤال عينيها بطفولة: بابا أنا رئيسهم.. لازم أطلع آخر واحد.. ما أقدر أجيش حبيبتي.. بس كل يوم بوصلش الصبح
هَمَست برِضا: أوكي
قَبَّلت وَجْنتيها جِنان ثُمَّ ناولتها حَقيبتها: يلا يا عمري.. استانسي وصير مؤدبة وشطورة "قُبْلة أخرى ثُمَّ لوَّحت لها" مع السلامة
بادلتها التلويح وبابْتسامة قبل أن تدخل الصف: مع السلامة

تابَعتها بِعَينيها الحارِسَتَين حتى اخْتارت لها مقعد وجلست فيه.. تَلَفتَّت يُمْنة وشمالاً وهي تلعب بأصابعها الصغيرة.. حَنَّ قلبها لمنظرها التائه وبنبرة باكية: فيصل شوفها.. كأنها تايهة
وَضَّح: وضعها طبيعي.. مدرسة جديدة وجو جديد غير اللي كانت فيه.. أكيد بتخاف وبتقلق وبتحس بعدم إنتماء
وهي لا تزال تُراقبها: أحسها غاصَّة بصيحتها
ضَحكَ وبمُشاكسة: والله إنتِ اللي غاصة بصيحتش.. شوي شوي وبتتعود.. لا تحاتينها
هَمَست وهي تبتلع بُكاءَها: إن شاء الله
أَخْرَج منديل من جيبه ومَدَّهُ لها: خذي
ابْتَسَمت له بامْتنان: شُكْرًا

وَدَّعت صَغيرتها بنظرة أخيرة ودعوة قلبية بالحماية والتوفيق.. ثُمَّ تَحرَّكت مع فيصل لِيخرجان من المبنى.. كُل ذلك حَدَثَ تحت أنظار الواقف بالقرب من السُّلَّم.. مُذ رآها لَم تَغِب عن باله.. ثوانٍ تلك التي رآها فيها ولكن لا يدري لِمَ لَم تُغادِر فِكْره.. انْتظر أن يَراها في الأشهر الماضية في المدرسة.. أو رُبَّما في أي مَكان.. فالبَلدُ صَغيرة، واحتمال رؤيتها ليست بمُسْتحيلة.. تَصَوَّر في خياله كُل السيناريوهات والمواقف التي قَد تَجمعهما حينما يَلتقيان.. لَكنّهُ أبَدًا لَم يَتصوَّر هذا الموقف وَلم يخطر على باله.. لَم يتوقع أبَدًا أن تكون أُمًّا لإحدى الطالبات! على الرغم من أنَّهُ التَّوقع الأكثر واقعية.. لكن رُبَّما اهتمامه بها تجاهل هذا الاحتمال لِيُكْمِل قُصّة خياله الغبية.

: نادر... نادر

انْتبه للصوت.. كان زميله.. أجاب بهدوء وعقله لا زال يُحاول أن يستوعب: نعم؟
تَساءَل باستغراب: شفيك؟ صار لك مدة واقف اهني وتطالع ذيك الجهة.. في شنو مفهّي؟
أَجاب بنبرة عادية: لا ولا شي.. بس انْدمجت وأنا أشوف الطلاب يدخلون
: انزين شوي بعّد عن الدرج خلهم يركبون.. مضايق عليهم
هو الذي للتو ينتبه لمكان وقوفه: أووه ما انتبهت
تَساءَلَ بشك: من صدق ما في شي نادر؟
كرّر بجدّية: صدّقني ما في شي.. يعني شنو بيكون في؟
هَزَّ رأسه: زيـن "استطرد" حتى ما مداني أبارك لك بالسنة الدراسية الجديدة.. كل عام وإنت بخير
ابْتسمَ لهُ بخفّة: وإنت بخير
رَفع يده: أشوفك بعدين

انْتَظَرَ حتى ابْتَعَد زميله ثُمَّ تَحَرَّك للصف الذي دخلتهُ جَنى.. تَوَقَّفَ عند الباب وعَيْناه تَبْحثان عنها.. كانت تتحدث للطفلة التي تجلس بجانبها.. دَقَّق في ملامحها جيّدًا.. على ما يبدو أنها تشبه والدتها.. لحظة.. رُبَّما ليست والدتها.. من الممكن أنَّها تكون عمّتها أو خالتها.. رَفع رأسه لأعلى الباب يستعلم رقم الصف.. من الجَيِّد أَنَّهُ رَفيقًا لِعلاء الذي هُو المُشْرِف على صُفوف رِياض الأطفال.. يَحتاج أن يعرف أكثر عن هذه الطفلة.. أن يعرف أكثر عن الأنثى التي شَغلته في الأشهر الماضية.. وعن ذاك الذي كان يَمشي معها بغُرورٍ مُسْتَفِز.



 توقيع : إرتواء نبض




رد مع اقتباس