{144} قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ "قَالَ" تَعَالَى لَهُ "يَا مُوسَى إنِّي اصْطَفَيْتُك" اخْتَرْتُك "عَلَى النَّاس" أَهْل زَمَانك "بِرِسَالَاتِي" بِالْجَمْعِ وَالْإِفْرَاد "وَبِكَلَامِي" أَيْ تَكْلِيمِي إيَّاكَ "فَخُذْ مَا آتَيْتُك" مِنْ الْفَضْل "وَكُنْ مِنْ الشَّاكِرِينَ" لِأَنْعُمِي
{145} وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ "وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاح" أَيْ أَلْوَاح التَّوْرَاة وَكَانَتْ مِنْ سِدْر الْجَنَّة أَوْ زَبَرْجَد أَوْ زُمُرُّد سَبْعَة أَوْ عَشَرَة "مِنْ كُلّ شَيْء" يَحْتَاج إلَيْهِ فِي الدِّين "مَوْعِظَة وَتَفْصِيلًا" تَبْيِينًا "لِكُلِّ شَيْء" بَدَل مِنْ الْجَار وَالْمَجْرُور قَبْله "فَخُذْهَا" قَبْله قُلْنَا مُقَدَّرًا "بِقُوَّةٍ" بِجِدٍّ وَاجْتِهَاد "وَأْمُرْ قَوْمك يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُورِيكُمْ دَار الْفَاسِقِينَ" فِرْعَوْن وَأَتْبَاعه وَهِيَ مِصْر لِتَعْتَبِرُوا بِهِمْ
{146} سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ "سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي" دَلَائِل قُدْرَتِي مِنْ الْمَصْنُوعَات وَغَيْرهَا "الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْض بِغَيْرِ الْحَقّ" بِأَنْ أَخْذَلهمْ فَلَا يَتَكَبَّرُونَ فِيهَا "وَإِنْ يَرَوْا كُلّ آيَة لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيل" طَرِيق "الرُّشْد" الْهُدَى الَّذِي جَاءَ مِنْ عِنْد اللَّه "لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا" يَسْلُكُوهُ "وَإِنْ يَرَوْا سَبِيل الْغَيّ" الضَّلَال "يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ" الصَّرْف "بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ" تَقَدَّمَ مِثْله
{147} وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "وَاَلَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاء الْآخِرَة" الْبَعْث وَغَيْره "حَبِطَتْ" بَطَلَتْ "أَعْمَالهمْ" مَا عَمِلُوهُ فِي الدُّنْيَا مِنْ خَيْر كَصِلَةِ رَحِم وَصَدَقَة فَلَا ثَوَاب لَهُمْ لِعَدِمِ شَرْطه "هَلْ" مَا "يُجْزَوْنَ إلَّا" جَزَاء "مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" مِنْ التَّكْذِيب وَالْمَعَاصِي
{148} وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ "وَاِتَّخَذَ قَوْم مُوسَى مِنْ بَعْده" أَيْ بَعْد ذَهَابه إلَى الْمُنَاجَاة "مِنْ حُلِيّهمْ" الَّذِي اسْتَعَارُوهُ مِنْ قَوْم فِرْعَوْن بِعَلَّةِ عُرْس فَبَقِيَ عِنْدهمْ "عِجْلًا" صَاغَهُ لَهُمْ مِنْهُ السَّامِرِيّ "جَسَدًا" بُدِّلَ لَحْمًا وَدَمًا "لَهُ خُوَار" أَيْ صَوْت يُسْمَع انْقَلَبَ كَذَلِكَ بِوَضْعِ التُّرَاب الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ حَافِر فَرَس جِبْرِيل فِي فَمه فَإِنَّ أَثَره الْحَيَاة فِيمَا يُوضَع فِيهِ وَمَفْعُول اتَّخَذَ الثَّانِي مَحْذُوف أَيْ إلَهًا "أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا" فَكَيْفَ يُتَّخَذ إلَهًا "اتَّخَذُوهُ" إلَهًا "وَكَانُوا ظَالِمِينَ" بِاِتِّخَاذِهِ
{149} وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ "وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهمْ" أَيْ نَدِمُوا عَلَى عِبَادَته "وَرَأَوْا" عَلِمُوا "أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا" بِهَا وَذَلِكَ بَعْد رُجُوع مُوسَى "قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمنَا رَبّنَا وَيَغْفِر لَنَا" بِالْيَاءِ وَالتَّاء فِيهِمَا
|