الموضوع: قصة طفل متسول
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 12-28-2018
Oman     Female
SMS ~ [ + ]
أحبك وأنت النبض ودقات قلبي كله:066
لوني المفضل White
 عضويتي » 28589
 جيت فيذا » Oct 2015
 آخر حضور » منذ 8 ساعات (08:13 PM)
آبدآعاتي » 1,057,402
الاعجابات المتلقاة » 13959
الاعجابات المُرسلة » 8084
 حاليآ في » سلطنة عمان
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Oman
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الفنى
آلعمر  » 22سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » عزباء
 التقييم » ضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond repute
مشروبك   7up
قناتك mbc
اشجع ithad
مَزآجِي  »  اطبخ
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي قصة طفل متسول



ظلامٌ حالكٌ أحاطَ به، وسكونٌ أطبق على شفتيه.. بحث عن الزاوية المعتمة في نفسه... وافترش الوحدة غطاءً له في منتصف الليل... جلس عند جدار متهالك لم يقيه برد الشّتاء. فأغلق عينيه الملوّنتين بالضياع، وحبس جراحه، ثمّ غرق في بحر التفكير المتلاطم بمآسيه.

مدّ ذراعه ولوى عنقه على صخرة صمّاء لم ترأف به، والتحف السماء الملبدة بالغيوم، وصوت الريح الباردة تتأفف منه... يهزّ رأسه ثم يُطرقه.. ومضى شاردًا بخياله: "لماذا لا أكون معهم!".. يُنصت لصوت خفي يهمس له من بعيد: " حاول مرة تلو الأخرى.. وحاول أكثر وأكثر...".

شعوره لم يهدأ؛ بل ازداد في فراغ الفقر. فدار جدل ملتهب مع تلك الأسئلة التي تغيب في إغفاءة، ورغم قصر اللحظة تنقضّ تهاجمه: " لماذا لا ترضى بذلك؟".

حاول عصر ذهنه واستجماع حواسه ليعرف الإجابة، التي ربما تثمر في قلبه مستقبلا ضائعا... صوت الريح العاتية يشتد أعلى من صوت تفكير طفل في الخامسة من عمره، حكّ رأسه، فافترسته الحقيقة. فلم يجد مناصا من أن يستمع للنغمة المتكررة كثيرا: " متسوّل".

نزف دموعه.. بلل يديه المرتجفتين... فتراكم القهر في عقله، وأكل الضعف من فؤاده، وتعبّأّت روحه بالظلام، حينما تذكر تلك الوجوه المفترسة التي تحوطه؛ لتشبع رغبتها من جمال محياه الذي أفل نوره.. وكلما حاول أن يستجديها بإلحاح صدقة يسدّ بها فوهة بطنه الخاوية؛ هاجمته تلك النوايا المتحجّرة، التي أيقنت بأن لا مفرّ من القدر إلاّ إليها!.

تصاعد الغبار من حوله، ونهض من شروده.. أوغل في ماضيه المجهول... وغاص في دوامة تفكيره من جديد، وتخيّل صوت أباه الذي لم يسمعه مذ كان جنينا يخاطبه: " لاتصبح نسيا منسيا".

نفخ في رماد ذكرياته، وكبر حديثه الداخلي، وتاه في فكره.. ضوء شحيح داخله تراءى له، وسار وحيدا للحظات، والأفكار والرؤى تتصارع في داخله ... زلقت فكرة به نحو تلك الظلال التي تحاول اصطياده في لحظة ضعف مريرة، لاحقته.. وببراءة طفل أخذ يهرب ويهرب نحو مخرج يغير كل شيء في حياته، وأرهق نفسه دون جدوى.

سمع صرخة من بعيد، ولمح حشدا عنده، ورأى طفلا يدس رأسه ضمن الرؤوس، وعيناه تخترقان الصفوف تخاطبه: "لا تمت مثلهم".

حملوه مسرعين للمستشفى، أخذه الطبيب باسطا ذراعيه بانكسار ليداويه.. ثمّ تردّد قليلاً.. وقال: "من سيدفع علاج المتسوّل؟".

اختفى الجميع من حوله إلا ذلك الطفل الذي لم يستطيع فعل شيء سوى أن صرخ بألم باكيا.. حينها جاء متسول أخذ الطفل ودفع الفاتورة ومضى.

حينها اكتشف لعبة مجتمع مادي تلطّخ بعار الشهوة، وقناع التعاطف... كتب بإصبعه في الهواء: "براءتي لن تتجرع التسوّل إلاّ من شهم عرف مرارتها".



 توقيع : ضامية الشوق



رد مع اقتباس