عرض مشاركة واحدة
قديم 07-02-2011   #2


الصورة الرمزية جنــــون

 عضويتي » 752
 جيت فيذا » Feb 2010
 آخر حضور » منذ 4 ساعات (07:52 PM)
آبدآعاتي » 3,247,044
الاعجابات المتلقاة » 7365
الاعجابات المُرسلة » 3669
 حاليآ في » » 6ـلىآ رَصيـﭮ الـجنـﯛטּ εïз ••
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الترفيهي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط
 التقييم » جنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   star-box
قناتك mbc
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه

اصدار الفوتوشوب : Adobe Photoshop 7,0 My Camera: استخدم كاميرا الجوال

мч ѕмѕ ~
لا أخشى عليك

..................من نسآء الكون

بــل أخشى عليك

من #

طفلة
تشبهني

مشآكسَة ، ثرثآرة ، مجنونة ، وتحبكَ كثيراً كثيراً
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي



جناس الشعر
الشعر الغنائي
الشعر القصصي أو الملحمي
الشعر التمثيلي
الشعر التعليمي

قد تسمى أنواع الشعر أيضًا. وهي تلك القوالب التي استقر الشعر منذ نشأته على طابعها، أو هي الشكل الأدبي الذي ارتضاه الشعراء للتعبير عن أفكارهم ومشاعرهم. انقسمت هذه الأجناس أو الأنواع إلى أشكال أربعة: الشعر الغنائي، الشعر القصصي أو الملحمي، الشعر التمثيلي، الشعر التعليمي

الشعر الغنائي.
وقد يسمَّى بالشعر الوجداني. وهو يعني ذلك التعبير عن العواطف الخالصة في مجالاتها المختلفة من فرح وحُزن وحب وبغض، وما إلى ذلك من المشاعر الإنسانية. ويعد هذا اللون أقدم أشكال الشعر في الأدب العربي، فقد كان الشعراء القدامى يعبرون تعبيراً خالصًا عن هذه المشاعر الإنسانية وقد يكون هذا التعبير مصورًا لذات الشاعر ومشاعره، كما ارتبط منذ نشأته بالموسيقى والغناء، ومن هنا سمي بالشعر الغنائي.
هذا اللون من الشعر استأثر بطاقة الشعر العربي، وفجر ينابيعها الفنية حين تحوّل إلى موضوعات وأغراض، كالغزل والوصف والحماسة والمديح والرثاء والهجاء والفخر والزهد والحكمة. وقد ترك هذا التوجه للشعر الغنائي ميراثًا هائلاً يتدفق حيوية وجمالاً وهو ماعرف بديوان العرب.
وقد استمرت موضوعات الشعر الغنائي في التعبير عن الذات الإنسانية وعن تقلباتها وعن أفراحها وأحزانها حتى وقتنا الحاضر. ولكن التطور الحضاري والفكري بدل فيها بعض التبديل؛ فلم يعد المدح يدور حول الشجاعة والعدل مثلاً أو يتغنَّى بالعفة والفضائل الخلقية، ولكنه توجه للتغني والتعبير عن وجدان الأمة وبطولاتها ومآثرها القومية كما ينشد التقدم والرخاء ويدعو للحاق بركب الأمم، وهكذا ظلت موضوعات الشعر الغنائي باقية متجددة ولكن في تعبير أقرب إلى حياتنا المعاصرة.
تحول الشعر الغنائي من عاطفته المشبوبة وغزله الصريح ووصفه لمحاسن المرأة إلى فكرة ورؤية ورمزٍ وأُنموذج. وبذلك اتسع مداه ليشمل ما يمور به الكون من تأمل واستبصار، وشوق وحنين، وألم وأمل، وفرح وحزن، وإن ظل الشعر الغنائي أو الوجداني هو سيد التعبير عن عواطف الشعراء غير منازع.

الشعر القصصي أو الملحمي.
يسمى الشعر القصصي أو الملحمي؛ لأنه يدور غالبًا حول معارك حربية، وهو ذلك الشعر الذي لا يعبر عن ذات صاحبه، ولكنه يدور حول أحداث أو بطولات وأبطال في فترة محددة من تاريخ الأمة. كما يمزج الحقائق التاريخية بروح الأسطورة والخيال وتتوارى ذات الشاعر في هذا المقام حين يتناول مادته تناولاً موضوعيًا وليس وجدانيًا. وهو يصور حياة الجماعة بانفعالاتها وعواطفها بعيدًا عن عواطفه وانفعالاته، ولا تظهر شخصيته إلا في أضيق الحدود. كما تعنيه عواطف الأبطال وانفعالاتهم أكثر من عواطفه وانفعالاته الخاصة.
تطول قصائد هذا اللون من الشعر حتى تصل آلاف الأبيات، ولكنها على طولها لا بد لها من وحدة هي حدثها الرئيسي وشخصيتها الرئيسية التي تمضي بالأحداث إلى نهايتها. ثم تتفرع أحداث ثانوية وشخصيات مساعدة.
أقدم ماعرفه تاريخ الأدب العالمي من هذا الجنس الشعري ملحمتا الإلياذة والأوديسة لشاعر اليونان هومر، وموضوع الإلياذة تلك الحرب القاسية بين اليونان ومملكة طروادة، وأما الأوديسة فتصور عودة اليونانيين إلى بلادهم عقب المعركة.
والملحمتان تحكيان ألوانًا من المشاعر المتباينة، من الغدر والوفاء، والحب والبغض، كما تصور أحداثًا دامية عنيفة، وتحكي أسطورة فتح طروادة بهيكل الجواد الخشبي، كما تحدثنا عن شخصيات الأمراء والقواد مثل أخيل و أجاممنون و أجاكس و هيكتور وغيرهم. وبلغت الإلياذة ستة عشر ألف بيت من الشعر على وزن واحد.
وقد عرف الرومان الملاحم على يد شاعرهم فيرجيل حين كتب الإنيادة مستلهماً ملحمتي هوميروس. وموضوعها مغامرات البطل إينياس.
وكذلك عرفت الأمم الأوروبية عددًا من مطولات الشعر القصصي جعلته سجلاً لأحداثها ومواقف أبطالها؛ فأنشودة رولان عند الفرنسيين تصوير لعودة الملك شارلمان منهزمًا في إحدى غزواته، ولكنه بالرغم من هزيمته كان مثالاً للبطولة والنبل. كما عرف الفرس ملحمة الشاهنامه التي تحكي أحداث مملكة الفرس. وكذلك كتب الهنود ملحمة المهابهاراتا في مائة ألف بيت حول صراع أبناء أسرة واحدة على الملك مما أدّى إلى فنائهم جميعًا.
لم يعرف الأدب العربي هذا اللون من القصص أو الملاحم في شعره القديم ولكن في العصر الحديث حاول الشعراء العرب استيحاء التاريخ قديمه وحديثه لتصوير البطولات العربية الإسلامية. فكتب الشاعر المصري أحمد محرم (ت 1945م) الإلياذة الإسلامية في أربعة أجزاء يحكي في الجزء الأول حياة الرسول ³ بمكة ثم هجرته إلى المدينة، كما يتناول غزواته وأحداثها وبطولاتها ويستمر الحديث عن الغزوات والبطولات في الجزءين الثاني والثالث. أما الجزء الرابع فيخصصه للحديث عن الوفود التي قدمت على الرسول والسرايا التي اتجهت إلى مختلف أنحاء الجزيرة العربية.
وقد كتب خليل مطران قصيدة قصصية عنوانها فتاة الجبل الأسود تصور ثورة شعب الجبل الأسود ضد الأتراك. ومحورها بطولة فتاة تنكرت في زيِّ فتى واقتحمت موقعًا للأتراك، وقتلت بعض رجالهم، وعندما أُسرت اكتشف الأتراك حقيقتها فأعجبوا ببطولتها وأَطلقوا سراحها.
وإذا كان الأدب العربي الفصيح لم يعرف هذا اللون من الشعر إلا بقدر يسير، فالأدب الشعبي اتخذ من فن الملحمة لونًا وجد الرواج والقبول؛ فما يزال المنشدون يرددون ملحمة عنترة أبي الفوارس و تغريبة بني هلال وهي ملاحم تؤدي فيها الأسطورة والخيال دورًا مهمًا في تصوير الوقائع والبطولات.
هذا اللون قد قل شأنه في العصر الحديث إذ لم يعد الإنسان تطربه خوارق الأساطير الممعنة بالخيال بقدر اهتمامه بأحداث الحاضر المعبِّر عن واقعه وهمومه وآماله وآلامه.

الشعر التمثيلي.
هو ذلك اللون من الشعر الذي تحكي أحداثه موقفًا تاريخيًا أو خياليًا مستلهمًا من الحياة الإنسانية. ومن أهم خصائصه أن مجموعة من الأفراد تصور هذا الحدث بالحوار بينها وأداء الحركات. وبذلك تتوارى ذات الشاعر تمامًا؛ فهو لا يصدر عن عواطفه وأحاسيسه الخاصة، ولكن عن عواطف تلك الشخصيّات التاريخية أو الخيالية التي يصورها.
عرف الشعر التمثيلي نوعين هما: المأساة التي تصور كارثة وقعت لشخص من ذوي المكانة العالية وتكون نهايتها محزنة إما بموت البطل وإما باختفائه. والملهاة التي تتناول أشخاصًا ليسوا من ذوي المكانة العالية وتحكي وتصور حوادث من حياة الناس اليومية مركزة على العيوب أو النقائص التي تثير الضحك.
اقترن الشعر التمثيلي منذ نشأته بالغناء والموسيقى، ثم بدأ الأداء التمثيلي يبعد شيئًا فشيئًا عن دنيا الغناء حتى انتهى الأمر إلى لونين هما المسرحية التمثيلية والمسرحية الغنائية. وأهم تغيير حدث في هذه المرحلة هو أن المسرحية التمثيلية اتجهت للنثر الخالص وتركت الشعر؛ لأن قيود الشعر جعلت إدارة الحوار بين الشخصيات يبدو متكلّفًا كما أنها تضعف الحركة اللازمة في المسرحية.
من أشهر من كتبوا هذا اللون من الشعر قديمًا سوفوكليس وأريسطوفانيس في الأدب اليوناني، وسنيكا وبلوتس في الأدب الروماني وراسين وموليير في الأدب الفرنسي، وشكسبير وبرنارد شو في الأدب الإنجليزي.
ظل الشعر التمثيلي مجهولاً في أدبنا الحديث حتى أخذ أحمد شوقي بيده فكتب ست مسرحيات شعرية، ثلاث منها تحكي عن العواطف الوطنية الملتهبة وهي مصرع كليوباترا و قمبيز و علي بك الكبير واثنتان تصوران طبيعة الحب والعاطفة في التراث العربي هما: مجنون ليلى وعنترة والسادسة ملهاة مصرية بعنوان السِّت هدى. ثم جاء عزيز أباظة وأكمل ما بدأه شوقي من الشعر التمثيلي فكتب شجرة الدر؛ قيس ولُبنى؛ العباسة والناصر؛ غروب الأندلس؛ قافلة النور.
ثم أخذ الشعراء المعاصرون من المسرح الشعري شكلاً رمزيًا حين اتجهوا له؛ فاستفادوا من طاقة الشعر وشفافيته في تصوير المشاعر والأفكار برقة وحساسية. فكتب صلاح عبد الصبور وعمر أبو ريشة، وعبد الرحمن الشرقاوي وغيرهم، مسرحيات شعرية. انظر: عبد الصبور، صلاح. حتى أصبح المسرح الشعري شكلاً فنيًا قائمًا بذاته.

الشعر التعليمي.
لون من الشعر يمزج بين العلم والفن والعقل والخيال، ويحاول أن يقدم الخبرات والتأملات في قصائد ذات حسٍ غنائي، فقد نظم شعراء اليونان في مجالات العلوم والفلك وكذلك شعراء الرومان وبعض الشعراء الفرنسيين.
ولما تحددت حدود العلم عن الفن بدأ الشعر التعليمي يُتخذ وسيلة في أيدي بعض الناظمين ليعين الناشئة خاصة في موضوعات العلوم. وقد عرف العرب منذ القرن الثاني الهجري هذا اللون من الشعر على يدي أبان بن عبد الحميد اللاّحقي، حين نظم أحكام الصوم والزكاة، ومحمد بن إبراهيم الفزاري حين نظم قصيدة في الفلك وإن كان أبَّان اللاحقي هو سيد الشعر التعليمي في الأدب العربي؛ إذ نظمه في مختلف الأغراض مثل سيرتي أردشير وأنوشروان كما نظم كليلة ودمنة.
ونجد في مجال العلوم بشر بن المعتمر. وكذلك في التاريخ ماكتبه الأندلسيان يحيى بن الحكم الغزال في فتح الأندلس وابن عبد ربه في غزوات عبد الرحمن الناصر.
وتدخل في دنيا الشعر التعليمي قصائد المواعظ والحكم كقصيدة أبي العتاهية ذات الأمثال، هذا فضلاً عن دور هذا الشعر في اللغة مثل: مقصورة ابن دريد، وألفيَّـة ابن مالك.


ألوان الشعر
شعر الصعاليك
النقائض
المدائح النبوية
الشعر الصوفي
المعارضات الشعرية
الموشحات
الزَّجل
الشعر النَّـبَطي


عرف الشعر العربي، على مدى عصوره المختلفة، ألوانًا من الخطاب الشعري. وقد تبلورت تلك الألوان في أشكال من التعبير صنفها النقاد تارة وقفًا على موضوعها ودلالته فقالوا: شعر الصعاليك، وأخرى حسب رؤيتها السياسية فقالوا: شعر النقائض، ومرة حسب عاطفتها فسمّوها الشعر الصوفي أو المدح النبوي. وقد يختص اللون الشعري بما يخالف موروث القصيدة التقليدية، ومن هنا نجد الموشحات في الأندلس والأزجال في المشرق والمغرب، كما نجد الشعر الشعبي الذي يعد لونًا من ألوان الشعر في لغته العامية. وقد يتداخل مصطلح الألوان مع الأغراض ولكن الألوان أوسع مجالاً من الأغراض؛ إذ يضم اللون الواحد عددًا من الأغراض فنجد مثلاً في شعر الصعاليك أو الموشحات أو الشعر الشعبي وصفًا ومدحًا وغزلاً ورثاءً وهجاءً وما إلى ذلك من الأغراض.


شعر الصعاليك.
مصطلحٌ يصف ظاهرة فكرية نفسية اجتماعية أدبية لطائفة من شعراء العصر الجاهلي عكس سلوكهم وشعرهم نمطًا فكريًا واجتماعيًا مغايرًا لما كان سائدًا في ذلك العصر. فالصعلكة لغة مأخوذة من قولهم: "تصعلكت الإبل" إذا خرجت أوبارها وانجردت. ومن هذا الأصل اللغوي، أصبح الصعلوك هو الفقير الذي تجرد من المال، وانسلخ من جلده الآدمي ودخل في جلد الوحوش الضارية. وإذا كان الأصل اللغوي لهذه الكلمة يقع في دائرة الفقر، فإن الصعلكة في الاستعمال الأدبي لا تعني الضعف بالضرورة، فهناك طائفة من الصعاليك الذين تمردوا على سلطة القبيلة وثاروا على الظلم والقمع والقهر والاستلاب الذي تمارسه القبيلة على طائفة من أفرادها. ونظرًا لسرعتهم الفائقة في العدو وشراستهم في الهجوم والغارة، أُطلق عليهم ذؤبان العرب أو الذؤبان تشبيهًا لهم بالذئاب.
ومما لاشك فيه أن هناك عوامل جغرافية وسياسية واجتماعية واقتصادية أدت إلى بروز ظاهرة الصعلكة في الصحراء العربية إبَّان العصر الجاهلي. فالعامل البيئي الذي أدى إلى بروز هذه الظاهرة يتمثل في قسوة الصحراء وشُحِّها بالغذاء إلى درجة الجوع الذي يهدد الإنسان بالموت. وإذا جاع الإنسان إلى هذه الدرجة، فليس من المستغرب أن يتصعلك ويثور ويقتل.
والعامل السياسي يتمثل في وحدة القبيلة القائمة على العصبية ورابطة الدم. فللفرد على القبيلة أن تحميه وتهرع لنجدته حين يتعرض لاعتداء. ولها عليه في المقابل أن يصون شرفها ويلتزم بقوانينها وقيمها وأن لا يجر عليها جرائم منكرة. وفشل الفرد في الوفاء بهذه الالتزامات قد يؤدي إلى خلعه والتبرؤ منه، ومن هنا نجد طائفة من الصعاليك تُسمى الخلعاء والشذاذ.
ومن الناحية الاجتماعية، نجد أن التركيبة القبلية تتشكل من ثلاث طبقات هي طبقة الأحرار الصرحاء من أبناء العمومة، وطبقة المستجيرين الذين دخلوا في القبيلة من قبائل أخرى، ثم طبقة العبيد من أبناء الإماء الحبشيات. والحقيقة أن مجموعة كبيرة من الصعاليك هم من أبناء هذه الطبقة المستلبة التي ثار الأقوياء من أفرادها لكرامتهم الشخصية مثل الشنفرى وتأبط شرًا وعمرو بن برَّاقة والسليك بن السلكة وعامر بن الأخنس وغيرهم. وكان يُطلق عليهم أغربة العرب أو الغِرْبان تشبيهًا لهم بالغراب لسواد بشرتهم.
أما العامل الاقتصادي، فيعزى إلى أنَّ حياة القبيلة في العصر الجاهلي كانت تقوم على النظام الإقطاعي الذي يستأثر فيه السادة بالثروة، في حين كان يعيش معظم أفراد الطبقات الأخرى مستخدَمين أو شبه مستخدمين. فظهر من بين الأحرار أنفسهم نفر رفضوا أن يستغل الإنسان أخاه الإنسان، وخرجوا على قبائلهم باختيارهم لينتصروا للضعفاء والمقهورين من الأقوياء المستغلين. ومن أشهر هؤلاء عُروة بن الورد الملقب بأبي الصعاليك أو عروة الصعاليك.
ويمثل الصعاليك من الناحية الفنية خروجًا جذريًا عن نمطية البنية الثلاثية للقصيدة العربية. فشعرهم معظمه مقطوعات قصيرة وليس قصائد كاملة. كما أنهم، في قصائدهم القليلة، قد استغنوا في الغالب عن الغزل الحسي وعن وصف الناقة. ويحل الحوار مع الزوجة حول حياة المغامرة محل النسيب التقليدي في بعض قصائدهم. وتمثل نظرتهم المتسامية إلى المرأة موقفًا يتخطى حسية العصر الجاهلي الذي يقف عند جمال الجسد ولا يتعداه إلى رؤية جمال المرأة في حنانها ونفسيتها وخُلقها.
وعلى الرغم من أن مقاصد شعر الصعاليك كلها في تصوير حياتهم وما يعتورها من الإغارة والثورة على الأغنياء وإباحة السرقة والنهب ومناصرة الفقراء، إلاّ أنه اهتم بقضايا فئة معينة من ذلك العصر، يرصد واقعها ويعبِّر عن همومها ويتبنى مشكلاتها وينقل ثورتها النفسية العارمة بسب ما انتابها من ظلم اجتماعي.

النقائض.
مصطلح أدبي لنمط شعري، نشأ في العصر الأموي بين ثلاثة من فحوله هم:جرير والفرزدق والأخطل. انظر: جرير؛ الفرزدق؛ الأخطل. وهذا المعنى مأخوذ في الأصل من نقَض البناء إذا هَدَمَه، قال تعالى: ﴿ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا﴾ النحل: 92. وضدُّ النقض الإبرام، يكون للحبل والعهد. وناقَضَه في الشيء مناقضةً ونِقَاضًا خالفه. والمناقضة في القول أن يتكلم بما يتناقض معناه، وفي الشعر أن ينقض الشاعر ما قال الأول، حيث يأتي بغير ما قال خصمه. والنقيضة هي الاسم المفرد يُجمع على نقائض، وقد اشتهرت في هذا المعنى نقائض الفرزدق وجرير والأخطل، وقد عُرف المعنى المادي الذي يتمثل في نقض البناء أو نقض الحبل أولاً، ثم جاء المعنوي الذي يبدو في نقض العهود والمواثيق، وفي نقض القول، وهو المراد هنا، إذ أصبح الشعر ميدانًا للنقض حتى سُمِّي هذا النوع منه بالنقائض.
معناها الاصطلاحي.
هو أن يتجه شاعر إلى آخر بقصيدة هاجيًا، فيعمد الآخر إلى الرد عليه بشعر مثله هاجيًا ملتزمًا البحر والقافية والرَّوِيَّ الذي اختاره الشاعر الأول. ومعنى هذا أنه لابد من وحدة الموضوع؛ فخرًا أو هجاءً أو غيرهما. ولابد من وحدة البحر، فهو الشكل الذي يجمع بين النقيضتين ويجذب إليه الشاعر الثاني بعد أن يختاره الأول. وكذلك لابد من وحدة الرَّوي؛ لأنه النهاية الموسيقية المتكررة للقصيدة الأولى، وكأن الشاعر الثاني يجاري الشاعر الأول في ميدانه وبأسلحته نفسها.
معانيها المقصودة.
الأصل فيها المقابلة والاختلاف؛ لأن الشاعر الثاني يجعل همّه أن يفسد على الشاعر الأول معانيه فيردها عليه إن كانت هجاء، ويزيد عليها مما يعرفه أو يخترعه، وإن كانت فخرًا كذَّبه فيها أو فسَّرها لصالحه هو، أو وضع إزاءها مفاخر لنفسه وقومه وهكذا. والمعنى هو مناط النقائض ومحورها الذي عليه تدور، ويتخذ عناصره من الأحساب، والأنساب والأيام والمآثر والمثالب. وليست النقائض شعرًا فحسب، بل قد تكون رَجَزًا أو تكون نثرًا كذلك. ولابد أن تتوفَّر فيها وحدة الموضوع وتقابُل المعاني، وأن تتضمن الفخر والهجاء ثم الوعيد أيضًا، وقد تجمع النقائض بين الشعر والنثر في الوقت نفسه.
نشأتها.
نشأت النقائض مع نشأة الشعر، وتطورت معه وإن لم تُسمَّ به مصطلحًا. فقد كانت تسمى حينًا بالمنافرة وأخرى بالملاحاة وما إلى ذلك من أشكال النفار. وكانت في البداية لا تلتزم إلا بنقض المعنى والمقابلة فيه، ثم صارت تلتزم بعض الفنون العامة دون بعضها الآخر، مما جعلها لا تبلغ درجة النقيضة التامة، وإن لم تبعد عنها كثيرًا، ولاسيَّما في جانب القافية. ولاشك أن النقائض نشأت ـ مثل أي فن من الفنون ـ ضعيفة مختلطة، وبمرور الزمن والتراكم المعرفي والتتبُّع للموروث الشعري، تقدَّم الفن الجدلي وأخذ يستكمل صورته الأخيرة قبيل البعثة، حتى قوي واكتمل واتضحت أركانه وعناصره الفنية. فوصل على يد الفحول من شعراء بني أمية إلى فن مكتمل الملامح تام البناء الفني، اتخذ الصورة النهائية للنقيضة ذات العناصر المحددة التي عرفناها بشكلها التام فيما عُرف بنقائض فحول العصر الأموي وهم جرير والفرزدق والأخطل.
مقوِّماتها.
اعتمدت النقائض في صورتها الكاملة على عناصر أساسية في لغة الشعراء، منها النَّسَب الذي أصبح في بعض الظروف وعند بعض الناس من المغامز التي يُهاجِم بها الشعراء خصومهم حين يتركون أصولهم إلى غيرها، أو يدَّعون نسبًا ليس لهم. وقد كانت المناقضة تتخذ من النسب مادة للتحقير أو التشكيك أو نفي الشاعر عن قومه أو عدّه في رتبة وضيعة، وكذلك كان الفخر بالأنساب وبمكانة الشاعر من قومه وقرابته من أهل الذكر والبأس والمعروف أساسًا، تدور حوله النقائض سلبًا أو إيجابًا. فاعتمد الشعراء المناقضون على مادة النسب وجعلوها إحدى ركائز هجائهم على أعدائهم وفخرهم بأنفسهم. ومن أسباب ذلك أن المجتمع العربي على عصر بني أمية رجع مرة أخرى إلى العصبية القبلية التي كان عصر النبوة قد أحل محلها العصبية الدينية.ومنها أيضًا أيام العرب التي اعتمدت النقائض عليها في الجاهلية والإسلام، فكان الشعراء يتَّخذون منها موضوعًا للهجاء ويتحاورون فيه، كما صور جزء من النقائض الحياة الاجتماعية أحسن تصوير، ووصف ماجرت عليه أوضاع الناس، ومنها العادات المرعية والأعراف والتقاليد التي يحافظ عليها العربي أشد المحافظة. فكانت السيادة والنجدة والكرم، وكان الحلم والوفاء والحزم من الفضائل التي يتجاذبها المتناقضون، فيدعي الشاعر لنفسه ولقومه الفضل في ذلك. وقد أصبحت النقائض سجلاً أُحصيت فيه أيام العرب ومآثرها وعاداتها وتقاليدها في الجاهلية وفي الإسلام.

المدائح النبوية.
يُعَدُّ المديح في الشعر العربي من الأغراض الرئيسية التي تشغل مكانًا بارزًا في إنتاج الشعراء منذ العصر الجاهلي إلى يومنا هذا. وتدور معاني المدح في الشعر حول تمجيد الحي، مثلما تدور معاني الرثاء حول تمجيد الميت. ولكن هذا العُرف الأدبي يختلف نوعًا ما في مجال المديح النبوي.
وإذا تتبعنا تاريخ المديح النبوي ـ وإن لم يعرف بهذا المصطلح في هذه الفترة ـ نجده بدأ في حياة النبي ³ حينما مدحه الشعراء، ومجّدوا دعوته وأخلاقه، ويأتي في مقدمة هؤلاء الشعراء شاعره حسان بن ثابت، وبعض الشعراء الآخرين الذين ذكرهم التاريخ بقصيدة واحدة مثل الأعشى وكعب بن زهير. وعندما انتقل الرسول ³ إلى الرفيق الأعلى رثاه الشعراء وبكوه، ولكنهم لم يخرجوا عن الخط العام للمدح والرثاء في الشعر العربي؛ لأنه ³ مدح في حياته ورثي بعد وفاته مباشرة.
وقد عدت المدائح النبوية غرضًا شعريًا قائمًا بذاته، لأن هناك من الشعراء من وقفوا أنفسهم عليها ولما يتجاوزوها إلى أغراض الشعر الأخرى. وكان من أشهر أولئك النفر من الشعراء في المشرق أبو زكريا الصرصري (ت 656هـ)، الذي يقول في الرسول ³:
ياخاتم الرسْـل الكرام وفاتح الـ خيرات يامتواضــعًا شَمَّاخـا
ياخير من شدَّ الرَّحال لقصده حادي المطيِّ وفي هواه أناخا

وكذلك بلغ الشاعر اليمني عبد الرحيم البرعي (ت803 هـ) شأنًا عاليًا في مديح الرسول الكريم ³ وديوانه معروف ومشهور. يقول:
بمحمَّدٍ خَـطَرُ المحامـد يعظمُ
وعقــود تيجــان العقـود تنظَّـمُ
وله الشفاعة والمقام الأعظم
يوم القلوب لدى الحناجر كُظَّمُ
فبحقّه صَلـَّوا عليه وسلـِّموا

وأما في الأندلس فقد كان أبو زيد الفازازي (ت627هـ) مُقَدَّمًا في هذا المجال، وله مجموعة شعرية في المدائح النبوية سمَّاها الوسائل المتقبَّلة وهي مخمسات على الحروف الهجائية. يقول في المخمس النوني عن الرسول ³:
بدا قمرًا مسراه شرق ومغربُ
وخُصَّت بمثواه المدينة يثرب
وكان له في سُـدّة النـور مضـرب
نجيٌّ لـربِّ العـالمين مقــرب
حبيب فيدنو كل حين ويُسْتَدْنى

وكذلك كان ابن جابر الأندلسي (ت 780 هـ) ممن وقفوا أنفسهم على مدح الرسول ³ وله ديوان سماه العقدين في مدح سيد الكونين.
وقد تحولت المدائح النبوية إلى مصطلح أدبي ونمط شعري ازدهر وانتشر في العصر المملوكي، وتحديدًا في القرن السابع الهجري، حيث لجأ الشعراء إلى استرجاع السيرة النبوية والتغني بالشمائل التي تميز بها الرسول ³. وقد عُرفت القصائد التي نظمت في هذا المجال بقصائد المديح النبوي.
وكان من أهم الأسباب السياسية والاجتماعية والنفسية لظهورها في هذا القرن أنه شهد من الحوادث والمتغيرات مالم يشهده قرن قبله؛ فقد اجتاح التتار الشرق الإسلامي فدمروا البلاد وأهلكوا العباد وقضوا على الخلافة العباسية في بغداد. وأقام المماليك دولتهم في مصر بعد أن قضوا على الدولة الأيوبية. ثم حررت بلاد الشام من سيطرة الصليبيين بعد أن أمضوا فيها حوالي مائتي سنة. وقد خاضت الدولة الإسلامية في ذلك القرن حروباً عنيفة ضد الصليبيين والتتار وعانت شعوبها ويلات تلك الحروب، كما عانت تسلط الحكام المماليك وظلمهم.
وتفشى الفساد بين الطبقات الحاكمة من أمراء ووزراء وموظفين، وعانى الناس كثرة الضرائب ومصادرة الأموال، فانتشر الفقر، وعمَّ الخوف ولم يجد الناس ملجأ يلجأون إليه سوى الرجوع إلى الله والزهد في الدنيا هربًا من واقعهم المر. وكانت تمر سنوات من القحط والجفاف، فتعم المجاعة وتنتشر الأمراض فيزداد بلاء المسلمين، وانتشرت الخرافة والشعوذة والتمس الناس كل وسيلة للحصول على رزقهم اليومي.في هذا الجو المشبع بالآلام وفي تلك الظروف القاسية ازدهرت المدائح النبوية التي تكشف عن رغبة دفينة لدى شعرائها بالعودة إلى المنبع الصافي للعقيدة الإسلامية، حينما كان العدل يظلل جميع المسلمين، فاستعادوا بقصائدهم سيرة الرسول ³ بكل ما تمثله من عدل ونقاء من ميلاده حتى وفاته. وكان البوصيري إمام هذا الفن بلا منازع.
عاش البوصيري، محمد بن سعيد، أعوامه الثمانية والثمانين في القرن السابع الهجري بين عامي (608- 696هـ) وعانى مما عاناه بقية المسلمين من ظلم الحكام وقلة الموارد إلى جانب كثرة الأولاد الذين أثقلوا كاهله. وقد نظم البوصيري عددًا من القصائد النبوية في مناسبات مختلفة، ولكن أشهر تلك القصائد قصيدة البردة التي مطلعها:
أمن تذّكر جيران بذي سلم مزجْت دمعًا جرى من مقلة بدم

وهي قصيدة جيدة لولا ما فيها من المبالغة. ويرجع سبب شهرتها إلى مناسبتها التي رويت عن الشاعر، وهي أنه قرأها على الرسول ³ في المنام وتشفع بها لديه، فاستحسنها وألقى على الشاعر بردة فشفي من الفالج الذي كان مصابًا به وأقعده مدة من الزمان، وقد اكتسبت اسمها من هذه القصة ولعلها قصّة غير حقيقية. انظر: البوصيري. ومن قصائد البوصيري المشهورة همزيته التي مطلعها:
كيف ترقى رقيَّــك الأنبيـاء ياسمـــاءً ماطاولتْهـــا سمـــاءُ

ولا نكاد نجد شاعرًا في العصرين المملوكي والعثماني إلا وقد نظم في هذا المجال، وغالبًا ما تكون قصيدته معارضة لبردة البوصيري، ولم يقتصر أمر معارضتها على شعراء هذين العصرين، بل رأينا شعراء عصر النهضة الأدبية يتسابقون إلى معارضتها أمثال البارودي وأحمد شوقي ومحمد عبد المطلب، وإن كان أمير الشعراء هو أبرزهم في هذا المجال. يقول أحمد شوقي في نهج البردة:
ريم على القاع بين البان والعلمِ أحل سفك دمي في الأشهر الحرم
لما رنا حدّثتني النفس قائلة ياويح قلبك بالسهم المصيب رُمِي

ويقول في الهمزية النبوية:
وُلد الهدى فالكائنات ضياء وفم الزمـان تبسـم وثنـاء

ويقول في المولد النبوي:
سلوا قلبي غداة سلا وتابا لعل على الجمال له عتابا

الشعر الصوفي.
يشكل الشعر الصوفي جزءًا متميزًا من شعر الرمز الديني المكتوب في اللغات العربية والفارسية والتركية والأوردية. ويمكن فهمه من خلال ثنائية الرؤية واللغة.
فهو شعر يعبر عن رؤية داخلية تنبثق عن فهم ناظميه للآية الكريمة ﴿ونحن أقرب إليه من حبل الوريد﴾ ق:16. وبناءً على هذا الفهم، جاءت قصائدهم محملة بالوجد والحنين إلى المزيد من القرب من الذات الإلهية وشخص الرسول الكريم ³. كما أن نصوصهم الشعرية تُظهر الأطوار التي مرت بها رؤيتهم الصوفية. فمن مجرد حب للذات الإلهية تغلبُ عليه العفوية والبساطة، إلى رغبة في الحلول والاتحاد بالذات الإلهية وانتهاء بمفارقة الجمع بين الاتحاد والانفصام أو (الفناء والبقاء). وهي شطحات صوفية منحرفة عن منهج العقيدة الصحيحة.
أما على مستوى اللغة وبنية القصيدة، فإن الشعر الصوفي يعكس تجاوز الكلمة لمعناها المعجمي، ويُكْسِبها مدلولات جديدة تحتمل التأويل. ويظهر تسامي الشعراء المتصوفة بعنصر النسيب في القصيدة التقليدية إلى الغزل في الذات الإلهية. ومن هذا قول الصوفي الأندلسي ابن سبعين في كتابه الإحاطة:
من كان يبصر شأن الله في الصور فإنــه شاخــص في أنقــص الصــــور
بل شأنه كونـه، بل كونه كنهــــه لأنــه جملـــة من بعضهـــا وطـــري
إيهٍ فأبصــــــرني، إيــهٍ فأبصـــرهُ إيه فَلِمْ قلـت لي ذا النفـع في الضـرر

وقول ابن العريف:
سلوا عن الشوق من أهوى فإنهـم أدنى إلى النفس من وهمي ومن نَفَسي
مازلت ـ مذ سكنوا قلبي ـ أصون لهم لحظي وسمعي ونطقي إذ همو أنســي
حلُّوا الفؤاد فما أندى! ولو وطئوا صــخرا لجــاد بمــاء منــه مُنْبَـجِـــسِ
وفي الحشا نزلوا والوهم يجرحهم فكيــف قرُّوا على أذكى من القبــس
لأنهضَنَّ إلى حشري بحبهمُ لا بارك الله فيمن خانهم فَنَسِي

كما يظهر إضفاؤهم على المواضع والأسماء التي ورد ذكرها في مطلع النسيب التقليدي معاني إضافيةً تحمل دلالات ورموزًا صوفية. فكلمة نجْد على سبيل المثال، أصبحت رمزًا صوفيًا يدل على المعرفة العليا. واسم ليلى تحول إلى رمز للعشق الإلهي. وغير ذلك من الأشياء الأخرى التي اتخذت في أشعارهم أبعادًا رمزية كالشمعة والفراشة والمدام.
ويمثل شعر رابعة العدوية (185هـ،801م) شعر الحب للذات الإلهية الذي تغْلب عليه العفوية والبساطة، بينما يمثل شعر ابن الفارض (633هـ،1235م) تطورًا في الأسلوب الشعري، واستفادة من شكل القصيدة التقليدية في تشكيل رؤيته الصوفية الاتحادية. فقد أحل عنصر الغزل في الذات الإلهية مكان النسيب التقليدي، وأحل عنصر المدامة الإلهية مكان عنصر الخمرة النواسية. أما شعر ابن عربي (638هـ،.124م)، فيمثل طورًا ثالثًا يعكس رؤيته الصوفية القائلة بوحدة الوجود وهي رؤية إلحادية، تخالف ما يجب أن يعتقده المسلم إزاء خالقه الواحد الأحد، الفرد الصمد. ويقول في ديوانه ترجمان الأشواق عن الصوفية وعلم الباطن:
كلّ ما أذكره من طلل أو ربـوع أو مغــان كل ما
أو نساء كاعبات نُهَّدٍ طالعات كشموس أو دمى
صفة قدسية علوية أعلمتْ أن لصــدقي قَدَمـا
فاصرف الخاطر عن ظاهرها وأطلب الباطن حتى تعلما

وفي قصيدة أخرى، يتحدث عن دينه الحب وقلبه المتحد بالوجود:
لقد صار قلبي قابلاً كل صورة فمرعى لغزلان ودير لرهبان
وبيتٌ لأوثان وكعبة طائف وألواح توراة ومصحف قرآن
أدين بدين الحب أنـَّى توجهت ركائبه فالحب ديني وإيماني

ويقول الشستري:
وصلت لمن لم أنفصل عنه لحظة ونزهت من أعني عن الوصل والهجر
وما الوصف إلا دونه غير أنني أريد به التشبيب عن بعض ما أدري

وفي العصر العثماني، أُصيب الشعر الصوفي بآفة التكرار والابتذال، إلا أن نظْم عبدالغني النابلسي (1141هـ، 1728م) يظل متميزًا لدمجه بين رؤيته النقشبندية ورؤية الشعراء السابقين مثل ابن الفارض وابن عربي وجلال الدين الرومي (672هـ، 1273م).وفي العصر الحديث، ظهر تأثر الشعر الغربي بالشعر الصوفي العربي والفارسي في أشعار جوته وريلكه. كما يشكل شعر محمد إقبال (1357هـ، 1938م) وأدونيس استمرارًا للشعر الصوفي في الشعر المعاصر. إلا أن شعر إقبال ينزع في مجمله نزعة إسلامية وشعر أدونيس ينزع نزعة غربية.
المعارضات الشعرية. مصطلح أدبي يرتبط مدلوله الفني بمدلوله اللغوي ارتباطًا وثيقًا، ففي مادة (عَرَضَ) تورد المعاجم العربية عددًا من المعاني لهذه الكلمة ومتفرعاتها، غير أن ألصقها بالمدلول الفني وأقربها إليه ما يفيد المقابلة والمباراة والمشابهة والمحاكاة.
قال ابن منظور في لسان العرب تحت مادة (عرض): "عارض الشيء بالشيء معارضة أي قابله، وعارضت كتابي بكتابه، أي قابلته، وفلان يعارضني أي يباريني". وقال الفيروزأبادي في القاموس: عارض الطريق: جانبه وعدل عنه وسار حياله، والكتاب قابله. وفلانًا بمثل صنيعه: آتى إليه مثل ما أتى، ومنه المعارضة.
وقد استعملت كلمة معارضة قديمًا للدلالة على المجاراة والمحاكاة في الشعر والنثر على حد سواء. فقد ورد في كتاب الأغاني أن أبا عبيدة والأصمعي كانا يقولان عن عدي بن زيد: "عدي بن زيد في الشعراء بمنزلة سهيل في النجوم يعارضها ولا يجري معها مجراها". وفي العمدة قال ابن رشيق: "ولما أرادت قريش معارضة القرآن عكف فصحاؤهم الذين تعاطوا ذلك على لباب البر وسلاف الخمر ولحوم الضأن والخلوة" قصد بالمعارضة المحاكاة.وقد ضاق مدلول هذا المصطلح في العصور المتأخرة حتى اقتصر على المحاكاة في الشعر فقط، واختلفت الآراء ـ بعد ذلك ـ في تحديد المفهوم الفني له، فوقع الاختلاف بين الباحثين المعاصرين فيما يدخل ومالا يدخل في باب المعارضات. ولعل أقرب مفهوم فني للمعارضة هو: أن توافق القصيدة المتأخرة القصيدة المتقدمة في وزنها وقافيتها وحركة رويها، وأن يكون الغرض الشعري واحدًا أو متماثلاً، بحيث تكون القصيدة المتأخرة صدى واضحًا للقصيدة المتقدمة. وهذه معارضة صريحة. أما ما عدا ذلك من القصائد التي فقدت أحد هذه العناصر فهي معارضات غير صريحة.
وقصيدة المعارضة غير الصريحة ـ تبعًا لذلك ـ هي التي فقدت فيها القصيدة المتأخرة أحد عناصر الشكل الخارجي للقصيدة القديمة واتفقت معها في الغرض العام أو العكس. ونقصد بذلك أن تتفق القصيدتان المتأخرة والمتقدمة في عناصر الشكل الخارجي وتختلفا في الموضوع العام، ومن أشهر أنماط هذه المعارضات قصيدة شوقي الهمزية النبوية وهي من البحر الكامل. ومطلعها:
ولد الهدى فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثناء

فهي معارضة غير صريحة لهمزية البوصيري المشهورة، وهي من البحر الخفيف. ومطلعها:
كيف ترقى رقيك الأنبياء ياسماء ما طاولتها سماء

فاختلاف الوزن بين هاتين القصيدتين جعل قصيدة شوقي معارضة غير صريحة.

أما اختلاف الموضوع فمثاله قصيدة شوقي الأخرى في المولد النبوي التي مطلعها:
سلوا قلبي غداة سلا وتابا لعل على الجمال له عتابا

وهي معارضة غير صريحة لقصيدة الشاعر الأندلسي ابن حمديس الصقلي التي يتذمر فيها من الزمان وغدر أهله ومطلعها:
ألاكم تُسمع الزمن العتابا تخاطبه ولا يدري جوابا

فاختلاف الموضوع بين القصيدتين جعل قصيدة شوقي معارضة غير صريحة لقصيدة ابن حمديس.
وقد تأتي المعارضات الصريحة معارضات كلية، أي للقصيدة المتقدمة كلها، وقد تأتي معارضات جزئية وهي ما اقتصر فيها الشاعر على معارضة جزء من القصيدة المتقدمة، كاقتصاره على معارضة الغزل في قصيدة مدح متقدمة مثلاً. ومن نماذج المعارضات الصريحة الكلية قصيدة شوقي نهج البردة التي مطلعها:
ريم على القاع بين البان والعلم أحلّ سفك دمي في الأشهر الحرم

وهي معارضة صريحة كلية لقصيدة البوصيري البردة ومطلعها:
أمن تذكر جيران بذي سلم مزجت دمعًا جرى من مقلة بدم

فالقصيدتان متحدتان في الموضوع وهو المديح النبوي، والوزن وهو البحر البسيط، وحركة الروي وهي الميم المكسورة. وأمثلة هذا النوع من المعارضات كثيرة عند شوقي والبارودي.
ومن نماذج المعارضات الصريحة الجزئية قصيدة شوقي المشهورة التي مطلعها:
مضنــاك جفـاه مرقده وبكـاه ورحّــمَ عُوَّده

وهي معارضة للجزء الغزلي من قصيدة الحصري القيرواني التي قالها أصلاً في مدح أحد الأمراء ومطلعها:
ياليلُ الصبُّ متى غده أقيامُ الساعة موعـده

وقد كانت المعارضات في تراث الشعر العربي توحي بقدرٍ من فحولة الشاعر المتأخر حين يُجيد في معارضة قصيدة متقدمة اكتسبت شهرة بقصيدة تجري في مضمارها، وتحقق لنفسها قدرًا موازيًا من الشهرة والقبول. لكن هذا النمط من الخطاب الشعري اختفى أو كاد في الشعر المعاصر؛ لأن خصوصية التجربة وتباينها ـ بين شاعر وآخر في القصيدة الحديثة ـ أصبحت هي المعيار الحقيقي لأصالة الشاعر وقدرته على الإبداع.

الموشحات.
لون شعري نشأ بالأندلس في أواخر القرن الثالث الهجري، اتخذ معناه من الدلالة اللغوية للوشاح والإشاح، بما في ذلك من معاني التنميق والتزيين.اختلف النقاد في أصل الموشحة، أأندلسية أم مشرقية، والمرجَّح أن الموشحة فن أندلسي أصيل، وأن شبهة الموشح المنسوب إلى الشاعر المشرقي ابن المعتز والذي مطلعه:
أيها الساقي إليك المشتكى قد دعوناك وإن لم تسمع

زعمٌ لايثبت عند التمحيص، وأنّ هذه الموشحة للوشَّاح الأندلسي ابن زهر الحفيد.
تبدأ الموشحة بمطلع يتألّف في أقل صوره من شطرين يسمَّى كل منهما: الغصن. ويطلق على مثل هذا الموشح اسم الموشح التام. ويعقب المطلع ما يسمى بالدور، ويتكون في أقله من ثلاثة أسماط (أي أشطار شعرية). ويتكون السمط في أقله من قسيم واحد أي مقطع شعري واحد. والموشح الذي يبدأ بالدور مباشرة دون مطلع يسمى الموشح الناقص أو الأقرع.
ويعقب الدور ما يسمى بالقُفل، وهو يماثل المطلع في عدد الأغصان ونظام القافية. ويسمى آخر قفل في الموشحة بالخرجة وهي تأتي على ثلاثة أحوال:

1- عربية فصيحة. 2- عربية عامية. 3- أعجمية.

أما البيت في الموشحة فيختلف عن البيت في القصيدة؛ ذلك أن بيت القصيدة التقليدية يتكون من صدر وعجز، أما بيت الموشحة الأول مثلاً فيتكون من المطلع والدور والقفل. وقد يصل عدد المقاطع الشعرية في البيت الواحد إلى سبعة مقاطع أو تزيد. مثال ذلك، البيت الأول من موشحة ابن اللبانة (ت: 507 هـ).

[غصن] [غصن]
[مطلع] شاهدي في الحب من حُرقي أدمع كالجمر تنذرف
[سمط]
تعجز الأوصاف عن قمر
[سمط]
[دور] خــده يُــدمى من النـظر
[سمط]
بشــر يسمـو على البشـر
[غصن] [غصن]
[قفل] قد براه الله من علقِ ماعسى في حسنه أصف

وللخرجة أهمية خاصة في الموشح. وقد أفرد لها ابن سناء المُلْك في كتابه دار الطراز في عمل الموشحات حديثًا خاصًا بها. ويمهد الوشاحُ غالبًا في الدور السابق بما يسمى الالتفات نحو حركة الختام، ويتضمن ألفاظًا مثل شدا وغنى وأنشد.
وتُفضل الخرجة العامية والأْعجمية على الخرجة المعربة، على حين أن الموشح يسمى زنيمًا ـ وهي دلالة على الذم ـ إن ورد في صلبه، أي فيما قبل الخرجة، كلمة عامية أو أعجمية.
تنقسم أوزان الموشحات إلى قسمين: 1- ما يوافق الأوزان الواردة لدى الخليل بن أحمد. 2- ما يخرج عن هذه الأوزان، وهي الكثرة الغالبة على الموشح. ونجد أن الغناء يقيم وزن هذه الموشحات، مما يدل على الصلة الوثيقة بين الموشح والغناء.
يرتكز الموشح على التنويع في القوافي، وهو بذلك يشبه المخمسات والمسمطات التي عرفها المشرق. وتمثل القافية لونًا من ألوان الحرية أوجدها الموشح في الشعر. ذلك أن قوافي المطلع قد تأتي متفقة أو مختلفة، على حين أن قوافي الأدوار لابد أن تتفق. ثم يأتي القفل ولابد أن يماثل المطلع اتفاقًا أو اختلافًا في القافية.
تتفق لغة الموشح مع قواعد العربية، لكنها تمتاز بشيء من الرقة والعذوبة والصفاء؛ وسبب ذلك أن الارتباط بالغناء جعلها تبعد عن أساليب البداوة مع الإغراق في المحسنات البديعية والألاعيب اللفظية.
وقد ربط الدارسون بين الموشَّح والمغنِّي المشرقي أبي الحسن علي بن نافع البغدادي الشهير بزرياب. وقالت بعض النظريات إن طريقة زرياب في الغناء كانت هي الأصل في نشأة الموشح. ولكن هذا الرأي لايثبت عند التمحيص؛ ذلك أن طريقة زرياب في الغناء تتراوح بين مقامات لحنية متعددة هي النشيد والبسيط والمحركات والأهزاج، بينما إيقاع الموشَّح وحدة نغمية واحدة تتكرر في البيت الأول حتى البيت الخامس. إضافة إلى أن غناء الموشح كان أشد ارتباطًا بآلة الأرغن وهي آلة عرفها الأندلس، بينما طريقة زرياب تقوم على إيقاع العود الذي طوره وأضاف له وترًا خامسًا.
ومن الثابت أن الموشح كان أشد التصاقًا بحياة الناس الشعبية. وطريقة زرياب كانت أشد التصاقًا بحياة القصور.
هناك إجماع أن مخترع الموشحات رجل ضرير من مدينة قبرة في الأندلس، هو كما ينص ابن بسام في الذخيرة مقدم بن معافر القبري. وهناك خلاف حول الاسم، ولكن الريادة تبقى لرجل ضرير من قبرة.
عالج الموشَّح موضوعات الشعر المعروفة، وإن كان الغزل ووصف الطبيعة ومجالس الخمر والغناء أكثر دورانًا على ألسنة الوشاحين. ويأتي في المرتبة الثانية المدح ووصف القصور والتهاني كما اختص مدح الرسول ³ بقدر من طاقة الموشح الشعرية. ومن أشهر الوشاحين في الأندلس: عبادة بن ماء السماء، وابن عبادة القزاز، وأبوبكر محمد بن أرفع رأسه، وابن اللبّانة، وابن الزقاق والأعمى التُّطَيْلي، وابن بقي ومدغليس، وابن زهر الحفيد. ولكن الموشح بلغ على يد لسان الدين بن الخطيب ذروة ازدهاره. ولاتُذكر الموشحات إلاّ ويُستشهد برائعة ابن الخطيب:
جادك الغيث إذا الغيث همى يا زمـان الوصــل بالأندلـس
لم يكن وصلك إلا حلما في الكرى أو خلسة المـختلس


 توقيع : جنــــون


مواضيع : جنــــون