عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 05-29-2019
Saudi Arabia     Female
SMS ~ [ + ]
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
لوني المفضل Aliceblue
 عضويتي » 27920
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » منذ 4 يوم (06:13 PM)
آبدآعاتي » 1,384,760
الاعجابات المتلقاة » 11619
الاعجابات المُرسلة » 6425
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » إرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond reputeإرتواء نبض has a reputation beyond repute
مشروبك   7up
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي تلك هى بداية نهايتى



كان باب الزنزانة قوياً ومؤصداً بإحكام ولا شئ يحركه ويزعزع استقراره ولا أحد يفكر أو يتخيل الخروج من خلاله ، فالاقتراب منه شئ يستحيل، فالكل مبتعد وبرغم ما سطر عليه فسيظل هو شئ محال ان يكون !!!. وبرغم هذا كله ظل بأسفلهِ فراغ، ياتى بالهواء وأحيانا والحشرات تدخل منه فيصيب القلق والازعاج لهم ؛ قد طُلى باللون الاخضر لون الحياة !! وعلى جداره كان أثر الطرقات والطعام الذى يقدم لهم من خلال تلك الفتحة التى فى منتصفهِ فينظر السجان من خلالها فيرى كل من فى الداخل فهى تُفتح وتُغلق من الخارج فسُطرت بعض الكلمات على جداره .


فهناك من كتب أسم حبيبتهِ

وآخر أسم أُمهِ

وآخر أسم صديقهِ

ومنهم من عدد الايام والسنين الطويلة التى قضاها هنا

ويكتب اخر: يولد الانسان باكياً ويعيش شاكياً ويموت محروماً

والاخر سطر: لكل بداية نهاية وهذه هى نهايتى التى بداتها

والاخر:ستضئ كلماتى وستبقى ذكراها فى الأفاق ، ومنارةً يهتدى اليها المظلومين

.ويكتب أخر :لو أختفى جسدى فى التراب فهذا خطى باقى لايزال

ويكتب ويقول أخر: من أجلنا سُنت القوانين وبُنيت السجون ووظفوا الجلادين ومن أجلنا لم
تكن هناك عدالةً حقيقةً للمظلومين

ومنهم من قال :أمضيت السنين ولا أعرف ما سبب مجيئ الى هنا وما ينتظرنى ...


ويكتب الاخر : هذا ما جنيته على نفسى وما جناه أبى علىَّ .

وهذا هو بيت القصيد

******

أعلى هذه الزنزانة كان مصباح يضيئ المكان واحياناً تكون الظلمة بداية الطريق لهذه الغرفة وحكيتها التى أحتوتها على كثير من قصص وذكريات لأُناس لا أظن أنهم كلهم كانوا خاطئين وأحيانا يدخل ضوء القمر ليرسل بعض من نوره فيرسم على جداره كانه يريد ان يحتوى تلك الكلمات ويحتضنها فالكلمات التى سطرت سواءً على باب أم على تلك الحوائط التى أمتلئت بالكثير منها فهى الكلمات معبرة حقيقية فلم تكتب أعتباطاً بل كانت كلمات قد قاسى كاتبيها من تلك المراحل ومنهم من عدد الايام والسنين التى قضاها متأملاً كل تلك الاحلام التى توارده فى حينها عندما يشرد بتفكيره


فكانت حجرة متسخة غير منتظمة أما الحوائط فكتب عليها عبارت كثيرة وآهات وأنين لأُناس سطروا ذكرياتهم في هذا المكان ورحلوا ومن هناك تسمع أصوات فى تلك الحجرات المجاورة حجرالتحقيق والتعذيب المظلمة فأصوات الابواب عندما تفتح لها صدى مرعب كأنها حرب قد قامت فأصبح كل شئ على حاله ولم يتغيرأما فى منتصفها كأنا إثان من المساجين جالسين متباعدين متقابلين لا يتكلمون مع بعض فكلهما شارداً بتفكيرهِ ومنطوياً علي حاله ومنشغل بها وبنفسه يفكر وماذا سيكون وما سيحدث لها وما السبب الذى أتى به الى هنا


******


فكان الاول ينظر الى الثانى ويحدث نفسه قائلا: أنا مجرم ولا أظنهُ مثلى او اقل منى إجراماً فهذا المكان لا أعتقد من كان هنا أنهم مجرمين هناك قصص لا نعرفها ولا نستطيع الخوض فيها اوالتوسع والتوغل بها وبرغم ما سطر فيحتاج البريئ الى أثباتات وأدلة دامغة فى إثبات براءتهِ ولكن أحياناً تكون الأدلة كله ضده وبرغم براءتهِ ولكن هو القدرالذى
يعزف مقطوعته المعروفه .ثم أردف قائلاً: ما باله صامتاً لا يتكلم
******
فاختلس الثانى بناظريه اليه محدث نفسه فى خفاء وحذر كأنه خائف من من يسترق سمعه ومضى يقول :

لم يجمعنا هذا المكان إلا إننا قد ساقنا القدر وجزَ بنا فى هذا المكان المظلم والمعلوم نهايته ومعروف حكايته فهو لماذا صامت لا يتكلم وكأنه يناجى البعيد والبعيد لا يسمعه ولا يستجيب له وبرغم ان حكايته تسردها عيناه الا إننى لا أستطيع التحدث اليه والاقتراب منه


******


فينظرالاول الى أعلى ما فى الزنجانة التى تنيرها تلك الليلة المقمرة ويسترد ذكرياته متذكراً:

كان أبى انسان أخر من البشر فلم يكن حقيقياً ولم يكن مهتماً بنا فكان كثير الشجار مع أمى التى كانت تريده أن يكون أفضل من ذلك فهو قاسى على كل شئ و حتى مع ذاته و مع أبنائه وزوجته وكذلك مع الاخرين حتى أحلامه وطمحاتهِ كانت كلها فى سياق اخر من الانحراف والاستبداد فأصبحت السياط تنهار علي جسدى لأتفه ألأسباب فلم أكن أعلم وما هى الدوافع لذلك فى حينها كنتُ صغيراً ولم أتجاوز الكبر عتيا فأتألم وأتوجع عندما يحدق بناظريه الىَّ فلم تكن نظراته بها شئ من الحن الحب فى وقتها لم أعتبره اباً يحمل تك الصفات التى يستلزم ان يكون أباً حقيقياً لنا فكانت فنظراته كأنها عاصفة بل ثورة من الاشتعال بل كالبركان الثائر الذى يرمى بحممه فى كل مكان من النار والغبار فيدمر كل شى أمامه وبدون رحمه ولا شفقه تنهال على جسدى السياط فأبكى أتوسل إليه وأتضرع ولا أعرف أين المفر والاختباء فأظل متشبثاً بالحائط فأترجاه ان يكف عن ذلك كنت آنذاك صغيراً غير قادراًعلي تحمل هذا فنشأت فى نفسى علاقة الخوف والكراهية فلم يكن اباً حقيقياً مثل أولئك الاباء الذين أراهم وكيف يعاملون أبنائهم برفق وعقلانية فكان الفرق بينهم وبينه كبعد السماء على الارض فلم يكن متفاهماً بل كان جلاداً حقيقياً فكلتا يداه متشابهات وملوثة بالعنف لا شى فيه يستدعى أن يكون رحيماً رؤوفاً فهولا يفيق من سكره وتعاطيه للمخدرات فكان منحرفاً فكل ما يجمعه يؤول لذلك فتحولت حياتنا الى جحيم لا يطاق ومن ثمَّ أعتدنا وتأقلمنا على ذلك


******

نظرالثانى الى لتلك الحوائط التى سطرت عليها أعنف الكلمات وصفاً وأحياناً أرقها واستعطافاً ثم أردفَ ليناجى نفسه مرةٌ أُخرى :


كانت أمى هى السبب فى كل شئ لأن أبى رجُلاً طيباً فأستغلت طيبتهِ وبُعد تفكيره فلم يريد المشاكل أن تدب فى بيتنا فكان رجلاً صبوراً ولكنها ظلت تخفى عليها كثير من الأشياء التى كان من الضرورى أن يعرفها ويفهمه ومن هناك أستغلت طيبته وجهله وسذاجته للأشياء فكان لا يعلم عن حالنا شئ إلا كما أرادتهُ هى أن يعرفه فهو ضعيف الشخصية قليل معرفة والخبرة فهو كالاعمى الذى يتحسس الاشياء ولا يراها وبرغم حبهُ لها فلم يكن يعرف عنها شيئاً وهكذا فكانت تتستر عن كل عيوبنا وأعمالنا وتصرفاتنا


******

تنهد الأول وهو ينظر لضوء القمر من خلال تلك النافذة الصغيرة أعلى جدار الزنزانته ليرسل نوره من بعيد وأستمر فى تمعنه حتى ذهب بذكرياتهِ كأنهن حُدثة الأن :

كان الشجار قائم دائماً بينه وبين أمى بسبب سوء تصرفه ومعاملته وخوفها علينا فأمى لم يكن لها مثيل ابداً وفظلت تحاول أن تجعل منه أنساناً حقيقياً مبتعداً عن كل تلك الرذائل بل كانت تريده أن يكون أنسان أخر متفهماً معتنى بأسرته عطوفاً على أبنائه و فأصبحت كل المحاولات لم تأتي الأ بالفشل فظن أنها تتدخل في أشيائه الخاصة وشؤونه فكان دائما ينهال عليها بالسب والشتم والضرب ثم يطردها من بيتنا و بين الدموع والخجل من الناس وكنا نلتف حولها ماسكين بايدينا بأطراف من ثيابها الممزقة فكانت رثة الثياب فتلك الثياب التى شهدت سنين من العذاب والصبر الذى لم تأجر به و فى تلك الليالى طويلة من ليالى الشتاء الطويلة فهى شديدة البرودة ولا شى أبرد من تلك الذكريات

******

فوقف الثانى من جلسته الطويلة ومضى يسير فى هذه الغرفة التى تكسو جدرانها بكلمات
سطرت عليها ثم خاطب نفسه مستكملاً لحكايته :

وبرغم سذاجة أبى وبساطته وعدم درايته بالحياة وبالناس ظل تحت مظلتها سنين طويلة لا يعرف من هى وما حقيقتها التى أتسخت بالكامل من كل انواع الاوساخ والرذيلة فكان بسيطاً لا يرى الأ بعينها ولا يسمع الأ بسمعها.فأصبح كالأعمى يلتمس الاشياء ويتحسسها ولا يراها على حقيقتها .

******

فنظر الاول للثانى الذى كان يتمشى وسط الزنزانةِ وقال فى نفسه :

وتحول نظره من الى الجدر التى سطرت عليها تلك الكلمات التى توحى أنهم كانوا هنا معذبين قد دفعوا الثمن من حياتهم بسبب ربما مثلى ففى الحقيقة لايمكن أن يولد الانسان منحرفاً أو صالحاً الا تلك الدوافع التي انشأته وتعده لذلك وها أنا بين أربع جدران وكل ما أقترفته من ذنب ينتظرنى عقابه، فلم يكون والدى ذلك الانسان الذى يجب أن يكون او ليضرب به المثل فكان دائما ثمل لايفيق... فما يتحصل عليه من أجر من عمله يضعه في الخمور والنساء وكان الجيران يعطفون علينا ولا أحد يستطيع أن يتكلم معه لأنه شديد سيئ الطباع غليظ المنطق في كلامه فى نظراته فى تصرفاته قليل الحياء بل فى كل شئ وأبعد من ذلك يأمرنا بما تهوى به نفسه فأنشانا فى هذا الجو وترعرعنا عليه وتربينا وكان الانحراف هى تلك الخطوة الأولى التى وضعت فيها رجلى والتى كلفتنى الكثير والكثير فلم أكترث لذلك حتى قادتنى الى هنا ثم توقف عن سرد ذكرياتهِ ومناجاتهِ لها

******

فقال الأخر لنفسه هامساً :
هكذا لم يكن أبى ذلك ألانسان الذى يعتمد عليه ولم تكن أمى تلك المرأة التى تعرف كيف تربى أولادها وتجعل منهم أمثُلة يُضرب بها المثل ولكننى أنا لى راى أخر فسوف يكون عتابى عليه هو لأنه لم يكن ذلك الأب الذى من البداية فهو أخطأ الأختيار فأختار لنا كأم بهذه الشاكلة أهو لم يكن يعرفها ؟ على ما أعتقد إنه كان يحبها ومن هنا تزوجها وأختارها شريكةً له ولكنه عاش كل هذه المدة الطويلة وهو لا يعلم من حالها فهى لم تكن له الزوجة الوفيه أبداً وبسبب ضعف شخصيته ما كُنا أن نكون أفضل منه


******

ويكرر الاول تلك الذكريات ويعقب عليها بقوله : لماذا أنا ؟ ولماذا اختارنى القدر ؟ وأين هو ألأن ؟ ولماذا لم يكن معى ؟اّه يا أمى وما أبعدك ألأن وإشتياقى إليك فلا أظن أن هذه النهاية لم أُفكر بها فى ذلك الحين وأنا تحت تلك السياط والهيام فى الشوارع والعراء ولم أكن أسمع خطواتك أنذاك ياليتنى لم أكن تحت تلك السياط والنظراته والتى صنعت منى ما أنا عليه الأن فنظر الى جزء من جسده الممزق بسبب تلك السياط وقال من يشاركنى الأن ومن يفهمنى ومن يقرأ هذا أم انا الى حتفى سائر بمفردى ومعى هذا الأثر الذى شهد معى قصتى ولياليى فى تلك العراء وتحت تلك الأمطار والبرد الذى أنهكنى فلم يكن لى مأوى ألأ الخلاء فأكلت من القمائم فكانت لى موائد فعشت عليها ...فمن ينقذنى الأن ومن يسأل عنى وعن حالى او يفكر بى فهل ألوم على نفسى أم القدرى أم على أبى أم على حظى التعيس الذى الزمنى طيلة حياتى وأفقدنى كثير من الاشياء التى أحبها آه يا قلبى ولا أعرف كيف ؟
فبكى بكاء لم يالفه من قبل ولم يعرفه الا في وجه أمه عندما كان يراها تواجه شدة قسوة زوجها الباغى

******

فيقول الثانى : ما باله يبكى ياليتنى أعرف سبب وما حل به من بلاء أأيكون نادماً على أمر ما أو أنه خائف من شئ ينتظره أم على فقيد أفتقده ؟

******

يقول الاول :

تذكرت أمى وما تقوله تلك المسكينه : فألأشياء التي تمنيتها في الماضى أعرف مستقبلها الى أين ستمضى بنا وهناك حياة أفضل بكثير ولكنها عند غيرنا ولم أشاهد في حياتى أنسان مثله فحطم كل شي وكسره وأنا متيقنه أن أولادى سوف يكونون مثله تماماً ولكن ليس باليد حيلة فلا أستطيع التغيير وأن التغيير يتطلبى منى أشياء كثيرة منها تغيير هذه البيئة بالكامل وإن ظروفى لا تسمح بذلك فالهلاك سيكون مصيرهم لا محالة من ذلك ولكننى كيف أتصرف وكيف أفعل وكيف أمضى بهم ؟ وهم فى هذه السن التى لا تسمح لهم ولى ومتطلبات الحياة يا الله أين المفر وأين المرتجى فأنا لم أفعل فى دنياىَّ شئ حتى يحدث لى هذا فماذا صنعت لأجازى به ؟ وكانت تضع يدها على خدها بتحيرها فلم يكن هناك طريق لتختاره ألا تلك الدموع التى لا تعرف التوقف وألاستاذان فكانت تردد كلماتها: لا أحد عندى ولا من يساندنى ويقف معى فى محنتى فتظل رافعه رأسها الى أعلىوتقول: أين أنت يا الله فيما نحن فيه وبرغم هذا كله كانت تدعو له فى صلاتها وتساتبيحها بإلأصلاح وألأستقامة ولكن كان الوقت يمضى سريعاً ولا يبالى بما يقال فكل شئ يمضى الى حاله.

******


يقول الثانى:

لم أندم على شى فى حياتى ألا كونها أم بهذه الطريقة فكلما تذكرتها أزدت ندماً وحسرةً وتاسفى على تلك العائلة المتفككه و بسببها كنا بهذه الطريقة وأحياناً لا نكترث باللامبالاة التى تستعملها تجاه أبى المغلوب على أمره وبسبب طيبته وبساطته الزائدة أوصلتنا الى هنا فهى لم تكن الأم الحقيقة التى يُعتمد عليها مثلها مثل أسس البيت ولكنها لم تكن هكذا بل كان الضياع هو أول الطريق فظل أبى يتراءَى له ؛ كثير من الاشياء المعاكسة فى مخياته وبسبب هذا صنعت منى منحرفاً بشكل أخر شكل لا يتصوره العقل حتى قادتنى مدرسة أمى الى هنا وهنا هى أخر الطريق ولا أعتقد إن هناك طريق أخرى سوف اختارة


******

وقف ألأول وجهاً لوجه أمام تلك الكلمة التى كتبت على جدار وتمعن بها كثيراً وقرأها حتى وصل الى : هذا ما جنيته على نفسى وما جناه أبى علىَّ ثم قال فى صمت وسكوت وما تسمعه ألا نفسه التى يناجيها ويحاورها : ماذا أقول وماذا أفعل وماذا أضيف على هذا ؟
و بسبب تلك الاجواء الى عشناها فتحولت الى فتاك مجرم محترف ولا يوجد شئ إلا إنتهكته وكم من أسرةٍ صالحة دمرتها وعندما ارتكب ابشع الجرائم أتذكره فهو الذى ربانى بهذه بطريقته وتتلمذت على سياطه وقسوته فكل ضحية أسمع توسلاتها وتضرعها فيذكرنى رجائى وأستنجادى أنذاك لقد دمرت ومزقت ونهبت وأنتهكت لم يكن شئ ألا فعلته إنها تربية الشوارع من بعد ذلك الجحيم ولكنه قلبى لم يعرف شئ إسمه الرحمة او الرافة ولا يحرك ذلك ساكنا بى ثم أردف قائلاً : وبرغم دموعها المسكينة وآهاتها المستمرة عندما تشاهد أبنائها يتساقطون الاول تلو ألأخر فكانت تتمنى أن نصبح أفضل من ذلك وأن نكون صالحين فى المجتمع ولكن بسببه كل ما بناته في خيالها أنهار وتحطم ولكن كان إنهيار بطيئاً وبالتدرج فلم يعد لها شيئاً في هذه الحياة التي أصبحت لها بدون معنى ولا قيم ستذكر فمازلت أتذكرها وهى بيديها أخى الأصغر وهى تداعبه والدموع على خديها تسيل من القهر فهى لا تعرف كيف تسير لأنها كانت بمفردها ولا حول لها ولا قوة فهو لم يعطيها الفرصة لذلك ثم أستكمل قوله : لم يكن هناك وقت متبقى لى فأنا أعرف دقات ساعتى و أتحسس نهاية بدايتى التى لم تكن من صنعى بل من صنع غيرى فهو الذى قادنى الى نهايتى وبين هذه الجدران أنتظر مصيرى وألأن بعدما أنتهاء كل شي بالنسبة لى ولكن تلك المشاهد لا تزال تراودنى وتحيرنى لفهم ألأقدار وكذلك فى منامى وأحلامى فهى تعذبنى فلم يمنحنى القدر فرصة لأن أكون مثلهم بل كل شى كان يسير الى ما هو اليه فكل النظريات والتاملات ربما تكون فى نصابها فلابد لنا من نظرة حقيقية أخرى لمن فى الجوار فإن لهم أقدار مبتسمة ولم تعبس فى حياتهم أبداً فقد كنت طفلاً بريئاً ألهو وأنام في حضن أمى والان اين انا ؟ ومن يقتنع بهذا لقد دفعتنى الظروف القاسية الى أن أكون هكذاوهنا وادفع ثمن صناعة غيرى ومنها أنتظر مصيرى ونهاية قصتى وبكل صدق ولا تنتهى قصتى الا بنهايتى و لكى أستريح من تلك الذكريات التى تواردنى فكانت كل الابواب مغلقة ولم يفتح لي باباً فالكل قادنى الى هنا بنظراتهم بقسوتهم بسياطهم بتسلطهم وباستغلالهم فهى أجبرتنى أن أكون هكذا وبين هذه الجدر التى تحمى الناس من المجرمين ولم تحمينى من سياط ذلك الجلاد والضياع فكان تضرعى واستجدائى لم تكن تُسمع ولا يُصغى لها ألا امى ولكنها لا تستطيع أن تفعل شيئاً فكانت مثلاً لم نقتدى به ولم نستظل تحت كلماتها الرائعة لقد جرنا سلوكه الفظيع لتلك المستنقعات وعشنا وترعرعنا فيها وأنا وغيرى ندفع الثمن هذا كله فلم تكون لى فى حياتى رجاءاً او أملاً لأعيش لأجله فكنت هائماً بين الرذيلة وألاخرى ولم يكون لي قلب ليقرع باب علىَّ ليوقظني لينبهني من غفلتى فكنت هائماً لا ضمير ولا وجدان يخاطبنى فكانت الطريق التى سلكتها كلها ظلام ويأس وفى نهايتها أكتشفت إننى نسخة أخرى من أبى الذى كرهت لفظ أسمه طيلة حياتى


******

أقترب السجان من تلك الفتحة التى على الباب ففتحها وألقى بناظريه على من بداخلها وكانت نظرته بها كثير من المعانى فخاطب نفسه كأنه ينبها ويعيد شيئاً لها وقال: كلنا خاطئين ولكن الكل يختلف عن البعض بأختلاف أعمالهم وهؤلاء هم من يتعاقب وتسن لهم القوانين أما نحن فلا ومن ثمَّ تدحرجت من مقلتيه دمعة ولم يعرف كيف يفعل أيخفيها أم يتركها تمضى الى ما هى سائره إليه ثم فتح بيديه الباب وخاطب ألأول بالنهوض وألإسرع والمثول أمامه وطلب منه تغيير ثيابه فيما بعد تلك الثياب هى ثياب الوداع وفى تلك الحجرة التى سيقاد إليها وعند خروجهم ثم بقى الثانى بمفرده يتابعهم بنظرآته الى أن أختفوا عنه ومضوا فى ذلك الممر سيراً على الاقدام التى به كثير من الحجر فيها أُناس مثل هؤلاء وبخطاهم الثقيلتان ثم قال مخاطباً نفسه :

لم ينادينى قدرى ولم ينبهنى أنذاك و لم يستجيب لصراخى تحت تلك السياط ولم يقل لى إنه سيقودنى الى هنا ومن بعدها لم يمهلنى ثم نظر للافق وأتبعها بأبتسامة عند تذكر أمه وأخوته وكانوا فى خينها أطفال يلهون ويلعبون وكانت ضحكاتهم تعلو كل شئ وتذكر أحضان أمهِ الدافئة المليئة بالحنان والحب والرحمة و التضحية فلم يكن فى تلك الذكرى ذلك الأب القاسى ثم فقال:

كانت ذكرى جميلة لم أتذكرها فى حياتى قط ألا هنا ولا أعرف كيف كان ذلك ثم بكى بكاءً شديداً مريراً فسمعه كل من كان هناك عندما تذكر كل شى

وقال :لم يكن أختيارى من البداية ولم تكن لى إيرادة تمنعنى وضمير ليطرق بابى بل كانت ذكريات تدفعنى وإنفعالات تقودنى وأتخذ من ذلك إنطلاقةً لى


******

ثم أُدخل لتلك الغرفة تلك الغرفة التى تنتهى فيها كل القصص والحياة ايضاً. وأثناء توقفه
بسرد نهايته على نفسه ثم قال :

ها هى ساعتى ولم يبقى منها ألا القليل وتنتهى حكياتى وقصتى فكل شئ قد ذهب فمضيت فى طريقى لوحدى وبدونه أكمل ماتبقى من ذكريات فأتذكرهم جميعاً وبدون أستثناء وأقبل عليهم وعلى تلك الايام التى مرت علىَّ كانهن فى التو فكل المشاهد لم تصنع منى ألا هكذا
فاحولت أن أتذكر شى يسعدنى فى هذه اللحظة فلم أجد ألا تلك اليد التى تحمل السياط ونظراته القاسية ولا تعرف شئ أبعد من ذلك فهى مجردة من كل معانى الانسانية ولا يوجد فى داخلها شئ ليندمها ثم يقودها للاستعطاف أو يردها الى ما كانت عليه أذا كانت هى كذلك فكل شئ فيها قابل للعنف فحاولت أحتوائها قائلاً: فى نفسه


ربما تتغير فلم يوافقنى ظنى وبسببه هو ومعاملته الفذه فقد عم كرهى له ولم يبقى شئ غير ذلك فلم أعتبره أباً يستحق هذه الكلمة ومعانيها النبيلة قد هدم كل تلك القيم التى تحملها وللاسف لم أعرف كيف وعلى من ألوم فأنا بينى وبين النهايتى خطوات ومن بعدها ينتهى كل شى فلم أنظر للخلف خوفاً من أن يزداد ألامى وأنينى وأستعطافاً لحالى وألان ماذا أقول وماذا أنا بفاعل ؟ كانت حياتى كلها ظلام دامس لا ضياء فيها ولا حياة بها ولا نوريشع ليقودنى إليه فأتراجع على ما كنت عليه فالكل دفعنى الى هنا فلم يعد لى شيئاً يهمنى ولم تكن لى دموع مثل هذه الدموع ألآن ثم قال لنفسه ومازال يناجيها فى صمت :

لم يكتب لى قدرى أن أكون مثل ما كانت تتمناه لى أمى. فوداعاً يا أمى فلم أستطع ذلك فقد رسم لى قدرى هذه النهاية التى أمامى ولم أكن أتصورها فى حينها وعندما كنت فى أحضانك كنت طفلاً بريئاً ولا أعرف شيئاً وعندما أرى دموعك لا أعرف لماذا تبكين وماسبب الحزن الذى يكسو وجهك فكنت صغيراً فى وقتها لا أعرف شئ عن ذلك فكل شئ تغير من بعدها فقد رايت الفرحة فى وجوه الناس ولم أراها فى وجهك ابداً بل شاهدت بحور من الاحزان والاأسى والدموع التى تغمر كل شئ حتى وسادتك فلم تكن تستأنس احلامك فلم يعد لى أن أكون مثل ما أردتى أن أصبح ولم أستطع أن أفعل فى حينها أن أُغير شئ فكلنا ماضون اليه. اّه يا أمى ما أتعسنى وما أشقانى وأنا فى هذا الحظه فهو لم يرى نتائج صناعته ثم نظرالى جانبه حتى ألتقتا عيناه بعينين السجان الذى يقوده كأنه يستمع الى كل مناجاته فراى فيهن اثر الدموع والندم وكإنه أستمع الى كل مناجاته ثم أعتدل وأكمل بقوله: وداعاً يا أمى وأثناء تغيير ثيابه شوهد على جسده اّثر السياط فسئُل عنها فقال:


تلك هى بدايتة نهايتىِ



 توقيع : إرتواء نبض



رد مع اقتباس