يقول أحدهم: بحكم طبيعة عملي الاستشارية، تتواصل معي العديد من النساء، خاصة مشاهير السوشيال ميديا والفاشينيستا، وقد صحوت منتصف الليلة الماضية على رسالة سناب شات (بلفسجية)، مُرسلة من امرأة مطلقة ومشهورة لديها مشاهدات مليونية، فساورتني الشكوك وتأخرت بفتحها، قبل أن أجده مقطع لايف قصير، تظهر فيه حزينة منهارة وهي تقف خلف دريشتها المطلة على أحد الشوارع الرئيسية، وتنظر بحسرة لمسيرة زفة عروس تعلوها أبواق وزغاريد فرحة، لتجهش باكية: (وأنا ماحد حاس بهمي، كلهم ذيابة يبغوا ينهشوا بلحمي)!!

قادتني هذه القصة الواقعية، لقراءة المزيد عن ظاهرة اكتئاب النساء التي استشفيناها مع موجة الانفتاح الحاصلة، لكننا لم نتوقف عندها أو نعطها الدراسة الكافية، وقالت إحدى البحوث المتخصصة: «تبلغ احتمالات تشخيص السيدات بالاكتئاب الضِّعف مقارنةً بالرجال، ولا تتسبب التغيرات المزاجية والهرمونية وحدَها بالإصابة بالاكتئاب، بل ترتبط الإصابة به نتيجة الظروف الحياتية والتجارِب الشخصية»!!

والاكتئاب علمياً هو؛ «اضطراب المزاج الذي يسبب شعورًا متواصلًا بالحزن، وقد يكون مصحوبًا بالشعور بالذنب، ونقص تقدير الذات»، واكتئاب النساء اليوم -وتحديداً غالبية مشاهير السوشيال ميديا والفاشينيستا- هو نتيجة متوقعة، لفقدانهن الدفء واللمة العائلية، حجم الانتقادات اللاذعة، عدم وجود هدف مشروع يعيشن لأجله، الروتين القاتل الذي يتمحور حول البثوث والدعاية والمعاكسة، حياتهن الزجاجية التي تفتقد للخصوصية، النظرة الدونية وإن حاولن التقليل من آثارها بالأزياء العارية، الثقة الزائفة، الضحكة الماجنة.
آخر الأمثلة الحية، لظاهرة اكتئاب النساء، خاصة مشاهير السوشيال ميديا والفاشينيستا، ظهور تلك الفنانة بمقابلة تلفزيونية، حين سألها المذيع عن حقيقة طلاقها ارتسمت كل أعراض الاكتئاب على ملامحها؛ حيث بدت مهزوزة، خائفة، متوترة، فاقدة للثقة بنفسها، فيما جاءت طريقتها في الكلام باهتة ومصطنعة، وجاءت اجاباتها مبهمة وغير منطقية؛ «أنا منفصله»، «أنا انفصلت عنه لأنه تيب مرة»، «أنا اللي طلبت الطلاق منه»، «إيه أنا للحين أحبه»، والحقيقة أنها انموذج حي لظاهرة اكتئاب النساء وموضة الخلع التي ضربت أطناب مجتمعنا، وشتت شمله، بفعل نساء مريضات لا يعين ولا يقدرن معنى وغاية الحياة الزوجية!!

مع انتشار ظاهرة اكتئاب النساء -وتحديداً مشاهير السوشيال ميديا والفاشينيستا- سنشهد قريباً سوقاً رائجة لشيوخ الرقية الشرعية، لينافسوا مفسري الأحلام والمستشارين الأسريين، حين نرى كل منهم يتميلح بمقطع لايف، ينفث الماء المقري بوجه مشهورة مطلقة ومكتئبة، مناشداً جن الإنس من المخببين والنسوية، أن يخرجوا منها حالاً ويتركونها وشأنها، قبل أن يلف الخيزرانة على ظهرها، فيصرخ الجني مستغيثاً «أحييه، خلاص بطلع، بطلع من رجلها يا شيخ»!!

وختاماً، نعكف على القصة التي بدأناها، حيث يكمل ساردها؛ أفقت من نومي خائفاً على تلك المشهورة، خاصة أنها كانت ترقص وتتمايل ظهراً قبل أن تُغم وتكتئب مساءً، لذلك دخلت حسابها لأطمئن عليها، لأصدم وأنا اراها بكامل آزيائها، ثقتها، ضحكتها، معلنة بأنها في طريقها لحضور حفلة لإحدى الفرق الغنائية، حينها أدركت بأننا أمام منعطف نفسي خطير، وأمام موجة عالية من (ظاهرة اكتئاب النساء) قد تغرق الأجيال الحالية والمستقبلية!!