عرض مشاركة واحدة
قديم 12-11-2010   #5


الصورة الرمزية توّآقه

 عضويتي » 1216
 جيت فيذا » Oct 2010
 آخر حضور » 12-14-2021 (04:47 PM)
آبدآعاتي » 54,098
الاعجابات المتلقاة » 9
الاعجابات المُرسلة » 1
 حاليآ في » وَسقْ آلنُورْ .
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » توّآقه has a reputation beyond reputeتوّآقه has a reputation beyond reputeتوّآقه has a reputation beyond reputeتوّآقه has a reputation beyond reputeتوّآقه has a reputation beyond reputeتوّآقه has a reputation beyond reputeتوّآقه has a reputation beyond reputeتوّآقه has a reputation beyond reputeتوّآقه has a reputation beyond reputeتوّآقه has a reputation beyond reputeتوّآقه has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  »
مشروبك
قناتك
اشجع
مَزآجِي  »

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

мч ѕмѕ ~
‏لأنْ تُحسِن ويسيئون،
خير من أن تُسيء ويسيئون.
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي




البديع عند ابن المعتز ـــ



استأثرت ( البلاغة بفنونها )"1" حديثاً بنصيب وافر من جهود المهتمين بالتراث العربي ، فمنذ القرن الماضي بدأت حركة تأليف تسارع نسقها حتى أصبح من العسير الإلمام بكلّ ما نشر في هذا الموضوع. وقد مسّت هذه المؤلفات معظم جوانب البلاغة، لكنها على كثرتها وتنوعها لم تستطع أن تُقْنع بفعالية البلاغة في ممارسة الأدب ونقده، فتّعود لها مكانتها السّالفة باعتبارها نظرية في فنّ القول تولّدت عن ممارسة النص لغوياً.‏



ربما يعود هذا القصور إلى غياب جدلية التراث والحداثة في المؤلفات وتصدّيها لدراسة التفكير البلاغي، في الغالب، من منظور أحاديّ البُعدْ يقع على هامش النقاش المطروح اليوم، في أغلب التيارات النقدية الحديثة والدّائر حول إمكانية إعادة قراءة البلاغة على ضوء المكتسبات المنهجية الجديدة ولا سيما مكتسبات اللّسانيات أو عدم إمكانية ذلك. فعلى الأغلب في معظم القضايا تجري مباشرة التّراث من منطق التّفاعل بينه وبين الحداثة بقصد فهمه في ذاته واستجلاء أبعاد النظرية الأدبيّة التي يتضمنها.‏



وإذا أردنا دراسة فن بلاغي فكيف الوصول إلى ذلك؟.‏



يزداد أمر البحث صعوبة في بداية أي علم للبعد الزماني وتشعب القضايا حتى في العلم الواحد، واختلاط كلّيات العلم بجزئياته. فلا نستطيع ضبط خصائص النشأة لقلّة الوثائق والمستندات (2)، كما لا يمكن تحديد أول إنسان (3) بدأ على يديه علم من العلوم، فالعلوم لا تتولّد عفوياً في لحظة من لحظات التاريخ. ولم تحدد الكتب التي وصلتنا مسائل البلاغة فجاءت على غير نظام، وكثيراً ما وقفت عند حدّ الإشارة واللّمحة.‏



ولعلّنا نستطيع القول إنّه لم يصلنا كتاب مخصص للبحث البلاغي على كثرة ما أشارت إليه كتب الطبقات والتراجم من مؤلفات قد نفهم من عناوينها أن لها علاقة بهذا العلم.‏



لذا يمكننا بدل الجري وراء أول من ألّف في البيان أو في المعاني أو في البديع أن نبحث عن العوامل التي يجوز أنّها ساعدت على تبلور التفكير البلاغي.(4)‏



يُعدّ الشعر (5) من أبرز خصائص اللغة فهو " علم قوم لم يكن لهم علم أصح منه (6)، ونكاد لا نشك في أن العرب الأوائل كانوا مُدْركين، ولو عن طريق الانطباع والفطرة، لجُملة من خصائصه، يدلّ على ذلك المكانة المرموقة (7) التي حظي بها الشّاعر في المجتمع.‏



وتواصل الاهتمام بالشعر حتى العصور المتأخرة، واستغلته العلوم الناشئة فقام اللغويون والنحويون بتقييد ما سمعوا منه في نطاق ما يُسمى بحركة الجمع (8). وليس من المستبعد أن يكون الطابع اللغوي الذي أصبح سمة من سمات النقد العربي قد أتاه من هذه المرحلة.(9)‏



العامل الثاني هو القرآن، الذي اتّخذ من شكله اللغوي حجة لنبوة الرسول، فكانت معجزته من خصائص اللغة، وغدا القرآن القطب الذي تدور حوله مختلف المجهودات الفكرية والعقائدية للمسلمين، لكن أهم جانب فيه ساعد على ظهور التفكير البلاغي هو الجانب المتصل بقضية إعجازه (10)، وليس من المبالغة أن نقول إن هذه الدراسة أثمرت نظرية مهمة هي نظرية النظم.(11)‏



وما اضطر إليه المعتزلة (12) من تأويل لكثير من آيات القرآن فحملوا هذه النصوص على المجاز، لم يقوموا باختراعه، فقد وجد هذا المصطلح منذ المحاولات الأولى التي تعود إلى فترة ما يُسمى التفسير بالمأثور، مع أن القضية لم تطرح كمبحث لغوي، كما أنها لم تكتسب الأبعاد العقائدية التي ستلتصق بها فيما بعد.‏



ثم إن أبا عبيدة (ت210 هـ) من أوائل من أذاعوا هذا المصطلح واستعملوه، وكتابه (مجاز القرآن) أقدم مؤلف وصلنا بهذا العنوان، إلاّ أن مفهوم المجازفيه بقي عاماً تتحدد به مدلولات متعددة في النص نفسه أوضحها وأكثرها استعمالاً يُوافق ما جاء عند خلفه ابن قتيبة (ت276هـ) عندما عّرف المجاز قائلاً: "وللعرب المجازات في الكلام ومعناها طرق القول ومآخذه ". (13)‏



في هذه الفترة ارتبطت مباحث اللغة بغاية فهم النص القرآني والقدرة على تأويل مشكله (14)،والاشتغال بغريب الحديث النبوي.‏



العامل الثالث كان تقعيد اللغة (15): فكانت وظيفة النحو استخراج مبادئ اللغة ونُظمها استناداً إلى الاستعمال المشترك، وغايته حماية اللغة من الفساد، أما البلاغة فوظيفتها وصف الطّرق الخاصة في استعمال اللغة، وتجاوز الإبلاغ إلى التأثير في المتكلم. ويسترعي الانتباه تواتر مصطلح الفصاحة شرطاً أساسياً في الذين نُقِلَتْ عنهم اللغة. كما أنهم أشاروا- أي اللغويين - في ملاحظات بلاغية إلى الخصائص النوعية لكلّ من القرآن والشعر.‏



أما العامل الرابع فهو المؤثرات الأجنبية (16): تتأثر حضارات الأمم ببعضها ومختلف فروعها تأثيراً متبايناً، وغالباً ما يعود التأثير الثقافي إلى محورين، الأول عام والثاني يعود للنصوص. فالمحور العام ولأسباب تاريخية جعل البيئة الثقافية العربيّة غير خالية من عناصر فكرية أجنبية، فنذكر مثلاً أثر الترجمة ونقل الفكر الأجنبي، اليوناني خاصة إلى اللغة العربيّة. زد على ذلك أنّ التراجمة وقعوا على كتب لها علاقة مباشرة بمشاغل البلاغة وهما كتابا(الخطابة) و (الشعر) لأرسطو (17).‏



ولقد لقي هذان المؤلفان رواجاً كبيراً يومئذ وعكف العرب على ترجمتهما وشرحهما وتلخيصهما، وتواصل الاهتمام إلى زمن متأخر، معنى ذلك أنّهما صَاحَبَا جلَّ أطوار البلاغة العربية. فالبيئة الثقافية العربية لم تكن أجنبية عن تيارات في التفكير نتجت عن سياقات حضارية تختلف عن السياق العربي. أما المحور الثاني، والذي يتعلق بالنصوص فالجاحظ(18) مثلاً أشار أكثر من مرة، في مواطن متعددة وفي سياق اهتمامات متباينة إلى مصادر أجنبية.‏



وقد حصرت بعض الدراسات التأثر بالحضارة اليونانية، لكنها في معظمها تصدر عن تأويل خاص لحركة المد الحضاري فتضرب صفحاً عن وقوع الحاضر على الحاضر، فتجعل البيان العربي مَديناً لِما قد تسرب إلى البيئة العربيّة من أفكار أجنبيّة.(19)‏



وعلى الأغلب لا نستطيع اليوم البت تماماً في مثل هذه القضية، لكن بالعودة إلى النصوص يمكننا أن نتوصل لأحكام تؤكد التأثير والتأثر ونسبة كل منهما، ضمن شروط محددة لدى علمائنا.‏



أقدم مؤلف في البلاغة:‏



تمت الإشارة فيما سبق إلى أنّه لم يصلنا عن هذه الفترة (بداية نشوء البلاغة) مؤلفات صريحة الانتساب إلى البحث البلاغيّ، وتم ترجيح أن بعض العناوين التي احتفظت بها المصادر مثل (مجاز القرآن) المنسوب إلى قطرب، و (كتاب الفصاحة) للسجستاني، هي كتب أدب، لا كتب تحليل وتعليل لمسائل البلاغة.‏



وكتاب (مجاز القرآن)(20) لأبي عبيدة (ت 213هـ) هو من بين ما وصلنا، المصدر الوحيد الذي ينم عنوانه مبدئياً على ارتباطه بالبلاغة، وقد أثير حوله نقاش قديماً وحديثاً، ودارجلّ النقاش حول مسألة تصنيفه ضمن شجرة العلوم العربيّة، فقد عدّه بعض القدماء، وتبعهم فريق من المحدثين، كتاب تفسير، ومنهم من خصّه باللغة. وسبب هذا الاختلاف كامنٌ في خصائص الكتاب: فموضوعه قرآني، ومنهجه لغوي، وعنوانه والدّاعي إلى تأليفه بلاغيان.‏



ويمكن أن نستنتج رغم ما قيل فيه، وعي مؤلفه بقضايا جوهرية في الدّراسة البلاغيّة تتصل بمستويات اللغة، وخطوة مهمة في التأليف والتصنيف لم نلحظها عند من جاء قبله أو عاصره‏



كسيبويه والفّراء. كما يظلّ يتبادر إلى الذهن أن البحث البلاغي لا يزال في خطواته الأولى، وأن مصطلح المجاز استُعمل في غير معناه الاصطلاحي الذي سيتبلور مع الجاحظ (ت 255هـ)(21). ونلحظ أن البلاغة بدأت بحوثاً قليلة، وأجوبة مختصرة، لكنها ما لبث أن أصبحت علماً ذاكيان.‏



ونوجز في تصنيف الجهود البلاغية التي سايرت رحلة الأدب فنقول:.‏



مرّت البلاغة بمرحلة الوعي البلاغي الشفهي، وتمتد من العصر الجاهلي قبل الإسلام بثلاثمائة سنة إلى مشارف القرن الهجري الثالث تقريباً (22)، وترددت صفات البيان والفصاحة والبلاغة.‏



ونشطت في صدر الإسلام مع المحاورات الأدبية الناقدة، ضمن الجدل والمناقشات الفكرية، وساعد على ذلك بوجه أو بآخر الآثار اليونانية والهندية والفارسية.‏



مرحلة التصنيف البلاغي متضمناً إما في كتب الأدب العامة (23)، أو في كتب النقد (24)، وتمتد هذه الفترة من القرن الثالث إلى أواخر الرابع، وثمة مؤلفات في هذه الفترة عنيت ببعض أقسام البلاغة وهي كتب إعجاز القرآن. (25)‏



مرحلة فيها فرغ مؤلفون من النقاد لتخصيص الحديث بالبلاغة وتقعيدها وتسمية أجزائها، فظهرت كتب البلاغة الخالصة. (26)‏



عبدالله بن المعتز، مكانته‏



وقد أخرج القرن الهجري الثالث رجلاً من رجال البلاغة، بل لعلّه من أقدم رجالها وهو الخليفة العباسي عبدالله بن المعتز (ت 296هـ) (27)، الذي يحتل مكانة مرموقة في تاريخ الأدب العربي، بما خلّفه من آثار أدبية وعلمية تشهد له بشاعرية مبدعة وموهبة نقدية وبراعة في التأليف، الأمر الذي جعله موضع عناية فائقة من قبل الباحثين القدماء والمحدثين، وفي هذه الدراسة سنوجز الحديث عنه لنصل إلى أبرز مؤلفاته.‏



هو عبدالله بن المعتز بن المتوكل، من أسرة حاكمة مشهورة في تاريخ الدولة العباسية، تقلّب في ظلال الخلافة والنعيم مدة من الزمن، بيد أن الزمن قلب له ظهر المجن، كان حريصاً على مخالطة العلماء واختار له والده أبرع المؤدبين في عصره وهم: أبو جعفر الضبي وأبو الحسن الدمشقي(28) والمبرّد وثعلب شيخا البصرة والكوفة، وظهرت كثرة اطلاعه وسعة ثقافته في مؤلفاته التي خلّفها لنا، والتي لم يصلنا منها مطبوعاً إلا القليل، وبقي الكثير مزوياً.‏



فمن مؤلفاته: ديوانه، وكتاب طبقات الشعراء، وأرجوزة في تاريخ المعتضد الأمير والخليفة، وكتاب الآداب، وأشعار الملوك، ورسالة في محاسن ومساوئ شعر أبي تمام، وكتاب الشراب، وسرقات الشعراء، والجامع في الغناء، والجوارح والصيد، وكتاب الفصول الصغار الذي ذكره ابن المعتز نفسه في كتابه الذي اشتهر به ألا وهو البديع(29)، وهو موضوع البحث.‏



والبديع(30) لغة من بدع: أبْدعتُ الشيء قولاً وفعلاً، إذا ابتدأته لا عن سَابق مثال.‏



" والله بديعُ السّموات والأرض " (31)، والشاعر أتى بالبديع من القول، المخترع على غير مثال سابق. وهو لون من ألوان البلاغة العربيّة، وقد ظهر كمصطلح فني على ألسنة عدد من الشعراء والرواة في القرن الهجري الثاني تقريباً. منذ أن بدأ الراعي النميري (ت 90هـ) وبشار بن برد (ت 167هـ) (32) وابن هَرمة (ت 176هـ) ومنصور النمري (ت 190هـ) (33) وغيرهم، يتوسلون بطرائق جديدة للتعبير في أشعارهم، على أنه شيء جديد لفت إليه الأنظار وتناقلته الرواة، وكان يسمى قبل مسلم بن الوليد (34) باللطيف، حتى بلغ ذلك الجاحظ (ت 255ه) ولعلّه أول من ترددت عنده لفظة البديع في معرض النقد يقول: " وهذا الذي تسميه الرواة البديع... والبديع مقصور على العرب، ومن أجله فاقت لغتهم كلّ لغة وأربت على كلّ لسان، والراعي كثير البديع في شعره، وبشار حسن البديع، والعتابي (ت 220ه) (35) يذهب في شعره في البديع مذهب بشار " (36).‏



كانت هناك محاولات أولية لدراسة بعض فنون البديع سبقت ابن المعتز، مفتقرة إلى التنسيق والتبويب فنجد ألواناً منها مبثوثة عند المبرد في (الكامل)، وعند ابن قتيبة في (تأويل مشكل القرآن)، وعند الجاحظ في (البيان والتبيين)، وعند ثعلب في (قواعد الشعر)، فندرك أن مصطلح البديع (39) كان شائعاً على ألسنة الشعراء والرواة، بوصفه عَلَماً على هذه الوجوه الجديدة في التعبير، قبل أن يستخدمه ابن المعتز بعشرات السنين. وإن لم يكن مدلوله معروفاً على وجه الدقة لدى الجميع آنذاك، ذلك لأن البديع (اسم موضوع لفنون من الشعر، يذكرها الشعراء ونقاد المتأدبين منهم، فأما العلماء باللغة والشعر القديم فلا يعرفون هذا الاسم، ولا يدرون ما هو. وذلك لنفور أذواقهم مما مال إليه بعض المحدثين آنذاك من تكلف ألوان البديع والإغراق فيه. مما دفع أحدهم ليقول لأبي تمام عبارته المعروفة: لمَ لا تقول ما يُفهم؟ فأجابه الشاعر: وأنت لمَ لا تفهم ما يُقال؟!) (38).‏



وأغلب الظن أن اختيار المحدثين لاسم البديع - بمعنى الجديد المبتكر - قصدوا به إلى الإيحاء بأنهم قد أتوا في أشعارهم بما لم يسبقوا إليه (40).‏



وقد مرَّ تعريف البديع بأدوار متنوعة حتى جعله السكاكي (41) أحد علوم البلاغة الثلاثة، وعلى أي حال فقد استقر تعريف البديع عند البلاغيين المتأخرين على أنه " علم يُعرف به وجوه تحسين الكلام بعد رعاية المطابقة لمقتضى الحال ووضوح الدلالة، أي الخلو من التقيد لأنها إنما تعّد محسنة بعدها "( 42.)‏



أما البديع بوصفه أحد علوم البلاغة، فقد ظهر لأول مرة على يد ابن المعتز في كتاب (البديع) سنة (274هـ) وبذلك يُعدّ مؤسس هذا الفن، وإن لم يكن يقصد إلى ذلك. فالبديع الذي كان يعنيه هو ذلك الجديد المبتكر، وإن كان يرمي من تأليف كتابه إلى تحديد عناصر الخصومة بين المجددين من الشعراء وبين المحافظين منهم، غير أن الذي حصل فيما بعد أن عُدَّ كتابه الأساس في علم البديع، ونقطة تحّول مهمة في مسار الدّراسات البلاغيّة، وعلامة بارزة في مجال النظرية الأدبية عند العرب، فهو بإجماع الباحثين عرباً ومستشرقين أول كتاب اختص بهذا الفن البلاغي، فالذين سبقوا ابن المعتز كانوا يتعرضون للموضوعات البلاغية وهم بصدد أبحاث قرآنية أو لغوية، كما يُعدّ الكتاب محاولة لإرساء أصول البلاغة على أسس عربية صريحة مستعيناً بتناول الأدب تناولاً فنياً. (43)‏



وقد لا نكون مبالغين إذا قلنا أن كتاب البديع كان بمثابة مهماز لاستثارة حركة نقدية دارت رحاها حول مذهب (بشار بن برد، ومسلم بن الوليد، وأبي تمام ) (44) في البديع. يبدو ذلك مما ألف من الكتب في النقد والبلاغة بعد ابن المعتز.‏



وكتاب البديع، كتاب صغير الحجم يقع في مائة وخمس وثلاثين صفحة (135)، خصّه مؤلفه للحديث عن البديع (45)، وقسّمه إلى قسمين قسم أودعه أنواع البديع الخمسة، وقسم أفرده لمحاسن الكلام، فتمثل فيه بذلك نوع من التنظيم المنهجي، ووحدة الموضوع واللفتات النقدية النابعة من تذوق ابن المعتز البصير بمواطن الجمال في النصوص الأدبية، ولا نزعم أنه لم يكن إلاّ مرتّباً لما تناثر في كتب القدماء لأنه (استحدث بعض ألوان مما لم يكن موجوداً في كتب السابقين من مثل تجاهل العارف، وحسن الابتداء، وإعنات الشاعر نفسه في القوافي ) (46).‏



ومفهوم البديع عند ابن المعتز إنما هو اسم موضوع لفنون من الشعر، ولعلّ هذا المفهوم يتحدد أكثر إذا عرفنا أن ابن المعتز كان متوسعاً في البديع إذ جعله يشمل ألواناً من علم البيان كالتشبيه، والاستعارة، والكناية، وهو بهذا يختلف عما جرى عليه البلاغيون المتأخرون (47) في تعريف البديع، وتقسيمه إلى محسنات لفظية وأخرى معنوية، فكان مفهوم البديع عنده أوسع مما تعارف عليه المتأخرون.‏



قسّم ابن المعتز (48) كتابه- كما سلف- إلى قسمين، قسم خصه بفنون البديع الخمسة، وقسم لمحاسن الكلام، وكان نصيب الأول وهو البديع خمسة أنواع هي: الاستعارة (49)، والتجنيس (50)، والمطابقة (51)، وردّ أعجاز الكلام على ما تقدّمها (52)، والمذهب الكلامي (53). وليس فيها وجه واحد لم يُسْبق إليه بمصطلحه أو بمعناه (54).‏



وقد يكون ابن المعتز في باب ردّ أعجاز الكلام على ما تقدّمها، فضّل صياغة مصطلحه. وإن كان بعض من سبقه قد أشار إلى شيء شبيه به (55).‏



والقسم الثاني مخصص لما سمّاه محاسن الكلام والشعر وهي: الالتفات (56)، واعتراض كلام في كلام (57)، والرجوع (58)، وحسن الخروج (59)، وتأكيد مدح بما يشبه الذّم (60)، وتجاهل العارف (61)، وهزل يُراد به الجدّ (62)، وحسن التضمين (63)، والتعريض والكتابة (64)، وحسن الابتداء (65)، وحسن التشبيه 66، وإعنات الشاعر نفسه (67)، والإفراط في الصفة (68).‏



ويتضح مما ذكره أنّه لم يكن حريصاً على تجميع هذه الألوان وإحصائها بدقّة، وإنما أتى ببعضها ليدلّ به على بعضها الآخر. ففي مقدمة القسم الثاني من كتابه يقول:‏



" ونحن الآن نذكر بعض محاسن الكلام والشعر، ومحاسنها كثيرة لا ينبغي للعالم أن يدّعي الإحاطة بها " (69)، فهي إذاً علوم جارية في عصره يمكن اكتسابها عن طريق الرواية والتعلّم.‏



أما لماذا قسّم ابن المعتز كتابه هذا التقسيم فلا ندري على وجه التحديد، لعلّه لم يؤلف كتابه في وقت واحد (70)، لكن لا بد من الإشارة إلى أن ابن المعتز لم يكن ليقصد من هذا التقسيم التفريق بين البديع ومحاسن الكلام فكلاهما داخل عنده في فن البديع.‏



لفت هذا الجانب نظر الدارسين، ويمكن أن يكون الكتاب في الأصل رسالتين منفصلتين جمع بينهما رواة الكتاب، فالملاحظ بأن المؤلف نفسه لم يكن متشبثاُ بهذا التقسيم لأنه لم يبنه على سبب معقول. يقول: " فمن أحبّ أن يقتدي بنا، ويقتصر بالبديع على تلك الخمسة فليفعل، ومن أضاف من هذه المحاسن أو غيرها شيئاً إلى البديع ولم يأت غير رأينا فله اختياره " (72).‏



وقد رفع ابن المعتز بهذه الإضافة الحرج عن المتأخرين فكانوا يلهجون بفضله في السبق إلى التأليف، ولكنهم خالفوه في التقسيم (73). واعتباطية التقسيم هذه انعكست على ترتيب الوجوه داخل كل قسم، فليس لهذا الترتيب تعليل صريح أو ضمني، ويبدو أنه لا مقياس لترتيبها إلا فكرة الجمع من دون أي تخطيط مسبّق (74). فالعبارات الرابطة في القسم الأول تدلّ على معنى الزيادة والتشابه في الانتساب إلى الباب لا غير. ويمكن أن نلاحظ الملاحظة نفسها في القسم الثاني. فهي خليط من الأساليب، متعلقة بجملة من خصائص الخطاب، شكله ومعناه، إلاّ أنها جاءت على غير نظام.‏



وسنأخذ في عرض مادة الكتاب بإيجاز على هدى الهيكل التنظيمي الذي اختطه ابن المعتز:‏



أ- فنون البديع:‏



1- الاستعارة: بدأ ابن المعتز فنون البديع بالاستعارة فعرّفها بأنها " استعارة الكلمة لشيء لم يعرف بها من شيء قد عُرف بها " (75)، وأورد لها شواهد كثيرة من القرآن والحديث، وكلام الصحابة، وأشعار الجاهليين والإسلاميين والمحدثين، وأغلب شواهده من باب الاستعارة المكنية (76)، وهو لا يفرق بين أنواع الاستعارة فقد ترك ذلك لمن جاء بعده كالجرجاني والسكاكي والقزويني وغيرهم، وقد يورد من شواهد الاستعارة ما ليس باستعارة (77). وقد سلك في كلامه عنها نهج أستاذه ثعلب في (قواعد الشعر).‏



2- التجنيس: هو أن تجيء الكلمة تجانس أخرى في بيت شعر أو كلام، ومجانستها لها أن تشبهها في تأليف حروفها (78). ويظهر أنه قد أخذ التسمية من الأصمعي (79)، ويذكر الدكتور شوقي ضيف (80) أن ابن المعتز لم يقسم الجناس، لكن الواقع لا يؤيد ذلك فقد قسم التجنيس وذكر المعيب منه مستشهداً لذلك كلّه بأمثلة متعددة. على أن لقب الجناس كان معروفاً قبله، فقد عرفه الأصمعي في (الأجناس)، وثعلب في (قواعد الشعر).‏



3- المطابقة: لم يذكر ابن المعتز لها تعريفاً، وإنما اكتفى بذكر المدلول اللغوي نقلاً عن الخليل: " يُقال طابقت بين الشيئين إذا جمعتهما على حذو واحد " (81)، ثم يأخذ في سرد الأمثلة والشواهد محكماً في اختيارها ذوقه وحسّه. وإلى جانب ذلك يذكر المعيب من المطابقة في الكلام والشعر (82)، والمطابقة وردت عند الجاحظ (83) بمعنى إصابة الكلام، وعند ثعلب(84) باسم مجاورة الأضداد.‏



4- رد أعجاز الكلام على ما تقدمها: يبدو أن هذا الاصطلاح من استنتاج ابن المعتز، إذ لانكاد نقف له على مثيل في المحاولات السابقة، على أنّه لم يعرّفه، وإنما اكتفى بتقسيمه إلى ثلاثة أقسام، مستشهداً لكلّ قسم بما يلائمه من الشواهد، ومنبهاً على ما يعاب منها (85)... وأول أقسامه هو ما يوافق آخر كلمة فيه آخر كلمة في نصفه الأول (86)، وثانيها ما يوافق آخر كلمة منه أول كلمة في نصفه الأول (87)، وثالثها ما وافق آخر كلمة فيه بعض ما فيه (88). على أن هذا النوع يُعرف عند المتأخرين باسم رد أعجاز الكلام على الصدور.‏



5- المذهب الكلامي: لعلّ هذا النوع من البديع هو الوحيد الذي لم ينسجم مع منهج ابن المعتز، فتشعر بعدم ارتياحه إليه إذ يتنصل منه ويعترف مبدئياً أن الجاحظ هو الذي سماه، مشيراً إلى أنه مذهب ينسب إلى التكلف (89)، ويأخذ عليه العسكري (90) جعله المذهب الكلامي من البديع مع أنه ينسبه إلى التكلف. وقد أورد له ابن المعتز شواهد كثيرة، وأنهى قسم البديع بهذا المذهب.‏



ب- محاسن الكلام:‏



كأنه في تقديمه يشير إلى أنه لم يُحْص كلّ محاسن الكلام، وأن ما ذكره ليس إلاً جزءاً بسيطاً، وبإمكان المستزيد أن يقف على محاسن كثيرة.‏



1- الالتفات: يبدأ بتعريفه، فهو انصراف المتكلم عن المخاطبة إلى الإخبار وعن الإخبار إلى المخاطبة، وما يشبه ذلك، ومن الالتفات الانصراف عن معنى يكون فيه إلى معنى آخر (91)، وعلى عادته يورد شواهده من القرآن والشعر. ولعلّ ابن المعتز استفاد تعريف الالتفات ممن سبقه أمثال المبرّد (92).‏



2- الاعتراض: ويعرّفه بأنه (اعتراض كلام لم يتمم معناه ثم يعود إليه فيتممه في بيت واحد) (93).‏



3- الرجوع: ويعرّفه بأنه (أن يقول- أي شاعر- شيئاً ثم يرجع عنه) (94).‏



4- حسن الخروج: هو عند ابن المعتز (الخروج من معنى إلى معنى) (95)، وقد عدّه الدكتور إبراهيم سلامة (96) ضمن ما اختص ابن المعتز من محسنات البديع، لكن الواقع لا يؤكده فقد عرفه الإمام ثعلب (97)، وكان يعرف من قبلهما بالاستطراد (98).‏



5- تأكيد المدح بما يشبه الذم: وهو من تسمية ابن المعتز (99)، ويسميه أبو هلال وابن رشيق الاستثناء.‏



6- تجاهل العارف: وهو من المحسنات التي ابتكرها ابن المعتز (100).‏



7- هزل يُراد به جد: لعل ابن النعتز استفاد استفاد هذا المحسن من الجاحظ فهو من أبرز خصائص أدبه ، ولم يذكر له تعريفاً، وإنما أكتفى بإيراد الشواهد عليه (101).‏



8- حسن التضمين: لم يعرفه ابن المعتز ، ويظهر من الشواهد (102) التي ساقها له أنه يريد به تضمين الشاعر شيئاً من شعر الآخرين مع التنبيه عليه ، وقد أشار إلى مثل هذا المعنى السابقون لابن المعتز إلى ما يقارب من مفوم السرقة.‏



9- ااتعريض والكناية: دارت الكناية على ألسنة اللغوين والأدباء قبل ابن المعتز فنجد المبرد (103) يشير إليها ، والجاحظ (104) ،وثعلب (105) فيما سماه لطافة المعنى .ونستطيع أن نقول إن ابن المعتز استفاد مصطلحه من جهود السابقين، وأورد له الشواهد كعادته (106). على حين يعتقد الدكتور إبراهيم سلامة (107) أن هذا المصطلح ضمن ما اختص به ابن المعتز باختراعه من محسنات الكلام.‏



10- الإفراط في الصفة: لم يعرّف ابن المعتز هذا المصطلح، وإنما اكتفى بإيراد الشواهد والأمثلة عليه (108). على أن ثمة إشارات إلى الإفراط سابقة لابن المعتز نجدها عند ثعلب (109)، وعند ابن قتيبة (110)، وعلى أن قدامة يسمي الإفراط في الصفة مبالغة أو غلواً.‏



11- حسن التشبيه: يحفل القرآن والحديث وشعر العرب بصور كثيرة من التشبيه الحسن، وقد قام بعض اللغويين والأدباء قبل ابن المعتز بجمع صور منه في مؤلفاتهم المختلفة (111)، ثم جاء ابن المعتز فاختار ألواناً من أحسن صوره معتمداً في اختياره على ذوقه الأدبي (112). هذا وقد توسع البلاغيون في التشبيه بعد ابن المعتز توسعاً كبيراً يعرفه من يقرأ كتب البلاغة المتأخرة (113).‏



12- إعنات الشاعر نفسه في القوافي: لم يعرّفه ابن المعتز، ويمكن أن نستنتج من الشواهد التي ساقها له أنه يقصد به ما اصطلح المتأخرون على تلقيبه باسم لزوم ما لايلزم، وهو ألا يكتفي الشاعر في قصيدته بروي واحد بل يضيف إليه التزام الحرف السابق له، وغريب أن يسميه ابن المعتز إعناتاً ثم يعدّه من البديع (114).‏



13- حسن الابتداء: أشار الجاحظ (115) إلى هذا المحسن قبل ابن المعتز، لكن الأخير هو الذي أطلق عليه هذا الاسم، وأفاض في ذكر شواهده (116).‏



وعند حسن الابتداء يقف ابن المعتز منهياً كتابه البديع.‏



نلاحظ بعد استعراض الكتاب ومواده أنه على الرغم مما يظهر عليه من تبويب مرتجل، فإن حدود الباب الواحد وتركيبه الداخلي أكثر إحكاماً، ولا سيما في القسم الأول، وتعريفاته تحمل بصمات تلك المرحلة، ومالم يتمكن من تعريفه عبّر عنه بجملة كاملة كتأكيد المدح بما يشبه الذم مثلاً لعل في هذا ما يؤكد أن مساهمته الحقيقية لاتتمثل في المادة الواردة ،وإنما في كيفية ممارستها ، أما تبويب الأمثلة في نطاق المسألة الواحدة ، فهو خاضع لمقياس عقائدي وزمني (117)، ويمكن أن نلاحظ أن ابن المعتز قليل التدخل ، كثيراً ما يقتصر حكمه النقدي على مجرد الانطباع غير المعلل (118) ، ويتجاوز تعصب النحاة واللغويين على المحدثين ، فيكثر من إيراد شعرهم ، أحياناً يبدو قليل التثبت من مدى مطابقة الأمثلة المذكورة للباب (119) ، ولا يقتصر في شواهده على النماذج الشاذة ،فقد أورد عدداً من الأبيات غير القليل ، لشعراء من القرن الثالث. إلا أن الغريب في الأمر أنه سكت عن مواطن العيب ولم يعلق على شواهده إلا نادراً، ولم يطبق ما أورده في مقدمته من جانب نظري والقاضي بأن قيمة هذه الأساليب رهينة عدم الإسراف في استعمالها.‏



سيكون لهذا المقياس الذي ألقى به الجاحظ (120) في حلبة الصراع بين القدماء والمحدثين، وروّجه ابن المعتز، فتبعه فيه أغلب النقاد المتأخرين، تأثير عميق في موقف العرب من الصورة، ودور حاسم في تدعيم السلفية الغالبة على تأريخهم لمراحل الشعر العربي، وتطور وسائله.إذ صدّتهم قناعة الكمّ في الغالب، عن النفاذ إلى داخل القصيدة ودراسة التجديد من زاوية نوعية، وقد يكون السبب في عدم اعتماده على مقاييس الكمّ في تجلية العيب صعوبة تطبيقية في نقد لا يزال يقوم على البيت لا القصيدة أو القصائد. لذلك يمكن أن يكون ذوق الشاعر المترسّب عن ثقافته الواسعة وممارسته الشخصية للخلق الفني، هو المقياس الأسمى الذي جعله يقف هذه المواقف، لقد بحث لأساليب الشعر المستحدثة عن جذور تراثية، فرشّح مفهوم الكّم كمعيار فاصل بين ممارسة القدماء والمحدثين للبديع، وسيكون لهذا المقياس شأن في مراحل البلاغة والنقد اللاحقة.‏



كان موقفه واضحاً من الصراع فهو " دفاع عن القدماء، أو إرجاع الفضل إليهم فيما ادّعاه المحدثون لأنفسهم " (121)، والطّريف أن الدفاع انطلق من تبني تلك الأساليب وتأصيلها في التراث لا برفضها، ولهذا دلالته الخطيرة في تاريخ النظرية الأدبية وفي حالة ابن المعتز خاصة، فبهذا الموقف يعادل بين ممارسته الشخصية كشاعر وموقفه المبدئي من الصراع، فهو معدود من المولدين (122)، وكثيرة هي الأخبار التي تضعه في زمرة شعراء التصنيع وكثرة البديع.‏



وهويدلّ من جهة أخرى، على أن التجديد وصل بالشعر إلى نقطة اللاعودة، فاقتنع الجميع أنصاراً للمجددين أو خصوماً، بأن النهج الذي انتهجوه أليق بالوقت، فكان لا بد أن يواكب النقد حركة الإبداع والخلق. عند مفهوم الكم التحم النقد بالبلاغة في كتاب البديع، وهو التحام يُظهر مدى التطور الحاصل في مجال المصطلح ودلالته. فترى الروح التي أملت الكتاب كأنها روح نقدية لا بلاغية، بل لعلّها تعكس نماذج النشاطين بكيفية فريدة. وربما قيمة الكتاب تكمن من تحرّك صاحبه من رؤية واضحة نوعاً جعلت مادته خاضعة لتلك الرؤية، من أبرز ما يدلّ على وعي مؤلفه اشتمال الكتاب على نصوص نظرية، هي عون للدارس على إدراك بواعث التأليف وغاياته.‏



إن كتاب البديع يعدّ على صغر حجمه وقلّة ما أضاف إلى مادة العلم، منعرجاً حاسماً في التأليف البلاغي، وإسهاماً فعّالاً في بلورة حدود العلم وتخليصه من تبعية العلوم الأخرى، وخطوة مهمة في طريق نشأة هذا الاختصاص.‏



- فالدراسة التطبيقية لفنون البديع واسعة، إذ يشتمل الكتاب على (312) شاهداً من عيون الشعر العربي تبلغ حوالي (425) بيتاً، ولهذا أثره في دعم الفكرة ورأي المؤلف في نفس المتلقي، كما يشتمل على البليغ من شواهد القرآن، وحديث الرسول، وكلام الصحابة وبلغاء العرب (123). فندرك مصادره، بالإضافة إلى استفادته من جهود اللغويين والأدباء السابقين له ولا سيما الخليل والأصمعي وثعلب وغيرهم.‏



- يظهر موقف ابن المعتز من البديع، والدعوة إليه، فيقول:‏



" إنما كان يقول الشاعر من هذا الفن البيت والبيتين في القصيدة، وربما قرئت من شعر أحدهم قصائد من غير أن يوجد فيها بيت بديع، وكان يستحسن ذلك منهم إذا أتى نادراً، ويزداد حظوة بين الكلام المرسل " (124).‏



كذلك في حديثه عن أبي تمام وعقبى الإفراط، موقفه من هذا الأخير جعل بعض الدارسين (125) يرمونه بعدم التعمق في فهم وسائل التصنيع وزخارفه كما انتهت عند أبي تمام، ولا يستبعد القائل أن يكون ابن المعتز هو الذي انحاز بالبديع العربي إلى الزخرف المادي، وجعله لا يهتم كثيراً بالزخرف العقلي أو المعنوي الذي كان عند أبي تمام، فلم يعرض لألوان التصنيع القائمة عنده، ووقف بتصنيعه عند الجانب الحسّي وعني خاصة بجانب التصوير وما يتصل به من تشبيهات وأخيلة.‏



- تَظهر شواهد الكتاب سعة ثقافة المؤلف، وسلامة ذوقه، ويضفي عددها طابعاً أدبياً، ويؤكد خلو الكتاب من الاصطلاحات العلمية واعتماده الشرح الأدبي الموجز بُعده عن تعمّل الثقافات الأجنبية.‏



يتبدى في الكتاب نوع من نظام العرض، ومع أنه قد ألفه في وقت مبكر وبالتحديد في السابعة والعشرين من عمره مع ذلك جاء كتابه منظماً إذ لم تبد عليه آثار المحاولات الأولى التي نعهدها في غيره.‏



- للكتاب قيمة بلاغية فقد تحدث فيه مؤلفه عن بعض فنون البلاغة تحت عنوان البديع، من مثل الاستعارة والتجنيس والمطابقة، ولعلّنا لا نكون مغالين إذا قلنا إن كتاب البديع كان أساساً أولياً لعلم البديع به تحددت معالمه منذ القرن الثالث. فمّهد الطريق لمن جاء بعده، و تأثر به علماء النقد والبلاغة كالجرجاني والآمدي وغيرهما ممن بحث في نشأة البديع (126) وتطوره في الأدب العربي على مرّ العصور الأدبية.‏



- أما قيمته التاريخية، فتأتي من كونه أول مصدر اختص بجمع فنون كثيرة من البديع، وحدّد خصائصها ونسّقها، وإن كان هذا لا يعني أن ابن المعتز هو أول من تحدث عن البديع، فقد سبقته محاولات متعددة، لكنه يبقى أول مصدر استقرت فيه صياغة نظرية تطبيقية لبعض فنون البلاغة.‏



- ولا ننسى قيمته النقدية، فقد تناول النقد تناولاً فنياً، وفصل العناصر التي تضفي حسناً وجمالاً، و مرد ذلك كونه أديباً ذواقة، يتمتع بموهبة تصدر عن تذوق عربي أصيل لأدب العرب، فاتخذت مقاييسه النقدية طابعاً أدبياً فنياً، ونجد أثر مقاييسه في جهود النقاد الممتدة من قدامة إلى ابن الأثير.‏



ونشير إلى نقاش قديم متجدد دار حول مسألة تأثر ابن المعتز بالثقافة الأجنبية و اليونانية، لا سيما كتاب أرسطو (فن الشعر)، وذلك في تقسيم كتابه ومنهجه في إيراد مادته. لعلنا نستطيع أن نجيب من خلال استقراء التاريخ الأدبي وأثر الثقافات، وإشارات النقاد القدماء والمحدثين إلى عدم وجود التحليل للشكل الأدبي بصورة كاملة، وإن وجد على صورة ملاحظات، ومن المستبعد وجود كتب تتناول هذا الحقل وجدت بين يدي ابن المعتز. أما أرسطو (127) وأثره في تطور الشكل اللغوي والأسلوب الأدبي عند العرب فيصعب تحديد ما إذا كانت هذه الأعمال لم تعط دفعاً للفكر العربي، ولولا الخلاف الذي أثير حول ابن المعتز، والدائر حول استفادته من منهج أرسطو والأسلوب الشعري، يبدو من الصعب ذكر شعراء أشاروا إلى هذا التأثير، حتى أسلوب ابن المعتز بسرعة خاطره يتميز عما نجده في أعمال اليونان.‏



ربما نستطيع أن نعدّ ابن المعتز أول من ألّف في البديع بمفهومه الجديد، فأدخله في نقد الأسلوب الأدبي عاملاً من عوامل المفاضلة بين الأدباء. فقد كان القدماء- وهم لا يدرون ما البديع- ينقدون على أساس من اللغة والنحو والمعنى (128)، أما ابن المعتز فقد أرسى للنقد جانباً آخر، جانباً يقوم على تمييز الأسلوب الأدبي بما فيه من فنون البديع، فمثلاً أدخل الصورة بين عناصر النقد الأدبي، بعد أن كان معظم النقد قبله متجهاً إلى الكلمة وما يصيبها من خطأ أو لحن، وإلى المعنى وما يطرأ عليه من رداءة أو انحراف.‏



فالدراسات العربية منذ القديم قامت على المفردة (129) و حولها فاستهلكت الذهن العربي عبر كتب الألفاظ والغريب والمعاجم المتنوعة، كأن التراث الثقافي العربي قام على الكلمة ووظيفتها، فإذا بالشاعرية العربية ومنذ انطلاقتها الأولى قد اتبعت أسساً وقواعد لغوية.‏



وكان ابن المعتز (130) قاعدة نبتت منها أغصان وارفة تركت آثاراً يانعة في التراث الأدبي واللغوي، نرى تلك الآثار واضحة في عطاءات من جاء بعده، لكن من المؤسف أن معظم ورثته لم يرثوا عنه حسّه البديعي وقدرته على التغلغل في كيان الكلمة العربية، وظلّ كتابه للمتأخرين كأنما هو بوصلة تضمن استمرار السير في المنهج السليم.‏



وبقيت للكتاب تلك الأهمية التاريخية في الدراسات النقديّة والبلاغية قديمها وحديثها. فنون البديع ابن المعتز، ومن تبعه:‏



لقد تم لابن المعتز تحديد ستة عشر وجهاً من وجوه البديع- هذا بعد أن يُنفى منها ما ليس من البديع كالاستعارة والتشبيه، فلقد كان البديع يشمل كلّ أوجه الإبداع في الشعر، حتى كان تحديد السكاكي لأبواب البلاغة الثلاثة - وقد سُبق ابن المعتز إلى ثلاثة عشر منها، مسَتمداَ بعضها من الجاحظ مقتصراً على إبداع خمسة أوجه هي: رد العجز على الصدر، تجاهل العارف، تأكيد المدح بما يشبه الذم، هزل يُراد به الجد، إعنات الشاعر نفسه.‏



وقد أغفل ابن المعتز عدداً مما ورد عند الجاحظ من وجوه البديع خاصة، كان منها: السجع، والازدواج، والإرصاد، واللغز في الجواب، وحسن التقسيم، والتناسب بين اللفظ والمعنى، والقِران. ثم جاء قدامة بن جعفر (ت337 هـ) في (نقد الشعر) فبلغت وجوه البديع عنده واحداً وعشرين، اشترك مع ابن المعتز بسبعة منها، وأبدع واحداً فقط هو صحة التفسير.‏



أعقبه العسكري (ت395 هـ) في (الصناعتين) إذ بلغت أوجه البديع عنده أربعين وجهاً أبدع منها عشرة هي: المجاورة، والتشطير، والاستشهاد، والمضاعف، والتطريز، والتلطف، والمشتق، والخبر، والوصف بلفظ الاستفهام، وحسن الرد والتخيل.‏



ثم كان ابن رشيق (456هـ) في (العُمدة)، فجعل أوجه البديع أربعة وثلاثين، أبدع منها ستة هي: المثل السائر، والاستطراد، والتفريع، والاستدعاء، والتكرار والاتساع.‏



أما ابن سنان الخفاجي (ت466هـ) فقد اقتصر على واحد وعشرين، بالإضافة إلى ظاهرة جديدة تبدت في ميدان البديع عنده للمرة الأولى، هي تفريقه بين ما سُمي بالمحسنات اللفظية والمحسنات المعنوية.‏



وهبط العدد لدى الجرجاني (ت471 هـ) في (أسرار البلاغة) إلى ثمانية أوجه. أما ابن منقذ (ت584 هـ) فقد جمع من هذه الألوان في كتابه (البديع في نقد الشعر) خمسة وتسعين وجهاً. وحين تصدى السكاكي (ت626 هـ) إلى تصنيف (مفتاح العلوم) قام بعمل جديد هو إقامته علم المعاني بتلخيص عمل الجرجاني من جهة، وفصله البديع عن البيان من جهة أخرى. تلاه ابن الأثير (ت637هـ) في (المثل السائر) فوصل بها إلى ثلاثين وجهاً.‏



ثم ارتفعت إلى السبعين عند التيفاشي (ت651 هـ)، وزادت إلى مائة وعشرين في (تحرير التحبير) لابن أبي الإصبع (ت654 هـ). ثم قامت من حول(مفتاح العلوم) للسكاكي الشروح والتلخيصات، أشهرها ( التلخيص في علوم البلاغة) للقزويني (ت739 هـ) الدي اكتفى بذكر ثمانية وثلاثين وجهاً. وأخذت وجوه البديع تتزايد باطّراد، وتحولت هذه الزيادة إلى غاية في ذاتها، إلى أن وصلت عند بعض أصحاب البديعيات في القرنين الثامن والتاسع إلى مائة وستين وجهاً، معظمها متكلف، تكاد تنعدم قيمته في فن البديع.‏



مكانة البلاغة‏



وفي الختام نلاحظ أنه منذ عصر ابن المعتز (131) وفنون البديع التي سجّلها، كأن المسألة تحوّلت إلى تكاثر بالأرقام، وظهر أصحاب البديعيات النبوية، وكثرت شروحها من دون جدوى، في بيئة من العقم والجمود (132).‏



لقد تركزت عناية أسلافنا من قبل على الكلمة والجملة والصورة، متعارفين على أن كلّ بيت في القصيدة وحدة مستقلة، وهي أساس البلاغة والجمال الفني، على حين أن الغربيين في بلاغتهم عُنوا بدراسة الأساليب والفنون الأدبية، ربما لو اهتم شعراؤنا بتلك الأساليب لا ختلفت أمور كثيرة واستخدمت فنون أخرى.‏



ونحن اليوم قد نختلف عن أسلافنا إذ استحدثنا في مجال الشعر أساليب وفنوناً جديدة من الشعر القصصي والمسرحي، ومن الشعر الغنائي الوجداني، وما ابتكرنا من أنماط (الشعر الحر مثلاً)، أما في النثر فإن تجديدنا كان أبعد عمقاً إذ استحدثنا المقالة بصورها المتنوعة، والقصة والأقصوصة والمسرحية وحتى الخطابة.‏



الحواشي :



(1) انظر " أبو هلال العسكري ومقاييسه البلاغية "، د. بدوي طبانة، ص 13 وما بعدها.



" البلاغة تطور وتاريخ "، د. شوقي ضيف، ص19 (النشأة 9 -61).



"تاريخ علوم البلاغة والتعربف برجالها"، أحمد المراغي، ص9



(2) بداية نشوء أي علم تعدّ أقل المراحل وضوحاً، وأكثرها استعصاء على الضبط لأنها تمثّل طور نشأة العلم وبداية التّعر ض لمسائله، حتى إنه أحياناً في بعض المصادر المعتمدة يشترك علمان أو أكثر...



(3) يغلب على كتب التراجم قناعة تحديد الإنسان الأول في علم من العلوم، حتى إنهم قديماً أوجدوا كتباً تَسمى كتب الأوائل، ولكنها لا تَقنع الباحث لعدم إشارتها للعوامل والأحوال التي ساعدت على تبلور علم ما...



(4) يبرز التفكير البلاغي في مؤلفات المراحل المتأخرة، إذ تنعكس فيها عوامل النشأة.



(5) انظر - تاريخ البلاغة العربية، د. عبد العزيز عتيق، (الشعراء وأثرهم في البلاغة ص44).



(6) طبقات فحول الشعراء، ابن سلاّم، تحقيق وشرح محمود محمد شاكر، والقول لابن سلام ص22.



(7) الحيوان، الجاحظ (ط3، 69) ح 5 /290 - العمدة، ابن رشيق، ح 1/15.



(8) حركة في مختلف العلوم، وفي العلوم اللغوية فيها رحل العلماء إلى البوادي لجمع اللغة ضمن مقاييس محددة.



(9) القرن الهجري الثاني وبداية الثالث، إذ كان اللغويون ينتصبون حكاماً على الشعر والشعراء ويأخذونهم بمقاييسهم، فهم مثلاً من أقرّ فحولة الشعراء ( الموشح، المرزباني، ص63)، فأسهموا في تكوين الذوق العربي على مستويين على الأقل، الأول - في النسج على منهج القدماء في تحديدهم للفصاحة. والثاني- في أهمية التشبيه بوصفه قسماً من أقسام الصورة الفنية في تاريخ البلاغة والنقد.



(10) قضية إعجاز القرآن وفيما بعد برزت الحاجة إلى تأسيسها عقلياً وتحليلها وتعليلها، وقد تصدّى لذلك المتكلمون ولا سيما المعتزلة، من الكتب: (النكت في إعجاز القرآن) للرماني، (إعجاز القرآن) للباقلاني، (إعجاز القرآن) لعبد الجبار.



وللتوضيح انظر - البلاغة تطور وتاريخ، د. ضيف، ص 102 وما بعدها.



(11) انظر - البلاغة تطور وتاريخ، د. ضيف، ص 160 وما بعدها، ص190 وما بعدها.(صاحب النظرية الجرجاني ت471هـ).



(12) انظر - البلاغة تطور وتاريخ، د. ضيف، ص 32 كذلك - تاريخ البلاغة العربية، د. عتيق، ص 23



(13) ففيها: الاستعارة، والتمثيل والقلب والتقديم والتأخير، والحذف والتكرار وغيرها. تأويل مشكل القرآن، ص20.



(14) " إن أحق العلوم بالتعلم وأولاها بالتحفظ - بعد المعرفة بالله جلّ ثناؤه - علم البلاغة، ومعرفة الفصاحة ". الصناعتين، العسكري (القاهرة، 1971)، ص 7.



(15) - انظر تاريخ البلاغة العربية، د. عتيق، ص 32 (دور اللغويين والنحاة والرواة في البلاغة).



(16) انظر- علم البديع والبلاغة عند العرب، تأليف كراتشكوفسكي، ترجمة الحجيري ص 58، 121 وما بعدها.



(17) كتابا الخطابة والشعر كانا معروفين في نهاية القرن الثالث اعتماداً على رواية ابن النديم في الفهرست. كتاب الشعر نال عناية خاصة من الفلاسفة العرب، وقد وصلتنا جملة من الملخصات والرسائل متفاوتة القيمة في فهمها لجملة القوانين الشعرية التي يتضمنها مثل رسالة الفارابي (في قوانين صناعة الشعر)، وابن سينا (فن الشعر)، وابن رشد (تلخيص كتاب أرسطوطاليس في الشعر).



(18) فالجاحظ في كتابه (الحيوان) يذكر أرسطوطاليس وأفلاطون وبطليموس و ديمقراطس. وسياقات (الحيوان) لا تبلغ على أهميتها ما ورد في (البيان والتبيين) الذي تبدو فيه العناصر الأجنبية أكثر امتزاجاً وأوثق اتصالاً بأساليب البلاغة وفنون القول.يشير الجاحظ في (الحيوان) ح1 / 74 إلى تأثير تراث ثلاث أمم: الهند والفرس واليونان، في تأريخه لميلاد الشعر العربي، وأهمية الوزن فيه.



(19) لعلّ أبرز ما يعبّر عن ذلك قول د. طه حسين، متحدثاً عن تلك المدة: "فالبيان العربي نسيج جمعت خيوطه من البلاغة العربية في المادة واللغة، ومن البلاغة الفارسية في الصورة والهيئة، ومن البلاغة اليونانية في وجوب الملاءمة بين أجزاء العبارة ". من حديث الشعر والنثر، ص 87.



(20) انظر - البلاغة تطور وتاريخ، د.ضيف، ص 59 - تاريخ البلاغة العربية، د. عتيق، ص 36 وما بعدها.



- تاريخ علوم البلاغة والتعريف برجالها، المراغي، ص 11 وما بعدها.



(21) انظر - تاريخ البلاغة العربية، د. عتيق، ص51.



- البلاغة تطور وتاريخ، د. ضيف، ص46 - 57.



(22) إذ عُرفت قيمة الصورة في القصيدة، والإيقاعات النثرية في جمل خطب العرب.



(23) من هذه الكتب: البيان والتبيين للجاحظ، إذ وضع ركيزة الاهتمام البلاغي، ووجه إليه أنظار الباحثين والأدباء.



(24) منها: عيار الشعر لابن طباطبا، الوساطة للجرجاني، الصناعتين للعسكري، الموازنة للآمدي، الموشح وغيرها.



(25) كتب الباقلاني، الخطّابي، الرماني.



(26) نسجّل السبق الزمني لابن المعتز في علم البديع، أما الجانب البلاغي فهو للجرجاني والسكاكي وغيرهما.



(27) وفيات الأعيان، ابن خلكان ح 1 / 146 تاريخ بغداد (1/95) شذرات الذهب (2 /130).



(28) معجم الأدباء، الحموي، 1 /133.



(29) كتاب البديع لابن المعتز، يذكر بروكلمان في تاريخ الأدب العربي (2 /58) مخطوطات الكتاب فمنه نسخة في الاسكوريال تحت رقم (328) آداب، وهي نسخة وحيدة في جميع مكتبات العالم، وقد قام المستشرق الروسي كراتشكوفسكي بتحقيق النسخة مع مقدمة طويلة بالإنكليزية. وفهارس (في لندن 1935)، ويَعد بذلك أول ناشر لكتاب البديع، ثم تلاه د. محمد عبد المنعم خفاجي فعلّق عليه ونشره وخصّه بدراسة عن ابن المعتز وأثره في الأدب والنقد والبيان عام 1958م.



(30) مقاييس اللغة، ابن فارس، (ح1 / 209 - 210)، الوافي، البستاني، ص 31..



(31) القرآن الكريم، سورة الأنعام، الآية (101)..



(32) شاعر مخضرم عاش في العصرين الأموي والعباسي.انظر - الأغاني (ط دار الكتب) ح3 /135 والعصر العباسي الأول، د. ضيف، ص201 .



(33) هو منصور بن الزبرقان بن سلمة، تلميذ العتابي.انظر - الأغاني (ط دار الكتب) ح13 / 140 والعصر العباسي الأول، د. ضيف، ص 314



(34) عَرف بلقبه صريح الغواني، شاعر عباسي، غلب عليه شعر الغزل والخمرة انظر - العصر العباسي الأول، د. ضيف، ص 253



(35) كلثوم بن عمرو بن أيوب التغلبي من شعراء الاعتزال. انظر - الشعر والشعراء، ص839 الأغاني 13 / 109 العصر العباسي الأول، ص 419 .



(36) البيان والتبيين، الجاحظ، ح4 / 55، 56



(37) هو حبيب بن أوس الطائي.انظر - الأغاني، 16 / 383 . الموشح، 303 . الفن ومذاهبه في الشعر العربي، ص 219 . العصر العباسي الأول، ص 268.



(38) البديع، ابن المعتز (57، 58).



(39) انظر - علم البديع، د. عتيق، ص 3 (نشأة البديع وتطوره).



(40) وذلك استفادة مما تؤديه كلمة البديع في لغة العرب من إبداع بلا نظير سابق.



(41) من علماء البلاغة المتأخرين (ت 626 هـ) قسّم البلاغة إلى علوم ثلاثة هي: البيان والمعاني والبديع.



(42) إتمام الدراية لقراء النقابة، السيوطي على هامش المفتاح، ط1، ص 161.



(43) دراسات في نقد الأدب العربي من الجاهلية إلى نهاية القرن الثالث، (القاهرة، 1969)، ص 267 .



(44) انظر - العصر العباسي الأول، د. ضيف، (فصل أعلام الشعراء 201-289).



- الفن ومذاهبه في الشعر العربي، د. ضيف (فصل الصنعة والتصنيع 91 -187).



(45) لقد عودتنا الأزمنة السابقة على وضع كثير من الأساليب المذكورة تحت مصطلح (المجاز)، فلماذا فضلّ ابن المعتز مصطلح (البديع)؟، هل يدلّ ذلك على شعوره، وهو يذكر سبقه، بأن طبيعة عمله تختلف عن طبيعة عمل ابن قتيبة مثلاً في (تأويل مشكل القرآن). إن ابن المعتز يسلك طريقاً مختلفاً عن طريق ابن قتيبة، ولا سيما عندما يحدد المصدر الذي أخذ منه المصطلح، فيعترف بأنه ليس من وضعه، وإنما هو اسم موضوع لفنون من الشعر (البديع، ص58).. وإذا أدركنا الغاية التي حركته فزنا بسبب تفضيله مصطلح البديع.



(46) البلاغة عند السكاكي، مطلوب، ص 89 . زعم د. أحمد مطلوب أن ابن المعتز رتب ما تناثر من كتب الفّراء وأبي عبيدة، والجاحظ، وابن قتيبة، والمبرّد، وثعلب.



(47) قام السكاكي (ت626 هـ) في مفتاح العلوم بتحديد المحسنات وتقسيمها إلى لفظية ومعنوية.



(48) علم البديع والبلاغة عند العرب، كراتشكوفسكي، (فن ومصطلح كتاب البديع 35 - 44)، (الجماليات الأدبية 47- 51).



(49) البديع، ابن المعتز، 3 -24



(50) البديع، ابن المعتز، 25 - 35



(51) البديع، ابن المعتز، 36 - 47



(52) البديع، ابن المعتز، 47 - 53



(53) البديع، ابن المعتز، 53 - 57



(54) أشار الفّراء إلى الاستعارة (معاني القرآن 1 / 239، 2 / 91، 156)، وتناولها كل من ابن قتيبة (تأويل مشكل القرآن) ص 135 وما بعدها، وثعلب في (قواعد الشعر)، ص57، وللغويين الأوائل إسهامات في بلورة باب التجنيس أثبتها ابن المعتز نفسه، فهو يشير إلى كتاب الأصمعي (الأجناس)، كما يورد رد الخليل في الموضوع (البديع،ص25)، وثعلب (قواعد الشعر، ص64)، أما في ذكر المطابقة فيعتمد على الخليل (البديع،ص 36)، كما أشار إلى ثعلب (قواعد الشعر، 62) ، وأشار إلى الجاحظ كونه صاحب مصطلح المذهب الكلامي (البديع، 53) .



(55) البيان والتبيين، الجاحظ، 1 /116 .



(56) البديع، ابن المعتز، 58 - 59 .



(57) المصدر السابق، 59- 60 .



(58) المصدر السابق ،60.



(59) المصدر السابق ، 60 -62 .



(60) المصدر السابق ،62 .



(61) المصدر السابق ، 62-63.



(62) المصدر السابق ، 63.



(63) المصدر السابق ، 64-65.



(64) المصدر السابق ، 64 - 65 .



(65) المصدر السابق ، 65 - 68.



(66) المصدر السابق ، 68 - 74 .



(67) المصدر السابق ، 74- 75 .



(68) المصدر السابق ،75-77 .



(69) المصدر السابق ، 58 .



(70) يذهب إلى هذا د. طبانة في كتابه (دراسات في نقد الأدب العربي) ص 221.



(71) يؤيد ذلك ما قاله ابن أبي الإصبع في مقدمة كتابه (تحرير التحبير): " إني رأيت ألقاب محاسن الكلام التي نعتت بالبديع قد انتهت إلى عدد منه أصول وفروع، فأصوله ما أشار إليها ابن المعتز في بديعه ". انظر - تحرير التحبير، ص 82..



(72) البديع، ابن المعتز، ص 58.



(73) يشير ابن رشيق إلى هذا المعنى بوضوح فبعد ذكره وجوه البديع عند ابن المعتز قال: " وعدّ ما سوى هذه الخمسة أنواع محاسن، وأباح أن يسميها من شاء ذلك بديعاً، وخالفه من بعده في أشياء... ". انظر - العمدة، 1 / 265.



(74) يدلّ على ذلك عبارة ابن المعتز نفسها يقول: “ من الكلام البديع قول الله... وإنما هو استعارة...، ومن البديع أيضاً التجنيس والمطابقة... ". انظر- البديع، ابن المعتز، ص2.



(75) البديع، ابن المعتز، ص 2.



(76) البلاغة تطور وتاريخ، د. ضيف، ص 70



(77) "مثل قول المرار الفقعسي:



القوم قد طلعوا والعيس رازحة










كأن أعينها نزح القوارير ". البديع، 012









فهذا تشبيه ذكرت أداته.



(78) البديع، ابن المعتز، ص 25.



(79) قوله: " على السبيل الذي ألف الأصمعي كتاب الأجناس عليه "، البديع، ص 025



(80) البلاغة تطور تاريخ، ص 70.



(81) البديع، ابن المعتز، ص 36.



(82) عندما أورد قول الأخطل:



قلت المقام وناعب قال النوى



فعصيت أمري والمطاع غراب



عقب عليه قائلاً: " وهذا من غث الكلام وبارده "، البديع، ص 46.



(83) البيان والتبيين، ح1 /87-79 .



(84) قواعد الشعر، ص 62 .



(85) مثل قول الشاعر:



تلقى إذا ما الأمر كان عرمرما







في جيش رأى لا يفل عرمرم، البديع، ص 48.





(86) مثل قول الشاعر:



سريع إلى ابن العم يشتم عرضه



وليس إلى داعي الندى بسريع ،البديع، ص 48



(87) مثل قول الشاعر:



عميد بني سليم أقصدته



سهام الموت وهي له سهام ، البديع،ص 48



(88) يذكر قول ذي نواس البجلي:



يتيمني برق المباسم بالحمى



ولابارق إلا الكريم يتيمه، البديع، ص 53



(89) البديع، ابن المعتز، ص 53 .



(90) الصناعتين ، العسكري، ص 410 .



(91) من الشواهد قوله تعالى (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة) البديع، ص59 والآية من سورة يونس، 22.



(92) الكامل، المبرد 3 /22 .



(93) مثل قول بعضهم:



فظلوا بيوم دع أخاك بمثله



على مشرع يروى و لما يصرد ،البديع، ص60



(94) قول بشار:



نبئت فاضح أمه يغتابني



عند الأمير وهل عليه أمير ، البديع ، ص 60



(95) قول بشار:



خليلي من جرم أعينا أخاكما



على دهره إن الكريم معين ، البديع، ص60



(96) بلاغة أرسطو بين العرب واليونان، ص 142 .



(97) قواعد الشعر، ثعلب، ص 60 .



(98) أول من سماه استطراداً هو أبو تمام، (العمدة، ابن رشيق، 2 /32).



كذلك الحاتمي (العمدة، 2 /38).



(99) قول الذبياني:



لا عيب فيهم غير أن سيوفهم



بهن فلول من قراع الكتائب ، البديع،ص 61



(100) قول زهير:



وما أدري وسوف إخال أدري



أقوم آل حصن أم نساء ، البديع،ص 62



(101) قول أبي العتاهية:



أرقيك أرقيك باسم الله أرقيكا



من بخل نفس لعلّ الله يشفيكا، البديع، ص 63



(102) قول الأخطل:



ولقد سما للخرمي فلم يقل



بعد الوغى "لكن تضايق مقدمي"



فيقول: " لكن تضايق مقدمي " تضمين استعارة عن عنترة إذ يقول:



إذ يتقون بي الأسنة لم أخم



عنها ولكني تضايق مقدمي، البديع.



(103) انظر - الكامل، 2 / 290 .



(104) انظر - البيان والتبيين، 1 /180 .



(105) انظر - قواعد الشعر، ص 53 .



(106) قول بشار:



وإذا ما التقى بن أعيا وبكر



زاد في شبر وفي ذاك شبر، البديع، 65



(107) بلاغة أرسطو بين العرب واليونان، ص 142 .



(108) قول الصولي:



يا أخا لم أرفي الناس خلا



مثله أسرع هجرا ووصلا، البديع، 65 - 66



(109) قواعد الشعر، 49 .



(110) الشعر والشعراء، 99 - 106 .



(111) ثعلب في (قواعد الشعر)، 39 - 40 - المبرد، (الكامل)، 1 / 35 - الجاحظ، (البيان والتبيين)، 2 / 229، ابن قتيبة، (الشعر والشعراء)، ابن المعتز، (البديع)، 069



(112) من أحسن التشبيهات عنده قول امرئ القيس:



كأن قلوب الطير رطباً ويابساً



لدى وكرها العناب والحشف البالي



(113) مثل المفتاح، والتلخيص وشروحه وغيرها..



(114) أنشد الموصلي:



إذا ما كنت يوماً مستضافاً



فقل للعبد يسقي القوم برّا، البديع، 75



(115) البيان والتبيين، 1 / 92 .



(116) منها قول النابغة:



كليني لهم يا أميمة ناصب



وليل أقاسيه بطيء الكواكب، البديع 75.



(117) فهو عادة يبدأ بذكر الوجه في القرآن فالحديث فكلام الصحابة، وفي الشعر يراعي الترتيب التاريخي فيبدأ بالقدماء ليصل إلى المحدثين.



(118) تكثر عبارات (وهذا من الأبيات الملاح)، البديع، 029 (من أحسن التشبيه)، البديع، 72. (التشبيه الحسن)، البديع، 73 .



(119) البديع، ابن المعتز، 23 .



(120) البيان والتبيين، 4 / 55 - 56 .



(121) دراسات في نقد الأدب العربي، د. بدوي طبانة، ص 265 .



(122) ورد في العمدة أن بعضهم يرى " الشعراء ثلاثة: جاهلي وإسلامي ومولدّ، فالجاهلي امرؤ القيس، و الإسلامي ذو الّرمة، والمولّد ابن المعتز ". العمدة، ابن رشيق، 1 / 100.



(123) البديع، ابن المعتز، 1 .



(124) البيع، ابن المعتز، 1 .



(125) انظر - الفن ومذاهبه في الشعر العربي، د. شوقي ضيف، 172 -179.



(126) تعلّق بكتاب ابن المعتز، ومنذ وقت مبكر العلماء والدارسون وتأثروا به مثل قدامة بن جعفر (ت337 هـ) في (نقد الشعر)، والآمدي (ت370 هـ) في (الموازنة)، والعسكري (ت395 هـ) في (الصناعتين) و لاسيما حين درس أنواع البديع فنقل من ابن المعتز حتى الشواهد، إلا القليل للمتأخرين عن عصر ابن المعتز.وابن رشيق (ت456 هـ) في (العمدة)، نقل الكثير من شواهد (البديع)، وأشاد بقيمته وأثره، مثلما فعل علماء البلاغة المتأخرون.



(127) علم البديع والبلاغة عند العرب، كراتشكوفسكي، (أرسطو والتأثيرات اليونانية)، ص 58.



(128) هذه لفظة حوشيّة، وتلك مبتذلة، وهذه منصوبة وحقها الرفع وهذا معنى رديء.... إلى غير ذلك.



(129) ملاحظة في محاضرة للدكتور مسعود بوبو، دبلوم الدراسات اللغوية، 7 / 11 / 1989م. انظر - البلاغة تطور وتاريخ، د. ضيف، (118-119)، 276.



(130) علم البديع والبلاغة عند العرب، كراتشكوفسكي، 30 - 31.



(131) انظر - تاريخ البلاغة العربية، د. عتيق، (141‎‎‎‎‎‎--> 317).



(132) انظر - البلاغة تطور وتاريخ، د. ضيف، ص 271 وما بعدها.



(133) انظر - تاريخ علوم البلاغة العربية والتعريف برجالها، المّراغي، ص 41 وما بعدها



مجلة التراث العربي-مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-دمشق العدد 67 - السنة السابعة عشرة - أيار "مايو" 1997 - محرم 1418




 توقيع : توّآقه

[
مواضيع : توّآقه



رد مع اقتباس