عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 01-14-2015
SMS ~ [ + ]
لوني المفضل Lightpink
 عضويتي » 27906
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » منذ 3 أسابيع (11:55 AM)
آبدآعاتي » 69,970
الاعجابات المتلقاة » 349
الاعجابات المُرسلة » 958
 حاليآ في » ارض الله
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Morocco
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الصحي
آلعمر  » 60سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » متزوجه
 التقييم » صمت القمر has a reputation beyond reputeصمت القمر has a reputation beyond reputeصمت القمر has a reputation beyond reputeصمت القمر has a reputation beyond reputeصمت القمر has a reputation beyond reputeصمت القمر has a reputation beyond reputeصمت القمر has a reputation beyond reputeصمت القمر has a reputation beyond reputeصمت القمر has a reputation beyond reputeصمت القمر has a reputation beyond reputeصمت القمر has a reputation beyond repute
مشروبك   7up
قناتك abudhabi
اشجع ithad
مَزآجِي  »  اطلع للبر
بيانات اضافيه [ + ]
s34 أسلحة المؤمن في حربه مع الشيطان..



أسلحة المؤمن في حربه مع الشيطان
الجزء الأول
للدكتور عمر الأشقر

أولاً : الحذر والحيطة :
هذا العدو الخبيث الماكر حريص على إضلال بني آدم ، وقد علمنا أهدافه ووسائله في الإضلال ، فبمقدار علمك بهذا العدو : أهدافه ووسائله والسبل التي يضلنا بها تكون نجاتنا منه ، أما إذا كان الإنسان غافلاً عن هذه الأمور فإن عدوه يأسره ويوجهه الوجهة التي يريد .
وقد صور ابن الجوزي هذا الصراع بين الإنسان والشيطان تصويراً بديعاً حيث يقول : " واعلم أن القلب كالحصن ، وعلى ذلك الحصن سور ، وللسور أبواب وفيه ثلم ، وساكنه العقل ، والملائكة تتردد على ذلك الحصن ، وإلى جانبه ربض فيه الهوى ، والشياطين تختلف إلى ذلك الربض من غير مانع ، والحرب قائمة بين أهل الحصن وأهل الربض ، والشياطين لا تزال تدور حول الحصن تطلب غفلة الحارس والعبور من بعض الثلم .
فينبغي للحارس أن يعرف جميع أبواب الحصن الذي قد وكل بحفظه وجميع الثلم ، وألا يفتر عن الحراسة لحظة ، فإن العدو لا يفتر . قـال رجل للحسن البصري : أينام إبليس ؟ قال : لو نام لوجدنا راحة .
وهذا الحصن مستنير بالذكر مشرق بالإيمان ، وفيه مرآة صقيلة يتراءى فيها صورة كل ما يمرّ به ، فأول ما يفعل الشيطان في الربض إكثار الدخان ، فتسودّ حيطان الحصن ، وتصدأ المرآة ، وكمال الفكر يرد الدخان ، وصقل الذكر يجلو المرآة ، وللعدو حملات ، فتارة يحمل فيدخل الحصن ، فيكر عليه الحارس فيخرج ، وربما دخل فعاث ، وربما أقام لغفلة الحراس ، وربما ركدت الريح الطاردة للدخان ، فتسود حيطان الحصن ، وتصدأ المرآة فيمر الشيطان ولا يدري به ، وربما جرح الحارس لغفلته ، وأسر واستخدم ، وأقيم يستنبط الحيل في موافقة الهوى ومساعدته ".
ثانياً : الالتزام بالكتاب والسنّة :
أعظم سبيل للحماية من الشيطان هو الالتزام بالكتاب والسنة علماً وعملاً ، فالكتاب والسنة جاءا بالصراط المستقيم ، والشيطان يجاهد كي يخرجنا عن هذا الصراط قال تعالى : ( وأنَّ هذا صراطي مستقيماً فاتَّبعوه ولا تتَّبعوا السُّبل فتفرَّق بكم عن سبيله ذلكم وصَّاكم به لعلَّكم تتَّقون ) [ الأنعام : 153 ] .
وقد شرح الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الآية فعن عبد الله بن مسعود قال : " خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً ، ثمّ قال : ( هذا سبيل الله ) ثمّ خط خطوطاً عن يمينه وشماله وقال : ( هذه سبل ، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ) وقرأ : ( وأنَّ هذا صراطي مستقيماً فاتَّبعوه ) [ الأنعام : 153 ] . رواه الإمام أحمد والنسائي والدارمي .
فاتباع ما جاءنا من عند الله من عقائد وأعمال وأقوال وعبادات وتشريعات ، وترك كل ما نهى عنه ، يجعل العبد في حرز من الشيطان ، ولذلك قال سبحانه وتعالى : ( يا أيَّها الَّذين آمنوا ادخلوا في السلم كافَّةً ولا تتَّبعوا خطوات الشَّيطان إنَّه لكم عدوٌّ مُّبينٌ ) [البقرة : 208] .
والسلم : هو الإسلام . وقيل طاعة الله ، وفسره مقاتل بأنه العمل بجميع الأعمال ووجوه البر ، وعلى ذلك فقد أمرهم بالعمل بجميع شعب الإيمان وشرائع الإسلام ما استطاعوا ، ونهاهم عن اتباع خطوات الشيطان ، فالذي يدخل في الإسلام مبتعد عن الشيطان وخطواته ، والذي يترك شيئاً من الإسلام فقد اتبع بعض خطوات الشيطان ، ولذلك كان تحليل ما حرم الله ، وتحريم ما أحل الله ، أو الأكل من المحرمات والخبائث ، كل ذلك من اتباع خطوات الشيطان التي نهينا عنها : ( يا أيَّها النَّاس كلوا ممَّا في الأرض حلالاً طيباً ولا تتَّبعوا خطوات الشَّيطان إنَّه لكم عدوٌّ مُّبين ) [ البقرة : 168 ] .
إن الالتزام بالكتاب والسنة قولاً وعملاً يطرد الشيطان ويغيظه أعظم إغاظة ، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قرأ ابنُ آدم السجدة فسجد ، اعتزل الشيطان يبكي ، يقول : يا ويله ، ( وفي رواية أبي كريب : يا ويلي ) أمر ابن آدم بالسجود فسجد ، فله الجنّة وأُمرتُ بالسجود فأبيت ، في النار ) .
ثالثاً : الالتجاء إلى الله والاحتماء به :
خير سبيل للاحتماء من الشيطان وجنده هو الالتجاء إلى الله والاحتماء بجنابه ، والاستعاذة به من الشيطان ، فإنه عليه قادر . فإذا أجار عبده فأنى يخلص الشيطان إليه ، قال تعالى : ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين – وإمَّا ينزغنَّك من الشَّيطان نزغٌ فاستعذ بالله إنَّه سميع عليم ) [ الأعراف : 199-200 ] .
وقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة بالله من همزات الشياطين وحضورهم : ( وقل رب أعوذ بك من همزات الشَّياطين – وأعوذ بك رب أن يحضرون ) [المؤمنون : 97-98] .
وهمزات الشياطين : نزغاتهم ووساوسهم ، فالله يأمرنا بالاستعاذة به من العدو الشيطاني لا محالة ؛ إذ لا يقبل مصانعة ولا إحساناً ، ولا يبتغي غير هلاك ابن آدم ، لشدة العداوة بينه وبين آدم .
يقول ابن كثير في تفسيره : " والاستعاذة هي الالتجاء إلى الله تعالى ، والالتصاق بجنابه من شرّ كل ذي شرّ ... ، ومعنى ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) ؛ أي : أستجير بجناب الله من الشيطان الرجيم ، أن يضرني في ديني ودنياي ، أو يصدني عن فعل ما أمرت به ، أو يحثني على فعل ما نهيت عنه ، فإن الشيطان لا يكفّه عن الإنسان إلا الله ؛ ولهذا أمر تعالى بمصانعة شيطان الإنس ومداراته بإسداء الجميل إليه ليرده طبعه عما هو فيه من الأذى ، وأمر بالاستعاذة به من شيطان الجنّ ؛ لأنه لا يقبل رشوة ، ولا يؤثر فيه جميل ؛ لأنه شرير بالطبع ، ولا يكفه عنك إلا الذي خلقه " .
وقد كان صلى الله عليه وسلم يكثر من الاستعاذة بربه من الشيطان بصيغ مختلفة ، فكان يقول بعد دعاء الاستفتاح في الصلاة : ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، من همزه ونفخه ونفثه ) ، روى ذلك أصحاب السنن الأربعة وغيرهم عن أبي سعيد .
مواضع الاستعاذة :
1- الاستعاذة عند دخول الخلاء :
وكان إذا دخل الخلاء يستعيذ من الشياطين ذكورهم وإناثهم ، كما في الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء ، قال : ( اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ) .
وفي سنن أبي داود بإسناد صحيح عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن هذه الحشوش محتضرة ، فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل : أعوذ بالله من الخبث والخبائث ) .
2- الاستعاذة عند الغضب :
عن سليمان بن صُرَد قال : استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده جلوس ، وأحدهما يسب صاحبه مغضباً ، قد احمرّ وجهه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) . رواه البخاري ومسلم .
وقد علَّم الرسول صلى الله عليه وسلم أبا بكر إذا أصبح وإذا أمسى أن يقول : ( اللهم فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، لا إله إلا أنت ، ربّ كل شيء ومليكه ، أعوذ بك من شر نفسي ، ومن شرّ الشيطان وشركه ، وأن أقترف على نفسي سوءاً ، أو أجره إلى مسلم ) . رواه الترمذي .
3- الاستعاذة عند الجماع :
وحثنا على الاستعاذة حين يأتي الرجل أهله ، فعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان ، وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً ) . متفق عليه .
4- الاستعاذة عند نزول وادٍ أو منزل :
وإذا نزل المرء وادياً أو منزلاً ، فعليه أن يستعيذ بالله ، لا كما كان يفعل أهل الجاهلية يستعيذون بالجن والشياطين ، فيقول قائلهم : أعوذ بزعيم هذا الوادي من سفهاء قومه ، فكانت العاقبة أن استكبرت الجن وآذتهم ، كما حكى الله عنهم ذلك في سورة الجن : ( وأنَّه كان رجالٌ من الإنس يعوذون برجالٍ من الجن فزادوهم رهقاً ) [الجن : 6] ؛ أي الجن زادت الإنس رهقاً .
وقد علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم كيف نستعيذ بالله عندما ننزل منزلاً فعن خولة بنت حكيم : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لو أن أحدكم إذا نزل منزلاً قال : أعوذ بكلمات الله التامة من شرّ ما خلق ، لم يضره في ذلك المنزل شيء ، حتى يرتحل منه ) . رواه ابن ماجة بإسناد صحيح .
5- التعوذ بالله من الشيطان عند سماع نهيق الحمار :
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إذا نهق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان الرجيم ) . رواه الطبراني في معجمه الكبير بإسناد صحيح ، وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن الحمار إذا نهق فإنه يكون قد رأى شيطاناً .
6- التعوذ حين قراءَة القرآن :
قال تعالى : ( فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشَّيطان الرَّجيم – إنَّه ليس له سلطان على الَّذين آمنوا وعلى ربهم يتوكَّلون ) [ النحل : 98-99 ] .
وقد بين ابن القيم الحكمة في الاستعاذة بالله من الشيطان حين قراءَة القرآن ، فقال :
1- " إن القرآن شفاء لما في الصدور يذهب لما يلقيه الشيطان فيها من الوساوس والشهوات والإرادات الفاسدة ، فهو دواء لما أمره الشيطان فيها ، فأمر أن يطرد مادة الداء ، ويخلي منه القلب ، ليصـادف الداء محلاً خالياً ، فيتمكن منه ، ويؤثر فيه ، كما قيل :
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى ××× فصادف قلباً خالياً فتمكنا
فيجيء هذا الدواء الشافي إلى القلب ، وقد خلا من مزاحم ومضاد له ، فينجع فيه .
2- ومنها : أن القرآن مادة الهدى والعلم والخير في القلب ، كما أنّ الماء مادة النبات ، والشيطان نار يحرق النبات أولاً
فأولاً ، فكلما أحسّ بنبات الخير من القلب ، سعى في إفساده وإحراقه ، فأمر أن يستعيذ بالله – عزّ وجلّ – منه ، لئلا يفسد عليه ما يحصل له بالقرآن .
والفرق بين هذا الوجه والوجه الذي قبله أن الاستعاذة في الوجه الأول لأجل حصول فائدة القرآن ، وفي الوجه الثاني لأجل بقائها وحفظها .
3- ومنها : أن الملائكة تدنو من قارئ القرآن ، وتستمع لقراءته ، كما في حديث أسيد بن حضير لما كان يقرأ ورأى مثل الظلة فيها المصابيح ، فقال عليه الصلاة والسلام : ( تلك الملائكة ) ، والشيطان ضد الملك وعدوه ، فأمر القارئ أن يطلب من الله تعالى مباعدة عدوه عنه ، حتى يحضره خاص ملائكته ، فهذه منزلة لا يجتمع فيها الملائكة والشياطين .
4- ومنها : أن الشيطان يجلب على القارئ بخيله ورجله ، حتى يشغله عن المقصود بالقرآن ، وهو تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به سبحانه ، فيحرص بجهده على أن يحول بين قلبه وبين مقصود القرآن ، فلا يكمل انتفاع القارئ به ، فأمر عند الشروع في القراءة أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم .
5- ومنها : أن القارئ يناجي الله تعالى بكلامه ، والله أشد أذناً للقارئ الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته ، والشيطان إنما قراءَته الشعر والغناء ، فأمر القارئ أن يطرده بالاستعاذة عند مناجاة الله تعالى واستماع الربّ قراءَته .
6- ومنها : أن الله سبحانه أخبر أنّه ما أرسل من رسول ولا نبي إلا إذا تمنّى ألقى الشيطان في أمنيته ، والسلف كلهم على أن المعنى : إذا تلا ألقى الشيطان في تلاوته ... ، فإذا كان هذا مع الرسل عليهم الصلاة والسلام فكيف بغيرهم . ولهذا يغلط الشيطان القارئ تارة ، ويخلط عليه القراءَة ، ويشوشها عليه ، فيخبط عليه لسانه ، أو يشوش عليه ذهنه وقلبه ، فإذا حضر عند القراءَة ، لم يعدم منه القارئ هذا أو هذا ، وربما جمعها له .
7- ومنها : أن الشيطان أحرص ما يكون على الإنسان عندما يهم بالخير ، أو يدخل فيه ، فهو يشتد عليه حينئذ ؛ ليقطعه عنه ".
7- تعويذ الأبناء والأهل :
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين : ( أعيذكما بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة ) . ويقول : ( إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق ) . رواه البخاري .
قال أبو بكر ابن الأنباري : " الهامة : واحد الهوام ، ويقال : هي كل نسمة تهم بسوء ، واللامة : الملمة ، وإنما قال : لامة ليوافقه لفظ هامة ، فيكون أخف على اللسان " .
خير ما يتعوذ به المتعوذون :
وخير ما يتعوذ به المتعوذون سورتا الفلق والناس ، فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم عبد الله بن خبيب أن يقرأ : ( قل هو الله أحد ) ، والمعوذتين حين يمسي ، وحين يصبح ، ثلاثاً . وقال له : ( يكفيك الله كل شيء ) .
وفي رواية أخرى أمره بقراءَة المعوذتين ، ثم قال له : ( ما تعوذ الناس بأفضل منهما ) .
وفي بعض الروايات : أن هذه القصة كانت مع عقبة بن عامر . وفي رواية أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لابن عابس الجهني : ( إن أفضل ما تعوذ به المتعوذون المعوذتان ) . وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في بعض روايات حديث عقبة : ( ما سأل سائل بمثلهما ، ولا استعاذ مستعيذ بمثلهما )

كيف تصنع بالشيطان إذ سوّل لك الخطايا ؟
حكي عن أحد علماء السلف أنه قال لتلميذه : " ما تصنع بالشيطان إذا سوّل لك الخطايا ؟ قال : أجاهده . قال : فإن عاد ؟ قال : أجاهده . قال : فإن عاد ؟ قال : أجاهده .
قال هذا يطول ، أرأيت إن مررت بغنم فنبحك كلبها ، أو منعك من العبور ما تصنع ؟ قال : أكابده جهدي وأرده . قال : هذا أمر يطول ، ولكن استعن بصاحب الغنم يكفّه عنك " .
وهذا فقه عظيم من هذا العالم الجليل ، فإن الاحتماء بالله ، والالتجاء إليه ، هو السبيل القوي الذي يطرد الشيطان ويبعده ، وهذا ما فعلته أم مريم إذ قالت : ( وإني أعيذها بك وذريتها من الشَّيطان الرَّجيم ) [ آل عمران : 36 ] .
لماذا لا يذهب الشيطان عندما يستعيذ منه الإنسان ؟
يقول بعض الناس : إننا نستعيذ بالله ، ومع ذلك فإننا نحس بالشيطان يوسوس لنا ، ويحرضنا على الشر ، ويشغلنا في صلاتنا .
والجواب : أن الاستعاذة كالسيف في يد المقاتل ، فإن كانت يده قوية ، أصاب من عدوه مقتلاً ، وإلا فإنه قد لا يؤثر فيه ، ولو كان السيف صقيلاً حديداً
وكذلك الاستعاذة إذا كانت من تقيّ ورع كانت ناراً تحرق الشيطان ، وإذا كانت من مخلط ضعيف الإيمان فلا تؤثر في العدو تأثيراً قوياً .
قال أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله : " واعلم أن مثل إبليس مع المتقي والمخلط ، كرجل جالس بين يديه طعام ولحم ، فمرّ به كلب ، فقال له : اخسأ ، فذهب . فمرّ بآخر بين يديه طعام ولحم فكلّما أخسأه (طرده) لم يبرح . فالأول مثل المتقي يمر به الشيطان ، فيكفيه في طرده الذكر ، والثاني مثل المخلط لا يفارقه الشيطان لمكان تخليطه ، نعوذ بالله من الشيطان ".
فعلى المسلم الذي يريد النجاة من الشيطان وأحابيله أن يشتغل بتقوية إيمانه ، والاحتماء بالله ربه ، والالتجاء إليه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
رابعاً : الاشتغال بذكر الله :
ذكر الله من أعظم ما ينجي العبد من الشيطان ، وفي الحديث : أن الله أمر نبي الله يحي أن يأمر بني إسرائيل بخمس خصال ، ومن هذه : ( وآمركم أن تذكروا الله تعالى ، فإن مثل ذلك مثل رجل خرج العدّو في أثره سراعاً ، حتى إذا أتى إلى حصن حصين ، فأحرز نفسه منهم ، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله ) .
يقول ابن القيم: " فلو لم يكن في الذكر إلا هذه الخصلة الواحدة لكان حقيقاً بالعبد أن لا يفتر لسانه من ذكر الله تعالى ، وأن لا يزال لهجاً بذكره ، فإنّه لا يحرز نفسه من عدوه إلا بالذكر ، ولا يدخل عليه العدو إلا من باب الغفلة ، فهو يرصده ، فإذا غفل ، وثب عليه وافترسه ، وإذا ذكر الله تعالى ، انخنس عدو الله وتصاغر ، وانقمع ، حتى يكون كالوَصع [ طائر أصغر من العصفور ] ، وكالذباب ، ولهذا سمي ( الوسواس الخناس ) ؛ لأنه يوسوس في صدور الناس ، فإذا ذكر الله خنس ، أي كف وانقبض . وقال ابن عباس : الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا سها وغفل وسوس ، فإذا ذكر الله تعالى خنس " .
ويقول ابن القيم : " الشياطين قد احتوشت العبد وهم أعداؤه ، فما ظنك برجل قد احتوشه أعداؤه المحنقون عليه غيظاً ، وأحاطوا به ، وكل منهم يناله بما يقدر عليه من الشرّ والأذى ، ولا سبيل إلى تفريق جمعهم عنه إلا بذكر الله عزّ وجلّ " .
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا خرج من بيته فقال : بسم الله ، توكلتُ على الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، يقال له حينئذ : هُدِيت وكفُيتَ ووُقِيتَ ، فيتَنَحّى له الشيطان ، ويقول شيطان آخر : كيف لك برجل قد هدِي وكُفي ووُقي ؟ ) . رواه أبو داود ، وروى الترمذي إلى قوله : ( له الشيطان ) .
وصح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، في يوم مائة مرة ، كانت له عدل عشر رقاب ، وكتبت له مائة حسنة ، ومحيت عنه مائة سيئة ، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك ، حتى يمسي ) . متفق عليه
وقال أبو خلاد المصري : من دخل في الإسلام ، دخل في حصن ، ومن دخل المسجد ، فقد دخل في حصنين ، ومن جلس في حلقة يذكر الله عزّ وجلّ فيها ، فقد دخل في ثلاثة حصون .
وفي صحيح البخاري ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة قال : " ولاّني رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة رمضانَ أن احتفظ بها ، فأتاني آتٍ ، فجعل يَحْثُوا الطعام ، فأخذته ، فقال : دعني فإني لا أعود .... " . فذكر الحديث ، وقال : فقال في الثالثة : " أعلمك كلمات ينفعك الله بهن ، إذا أويتَ إلى فراشك ، فاقرأ آية الكرسي من أولها إلى آخرها ، فإنه لا يزال عليك من الله حافظ ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح " فخلى سبيله ، فأصبح ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ، فقال : ( صَدَقَكَ ، وهو كذوب ) .
وذكر الحافظ أبو موسى من حديث أبي الزبير عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أوى الإنسانُ إلى فراشه ، ابتدرهُ ملكٌ وشيطانٌ ، فيقول الملكُ : اختم بخير ، ويقول الشيطان : اختم بشر ، فإذا ذكر الله ، ثم نام ، بات الملك يكلؤه .
وإذا استيقظ ، قال الملك : افتح بخير ، وقال الشيطان : افتح بشر ، فإن قال : الحمد لله الذي ردَّ علي نفسي ، ولم يمتها في منامها ، الحمد لله الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا ، ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده ، الحمد لله الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ، فإن وقع عن سريره فمات دخل الجنة ) .
رواه أبو يعلى ، ورجاله رجال الصحيح غير إبراهيم بن الحجاج الشامي وهو ثقة " .
وفي الصحيحين عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو أن أحدكُم إذا أراد أن يأتي أهلَهُ فقال : بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطانَ ، وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه إن يقدّر بينهما ولد في ذلك لا يضرهُ شيطانٌ أبداً ) .
وقد ثبت في (( الصحيح )) أن الشيطان يهرب من الأذان .
قال سهيل بن أبي صالح : " أرسلني أبي إلى بني حارثة ومعي غلام – أو صاحب لنا – فناداه منادٍ من حائط باسمه قال : وأشرف الذي معي على الحائط ، فلم ير شيئاً ، فذكرت ذلك لأبي ، فقال : لو شعرت أنك تلقى هذا لم أرسلك ،ولكن إذا سمعت صوتاً فناد بالصلاة ، فإني سمعت أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إنّ الشيطان إذا نودي بالصلاة ، ولى وله حصاص ) .
وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين ، فإذا قضي النداء أقبل ، حتى إذا قضي التثويب ، أقبل حتى يخطر ببين المرء ونفسه .... )
روى الإمام أحمد أن أبا تميمة سمع أحد الصحابة يحدث أنه كان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : عثر بالنبي صلى الله عليه وسلم حماره ، فقلت : تعس الشيطان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تقل : تعس الشيطان ، فإنك إذا قلت : تعس الشيطان تعاظم ، وقال : بقوتي صرعته ، وإذا قلت : باسم الله تصاغر ، حتى يصير مثل الذباب ) . قال ابن كثير : تفرد به أحمد ، وإسناده جيد .
خامساً : لزوم جماعة المسلمين :
ومما يبعد المسلم عن الوقوع في أحابيل الشيطان أن يعيش في ديار الإسلام ، ويختار لنفسه الفئة الصالحة التي تعينه على الحق ، وتحضّه عليه ، وتذكره بالخيرات ، فإن في الاتحاد والتجمع قوة وأي قوة ، عن ابن عمر قال : خطبنا عمر بالجابية ، فقال : يا أيها الناس ، إني قمت فيكم كمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا ، فكان مما قال : ( عليكم بالجماعة ، وإياكم والفرقة ، فإن الشيطان مع الواحد ، وهو من الاثنين أبعد .. ).
والجماعة جماعة المسلمين ، وإمام المسلمين ، ولا قيمة للجماعة في الإسلام ما لم تلتزم بالحق : الكتاب والسنة ، فعن أبي الدرداء قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من ثلاثة في قرية ولا بدو ، لا تقام فيهم الصلاة ، إلا قد استحوذ عليهم الشيطان ، فعليك بالجماعة ، فإنما يأكل الذئب القاصية )
وروى أبو داود في سننه من حديث معاوية بن أبي سفيان أنه قام فقال : ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا فقال : ( ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة ، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين ، ثنتان وسبعون في النار ، وواحدة في الجنة ، وهي الجماعة ).
سادساً : كشف مخططات الشيطان ومصائده
على المسلم أن يتعرف على سبله ووسائله في الإضلال ، ويكشف ذلك للناس ، وقد فعل ذلك القرآن ، وقام بهذه المهمة الرسول صلى الله عليه وسلم خير قيام ، فالقرآن عرفنا الأسلوب الذي أغوى الشيطان به آدم . والرسول صلى الله عليه وسلم كان يعرف الصحابة كيف يسترق الشيطان السمع ، ويلقي بالكلمة التي سمع في أذن الكاهن أو الساحر ومعها مائة كذبة ، يبين ذلك لهم كي لا ينخدعوا بأمثال هؤلاء ، وبين لهم كيف يوسوس لهم ويشغلهم في صلاتهم وعبادتهم ، وكيف يحاول الشيطان أن يوهمهم بأن وضوءهم قد فسد ، والأمر ليس كذلك ، وكيف يفرق بين المرء وزوجه ، وكيف يوسوس للمرء ، فيقول له : من خلق كذا ؟ من خلق كذا ؟ حتى يقـول : من خلق ربك



 توقيع : صمت القمر



رد مع اقتباس