منتديات قصايد ليل - عرض مشاركة واحدة

08-03-2010

تعليقي على الكتاب ..

ينتابك الإحساس طوال الوقت أنه يكتب هذا الكتاب ليجمع فيه كل معارف من سبقوه وكل معارفه .. وكأنه بمفهومنا " مدونة " زراعية .. حتى تحفظ هذا العلم ويكون مرجعا لكل من يبحث .. , حتى أنه يتعرض الأسئلة التي قد تتبادر إلى ذهن الباحث ويجيب عنها واضعا في الاعتبار اختلاف البلاد وأولويات كل بلد منها ...
وعند قراءة مميزاته حقا أشعر أنه عالم عبقري وصل بفكر لعلوم تربية النبات والزراعة المحمية والري بالتنقيط التي نعتبرها " اختراعات " جديدة تقوم عليها الآن كل علوم الزراعة الحديثة وتتجه إليها .. فـ إلى أي مدى كانت تلك العلوم الفلاحية متقدمة في الأندلس ... !

والآن حان دور الـ مطبخ ..

طريقة عمل زيتون الطعام بوصفة [ ابن العــوام ] ...

تخير من حب الزيتون الغض أغلظه حبا وأصفره نوى وذلك في شهر أكتوبر , ويجني من شجرته برفق لئلا يحدث فيه تهشيم ثم يغسل بالماء العذب ويكسر على لوح نظيف أو عود كذلك , وكلما كسر منه جعل في الماء العذب , ويغسل بعد الفراغ منه من ذلك ويجعل في خابية استعملت في زيت طيب , ويصب عليه ما يغمره من الماء العذب , ويترك أياما , ثم يراق ذلك الماء ويصب عليه ماء آخر , يكرر ذلك مرات ومن أحب استعجاله أكله إلا أنه لا تطول مدة بقائه فيكرر قصراته بالماء حتى يحلى الزيتون وتزول عنه المرارة والعلوصة , ومن أحب أن تطول مدة بقائه فيقلل قصارته بالماء , وإن أحب أن يحلى في مدة يسيرة فيقصره أولا بماء ساخن وبعد القصارة بالماء بغمره فيه , ويجعل فيه الملح مثل نصف عشر كيلة , وذلك جزء من ملح على عشرين جزء من زيتون .

,
نصائح [ ابن العــوام ] لـ صنع المعجنات ..
اعجنوا الدقيق بماء الدقيق وماء الخمير فإنه يكون أكثر غذاء من سائر أصناف الخبز ..
اجتنبوا العجين بماء قد بات في أواني الرصاص فإن ذلك يضر بالمعدة .
ويضيف طريقة خاصة لعمل المعجنات فيقول : يعجن له بماء الخمير , وكان في ماء الخمير نقيع الزبيب , ويخلط له في العجين دهن اللوز والربت فيجيء خبزا لا يكون ألذ منه ولا أطيب ..

,
عسل صناعي من عصير العنب ..
يطبخ عصير العنب الحلو حتى يصير إلى النصف , ثم يبرد في إجانة جديدة . ويلقى عليه كفا من دقيق , ويضرب معه بعجل ضربا شديدا بلا فتور حتى يغيب فيه ذلك الدقيق , ثم يحور إلى إجانة أخرى ويجعل فيه دقيق ويضرب معه بلا فتور حتى يغيب , ويعاد على الطبخ برفق ولا يغفل عن ضربه ليلا , ينزل الدقيق إلى أسفله وتؤخذ رغوته ولا يغفل بوجه عن ضربه , ويتمادى على طبخه وضربه حتى يذهب نصفه ثم يصير في آنية , ويخزن فيها وقد صار مثل العسل من أجود ما يكون .

,
حفظ الثمار ..
تقطف العنب للتزبيب إذا تناهى نضجه وحلاوته ولم يبق فيه مرارة ولا حموضة , لأنه إن لم يكن كذلك جاء زبيبه خفيفا في الوزن قليل الحلاوة , وكذلك التين .
يقطع الكمثرى صفائح رقاق ويقدروه وييبسوه ويأكلوه في الربيع والشتاء بعد أن يطبخوه ولا سيما إذا أصابهم الجهد , والمستعمل إنما يستعمله على أنه طعام قليل الغذاء .

... المصدر

..||[ من هو [ ابن العــوام ] الذي عرفته .. ؟ ]||..

استنجت من كل ما فات أن شخصية [ ابن العــوام ] كانت ..

شخصية شجاعة تعزز فيها الانتماء وحب الوطن نتيجة الحروب المستمرة ...

شخصية منفتحة عاشت مع اليهود والبربر والعرب والقوط أو المستعربين .. وتعلم من كتاب الفلاحة النبطية الذي يعتبر كتاب عقائد وثنية قديمة بجانب علم الفلاحة .. , مع تمسكه الشديد بدين الإسلام حيث بدأ كتابه بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وتجد في أسلوبه التوكل الدائم على الله سبحانه وتعالى ...

شخصية ثورية إلى حد ما لكنها محبة للسلام وتعشق الاستقرار .. إذ يظهر من كتابه وعلمه الغزير حبه الشديد للأرض .. ومن تنشأ بينه وبين الأرض علاقة قوية كـ هذه لن يشعر بها أو يفهمها إلا فلاح .. وأظنني أيضا أفهمها بما أني درست جزء من هذا العلم .. , فهذه العلاقة لا تعني إلا عشق الاستقرار وحب الخير .. خصوصا مع وجود الحروب الدائمة والخوف الدائم على ضياع الأرض في أي لحظة ...

شخصية طموحة جدا ومثابرة .. إذا قرأ لمئات العلماء وأقام التجارب بنفسه وكتب عنهم في تنظيم دقيق ما وجده صحيحا من آرائهم .. وربما سافر ليختبر أنواع الأراضي ويعرف أسئلة المشتغلين بالفلاحة ليجيب عنها كما فعل شيخه ابن حجاج ...

شخصية تتسم بالأمانة والأمانة العلمية الشديدة إذ أنه بين كل فقرة وأخرى يذكر عمن نقل سواء كان شيخه أبو الخير الإشبيلي وابن حجاج أو غيرهم .. برغم أن فهمه العميق يشي بأنه عرف ما يكتبه هذا عن تجاربه وخبراته الشخصية بجانب القراءة .. لكنه كان يكتفي بذكر ملحوظاته كتعليقات خفيفة بنهاية النقل ...

لم أر الجزء الثاني من الكتاب الذي يحتوي على الجزء الخاص بالإنتاج الحيواني أو فلاحة الحيوانات .. لكن يقال على لسان من قرؤوه أنه كان بارعا أيضا في الطب البيطري إذ أنه شرح بعض الأمراض الحيوانية وكيفية العناية بها ...

ربما اختار [ ابن العــوام ] هذا المجال ليكون من نجوم المجتمع في وقته لكني أشك في هذا الأمر لأن هذا الوقت أعتقد أن الزراعة فيه بإشبيلية كانت في حال ليست جيدة مثل ما سبقها من عصور .. , كما أنه كتب كتابه كما قال في البداية لـ " من يريد أن يتخذ الفلاحة صناعة يستعين بها بحول الله على قوته وقوت عياله " .. بينما لم يذكر الأمراء .. ويعني هذا أنه لم يكن من حاشية الأمراء في حدائقهم .. وإن كان ولم يكر هذا .. فـ يدل هذا على معدن طيب يهتم بـ الضروريات وبالناس قبل أن يهتم بمجد أو مكانة .. ,
حتى وإن كان هو نفسه من أغنياء حي الشرف كما جاء في وصف هذه المدينة سابقا .. فهو لم يذكر هذا .. مما يؤكد نبل شخصيته .. ومما يزيد في نفسي له حب في الله واحترام له ...

وجدته أيضا يستخدم معايير علمية دقيقة تستخدم إلى الآن .. ولا يدل هذا إلا على دقة وذكاء شديدين .. ويدل عليهما أيضا ما ورد منذ قليل عن تجاربه في " تربية النبات " ...

تعليق أخير ...

عندما نتحدث عن علماء المسلمين فنحن دائما نضع في أذهاننا صورة ذلك العصر الزاهي الذهبي الذي كانت فيه الحضارة الإسلامية في كل أنحاء الأرض تقريبا ..
لكننا إذا تحدثنا عن [ ابن العوام الاشبيلي ] لا يجب أن نضع تلك الصورة الزاهية في الحسبان حيث عاش في فترة اضطراب الأندلس وبداية انهيارها .. مما يجعله أقرب لتصورنا في صفاته وشخصيته من الكثير من العلماء ..

بالنسبة لي .. هو يعطي الأمل والشجاعة .. وهو أيضا مثل يجب أن أضعه أمامي عيني طوال الوقت .. خصوصا وأني زراعية .. ربما أكون مثله ...