هي /
إخراج العاصي من ظلمة المعصيه إلى نور الطاعة كما قال تعالى : ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ) فالرسل جميعاً بعثهم الله لإخراج الناس من الظلمات إلى النور ، فالدعوة كانت إلى المعروف الأكبر ، وهي الايمان بالله ، والنهي عن المنكر الأكبر ، وهو الكفر و الشرك بالله ،
صور النماذج الدعوية :
ماقام به نبي الله نوح عليه السلام حيث دعاء قومه سنوات طويله ، دون ملل أو يأس ، قال تعالى : ( و لقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فلبث فيهم إلى ألف سنه إلا خمسين عاماً ) .
يوسف عليه السلام - لم يمنعه ضيق المكان ، وقلت الحركة ، وكثرة الحراس ، من دعوة منّ كان معه في السجن ، فدعاهم إلى الله ، قال تعالى : ( يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ) .
نبينا محمد صلى الله عليه وسلم استمر بالدعوة طول حياته ، ولاقى من الجُهد والعنت و الأعراض و الصدود و الاستهزاء و النفور الشيء الكثير ، حتى وصل الحال إلى محاولة قتله صلى الله عليه وسلم مرات عدة ، وإدمي قدمه الشريف وشج رأسه ، وكسرت رباعيته صلى الله عليه وسلم ، واتهم انه ساحر ومجنون و شاعر و كاهن ، ولم يعيقه هذا من تبليغ الدعوة لله .
وهذا ابو بكر الصديق الخليفه الأول للمسلمين رضي الله عنه ، لم يشغله الحزن على وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم عن أمر الدعوة ، فعقد الألوية ، وسير الجيوش ، وأرسل الدعاة و الوفود ، وحارب المرتدين ،
وفاروق الأمه عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان على فراش الموت ، وجرحه ينزف ، ولم يترك أمر الدعوة إلى الله ، فقد نادى شاباً ، وأدبر وإزاره يمس الأرض ، فقال : ردوا علي الغلام ، ثم قال له : مؤدباً ومشفقا : ( يا بن أخي أرفع ثوبك ، فإنه انقى لثوبك ! و إتقى لربك )
حكم الدعوة الى الله :
وجوب الدعوة إلى الله ، وإنها من الفرائض ، دلت عليها الأدله من الكتاب والسنه ، منها قوله تعالى :
( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الله الخير و يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) .
ومنها :
(قل هذه سبيلي أدعوا الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني )
فرض كفاية : وصرح بذلك العلماء بالنسبة للاقطار التي يقوم بها دعاة الله ، أي تكون الدعوة الى الله فرض كفايه إذا لم يقم بها من يكفي سقط الحكم عن الباقين .
سنة مؤكدة : في حق الباقين ، في المكان الذي فيه من يدعوا الى الله ، فتكون عملاً صالحاً جليلاً لهم .
واجبة على الجميع : ( فرض عين ) إذا لم يقم أحد من أهل الإقليم بالدعوة ، وصار الآثم عاماً ،
وعلى كل مسلم ان يقوم بالدعوة إلى الله ، كلاً حسب طاقته و إمكانية ، وبهذا يُعلم ان كون الدعوة فرض عين ، وكونها فرض كفاية أمر نسبي ، ثختلف بحسب الحال بوجود دعاة في محلهم ، أو بعدم وجود من يقوم بالدعوة .
صفات الداعية :
إن تبليغ الدعوة إلى الله تعالى يكون بالقول وبالعمل ، وبسيرة الداعية التي تجعلها قدوة حسنة لغيره ، فتجذبهم إلى الاستجابه لما يدعوهم إليه .
أولاً : ان يكون على بصيرة :
قال العلامة ابن القيم : ( إذا كانت الدعوة إلى الله تعالى اشرف مقامات العبد ، و أجلها ، و أفضلها ، فهي لا تحصل إلا بالعلم الذي يدعو به و إليه ) .
قال ابن كثير : ( في قولة تعالى : ( ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله ) أي دعا عباد الله إليه . ( وعمل صالحاً و قال إنني من المسلمين ) أي و هو مهتدي بما يقول ، فنفعه لنفسه و لغيره لازم ، ومعتد ، وهو ليس من الذين يأمورون بالمعروف و لا يأتونه ، و ينهون عن المنكر و يأتونه ، بل يأتمر بالخير و يترك الشر ....) ،
قال الشيخ ابن باز - رحمه الله تعالى : ( إياك ان تدعو على جهالة ، و أياك ان تتكلم فيما لا تعلم ، فالجاهل يهدم و لا يبني ، ويفسد ولا يصلح ، فتق الله يا عبد الله ، أياك ان تقول على الله بغير علم ، لاتدعو إلى شيء إلا بعد العلم به وعلى الداعية ان يتبصر فيما يدعو اليه ... ) .
ثانياً : الإخلاص :
حث الإسلام على الإخلاص في أي عمل و الحذر من الرياء ، ولا سيما عند القيام بالدعوة إلى الله ، فعلى الداعية ان يكون غرضه من الدعوة إلى الله ابتغاء وجه الله تعالى ، وان يستحضر الإخلاص في عمله ، والصدق مع الله في دعوته ، حتى تثمر ، ويكتب لها القبول ، ويثبت بها الأجر ، قال تعالى : ( وما أمورا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) .
ثالثاً : القدوة الحسنة :
إن الداعية إلى الله ينبغي ان يكون قدوة صالحة ، فيما يدعوا إليه ، وألا يكون ممن يدعو إلى شيء ثم لا يأتيه ، أو ينهى عن شيء ثم يرتكبه ، قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون . كبر مقتاً عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون ) .
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : ( يؤتي بالرجل يوم القيامة ، فيُلقى في النار ، فتندلق اقتاب بطنه ، فيدور فيها كما يدور الحمار بالرحى ، فيجتمع عليه أهل النار فيقولون له ، يا فلان ألم تكن تامر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر ؟ فيقول بل كنت أمركم بالمعروف و لا آتيه ، و أنهاكم عن المنكر و آتيه ) .
و إن أعظم دعوة يقوم بها المسلم هي دعوة نفسه ، فيبدأ بها ، ويلزمها الطاعة ، و يجنبها المعصية ، ويجاهدها على الاستقامة ، ثم يبدأ بمن تحت يده من زوجة و أبناء ، لمن دعوتهم فرض عين عليه .
رابعاً : الرفق و الحلم :
من الأخلاق التي ينبغي على الداعية ان يتصف بها : الحلم و الرفق ، والصبر على الاذى ، وان يكون كلامه هيناً ليناً ، ويبتعد عن العجلة و العنف و الشدة ، حتى يؤثر بالقلوب. وتلين لقوله ، وان يتأسى بالرُسل _ عليهم السلام - و قد أمرهما الله باللين مع فرعون ، فقال تعالى : ( فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى ) ، وقال صلى الله عليه وسلم ، ( اللهم من ولي من أمر امتي شيئاً ، فرفق بهم فأرفق به ، ومن ولي من امتي شيئاً فأشق عليه ) .
وان يكون بشوشاً منبسط الوجه ، فالأبتسامه مفتاح للقلوب ، فهي تزيل الوحشة و تبعد الفرقة .
وعليه أن يتقدم العفو و الصفح عمن جهل عليه ، وان يكون نبراس حياته قوله تعالى : ( خذ العفو و أمر بالمعروف و اعرض عن الجاهلين ) وقوله : ( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك و بينه عدواة كأنه ولي حميم ) ،
من فوائد الدعوة إلى الله تعالى :
الفوز بالجنة و النجاة من النار .
دلالة الناس على الخير ، وهدايتهم اليه .
دليل على صلاح العبد الداعية و استقامته .
تثمر محبة الله و محبة الناس .
التشبه بالانبياء و الصالحين ، وسلوك مسالكهم .
نشر الفضيلة ، ومحاربة الرذيلة .
بها تصلح الأفراد ، وتسعد الشعوب .
باب من أبواب النصيحة إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
مضاعفة الأجر للداعية . بعدد المستجيبين له .
صلة الدعوة إلى الله بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر :
- إن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر أوسع دلالة من الدعوة إلى الله ، إذا ان الدعوة إلى الله أمر بالمعروف الأكبر وهو الايمان بالله ، ونهي عن المنكر الأكبر وهو بالله .
-الدعوة تهدف إلى الإقناع و الوصول الى القلوب ، للتأثير فيها حتى تتحول عما هي عليه من الأعراض و العناد ، إلى الإقبال و المتابعة .
أما الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فقد يهدف إلى ذلك ، وقد يهدف الى مجرد وجود المعروف و النهي عن المنكر ، سواء حصل الإقناع و المتابعة أم لم يحصل .