الفصل السابع :
مضت هيلاري إلى مكتب الاستعلامات بالفندق، تخطرهم بعزمها على زيارة الحي الشرقي فزودوها بدليل يصحبها إليه. ومضى الدليل تصحبه هيلاري يجتازان حديقة الفندق الشاسعة الارجاء ، حتى اذا انتهيا إلى طرفها القصي أخرج الدليل من جيبه مفتاحا كبير الحجم ، وفتح به بابا تكاد تحجبه الأشجار عن النظر ودلف منه تتبعه هيلاري.
وتسمرت هيلاري مكانها في عجب ودهشه ، فقد الفت نفسها في دنيا غير تلك الدنيا التي كانت تعيش فيها منذ لحظات. إذن فهذا هو الحي الشرقي الشهير.
شوارع ضيقه ملتويه لا تكاد تتسع لاثنين يسيران جنبا إلى جنب ، وبيوت منخفضه متلاصة لو ان الاذرع ارتعت لطاولت سقوفها ، واناس يروحون ويغدون في عباءاتهم الوسيعه الفضفاضه ، اما الحوانيت فتكدست فيها السلع والتحف الشرقية الجميله المصنوعه من الجلد المزركش او النحاس المشغول.
وفتنها المشهد وسحرها ، لولا هذا الدليل الذي كان لا ينفك يثرثر في اذنها من لحظة لأخرى:
- انظري لهذا يا سيدتي .. تأملي ذلك .. هل يعجبك هذا ؟!
كأنما ليس لها عينان ترى بهما ..
واخيرا قال لها الدليل بعد ان امتدت بهما الجولة وطالت:
- والآن سأذهب بك ياسيدتي إلى مشرب للشاي حيث تتناولين الشاي المغربي الشهير بمذاقه اللذيذ.
ومضى بها إلى مشرب يقع على سفح احد التلال.
فألفت نفسها داخل مبنى شرقي الطراز تناثرت فيه على ارض القاعه وسائد من الجلد المزكش، وارائك مكسوه بقماش منقوش زاهي اللون . وقدم إليها الشاي المخلوط بالنعناع في كوب زجاجية صغيرة الحجم وكان عليها ان تشرب مثنى وثلاث ورباع.
وقال لها الدليل :
- والآن سآخذك في السيارة إلى الضاحية لتري مشهد الطبيعه في بلادنا وهو مشهد ساحر خلاب.
ثم اردف :
- ولكن هذه الجرسونه ستذهب بك اولا إلى الحمام إذا لا شك انك تريدين ان تغتسلي.
ودخلت الجرسونه في الحديث قائله بابتسامه لطيفه :
- إن لدينا في فزان يا سيدتي حمامات رائعه لا تقل جمالا عما رأيت في لندن او باريس او شيكاغو.
ونهضت هيلاري عن الوساده التي كانت متربعه فوقها ومضت في اعقاب الجرسونه.
كان الحمام فعلا على غاية من الأناقة والنظافه وكان مزودا بالماء الساخن والبارد . وفرغت هيلاري من تجميل نفسها وهمت بالخروج .. ولكنها حين ادارت مقبض الباب استعصى وابى ان ينفتح.
عقدت هيلاري مابين حاجبيها دهشة وغضبا إذ مامعنى ان تحبس في الحمام ؟ ومن يكون ذلك الذي اوصد عليها الباب من الخارج؟
وهمت بأن تقرع الباب لولا أن فطنت إلى باب اخر يقوم في الجدار المقابل فسارت إليه وأدارت مقبضه فانفتح على الفور.
وجدت نفسها في غرفه صغيره شرقية الطراز معتمة الضوء. وحين الفت عيناها الرؤيه وادارت بصرها في انحاء المكان ، إذ بها تراه جالسا هناك على اريكه يدخن سيجارته في هدوء.
ذلك الفرنسي الذي التقت به في القطار .. مسيو هنري لورييه.
|