شكرا للمتابعه يالله نكمل الحين
****
حطت الطائرة المروحية في المكان المخصص لها في مزرعة"ميرث"، وبمجرد أن توقفت المراوح قفز "سوير" من الطائرة ليذهب إلى الجانب الآخر منها ويقوم بفك حزام الآمان الخاص بـ"بيب".
نظرت حولها وقالت:
-أتستءل عن السبب الذي جعل الأاطفال لايأتون لستقبالنا، أو على الأقل "سكوتر"و"دافي"...
امسك بيدها وجذبها برقة خارج الطائرة وقال في قلة صبر وحرج:
- حسنا هيا تعالي معي الآن!
قالت "بيب" محتجة:
- تمهل يا "سوير"! مابك اليوم؟ أجدك شديد القلق.
- اتجدينني كذلك حقا؟ قلق كيف؟
فكرت ثم ردت:
- لست ادري ، ولكنك تبدو مفرط الإثارة، هل فهمت ما اعني؟
رد "سوير" وهو يجذب يدها بنوع من الشدة:
- افهم ماتعنين جيدا . والآن اتبعيني.
سار الأثنان معا نحو المبنى الرئيسي وعند اقترابهما منه رأت "بيب" الأولاد مجتمعين أمام المبنى كانو ينظرون باهتمام إلى السيد "مات"كأنهم ينتظرون منه إشارة ما، وعندما رأى هذا الاخير الزوج يقترب وضع على فمه مزمارا قديما وبدأ يعزف لحن نداء وسرعان ما بدأ الأولاد الذين كانوا يحملون في ايديهم قطعا مستطيلة من الورق المقوى. يجرون في كل الأتجاهات ليشكلوا في النهاية صفا واحدا أمام "بيب" و"سوير" . وكان مكتوبا على قطع الورق المقوى المصفوفة بجانب بعضها العبارة التالية:
- "بيب" ،إنني احبك.أرجوك أن تقبلي الزواج بي!
"سوير".
كانت لاصدمه شديدة على "بيب" جعلتها تنهار من البكاء. كانت نظراتها تنتقل من العبارة المحمولة بواسطة الأطفال إلى"سوير" الذي كان ينظر إليها نظرة طفل فعل شيئا خبيثا.
وقال لها في النهاية:
- مارايك؟
- لست أدري ماذا يمكنني أن اقول لا تسعفني الكلمات لذلك.
ترك "سكوتر" و"دافي" الصف ليتجها مسرعين إلى الشاب.
صاح "سكوتر" قائلا:
- هل كان الأمر جيدا يا "سوير" ؟ ألم نخطىء؟
رد قائلا قبل أن يتوجه بالحديث إلى باقي المجموعة:
- الفكرة ناجحه تماما .كنتما رائعين حقا. أهنئكما على ذلك .
قال الطفل الصغير قبل أن يوجه كلامه للفتاة:
- أسمعت يا "دافي" لقد كنا رائعين هل ستتزوجين منا أيضا يا سيدتي؟
صاحت وهي تضحك قائلة:
- أنتم جميعا؟ لكن...
رد الطفل وهو ينظر إلى "مات" الذي كان يقوم بجمع الصبية:
- أظن أنك ستتزوجين "سوير "فقط بالإضافة إلى أننا يجب أن نترككم لأن السيد "مات" قال لنا: إن علينا أن ندعكم تستمتعون بوجودكم هنا بمجرد أن ننتهي من آه...؟ كيف نقول ذلك؟
- مهمة؟
صاح الطفل :
- نعم ، هذه هي مهمتنا.
تأثرت الفتاة من هذا الموقف وانحنت نحو الطفل لتحتضنه. قبلها "سكوتر" قبلة سريعة قبل أن يتقد "دافي" في خجل. قال بصوت خافت جدا قبل أن يقبلها :
- إننا نحبك جدا.
احتضنته وردت عليه فورا بصوت يحجبه التأثر:
- وأنا أيضا ، أحبكم كثيرا.
ثم ذهب الطفلان، لينضما لباقي المجموعة تاركين "بيب" و"سوير" وحدهما . قبل "سوير" وجنة الفتاة وسألها بخبث:
- هل لي الحق في شيء صغير أنا أيضا؟
- نفس الشيء؟
- "احبك"مثلا؟
لم ترد
- قال في النهاية:
- هل تحبينني؟
- بالطبع أحيك أو على الأقل هذا ما اعتقده،لأنني لم يسبق لي أن احسست بهذا قبل أن القاك.
نظرت من حولها قبل أن ترتمي في أحضان "سوير" ثم عادت لتقول في صوت مرتجف:
- لست ادري معنى كل هذا . كل شيء مضطرب في رأسي ولا أستطيع حتى التفكير.
ضمها نحوه بقوة.
- مالذي يجعلك مضطربة؟ أكونك تحبينني أم لأنك ستتزوجين مني؟
ردت "بيب" شارحة:
- كل شيء مضطرب منذ أن عرفتك ، لايوجد شيء بقي على حاله في حياتي ، لقد تسببت في قلب كل الأاوضاع راسا على عقب.
قال وهو يبتسم:
- ياعزيزتي المسكينة.
ردت بشدة:
- إنني لا اجد مايضحك في هذا الأمر يا "سوير هايس".
قال بسرعة:
- طبعا إن الأمر لايستدعي الضحك.أظن أنه يجب علينا أن نتحدث، هيا بنا نجلس فوق جذع الشجرة فسوف نستطيع هناك أن نناقش الأمر بهدوء أكثر أتوافقين؟
جلسا فوق الجذع ، ثم امسك "سوير" بكفي"بيب" وقال:
- كلي آذان مصغية.
- لقد كانت حياتي قبل أن اعرفك منظمة جدا حتى الفوضى فيها كانت- بطريقة ما- منظمة أيضا وطبعا كانت هناك تلك الأبحاث التي كنت أجريها على سلوكي ولكن حتى هذا الأامر كان مرتبا في حياتي وكان عملي هو المحرك الوحيد، متعتي الوحيدة في الحياة وظننت وقتها أنه سوف يبقى كذلك إلى الأبد ، إن الطبيعة قد حبتني ببعض القدرات الخاصة، ولذلك أخذت عهدا على نفسي أن أجعل المجتمع يستفيد منها لأقصى درجة.ولكن...
- لكن؟
- لكني اكتشفت معك الوجه الخفي لنفسي وجه اكثر جنونا ، أكثر طيشا علمتني أنت كيف ألهو وكيف أستمتع بالحياة ووجدت أنني قد أحببت هذا كثيرا. ولكنني في نفس الوقت لن أستطيع اللهو طوال حياتي. أليس كذلك؟ إنني غارقة في الفوضى ولم أكن أبدا أطيق ذلك. ولا أعرفأين أنا، لم أ‘د أعرف من وأين أنا ولاحتى ماذا أريد.
همس قائلا:
- لكنني أ‘رف من أنت؟! إنك المرأة التي أحبها والتي أريد أن أتزوجها وأقضي معها بقية عمري.
- لكني لاأعرف حتى معنى أن أكون امرأة ولاماذا سأفعل ببقية عمري. لست أدري إن كنت سأستطيع التأقلم مع أسلوبك في الحياة، وبالرغم من كل ماعشناه معا إلا أنني مازلت لاأصدق بوجود الحظ أو السحر . كل شيء مختلط ، إني أحس أنني ضائعة.
ارتمت بين ذراعي"سوير" وانهارت باكية، فضمها إليه بأقصى قوته.
وهمس لها قائلا وهو يمسح دموعها بطرف قميصه:
- اهدئي ، كل شيء سيكون على مايرام،لاتبكي قولي فقط ماذا يمكنني عمله حتى أخرجك من هذة الحالة وهل يمكنني فعله؟
استنشقت ثم قالت له:
- لابد لي من وقت لأرتب فيه افكاري وحدي.
- تريدين أن تقولي بدوني؟
ردت وهي تهز راسها:
- بالضبط، لأن كل شيء يختلط علي عندما نكون معا.
سألها في حيرة:
- وكم من الوقت؟
- لست أدري.
- إنني احبك جدا يا "بيب" ومستعد لأن أفعل أي شيء من أجلك.إن كنت تريدين مني أن أغير من حياتي فسأفعل ذلك بمجرد أن تطلبيه.
- لا داعي لذلك يا"سوير"، فأنا أفضلك كما أنت ، وعلى كل حال سوف تكون تعيسا إذا ماحولت أن تسير ضد طبيعتك وأظن أن المشكلة لاتتعلق بك بل بي أنا...
- أعتقد أنك تعانين من أزمة في الشخصية.
- ربما، ولكني يجب أن عكف على دراسة المشكلة قبل أن اتخذ أي قرار أريد أن اقوم بتركيب القطع من جديد وأخشى أنني لن أستطيع ذلك.
اخشى ذلك كثيرا.
- حبيبتي، لاأ‘رف شيئا سوى أنني أحبك. وأود أن أعرف إن كان هذا الذي يحدث لك بسببي أم بسبب شيء آخر قلته أنا؟ هل هو بسبب العمل الذي عرضته عليك؟ أم أمي؟
قال"بيب" بعد أن فكرت مليا:
- ربما، ولكنني لا أعرف ،إن كان الأامر حقا يتعلق بذلك .على كل حال كنت افكر في العودة إلى العمل حتى أجد نفسي في وسط مألوف ربما ساعدني ذلك على التفكير . ما{ايك؟
- إن كنت ترغبين في العمل فلقد عرضت عليك"ميرث" المكان الخالي لعملك بها.
- يجب علي أن أفكر ولابد لي من وقت لذلك، القوت هو ما احتاج اليه فعلا.
تنهد "سوير" كأنه رضي بالأمر وتبسم للفتاة بحزن.
وقال لها:
- أظن ان الأطفال كانوا يأملون في أن نصطحبهم لاحتفال مفاجىء صغير. ولكنني أرى أن الوقت غير مناسب لذلك...
ردت "بيب" وهي تعود للبكاء من جديد:
- أعتذر عن تصرفي بهذه الطريقة إنني أفسد كل شيء...
قال "سوير" وهو يحتجز إحساسه بالحزن بقدر مايستطيع:
- لاعليك أحتفظي بقميصي لتجففي دموعك سأذهب لأخبر الأطفال أنك مرهقة قليلا من جراء المفاجأة.
حاول جاهدا أن يبتسم قبل أن يقول لها:
- على كل حال أظن أن هذا ماحدث تقريبا أليس كذلك؟ لقد كان غباء مني أن أفعل معك هذا كان علي أن أتوقع ذلك، سوف أعود حالا.
خلع قميصة ليتركه للفتاة ثم ابتعد تاركا إياها شاردة بين أفكارها . كان هناك ألم الم لم تألفه يجثم فوق صدرها ولكنها أجبرت نفسها بالرغم منه على التفكير. هل كانت تحب ذلك الرجل حقا؟ طبعا إنها تحبه! كان عليها أيضا أن تعترف بأنه من طراز خاص، مثل ثائر على الحياة ولكن ثورته كانت مميزة كان يبدو كأنه بعيش في عالم خيالي ، بعيد كل البعد عن واقعه الخاص حتى هي لم تكن تعرف موضعها في الوجود ، وكانت تخشى أن يزيد "سوير" من تعقيد الأامور أكثر مما هي عليه.
اعترتها موجة من الخوف مما جعلها تدس وجهها في قميص "سوير"، كانت رائحة الشاب تغمر حواسها، تزيد من إضطرابها كانت ترغب في أن تعدو خلفه وتخبره بأنها مستعدة لأن تشاركه كل شيء ومهما حدث.
لكنها لم تفعل ذلك. كانت تحتاج إلى وقت للتفكير ، لتجد الخلل بداخلها.
من أجلها واجله ومن أجل أن يستطيع حبهما أن يستمر . في هذه الأثنلء كان "سوير" يفكر بسرعة ، فكر في الأطفال وإلى أي مدى سوف يحزنزن بل ويحبطون أيضا ولكن ليس بنفس درجته هو، لأنه مهما بحث عن كلمة يعبر بها عن إحساسه بالقلق أمام مااعترفت به"بيب" له في الحقيقة لم يكن يتوقع أن يكون رد فعل "بيب" بهذه الطريقة. لم يكن يستطع أن يتصور أن شيئا سوف يتعارض مع مشاريعة بمثل هذه الطريقة الفجة. كان دائما يشعر أن هذه المرأة خلقت من أجله، منذ أول مرة رآها...
قال في نفسه محدثا إياها في غضب:"يالي من مغرور، متعجرف"!
لأول مرة في حياته كان هناك شخص يفكر بعكس مايجول بخاطره، ويكون لديه آمال غير آماله هو. ولأول مرة كان عليه أن يواجه نفسه،وطريقته في الحياة.
هل كان فعلا شخصا عديم المسؤولية؟ ومع ذلك كان يعلم أن كثيرا من الناس يظنون به ذلك.حاول إقناع نفسه قائلا لها:
- "إنهم لايفهمون، ولايرون ماأراه أنا". ولكنه كان يظن أن"بيب"تفهمه ، بل كان يريد إقناع نفسه بذلك.
لم يكن عليه سوى الأمل ، الدعاء...والأنتظار.
|