******
الفصل الثـــــــامن
قالت "بيب" بصوت مختنق :
- إنك تمزح يادكتور! لايمكن أن اكون مصابة بداء " الحميراء".
رد الطبيب قائلا:
- أنا جد آسف ،"سنيورا" ، ولكنك مصابة فعلا بـ"الحميراء". لاداعي للقلق فمع بعض الأدوية المفيدة ، لن يدوم الأمر اكثر من يومين أو ثلاثة، وبعد ذلك يمكنك أن تعودي للاستمتاع بشهر العسل.
اعترضت الفتاة قائلة:
- لكنه ليس شهــ....
قاطعها "سوير" بسرعة قائلا:
- موتشاس جراسياس!
واصطحب الطبيب خارج الغرفة. ثم قال هذا الأخير لـ "سوير":
- لابد من الراحة التامة يا سيد"هايس" ، يجب أن تتجنب المجهودات البدنية الشديدة. اجعلها تشرب كميات كبيرة من الماء دون أن تنسى إعطاءها الأدوية أربع مرات يوميا. ثم قال الطبيب بصوت يملؤه الحرج:
- هل من الممكن أن تكون السيدة حاملا؟
رد "سوير" وهو يدافع ابتسامته:
- مستحيل .
قال الطبيب وهو يتوجه نحو باب الخروج:
- بوينو، بوينو، لأن هذا النوع من الأمراض خطير جدا على صحة الأم الحامل وخاصة على الجنين ، أتدرك ما أعني؟ اعتني بها جيدا! أديوس سنيور.
اغلق "سوير" الباب ثم اتجه إلى غرفة "بيب" التي كانت مستلقية ووجهها شاحب ، كانت علامات الضعف تظهر عليها بوضوح وقلبها يخفق ببطء.
تمنى أن يكون مكانها وأن تنتقل إليه آلامها بدلا من أن يراها في هذه الحالة. كان يشعر بعجزه وقله حيلته.
قالت "بيب" بصوت ضعيف:
- "سوير" ، إنني اسفة ،آسفة جدا...
احس "هايس" أن قلبه يتحطم مثل الزجاج ، إلى الف قطعة صغيرة، أمسك يدها بحنان واقترب منها وقال مطمئنا إياها:
- حبي، لا داعي للأسف ، بالتأكيد إن مااصابك كان بسبب" سكوتر" أي بسببي أنا .إنني أشعر بأني مسؤول عن افساد إجازتك...إجازتنا.
ردت الفتاة بلطف:
- إنك أبله، لم تكن تعلم أنني سوف ألتقط المرض.إنني ألوم نفسي كثيرا على إفساد إجازتك ..إجازتنا.
- من قال إنها فسدت؟سوف تكونين بخير بعد يومين.
ردت "بيب" بصوت حزين:
- لكنك ستشعر بالملل خلالهما.
صاح "سوير" قائلا:
-أشعر بالملل؟ لا انك تمزحين بالتأكيد! مع كل الألعاب التي اخترعتها عندما كنت طفلا صغيرا سوف نجد مايجعلنا لانحس بمرور الوقت ،إلا إذا كنت تودين أن تلحق بنا "نان" ، أستطيع الذهاب لإحضارها.
- كلا، ارجوك، فبالإضافه إلى انها تكره ركوب الطائرة، أود أن نكون وحدنا.
قال"سوير "وهو يبتسم:
- لم تكوني لتسعديني أكثر من هذا . عليك الأن ان تستريحي سوف أذهب لتجهيز عشاء فاخر وسأقدمه لك بنفسي.
خرج من الغرفة ليجري مكالمة مع سكرتيرته في "هيوستن".
سألته "جلوريا":
- ولكن ماذا تفعل في "أكباولكو"؟
- حاليا العب دور الطبيب.
- معذرة؟
- إنني لا أمزح . لا اريد أن يعلم "ليونارد " بالأمر. ولا أي شخص اخر ايضا.
- ووالدتك؟ لقد اتصلت بك مرتين اليوم.
- قولي لهم جميعا: إنني في "اوروبا" ، لأتم بعض الاعمال ، ولن أعود إلا بعد أسبوع.
- لكن أين في أوروبا؟
- في أي مكان، لكن لاتذكري وجودي في "المكسيك".وقومي بتأجيل اجتماع مجلس الإدارة إلى الأسبوع القادم . وإذا ما سألك "ليونارد" لماذا؟ فعليك أن تخبريه أنها تعليماتي.
كررت "جلوريا" :
- الأسبوع القادم ، لاتوجد مشكلة ، سوف أنقل أوامرك .
قال "سوير" لـ"بيب" آمرا إياها:
- افتحي فمك!
ردت "بيب" محتجة:
-إنني استطيع أنآكل بنفسي.
ولكن "سوير" تجاهل احتجاجها وواصل حديثه بصوت مرتفع وهو يقرب ملعقة الحساء من فم"بيب":
- وهذة هي السيارة الطائرة ، هيا افتحي باب الكهف!
- سيارة طائرة؟ باب الكهف؟
- إن هذه الأمور دائما ماكانت تأتي بنتيجة إيجابيه معي عندما كنت طفلا.
- لكن لماذا علي أن اتناول حساء الدجاج في الوقت الذي تعج فيه عربة الطعام بالمأكولات الشهية مثل الكركند وعيدان الهليون. وهذا ما أشتهيه حقا.
- فلنر في البداية إن كنت تستطيعين تناول الحساء ثم بعد ذلك ننتقل إلى الأطعمة ذات القوام الأكثر كثافة، بالإضافة إلى أنه مناسب لمرضك.
انتزعت "بيب" طبق الحساء من بين يدي الشاب وسألته:
- ولماذا لا تجرب ان تتناوله انت؟
رد "سوير" قائلا:
- لأنني نلت كفايتي عندما كنت طفلا ، وإنني اكرهه الآن. هل أنت بخير؟
ردت بعد أن تناولت حساءها ومدت يدها لتناوله الطبق:
- على أحسن مايرام. والآن هل لي في بعض الكركند؟
رد مقترحا:
- طبعا، سوف أقوم بإحضار قطعة منه.
- "سوير" ! أستطيع وأحب أن أفعل ذلك بنفسي!
نظر إليها بحزن.
- الا تريدين أن اقدمه لك بنفسي؟
قالت وهي تحدث نفسها:"أيتها الحمقاء، إنه لطيف معك وبالرغم من ذلك لاتجدين سوى تأنيبه." نظرت "بيب" حولها، كانت الغرفة تعج بعلب الألعاب الاجتماعيه المحاطة بباقات من الزهور الفاخرة . كان"سوير" قد جعل سكرتيرته ترسل إليه جهاز عرض فيديو والكثير من الشرائط معه.
قال "بيب" في النهاية:
-إنني اسفة ، كنت أفضل أن أتناول عشائي بنفسي معك بدلا من أن تقوم ا نت بإطعامي .إنني لست مريضة لهذه الدرجة.
نظر إليها"سوير" بغرابة ثم قال:
- حسن ، ربما أنني تجاوزت بعض الشيء، لم لا تحاولين إطعامي حتى نغير بعض الشيء؟
انفجرا ضاحكين ثم جلسا لاستكمال عشائهما بهدوء على ضوء الشموع . وبعد أن تناولا طبق الحلو قال لها متسائلا:
- هل تريدين اللعب أم مشاهدة فيلم ما؟
- أظن أن مشاهدة الفيلم ستكون أفضل .ماذا تقترح علي؟
- أتصدقين أنني عثرت على فيلم "لنغني تحت المطر" مارايك؟
- جيدا !هل تتصور أنني لم أشاهده مطلقا؟
رد على "بيب" وهو يضع شريط الفديو داخل الجهاز قبل أن يعود ليستلقي بجانب الفتاة:
- هذا خطأ من السهل إصلاحه . سوف تستمتعين به كثيرا... بعد لحظات صاح قائلا:
- لا أصدق ذلك!إنه ناطق بالإسبانية.
ردت المرأة وهي تضحك:
- طبعا، ماذا كنت تظن إننا في "المكسيك"
قال وهو يبتسم بمرح:
- حسنا..لاتوجد مشكلة إذن لأني أحفظه عن ظهر قلب وأنت تتقنين الإسبانية فسوف تترجمين لي إذا وجد شيء لا أفهمه.
****
أحست "بيب" أثناء نومها بشيء يجثم على صدرها وأرجلها ويمنعها من الحركة ،أحست بالرعب وفتحت عينيها ،وبدأت تصرخ وتحاول أن تتخلص من هذا الحمل الثقيل.
فزع"سوير" وجثا على ركبتيه فوق السرير ثم قام بإنارة الغرفة وقال متلعثما وهو يفحصها بقلق:
- ماذا هناك ؟ هل تشعرين بشيء؟ هل تتألمين؟
اكتشفت الفتاة أنه لم يكن سوى"سوير" الذي كان نائما فوقها دون أن يشعر وهو ماكان يخيفها وسرعان مازال خوفها ونظرت إليه باستغراب:
- لقد أفزعتني. ماذا تفعل هنا في سريري؟
قال معترضا:
- كنت نائما، هل تريدين دواءك؟
- كلا شكرا. ولكني كنت أظن أن هناك غرفة ثانية.
- نعم توجد غرفة ثانية ولكنني فضلت البقاء بجانبك لعلك تحتاجين شيئا ما .
- لكن....
قال وهو يقوم إلى اجانب الآخر من السرير:
- لا توجد لكن،سأبقى هنا ولاداعي أن تمثلي دور الخجول.فبعد يومين لن يكون هناك مجال للخجل بيننا.
رفعت"بيب" الغطاء على وجهها حتى لايلاحظ احمرار وجهها. ولكن"سوير" لم ينظر إليها ،بل اكتفى بإصلاح الأغطية ثم إطفاء الأنوار ليستلقي بجانبها من جديد.
- "سوير" ،ألا تشعر بالبرد؟.
- لا.
- لماذا لاتدخل تحت الأغطية معي؟
- لم بحن وقت ذلك بعد.
ساد صمت طويل لم يكن يسمع سوى صوت الأمواج المتكسرة على الشاطىء كان أريج الأزهار الاستوائية يملأ المكان كان الجو مثيرا بعض الشيء.
-"سوير"؟
-هممم؟
أتعلم أنني لم أقابل في حياتي رجلا مثلك؟
رد"سوير":
- شعور متبادل.
- حقا؟
- نعم.
- "سوير"؟
- هممم؟
- اعتقد أنني قلقة بعض الشيء بخصوص ....تعلم ماأعني.
- لاتقلقي ،إنها مجرد أوهام تدعى"مرض الخطيبة".
- لكنني لست مخطوبة.
رد بصوت محشرج:
- يمكننا علاج ذلك بسرعة.
- "سوير" أرجوك لاتغظني،فأنا قلقة بما فيه الكفاية وأخاف أن أخذلك.
- لا مجال للخوف،ثقي بي.والآن حاولي أن تعودي إلى النوم لكي تستعيدي قواك بسرعة، سوف تحتاجين ذلك. بمجرد أن أحس أن "بيب" قد نامت نهض "سوير" ليأخذ حماما باردا،وفعل نفس الشيء عندما استيقظ في الصباح ولكنه كان يعلم أن الحمامات الباردة لن تهدىء من إثارته البالغة كان يريد أن يذهب لأبعد من هذا ، كان يرغب في أن يجعلها تشاركه في كل شيء، في حياته نفسها.
كان يشعر بالاضطراب بل بالألم بمجرد تفكيرها بأنه كان يمزح عندما تحدث معها عن الزواج ، كانت"بيب" في الواقع تشك في هذا الأمر،مع أنه لم يكن أكثر جدية من ذلك الوقت . وكان يبحث عن طريقة يطلب بها يدها تكون ذات طابع خاص، ولكن الافكار التي استعرضها لم تكن لترضيه.واستمر في التفكير وهو يدفع عربة الطعام التي كانت تحمل الإفطار.
- فيم تفكر بهذه الطريقة العميقة؟
رد قائلا:
-فيك.لا افعل شيئا سوى التفكير فيك ، أنت وهذه الشرائح الطرية من اللحم البقري المشوي التي تنتظرنا ، كم شريحة تريدين.
وبعد يومين، عاد الدكتور"مارتنيز" وقرر شفاء الفتاة وصرح لها بالعودة لنشاطها الطبيعي .
|