12-26-2011
|
#10
|


http://www.neelwafurat.com/images/ab...l/90/90893.gif
(حكاية حب)
للكاتب السعودي د. غازي عبدالرحمن القصيبي
الطبعة الثانية للرواية (2001م)
الرواية من 120 صفحة
الناشر "دار الساقي للطباعة والنشر"
وهي الرواية التي تُرجمت لأكثر من لغة ونالت الصدى التي تستحقها، وإن كانت شريكة البطل (يعقوب) الرئيسة في القصة (روضة) اكتنفها الغموض إلا أن ذلك لايمنع أنها رواية ناجحة تستحق الإشادة والاهتمام أو كما يقول عنها الكاتب جهاد الخازن: ( تعكس علم كاتبها، فهو كنز معلومات عن الحب والموت والتدخين والأديان وروايات المؤلفين الآخرين ) .. والجدير بالذكر أن هذه الإشارة عن غموض (روضة) استدركها المؤلف في روايته اللاحقة لها (رجل جاء وذهب) وقد ورد ذلك على لسانه في أكثر من لقاء.. من أنها أشبه بالجزء الآخر لرواية (حكاية حب) وبتركيز أكثر على البطلة (روضة) التي لم تُمنح الكثير من التفاصيل فيها.
تحكي الرواية حياة رجل عربي ثري بلغ من العمر عتياً، يملك أكبر مكتب للمحاماة في الشرق الأوسط وكاتب روائي في أوقات فراغه، يغادر هذا الرجل للغرب في مكان أشبه بالمشفى والفندق في آن واحد تُحيط به الرعاية الطبية اللازمة ويقضي وقته عادة في البهو مع غيره من النزلاء والذي لم يتجاوز عددهم العشرة وهم في انتظار الموت المحتوم.. وهو على علاقة جيدة مع ثلاثة منهم: الطبيبة النفسية، والقس المرح، والملحد اليائس..
يقابل (يعقوب) لأول مرة (روضة) في متجر صغير بأحد زوايا الفندق، وهي تقرأ أحد روايات يعقوب (النوم مع السراب)، وحين رآها تنتابه موجة هائلة من الخوف اللاشعوري تجاه جمالها الأخاذ، فيحاول إيقاف ذاته بكذبته أنه جاء لشراء هدية لزوجته وهو غير متزوج.. غير أنه وهو خارج من الفندق مع الهدية التي ابتاعها، يقوم بعمل - كما أسماه - صبياني، ويطلب من أحد موظفي ذاك المكان إيصال الهدية إليها.
ومن ثم تبدأ علاقة عاطفية حقيقية بينهما بعد ستة شهور من الصدفة الأولى التي جمعتهما.. فتتداخل أحلام الرجل مع واقعه، واستعداده للعودة للحياة مع اقترابه من توديعها.. ولايمكن بالفعل تجاهل الطابع الهزلي الذي يتميّز به الروائي الكبير غازي في إسقاطه على شخصية (يعقوب) وسلوكياته بل وحتى فكره.. كما أنه يتناول قضايا عديدة في خضم حياة (يعقوب) وأحلامه كـ مسائل الضمير والأديان التي تناولها مع القس أو مسألة البعث مع الملحد أو حتى روايات يعقوب الثلاث والتي تناولت الدون جوان الشهير "الزير سالم" في مكانه القصي عن أعين الناس وقيودهم "دار السرور" أو قصة الشاب الحديث السن الذي عيّنته القبيلة شيخاً لها خلفاً لأبيه ويقوم بمهمة مصيرية لإنقاذ أفرادها من الهلك عطشاً أو من قصة الشاب المخلص لحزبه حتى أوصله للحكم فانقلبت مبادئ الحزب وشعاراته ويُصدم بهذا التغير حتى يأتي قراراً من الزعيم بقتله.. في تداخل عجيب وبديع مع القصة الأساس.. <<حبه المشتعل لـ روضة>>
أو كما وصف عبدالله باجبير وقال: (يناقش فيها العالم كله على محور واحد، هو الحب)، ولا يمكن لأي انسان إغفال الحس الشاعري لدى المؤلف، خاصة في تلك المواقف التي تجمع (يعقوب) بـ (روضة) كـرؤيته لها وهي ترضع طفلتها (هديل) وربطها بملحمة "جلجامش" في البحث عن أكسير الحياة أو من تمتماتها الدائمة له <<حبيبي يا حبيبي، كتبت اسمك على صوتي، كتبته في جدار الوقت، على لون السما الهادي.. على الوادي، على موتي وميلادي>> وكيف كان لـ(روضة) أن تردد لأول مرة المقطع الذي يخص <<وترحل صرختي تذبل.. في وادي لا صدى يوصل.. ولا باقي حنين.. وترحل>> وهي تذرف الدموع في ذلك اليوم الذي سيموت فيه.. فقد حلمت في الليل أنها رأته وحدث ذلك في المتجر قبل أربع سنوات.. وهاهي تحلم بموته قبل يوم من حدوث ذلك..
هذه الروائية ليس من السهل احتواء ما فيها من مشاعر.. قلق، خوف، عطف، رأفة، محبة، صدق، كذب، غضب، ضحك، جنون، طفولة، عقل، وواقع وأحلام... بكلمات مني، لذا أعتذر إن لم أصفها كما ينبغي.
مقطع من الرواية لـ اللقاء الأول بينهما (يعقوب وروضة) خارج الفندق:
(( - ولهذا قررت الإضراب عن الزواج؟ ولهذا بنيت <دار السرور>؟ بالمناسبة أين توجد <دار السرور> ؟
- روضة!.. أرجوك هذه رواية....
- أين <دار السرور> ؟ هل هي في بلدتنا هذه ؟
- حسناً! حسناً! ما دمتِ مصرة على أن تعرفي فإليكِ العنوان. تقع <دار السرور> في شارع النساء، الواقع في الجزيرة التاسعة والتسعين من جزائر الواق واق، الواقعة في الليلة الثالثة...
تضحك ضحكة صافية من الأعماق. وتسترخي ملامحها. يزول التوتر الذي ظل جاثماً على صدر اللقاء منذ دخلا المطعم وتقول:
- مولاي شهريار! أعتقد أن <النوم مع السراب> سيرة شخصية مع قليل من الأكاذيب الروائية المعتادة.
- مولاتي شهرزاد! لماذا لا تدعين النقد لأهله؟
- درست الأدب في الجامعة. هل تريد أن ترى...
-لا! أصدقك. روضة! أنا لستُ روائياً محترفاً. حقيقة الأمر أني لست روائياً على الإطلاق. مهنتي المحاماة. وأنا أتسلّى بالكتابة في أوقات الفراغ. زياراتي كلها بسبب عملي القانوني. هل لديك قضية أستطيع المساعدة فيها؟
- قضية واحدة؟! عندي ألف قضية. وكل قضاياي مع الحياة. قضاياي لا يحلّها القانون. يحلّها الموت.
الموت؟! يكملان الوجبة بصمت. ويغادران المطعم. يتجهان إلى سيارتها، وتقول:
- ألن تأخذني معك إلى <دار السرور> ؟
- روضة! روضة!
- آسفة، يا رجل! سوف آخذك أنا معي، إلى دار سروري أنا. ))
|
|
|
|