12-26-2011
|
#9
|


(6)
http://images.amazon.com/images/P/03...1.TZZZZZZZ.jpg
(قصة موت معلن)
للكاتب الكولومبي جابرييل جارسيا ماركيز
(مواليد 1928م- ولا يزال حياً إلى الآن، يصارع المرض السرطاني اللمفاوي في مشفى لوس أنجلس)
الطبعة الأولى للرواية (1981م)
الرواية من 110 صفحات
ترجمة أ. صالح علماني (عضو اتحاد الكتاب العرب في سوريا والوطن العربي)
الناشر "دار المدى للثقافة والنشر"
وهي رواية نوبلية أيضاً حاز كاتبها ماركيز جائزة نوبل للآداب سنة 1982م وحين سُئل عن مدى واقعية رواياته وقصصه قال: ( لم أكتب سطراً واحداً أبداً لا يستند على الواقع ) وهو يقول أن روايته هذه هي قصة حقيقية جرت أحداثها في عام 1951 وأن شخصياتها هم أصدقائه وأقاربه ومجتمعه المحيط.
ما يُميز الرواية أنها لجارسيا وما يُميّز الكثير من مؤلفات جارسيا أنها تمنحك نهاية القصة في أول أسطرها. وقد ذكر النهاية فيها فعلاً منذ أول أسطرها قائلاً:
(( ولم ينتبه سانتياغو نصار نفسه كذلك إلى نذير الشؤم. كان قد نام قليلاً وبصورة سيئة، دون أن يخلع ملابسه.. واستيقظ وهو يعاني ألماً في رأسه وترسبات كـ ترسبات ركاب نحاسي في حلقه. وفسّر ذلك على أنه مجرد آلا م طبيعية من آثار حفلة الزفاف التي امتدت إلى ما بعد منتصف الليل.. جميع الأشخاص الذين التقى بهم منذ خروجه من البيت في الساعة السادسة وخمس دقائق إلى أن جرى تمزيقه مثل خنزير بعد ساعة من ذلك، يتذكرون بأن شيئاً من النعاس كان بادياً عليه ولكن مزاجه كان جيداً..! ))
ومن ثم يأتي بسرد دافع وترتيبات وكيفية الجريمة عن طريق إعادة تتبع التفاصيل، وهذه الطريقة في الكتابة تُظهر قدرة الكاتب وتحديه الأدبية في جذب القارئ بل وإجباره على اكتشاف التفاصيل لمعرفة ما سبق وعلمه "جريمة القتل"..
والرواية من أولها وحتى نهايتها تظل تُحكى بلسان أحد أبناء تلك القرية وهو أحد أصدقاء سانتياغو القتيل وكأنه رجل تحريّ يورد كل التفاصيل التي استطاع انتزاعها من كل الناس.. والحقيقة أن كل الناس في تلك القرية قد اشتركوا في الرواية من حيث أن الكل في القرية كان يعلم بوقوع الجريمة، كلهم يعرفون مَن سيقتل ومَن سيُقتل بل ويعلمون جميعاً وقت الجريمة ومكانها وأدوات القتل فيها قبل أن تحدث..!
فتاة تُدعى "أنجيلا فيكاريو" يُقام لها حفل زواج من شاب وسيم وثري للتو قادم للقرية يُدعى "بياردو سان رومان" وبعد خمس ساعات من ذهابها لبيت الزوجية يُعيدها زوجها لأهلها بعد أن اكتشف أنها لم تكن عذراء.. توبّخ وتُضرب الفتاة من قبل أمها حتى تُقرّ بالفاعل وحين قدم أخويها التوأمين قالت: إنه سنتياغو نصار..!
يذهب التوأمين إلى وسط القرية كل منهما يحمل ساطوراً ويقومان بسنهما في محل للجزارة وهما يرددان أمام كل الجزارين أنهما سيقتلان نصار حين يخرج من بيته لاستقبال المطران الذي يزور القرية.. ثم يلفان أدوات الجريمة بالجرائد وينتظران نصار في حانة مواجهة لبيته وهما يرددان لكل شخص يمرّ أنهما سيقتلان نصار.. كانا مترددين من الداخل وكان بودهما لو علم أياً كان بجدية حديثهما ليمنعهما من فعل الجريمة إلا أن غالب من يسمع كلامهما يظن أنهما ما زالا سُكارى بعد حفلة أختهما.. كانا يريدان التشبث بأي شيء يمنعهما من قتل نصار ولكن سطوة إنهاء العار الذي لحق بالشرف كان أقوى من محاولات خجولة وتافهة قام بها القلة لارضاء النفس ليس الا..!
يُقتل نصار ويخرج التوأمين بعد سنين من السجن وتبقى أختهما مصرّة على قولها السابق.. إلا أن كل مَن في القرية بما فيها أخويها كان يعلمان أن نصار ليس الفاعل ورد ذلك على لسانها أيضاً حين اعترفت أمام الراوي بأنها قالت نصار لأنها كانت تعرف أن أخويها لن يستطيعا قتله لأنه قوي ومن عائلة ثرية ويدعمه أبناء عمومته العرب المهاجرين في القرية.. وحتى الرواي نفسه وهو الوحيد الذي اهتم بتفاصيل ما حدث يؤكد على أن لاشيء منطقي يؤكد أن الفاعل هو نصار.. وحتى لو كان نصار الفاعل فإن الضحية الوحيد هو زوجها (سان رومان) أما نصار فقد كفّر عن ذنبه بمقتله وأخواها أزالا العار الذي لحق بالعائلة وهي استعادت كبريائها وشرفها الذي كان مفقوداً.. فهل كانت تنتقم من زوجها البريء..!
مقتطفة من الرواية وفيها حديث جرى قبل دقائق معدودة من وقوع الجريمة بين صديق نصار القريب له كريستو بيدويا مع التوأمين..
(( لقد كان موقفه متبجحاً بصورة لم يكن معها التصديق بأنها مصادفة. ومع ذلك فلم يكن ذلك الموقف هو الموقف الوحيد ولا الأكثر وضوحاً الذي حاول اتخاذه في الدقائق الأخيرة ليحول بينهما وبين اقتراف الجريمة.
صرخا قائلين له:
- أخبر سانتياغو نصار يا كريستوبال بأننا ننتظره هنا لقتله.
كان بإمكان كريستو بيدويا أن يُسدي لهما معروفاً يمنعهما من اقتراف الجريمة. وقد قال لي " لو أنني كنت أعرف كيف أطلق النار، لكان سنتياغو نصار الآن حياً " . لكنه كان مبهوراً بتلك الفكرة الوحيدة، بعد كل ما سمعه عن القدرة التدميرية لرصاصة مصفحة. فصرخ يائساً:
- إنني أحذّركما بأن نصار مسلّح بمسدس ماغنوم قادر على اختراق محرك حديد..
ولكنهما كانا يعلمان بأن ذلك غير صحيح.. وقد قالا لي: " لم يكن يحمل السلاح أبداً إذا كان لا يلبس ملابس ركوب الخيل " لكنهما على كل حال كانا يضعان في اعتبارهما عندما اتخذا قراراً بغسل شرف أختهما أن يكون مُسلحا، فصاحا:
الموتى لا يُطلقون النار ..! ))
كتب جارسيا على مقدمة الرواية هذه العبارة:
(( تصيّد الحب.. ضربٌ من الخيلاء..! ))
|
|
|
|