صدقت عادل هذه الكاتبة تنقلك إلى أجواء رائعة ولها قصة أخرى بأسم الأرض الطيبة من أروع القصص التي قرأت وقد ترجمت هذه الرواية إلى عشرين لغه
والرواية تحكي قصة ذلك الفلاح الفقير وانغ لونغ الذي يعيش مع والده المريض في مزرعة صغيرة فقيرة التربة ولا يملك إلى جانب بيته البسيط المكون من ثلاث غرف مسقوفة بالقش سوى ثور واحد يعتمد عليه في حراثة الأرض المجدبة.
وعلى الرغم من هذه الظروف يقرر الزواج فيساعده والده في اختيار فتاة اسمها أولان بيعت فيما مضى وهي طفلة إلى منزل الثري هوانغ. كان عليه أن يستأذن سيدة القصر الكبير ليحظى بزوجته التي لم تكن على مستوى عال من الجمال، ولم يتسنَ له رؤيتها حتى لحظة زواجه منها.وعندما دخل القصر ليتسلمها وجد سيدة القصر إمرأة فظة مدمنة على تدخين الأفيون الذي كان منتشرا بين الأغنياء وغيرهم.ولم يكن لسيدة القصر من شروط على أولان أكثر من طلب أن ترى ابنها بعد أن يولد.
وبعد أن يرزق وانغ لونغ البنين من زوجته أولان الصابرة يحدث ما كان يخشاه، أجدبت السماء وجفت الأرض ثم تشققت، توقف القمح النابت عن النمو، وماتت مساكب الأرز التي زرعها ورعاها طويلا وانخفضت مياه البئر وبات مهددا هو وعائلته من غائلة الجوع والعطش.لم يكن وانغ لونغ وحده يعاني من ذلك، الجميع كانوا يعانون خاصة المزارعين الفقراء أصحاب الأراضي الفقيرة عانوا من القحط مثله، حتى أراضي أسرة هوانغ الخصبة لم تنتج محصولها ككل سنة.واضطر وانغ لونغ إلى ذبح ثوره ولكنه لم يقم بعملية ذبحه بنفسه.حدث ذلك بعد أن أصبح هناك سبعة أطفال في بيت وانغ وأولان.
ولكن سكان القرية الجائعين كانوا يظنون أن وانغ الذي اشترى أرضا من أسرة هوانغ يوما ما يخبيء الفضة والمحاصيل في بيته، وأنه كان يتظاهر بالحاجة والجوع كبقية الفلاحين.هذا الأمر دفعهم لمهاجمة وانغ وأسرته وتفتيش البيت بحثا عن الفضة والطعام.ولما لم يجدوا شيئا شرعوا في نهب أثاث البيت. عندها صرخت أولان في وجوههم قائلة: «لا تفعلوا ذلك، لم يحن الوقت بعد.
ومرت الأيام قاسية أكل فيها الناس العشب فوق التلال ثم أكلوا الحيوانات النافقة من الجوع ثم أكلوا لحم البشر.وبينما وانغ وأسرته يعانون من الجوع جاءه عمه بصحبة نفر من المدينة جشعين ومستغلين أرادوا شراء الأرض بثمن بخس، لكن وانغ رفض الفكرة بتاتا وقبل ببيعهم أثاث بيته جميعه كي يتمكن هو وأسرته من الهجرة نحو الجنوب.
ويستقر وانغ وأسرته في احدى مدن الجنوب، اختاروا سور أحد القصور ليقيموا لهم ملجأ إلى جداره الطويل العالي، ويقود وانغ عربة الجيشا بحثا عن الرزق، بينما أولاده يشحذون.وهناك سمع وانغ أول رياح الثورة عندما نادى شاب على مسمع من وانغ والآخرين قائلا: إن الصين يجب أن تثور، وتضرب الأجانب الكريهين فكر وانغ بالعودة إلى أرضه لكنه لا يملك ثمن العودة، تشير عليه أولان ببيع ابنتهما الصغيرة الضعيفة لكنه يشفق عليها ويتردد، وتثور المدينة، وتتحطم أبواب وأسوار القصر القريب ويهرب ساكنوه، إلا واحدا منهم، رجلا سمينا، يلتقيه وانغ فيجده مرعوبا، يعرض عليه الرجل السمين قطعا ذهبية مقابل تركه وشأنه فيأخذ وانغ الذهب ويستعين به على العودة إلى أرضه.يعود ويبدأ من جديد ويكرم جاره تشينغ الذي أعطاه يوما حفنة من الفول أيام المجاعة القاسية.
تفاجأ وانغ بعد أيام بوجود رزمة ملفوفة بقماش حول عنق زوجته تحوي على مجموعة نادرة من المجوهرات.قالت له زوجته أولان: «في منزل الرجل الثري رأيت قرميدة مرخية في الحائط، فذهبت إلى هناك بهدوء كيلا يراني أحد». ثم أضافت موضحة: «كنت أعيش في منزل رجل ثري، الأثرياء يخافون دائما».أ خذ وانغ المجوهرات فرحا وترك لؤلؤتين صغيرتين لزوجته حسب رغبتها وذهب إلى بيت هوانغ لشراء المزيد من الأرض، لم يجد أحدا هناك سوى هوانغ العجوز نفسه وجارية له تدعى كوكو.أما الباقون فقد رحلوا بعد سرقة البيت ووجد سيدة القصرالتي أتلفت جسدها من كثرة تدخين الأفيون قد ماتت من شدة الخوف عندما داهمهم اللصوص.كما وجد وانغ أن الأمور كلها بيد الجارية كوكو فساومها على الأرض واشترى منها ما استطاع مقابل المجوهرات.
مضت سنوات سبع عاشت خلالها أسرة وانغ في رغد من العيش، تعلم فيها الأولاد القراءة والكتابة، وجلبوا خلالها المزارعين الآخرين لمعاونتهم على حراثة الأرض وحصادها مقابل أجر. ولكن وانغ الذي عاش تلك الحياة القاسية بات يفكر في نفسه ويتأمل زوجته أولان وكأنه تفاجأ أنها لم تكن على درجة من الجمال، هفت نفسه للبحث عن اللذة في حجر إمرأة أخرى، وجدها عند فتاة صغيرة تدعى لوتس تدبرتها له كوكو، المرأة الجارية التي كانت تخدم مع زوجته يوما ما في قصر هوانغ.
وتمرض أولان الصابرة في الوقت الذي كان فيه ضمير وانغ يستيقظ، أحضر لها الطبيب.. ثم تموت أولان بعد زواج إبنها البكر وبعد صراع مع المرض ويعقبها والد وانغ فيدفنهما في أرضه، ويواصل وانغ حياته ويزوج أولاده الآخرين في حياة شبه رتيبة بعد أن يكبر ويكثر أحفاده.
|