12-02-2011
|
#5
|


+ 
وحلّ يوم الأبعاء .. . بعد أطول يوم ثلاثاء مرّ على " وِضاح " .. . .
كانت بين .. ( كيف و ماذا و لمَ ومتى .. وهيّا .. وربّاااه .. . ) !
موعد خروجها كان في السادسة على أن تعود قبل الساعة التاسعة ليلاً .. .
ذهبت مع والدها الذي إنتظر أن تدخل إبنته إلى منزل صديقتها " بدور " ثمّ رحل .. .
إختارت " وِضاح " فستان باللون الأسود .. . ودون أن تضع أيّة مساحيق على وجهها .. .
تركت شعرها ينسدل على كتفيها .. . و بادلت " بدور " السلام .. . والحديث ..
كانت تتحدّث مع صديقتها وترتجف ركبتيها .. . ولم تكن تستمع لـ أيّ كلمة قالتها " بدور " .. .
ضحكت " بدور " .. .
( وِضاح .. ما رأيكِ أن نصعد إلى غرفتي ؟ )
: ( لا .. لمَ ؟
دعينا نجلس هنا .. بدور )
( لا صديقات والدتي سـ يأتون الآن .. . وسيجلسون هنا ..
تعالي هيّا .. ! )
رافقتها " وِضاح " إلى الأعلى ، كانت تخشى أن تتعثّر في خطواتها .. . أرادت أن تغيّر رأيها ،
أرادت أن تعود إلى منزلها .. . لا تريد أن تراااه !
لا تقدر على ذلك كانت تشعر بـِ قربه جدًا .. وما إن دخلت إلى غرفتة " بدور " حتّى وجدته أمامها ،
وسرعان ما أشاحت بـِ وجهها بعيدًا عنه .. . ولم تخرج من فمها كلمة واحدة ... .
كانت يجلس أمامها .. وجلست بجانبه أخته التي أشارت إلى الكرسي المقابل لهم لـِ تحتلّه " وِضاح " ،
جلست .. تبحث عن هواء .. تتنفّسه ، كانت تريد أن ترحل .. . ما الحل .. الآآآن !
( سآتي إليكم بعد دقيقة واحدة فقط .. ) ودون أيّ كلمات أخرى .. رحلت " بدور " .. .
( أين لسانكِ ؟ )
: ( كـ كيف حالك ؟ ) .. .
( كيف حالي ؟ وهل هناكَ أجمل منه الآن ؟ )
صمتت " وِضاح " .. و همست له ،
: ( علي لا تنظر إليْ .. سـ أبكي ! )
( مجنونة !
وأين هيَ وضّوحه التي تحب صوتي ؟
وتطلب منّي الغناء .. دومًا ؟
أكنت أحدّث فتاة أخرى على الهاتف ؟
أمّ أنّها هي ذاتها هذه الجميلة التي تجلس أمامي الآن ؟ )
تنفّست " وِضاح " .. . وعادت لـِ صمتها ،
( ألا تريدين أن أغنّي الآن ؟
من هو حبيبكِ ؟ )
وبالكاد إبتسمت .. . وبين ألف نبضة تتسارع بـِ داخلها و تنهاها عن الصمت ..
ردّدت في داخلها : ( تحدّثي !
الصمت سـ يأخذه منكِ كما أخذ من كان قبله
تحدّثي تحدّثي ! )
: ( نعم .. أنتْ .. حبيبي .. أريدك أن تغنّي )
ضحك " علي " ..
( لا لن أغنّي لكِ .. )
: ( بلى !
سـ تغنّي ! )
( لن أغنّي .. . أخبريني من هو حبيبكِ ؟ )
: ( أنتـــْ ! )
( ومن هيَ حبيبتي ؟ )
: ( أنــا ! )
( تحدّثي ! )
خافت " وِضاح " من كلمته تلك .. أتراه علم ما الذي كانت تقوله بداخلها .. . !
ودون أن تنظر إليه .. راحت تتحدّث ..
: ( علي .. كنت أريد أن أغيّر رأيي قبل دقائق من خروجي فقط ..
تعلم كم أخاف لقائك ! ربّااه كيف إستطعت أن آتي إليك ! )
( حقًا ؟ )
: ( لااا !
أكذب أكذب !
كنت أتمنّى لقائك !
بقدر خوفي منه .. .. . )
( وهل تخافين منّي ؟ )
: ( لااا !
ليس خوفًا منك !
سـ أخبرك حين نتحدّث على الهاتف .. . )
( وِضاح .. . هناك صندوق صغير بجانب باب الغرفة هناك ..
كتبت لكِ فيه ما أردت قوله .. .
أعلم أنّه أمر صعب لكلينا .. ولكنّني لم أستطع أن أبوح لكِ به على الهاتف
وليس بمقدرتي أن أقوله الآن أيضًا .. .
كتبته .. هناكْ .. )
: ( علي ؟
ما الأمر !
لقد زدت خوفي ! )
( لن أقول ..
وضّوحه هل لي أن أقبّل رأسكِ قبل أن أرحل ؟ )
ودون أن تشعر " وِضاح " بـِ نفسها سقطت دمعة من عينيها .. . !
لـ يأتي إليها " علي " ويقترب من وجهها .. ويترك قبلة على رأسها .. ويرحل !
+ 
خرجت " وِضاح " من منزل صديقتها لـِ تعود إلى منزلها بـِ صحبة والدها حاملة ذلك الصندوق الذي طلب منها " علي " أن تقرأ ما فيه ..
وما أن وصلت حتّى أسرعت الخطى نحو غرفتها في الأعلى .. . كانت تريد أن تعرف ماهو الأمر الذي أراد منها أن تعرفه ..
ماهو الأمر الذي لم يكن بـِ مقدوره أن يخبرها عنه على الهاتف .. . فتحت الصندوق لـِ تجد بداخله أوراق كثيرة ..
وأزهار مجفّفة .. وقميص أسود .. !
ذلك القميص الذي رأته به في المرّة الثانية ، هناكَ أمام المدرسة .. وقبل أن تقرأ ما كتبه في تلك الأوراق ...
ضمّت القميص إلى صدرها وراحت تشّم عطره الذي تركه فيه .. . آآآهٍ عطره ! .. .
وبدأت في قراءة الأوراق .. . كلمات كثيرة .. أكثر كلمة رأتها كانت إسمها .. . " وِضـاح "
حسنًا تحتاج هذه الأوراق إلى ترتيب .. كانت لا تعلم من الذي تبعثر .. روحها أم تلك الأوراق !
( حبيبتي .. وضاح ،
أردت أن أخبركِ وأنا أمامك .. ولكّني كنت أعلم بعدم قدرتي على ذلك ..
لن أطيل عليكِ وأصعّب هذا الأمر أكثر ..
وضّوح سـ أسافر لـِ أكمل دراستي ، حصلت على منحة دراسية ..
أمامي أسبوع واحد فقط .. أرتّب به بعض الأمور .. أعذريني ،
أردت توديعكِ .. بشكل أفضل من هذا .. ولكن ، أعذريني ..
أردتِ أن يبقى قميصي معكِ .. . أبقيه معكِ ! كما أردت !
وِضاح أحببتكِ جدًا .. وإن لم تتمكّني من إنتظاري فـ تأكّدي أنّكِ باقية في قلبي ..
وِضاح .. أحبّكِ ،
لا تخافي سـ أجعل بدور تخبركِ عن آخر أخباري دومًا .. .
ظلّي كما أردتكِ دومًا أن تكوني .. وإيّاكِ وأن تلمسي خصلة من شعركِ .. .
وِضاح .. .. . لا تنسيني
علي .. . )
صرخت " وِضاح " .. وسقطت على الأرض لـِ تسقط معها أوراقه .. . كان هذا الأمر أكبر من طاقتها !
كيف تتحمّل ! أيّ جنون هذا ! أي حياة سـ تعيشها بعده .. !
أسرعت " سعاد " إلى أختها وحملتها من الأسفل لـِ تضعها على سريرها ،
( وضاح ما الأمر ؟ )
كانت دموعها فقط تجيب .. . كانت تريد أن تصرخ بلا توقّف .. ولكن صوتها خذلها !
كما خذلها " علي " .. !
همست .. ( لا أريد أن يسافر ..
لا أريد !
فلْـ يغيّر رأيه !
لايهم أن يكمل دراسته !
أريده معي ..... . أحتاجه معي !
أخبرووه أنّني أحتاج أنفاسه معي .. لا أريد أن يسافر ..
لا أريد أن يتركني ..
لااا ! لااا ! )
ضمّتها " سعاد " وبكت دون أن تشعر ودون أن تستوعب كلمات أختها .. .
بكت " وِضاح " إختنقت .. . صرخت ..
: ( سعاد أتركيني .. !
أريد أن أبقى لوحدي .. !
أرجوووكِ !
أتركيني ! )
رحلت " سعاد " وتركت أختها كما أرادت وحيدة .. .
وكلّما أرادت " وِضاح " أن تهدأ .. كانت تقفز تلك الدموع من عينيها .. . لـِ تتذكّر كلماته تلك ..
: ( رحل !
وتركني .... .. !
لمَ ؟ .. .. .
ألم يكن يعلم بحاجتي له ؟
لمَ .. .. رحل إذن ! !! !
أمامه أسبوع واحد يرتّب به أموره ؟
وأنا !!
كم من الوقت أمامي لـِ أستوعب هذا القرار المجحف !
كم من الوقت يلزمني لـِ أرتّب أموري أنا أيضًا !
ربّــــاه !!
لي قلب واحد .. . أشكّ كثيرًا في قدرته على التحمّل !
ربّـــاه ! قلبي !! )
+ 
ومرّت ستّة أشهر .. . بعد رحيل " علي " للـ سفر حصلت خلالها " وِضاح " على جملة واحدة فقط ..
( وضاح علي يبعث لك سلامه )
كانت تبتسم حين تقولها لها " بدور " وتخفي غصّة تنتابها ..
سلامه ! ؟ حسنًا ! سلامه .. وصبري ! حسنًا سـ أصبر ، لـِ أحصل على سلامه كلّ شهر في جملة تقولها بدور لي .. . !
سبعة أشهر .. أخرى وجملة واحدة لا تتغيّر .. . أحقًا هذا هو الحب الذي قال عنه ؟
أين هو منّي .. . ؟
ما ملّت " وِضاح " من الحديث مع نفسها والتعبير عن تذمّرها مع نفسها والبكاء أيضًا .. . والصبر ،
هذا هو المطلوب منها الآن .. البقاء على أمل جملة تستمع إليها كلّ شهر مرّة من أخته .. ( علي يبعث لك سلامه )
والصبر .. وحفظ قلبها وشعرها .. هذه هي وصاياه لها ، والإنتظار .. لـِ أربعة سنين أخرى .. !
ربّما يعود قبل ذلك .. وربّما لا يعود .. عليها فقط أن تنتظر ..
شهر آخر وتنتهي دراستها الثانوية لـِ تبدأ الدراسة الجامعية .. . أصبحت الآن في الثامنة عشر ..
لطالما إنتظرت هذا العمر .. . مع حبيب يبادلها عمرها وأيّامها .. وجنونها ، كبرت الآن .. .
وسافر حبيبها .. .. لديها الكثير لـِ تخبره به .. . حصلت على هاتف محمول ، و جهاز كمبيوتر خاص بها ،
والكثير أيضًا من المشاعر المختلفة .. . الكلمات والأغاني ، تغيّر الكثير بداخلها خلال عام واحد من غيابه ..
أتراها سـ تصبر .. . أم تراه سـ ينسى , وهل لا زال يحبّها ؟ بذات الحب ؟ وذات الجنون .. .
أتراه يصبر كما تفعل هي ؟ .. . أيكفيه كل هذا الإخلاص عن غيرها .. . وهل فكّر بـِ غيرها ؟
والكثير تريد أن تعرفه .. . بل تتمنّى أن تعرفه .. . ولكن بلا إجابة .. .. .
بدأت دراستها الجامعيّة .. إختارت أن تدرس في كليّة العلوم الإجتماعيّة .. وتم قبولها كما أرادت ،
إبتعدت عن الكثير من صديقاتها .. بحكم إختلاف كليّاتهم .. أيضًا " بدور " .. قلّت إتّصالاتها بها ،
أصبحت لا تقول أي أمر عن " علي " .. ربّما هو نسي أن يقول جملته .. وربّما يكون الوقت كفيل بالنسيان ،
كان يومها مزدحم بين ذهابها مع والدها إلى الجامعة وعودتها إلى المنزل وإنشغالها بـِ الكمبيوتر .. والإنترنت ..
وكان الأخير .. عالم آخر من الأرواح والأحاديث والمعلومات التي لم تكن تعرفها في السابق .. .
تعرّفت على الكثير في هذا العالم .. . وتعلّقت بالكثير .. كانت تنتظر أن ينتهي يومها في الجامعة ،
لـِ تعود إلى جهاز الكمبيوتر .. و عالمها فيه .. ومن بين كلّ الأرواح هناكْ .. كان " وليد " .. . !
+ 
إعتادت " وِضاح " على الحديث مع " وليد " من خلال جهاز الكمبيوتر الخاص بها .. .
كانت تخصّص خمس ساعات من وقتها أمام هذا الجهاز .. وحديث " وليد " و الكثير معه ،
وبعد شهر من هذا التعارف بالكلام فقط .. وأثناء حديثهم معًا طلب منها رؤيتها أو الحديث على الهاتف ..
( هل أستطيع أن أسمع صوتكِ ؟ )
: ( لا )
( لماذا ؟ أنتِ طالبة جامعيّة ولستِ طفلة )
: ( ليست مسألة خوف .. )
( إذن لماذا لا تتصلّين بي ؟
لقد وضعتُ لكِ رقم هاتفي منذ أسبوعين .. ولم تفكّري بالإتّصال بي .. لماذا ؟ )
: ( لا أريد أن أتعلّق بكَ كثيرًا .. تكفيني هذه الخمس ساعات )
( ولماذا ؟ لا تتعلّقين بي أكثر ؟
لقد أخبرتني أنّكِ لستِ مرتبطة .. )
: ( ليس للـ إرتباط علاقة في هذا أيضًا ..
ليس خوف ولا حب آخر ..
كلّ ما في الأمر أنّني لا أريد أن آتي إليك بسرعة ..
كي لا أرحل منكَ أسرع ممّا أتيت )
( إممم .. حسنًا لن أطلب منكِ هذا الأمر مرّة أخرى
كل هذا الإلحاح ليس من طبعي ولا أحبّ أن أجبر شخص على أمر لا يريده )
: ( وليد ولمَ لا تنتظر ؟
إحترم وجهة نظري في هذا الأمر )
( أحترمها حين أقتنع بها أوّلاً ..
تخافين من أنّنا مثل ما أحببنا بعض بهذه السرعة أن نفترق بصورة أسرع ..
حسنًا .. أتعلمين أنّكِ لم تقولي أحبّكْ لـِ أحدّد بعدها قبول وجهة نظرك من عدمه )
: ( الحب ليس كلمة .. . أتعلم ؟
أصدرت نوال ألبومها قبل أيّام فقط .. تحبّها أليس كذلك ؟ )
( نعم إستمعت إلى كل الأغاني .. )
: ( حسنًا أريد منكَ أن تستمع إلى - القلوب الساهية - ومن ثمّ - لقيت روحي -
لـِ تعرف ما الذي أشعر به تجاهكْ
إتّفقنا ؟ )
( حسنًا سـ أفعل
إنظري إليْ كيف لا أرفض لكِ طلب ؟
وأنتِ ؟ مالذي قمتِ به من أجلي ؟ )
: ( وليد ! )
( إنسي الأمر .. . )
وإعتادت "وِضاح " على ربط الأسماء في بعضها البعض .. لـِ تكثر من الحديث مع أخيها " وليد " ..
وتصرخ كلّ حين من الوقت .. ( وليد ؟ وليد .. وليد )
وكأنّها تريد أن تنقش أسمه كما كانت تفعل مع من أحبّتهم قبله .. .
تمتمت بينها وبين ذاتها :
( أتّصل ؟ أم لا ..
أتّصل أم لااا !
لا لا لا يجب أن أنسى الأمر )
عادت لـِ غرفتها وإتّصلت بـِ أقرب صديقاتها " لُجين " لـِ تخبرها بـِ آخر أحاديثها مع " وليد " ..
وإصراره على الإستماع إلى صوتها أو رؤيتها .. .
: ( لُجين ما رأيكِ ؟ )
( إتّصلي ! )
: ( لا ! لا أريد هذا الآن )
( لماذا ؟ أهناكَ ما تخافين منه ؟
أو أنّكِ لا زلتِ تنتظرين علي ؟ )
: ( علي ؟
وما دخل علي في الأمر .. . !
أشكّ أنّه يتذكّرني حتّى ..
لُجين .. إنقطعت أخبار علي وبدور منذ عام وثلاثة أشهر ..
ليس هذا هو سبب رفضي للحديث مع وليد
أنا أخاف كما قلتُ لكِ من فقده !
طلب منّي الحديث معه أتظنّين أنّني سـ أسرع بالموافقة ؟
أملك هاتف محمول يخّصني وحدي الآن ..
ولكنّني أخاف أن أرحل أسرع ممّا أتيت إليه !
لن أحتمل فراق آخر .. أنا للتو بدأت في حبّه ..
دعيني أحبّه كما أريد ولْـ ينتظر هو ..
يجب عليه أن ينتظر ! )
+
|
|
|
|