12-02-2011
|
#2
|


+ 
ما إن حلّت الساعة الرابعة حتّى إتّجهت " وِضاح " إلى الأسفل للحصول على هاتف المنزل ..
حرصت على أن لا يراها أحد في منزلها وهي تأخذه و تصعد به إلى غرفتها ..
أخبرت أمّها فقط بـِ حاجتها إلى مناقشة إمتحان الغد مع صديقتها " عهود " عبر الهاتف ..
دخلت إلى غرفتها .. بـِ حرصٍ شديد ، وأقفلت الباب من خلفها ..
رفعت السمّاعة .. و أدارت قرص الهاتف بـِ السبعة أرقام التي حفظتها ..
إنتظرت صوته بـِ ترقّب وهي تضع يدها الأخرى على قلبها لـِ تتحسّس نبضاته ..
: ( ألو ؟ )
صمتت .. وأقفلت السماعة بـِ سرعة .. لـ تعود وتتصّل به مرّة أخرى ،
: ( نعم ؟ ) .. .
وأجابت ذلك الصوت بـِ : ( ألووو ) تكاد لا تُسمع ..
: ( من المتّصل ؟ ) ..
همست : ( أنا ) !
: ( وأخيرًا !! إتّصلتِ ؟ أتعلمين كانت أمّي تتحدّث عبر الهاتف وخشيت أنّها لن تتركه ..
لـِ أحدّثكِ في الرابعة كما إتّفقنا )
إبتسمت ..
: ( ألو ؟؟ )
( ألو .. )
: ( ألا تعرفين كلمة أخرى ؟ غير هذه الــ ألو ؟ )
وعادت تبتسم .. دون صوت ،
صرخ : ( ألوووو ؟ ! )
ردّدت : ( ألو .. نعم .. هذه أنا )
: ( حقًا !! هذه أنتِ ..؟ !!
ما هو إسمكِ ؟ )
( وِضـ ـاح ) ..
: ( وِضاح ؟ أم وضحى ؟ ) ..
( لا! وِضاح .. و أنـ ت .. ؟ )
: ( عذبي ) ..
إبتسمت ! صرخت في داخلها : الله ! ..
ردّد : ( ألو ؟ لمَ هذا الصمت ؟
حسنًا يجب أن أغلق الهاتف الآن .. أبي قادم .. )
وأغلق الهاتف .. دون أن ينتظر إجابتها ..
على كلٍ لن يجد منها سوى الصمت .. أمسكت بـِ الهاتف لـِ تقبّله مرّاتٍ عديدة ..
وضعت السمّاعة على صدرها .. لـِ تهدّأ قليلاً من نبضاتِ قلبها المتسارعة ..
خرجت من غرفتها لـِ تجد " سعاد " تقف أمامها ..
( وِضاح ؟ كنتِ تحدّثينَ من ؟؟؟؟ )
لم تردّ على تساؤل أختها .. كادت تظنّ أنّ صوتها هرب منها ..
لا تعلم لمَ بادلت حديثه بـِ كلّ هذا الصمت .. !
أعادت الهاتف .. وعادت بِـ دورها إلى غرفتها .. كانت تحتاج أن ترتّب أنفاسها قليلاً ..
وجدت " سعاد " في غرفتها .. وبـِ نظرة شكٍ سألتها : ( من ؟؟ )
همست "وِضاح " : ( سعاد ! لو أنّكِ فقط إستمعتِ إلى صوته !! آآآهٍ ما أعذبه !!
تخيّلي ؟ إسمه عذبي !! أسمعت من قبل بـِ هذا الإسم الجميل ؟؟ )
دُهشت " سعاد " من حديثها : ( أيّ جرأةٍ تملكين ؟؟؟!!
كيف سـ يكون تصرّفكِ لوْ أنّ والدنا علم بـِ هذا ؟؟
أو حتّى وليد ؟؟ ! )
( سعاد ! إصمتي ! لا تجعلي نبرته تهرب من أعماقي .. دعيني أثبّتها بي )
إعتادت بعد ذلك على ترديد الكذباتِ لـِ تحصل على الهاتف ..
كانت تعشق الساعة الرابعة .. وضيف الساعة الرابعة .. صوته | صراخه | تساؤله ..
وصمتها الغريب .. !
و بعد سبعة أيّامٍ :
كانت تحدّثه عبر الهاتف .. لـِ تدخل " سعاد " وتسألها عن مكان حذاء كانت ترغب بِـ إرتدائه ..
: ( من هذه التي تسأل ؟ )
( أخـ ـتي سعاد .. )
: ( أأستطيع محادثتها ؟ )
دُهشت " وِضاح " من هذا الطلب .. !
ودون أن تجيبه عليه .. إلتفتت إلى أختها التي كانت تشرع في الخروج ونادتها : ( سعاد ! )
( ما الأمر ؟؟ )
أشارت بِـ يدها على السمّاعة لـِ تخبرها عن طلب " عذبي " الغريب .. !
تناولت " سعاد " السمّاعة منها ..
لـِ تحدّثه : ( نعم ؟ أطلبت أن تحدّثني ؟ )
: ( نعم .. أعجبتني طريقتكِ في الحديث .. أنا مستغرب حقيقة من وِضاح ..
ولا أعرف كيف أحدّثها لـِ أخبرها أن أسلوب صمتها لا يعجبني .. !! )
( أسلوب صمتها ؟
وما الذي أردته منّي ؟ أتريدني أن أخبرها بـِ ذلك .. ؟ )
: ( نعم ! أخبريها .. ! )
( ألا تعرف كيف تخبرها أنت ؟
أمر غريب !
الوحيد الذي يجب عليه أن يخبرها بـِ ذلك هو أنت .. وليس أنا ! )
أعادت " سعاد " السمّاعة إلى " وِضاح " لـ تتناولها الأخيرة وتردّد : ( ألو ؟ )
: ( حسنًا وِضاح .. أنتِ لا تعرفين كيف تتحدّثين إلي . .. أظنّكِ أصغر بِـ كثير في العمر
هذا ليس أسلوب فتاة تبلغ السادسة عشر .. . ربّما تكونين قد كذبتِ بـِ هذا الشأن )
ودون أيّة إجابة .. أغلقت " وِضاح " الهاتف لـِ تكون بذلك المرّة الأخيرة لها مع صوته .. .
بكت .. لم تتوقّف عن البكاء .. صرخت : ( نعم ! لستُ في السادسة عشر .. نعم كذبت ..
ولكن كيف له أن يطلب الحديث مع أختي !! كيف له أن يخبرها بـِ إعجابه في أسلوبها ومقته لـي .. !
كيف !! كيف !!
ربـّاه ! أريد أن أصبح في الساااااادسة عشر !! )
+ 
وبعد مرور عام بـِ أكمله على " وِضاح " دون حب .. وأشواق وإهتمام بـِ تلك الأحاسيس الممتلئة بها ،
إنشغلت عائلتها بالترتيب لـِ زفاف إبنتهم الكبرى " هيا " .. وإنتظر الجميع حلول هذا اليوم ،
كرّر " عبدالعزيز " زوج المستقبل زياراته لهم في المنزل .. . للـِ الحديث مع " هيا " ..
إختارت " وِضاح " فستان بـِ اللون الأسود .. كـ لون شعرها وعينيها تمامًا ..
وفضّلت " سعاد " اللون الأحمر .. حلّ موعد ذلك اليوم .. و قد كان يومًا أشبه بالأحلام .. .
رحلت " هيا " مع زوجها " عبدالعزيز " من منزل عائلتها .. . إلى منزل عائلة زوجها .. .
و بعد عام آخر رٌزقت " هيا " بـِ مولود .. إختاروا له إسم " محمد " .. تعلّقت " وِضاح " كثيرًا به ..
و أصبحت في عامها السادس عشر لـِ تتحقّق أمنيتها .. في بلوغ هذا العمر ..
أرادها " عذبي " أن تكون فيه لـِ تعرف كيف تتحدّث إليه .. لـِ تعرف كيف تحبّه بـِ إسلوب الكبار ،
و إبتعدت عن الحب عامين بـِ أكملهم .. إبتعدت كثيرًا بل إنقطعت عن مثل هذه الأحاسيس ..
لـِ تعود الآن و هي جاهزة للـِحب تمامًا .. وبـِ إنتظار أوّل من يطرق باب قلبها لـِ تبادله حبّها وإسلوبها ،
كانت على أتمّ إستعداد لـِ الأخذ بـِ ثأر جرح " عذبي " لها ومقته لـِ صمتها .. وأسلوبها وصغر عمرها ..
لم تعد تلك الْ وِضاح الساذجة .. لم تعد تلك التي تهوى الصمت .. في التعبير عنها ،
سـ تتحدّث .. وتتحدّث وتعبّر وتصرخ .. وتحترق وتجنّ بـِ من سـ يختار قلبها .. .
همست .. : ( سعاد .. !
أريد أن أحبّ .. ! )
رمقتها " سعاد " بـِ نظرة دهشة .. لـِ تكمل " وِضاح " حديثها المجنون :
( أريده رجلاً بـِ عينين ذات نظرة قاتلة !
وأريد بشرته بـِ اللون الأسمر الجميل .. .
وأريده طوييييييل .. )
قاطعتها " سعاد " قبل أن تكمل مواصفات فارس أحلامها المنتظر .. .
: ( وضاح !
أمجنونة أنتِ ؟
ما هذا الجنون الذي تتفوّهين به .. . !
أتحسبين أن الحب يأتي بـِ شروط وطلبات وإختيارات هكذا !
تبًا لـِ جهلك !
أنتِ طفلة !!
ما زلتِ طفلة ذات عقل أصغر بـِ كثير من عمركِ )
تجاهلت " وِضاح " حديث أختها لـِ تعود لـِ أحلامها وفارسها ذاك ..
ولكن بـِ صمت .. دون أن تقحم نفسها في الإستماع إلى محاضرة جديدة من " سعاد "
وفجأة .. !
ودون سابق إنذار .. !
لمحته ... . !
هناااااكْ .. !
+ 
و هناكَ حيث أولياء الأمور المنتظرين لـ بناتهم ، وقفت " وِضاح " تنتظر والدها ..
لمحته أمامها ، كان كما أرادته تمامًا .. . شاب طويل .. ذا بشرة سمراء ، إبتسمت .. أرادته أن يراها !
كان يقف بِـ القرب من أحد الآباء أمام باب مدرستها الثانويّة .. أطالت النظر .. ولكنّه لم ينتبه لـِ وجودها ،
تمنّت أن لا يأتي والدها الآن لـِ أخذها .. تمنّت لو تطول هذه اللحظات مع هذا الرجل .. المختلف ،
كيف لها أن تجعله يلتفت قليلاً إليها .. ومن يكون هو .. ؟ بالتأكيد أخ لـِ إحدى الطالبات .. .
همست بـِ داخلها : ( إمّا أن ينظر إليْ أو أن تأتي إليه أخته لـِ أعرف من يكون ) .. !
ومرّ الوقت دون أن تتحقّق لها تلك الأمنية .. حيث أقبل إليها والدها لـِ تعود معه للمنزل ،
إنشغلت لـِ بقيّة اليوم بـِ التفكير فيه .. وإنتظرت أن تصحو " سعاد " من نومها حتّى تخبرها عنه ..
: ( سعاااد !!
لو أنّكِ رأيته : فقط !! )
( وضاح لا أريد أن أستمع إلى أيّة جنون منكِ .. )
: ( أختي الجميلة .. سوسو !
أترفضين الإستماع إلى أختكِ الصغيرة ؟ )
إبتسمت " سعاد " ..
( حسنًا أخبريني .. هيّا !
ماهو الأمر ؟
من الذي تتمنّين أن أراه ؟ )
: ( لا أعرف من يكون : ( ..
رأيته أمام المدرسة اليوم ،
كان بـِ إنتظار إحدى الطالبات ..
تصوّري أنّني لم أرى من تكون أخته حتّى : ( ..
ليتها أتت قبل أن يأتي والدنا لـِ إصطحابي )
( لا تعرفين من يكون ؟ !!
ولمَ كلّ هذا الحديث والإنبهار إذن ؟ )
: ( لن ألومكِ يا أميرتي الجميلة ..
فـ ما رأيته لم تريه أنتِ يومًا .. )
( ولا أريد أن أراه أيضًا : ) )
و تبادلتا الضحك .. لـِ تعود " وِضاح " إلى أفكارها وأحلامها .. .
وإنتظارها لـِ نهاية يوم الغد لـِ تراه مجدّدًا هناك .. .
أخبرت والدها أن يتأخر قليلاً لـِ أنّها سـ تقوم بـِ مراجعة بعض الأسئلة مع معلّمتها ..
علّه يراها .. أو علّ أخته تأتي .. إليه وتعرف من يكون ،
وحلّ الغد أسرع ممّا توقّعت .. وحانت نهاية يومها الدراسي .. .
لـِ تتسابق مع خطواتها نحو باب المدرسة .. تريد أن ترااااه ! تريد أن تعرف من يكون .. !
ليته يراها !
ليته يراها !
كلّما كانت تقترب من ذلك الباب .. تزداد نبضات قلبها .. . وترتجف أطرافها ، وتتمنّى أن تراه ،
و تحقّقت أمنيتها هذه المرّة .. وجدته أمام الباب مباشرة .. كان يرتدي قميصًا بـِ اللون الأسود ،
نظرت إليه .. لـِ يبادلها النظرات و .. . يبتسم !
+
|
|
|
|