الفصل السابع عشر
ما أصعب أن يهزمك الدمع حِينَ تضطر إلى نسج كلمات وداع لأناس تنفسهم يعني لك حياة
وما أسهل أن يرحلوا وما أمرّ أن يرفعوا يد كانت قد ضمّت يدك يومًا وتراها الآن تُلّوح لك وكأنهم ماكانوا ولاكُنّا
آه يامِي حقيقة اليوم أستعصى عليّ فهمُكِ ولم أسمعكِ جيدًا ، هل فقدتُ قُدرتِي عَلى إمتِصاص ألمكِ وهمّكِ
هل فقدتُ قُدرتي على تطويقُكِ بِحنان الدنيا كما أمام كُلّ موقف!
سامحِينِي يامِي
سامحينِي
ذبول رافق لحظاتِي ورغبة بِخنق كُل التفاصِيل وأدًا!
لِمَاذا يا تُركِي ، لِمَاذا..!
وأنا التِي تحتاجُ قوة بِك ، وأنا التِي ربطت وعلّقت مصيرها بِك ، حتَى الطفلة اليتيمة التِي تقطنُ حُضنِي الآن
تخيلتها بإحضانك ذاتَ يوم وهِي تُناديكَ بابا
أيُّ شُعور غبِي أخذنِي نحوك الآن وأنا التِي قررتُ نسيانك وردمها ذكراك وأن رفضتُ سِواك
يالله!
وكيف نسجتُ هكذا تفكير وكم سعدتُ به لحظتها وكأنه نسيج أمان لِي ولها
أي إحساس أخذنِي نحوك بعد أن غلّفنِي الزمن بِخُذلان عظيم وما أستطعتُ أنتَ أيضًا إلا خُذلانًا
وما أستطعتَ إلا ألمًا !
تعال الآن ، وعِث بِالقلب جرحًا وإهده نسيانًا قبلَ الرحيِل
كان بِإمكانكَ الرحيل دون فعلها ، دون جرحِي ، دونَ خيانتِي و دون قتلِي
آه وأيُّ قتل يا أنت أهديتنِي..!
ليتُكِ لم تُخبرينِي يامي ، ليتكِ ليتنِي مُت قبلها وكنتُ نسيًا منسيًا
أخبرتنِي الأخيرة أنّها بِحاجة فُحوصات خارِج البِلاد وأنّها مُضطرة وخِلال أيّام أن تطير إلى لندن ورحبتُ بِالفكرة وشجعتها فقد يجد جديد هناك وتكون تقارير التعليمِي والحرس وغيره خاطِئة
ثم أخبرتنِي بِالصاعِقة التِي قتلتني بعد أن سألتها لِم ليسَ الآن ولِم بعد أيام..؟
قالت : بيروح معي تركي لأن حميد مرتبط بجامعته هنا ومشآن كذا .... بِـ ي [ وعادت لِلبكاء مِن جديد ]
وصمتت قليلاً ثم عادت لِلبكاء وأكملت بِبحّة غُبن : بِيتزوج ياضي ، تقدم تركِي لِتمارا بنت عمِي ياضي
وكمَن صُب عليها ماء بارد أو حِمم أو نار أو كُرات ثلج ، مزيجُ أختلط وأنا وعاثّ بِروحي ألمًا وكم تمنيتُ الموت لحظتها غير أني
صمتّ كعادتِي ومِي تستحثنِي على الكلام ، السؤال أو حتّى الصراخ و الصمت كان نهجِي
مرّت لحظات ومِي تتحدث وغبنُ أحتل قصبتِي فأعجزني عن الكلام ، رأيت الكثير مِن أهوال الموتى حينها القبر والديدان وشعرتُ بِالموت
هذا كُلّه شعرت به وما أصبرنِي فلازلتُ واقفة ولم أسقط بعد
جلستُ أفكر وكمن يُريد ترتيب الأمور بِداخل عقله ، يَااااه
مِي مُسافِرة لِلفحوصات وسيسافر معها أخيها غير أنّه قرر قبل كُل شئ قتلِي ، تقدم لِخطبة أخرى بِرضا كامِل منه ودون أي مقدمات
وأنا التِي أقسمت على أن لا أكون لِسواه وكم كانَ لذيذًا طعمُ حُلمِي الذي غذا علقمًا ..
مات ، ماتَ الحُلم كَنور ، كموت نور ، آه يانور ليت أنكِ هُنا ليت أنّك هُنا
ليت أني مادعوتُ عليك ، ليتَ أنِي ما تمنيّت تأخيرك ، يالله أرحمنِي وخُذنِي إليك
خُذنِي يالله ، توفنِي تعبتُ تعبتُ تعبتُ
نور ضمينِي الآن ، تعالي يا نورشوفِي يديّ مديتها يلا خذينِي ، خذيني يانور
كنتُ أراها تبتسم كما عادتها ، أنّها تُحادثتني الآن : أبيك أقوى ياضي ، أقوى أقوى
_ كيف يانور ..؟ تعالي ضمينِي أعطيني قوة منك ، أدفني رأسي بِصدركِ ضميني يانور أنا ماعندي أحد ماعندي أحد
منو بيمسح ع راسي لابكيت ألحين ، منو بيمسح دموعي ، منو بينصحني ، منو..!
يلا تعالي ، تعالي يانووووووووور آه
كم مرة أتعب مشآن أتعلم ، كم مرة أموت عشان أتعلم
لازم يادنيا أتألم لازم..؟
جاء الصوت عالياً هذهِ المرّة ودخلتُ بِنوبة بُكاء أشبه ماتكون بِهستيريا ورحتُ أضرب بِكُلّ شئ أمامِي
معاقِل الألم إزدادت الآن وماعليّ سِوى ركلها ، ورحتُ أركل الهواء وأضربُ الحائِط وأضربني وأكسر الأشياء وأنا أُردد : ليه ، ليه!
لم أنتبِه لِلباب الذي فُتِح والداخل إلى غرفتي ، ورحت أضربُنِي وبِصوت باكِي : ليه أنا غبيّة ..؟
ليه ياتركي ، ليه يامي
ليه ..! ليه الله ياخذني الله ياخذني ، حرام عليكم ، ماتعرف ياتركي أن الضرب بِالميّت حرام ماتعرف..!
آه ياربي آه آه
وألم يقتلني بِرأسي والرؤية ضبابية وشعرتُ بِالدنيا تدور ولم أرى سوى الظلام
.
.
الفصل الثامِن عشر
رغُم النُعاس الذي أرهق جفنيّ فأسدلهما ورغم كثرة التفكير إلا أن النوم أطاعني أو أنا أطعته
شعرتُ أنّه حالما أغلقتُ عينيّ أنتبهتُ وصوت إرتِطامُ قوي بِجانب غرفتي الأيسر ، أنّها غرفة ضي
وكأن شيئًا قوي واقع عليها ، نهضتُ بِسرعة وتوجهتُ إليها فتحتُ الباب بِهدوء خشيّة مِمّا سأرى
أنها ضي تضربُ ذاتها وتصرخ ليه ، ليه!
ليه ياتركي ، ليه يامي..!
أردتُ أن أقترب مِنها غير أنها بدأت تضربُ الأشياء بِشكل جنوني وكأنها شخص مجنون فرّ مِن مصحُ
بِصوت هامِس : ضي حبيبيتِي أش فيك..!
ولم تسمعنِي أقتربتُ منها أكثر غير أنّها قالتها : ليه ..! ليه الله ياخذني الله ياخذني ، حرام عليكم ماتعرف ياتركي أن الضرب بِالميّت حرام ماتعرف..!
آه ياربي آه آه
و سقطت ، ولكن ليسَ على الأرض بل على قدمي
رفعتُ قدمِي بِخفّة حتى لاتتألم وجلستُ ووضعتها على ركبتِيّ وأنا أمسح على رأسها : شنو سوى فيك تركي ياضي..؟
وشنو سوت مي ..؟
تذكرتُ مُكالمة صديقتها لها وتأكدتُ مِن أن ضي حادثتها فهي لن تنام إلا بعد أن تُحادثها
قبلّتُ جبين أختِي ودمعة يتيمة سقطت وكما سقطت بسرعة فقد جفّت بِسرعة ، أخذت الصغيرة لِطيّبة في الطابق السُفلي بعد أن طرقتُ بابها بِهدوء خشيّة أن تصحو أمِي
وعدتُ لأحضر مفتاح سيارتِي وألبس ثوبِي وحملتُ ضيّ ِسرعة لِلمستشفى
بعد الفحص وبعد مرور نصف ساعة إنتِظار ، لم تكن تشكو مِن شئ غير أن ضربها على رأسها أثر عليها وأنخفضت نسبة الهيموجلوبين بِدمها
حمدتُ الله على سلامتها ودخلت غرفتها والذهول سلب منِي ماسلب غير أني بِإبتِسامة : حيّ هلا بِالدلع
أبتسمت إبتِسامة لاتُشبِهُها وردّت : هلا بك
_ شلونك الآن!
_ الحمدلله
_ ليه ليه كل هَذا يا ضي العين..؟
وعبست وكأنها تذكرت ماحدث قبل ساعة : ولا شئ لايهمك ياضياء
_ كيف ولاشئ وأنتي قالبة لي الدنيا تضربين نفسك وتبي تموتين ليه؟
_ .....
_ إذا أنتي ماتبين نفسك أنا وماريا نبيك وأمي بعد تحتاجك ، مايرزى ياضي ، وبعدين ليه كنتي ترددي تركي ومي..؟
ممكن تحكي لي ..!
بعد صمتّ دام دقائق طويلة إلا أنني أحترمته
_ ممممم آآآ تـ تسمعني لين الأخير بدون ماتحكي ولاكلمة ..؟
_ كلي لك يلا أحكي ووعد ما أحكي شئ بس بهز رأسي زي البنقالية هههه ، أول شئ مابيرهقك الكلام..!
_ لا ، برتاح لو حكيت لك ياضياء [ وبصوت باكي ] برتاح
وتكلمت ضي وقالت : ضياء هالكلام مضى له شهور طويلة قبل حتّى أنت تجِي ، وأفهمنِي بس وعزاي أنك مب مثل شباب هالأيام اللي مايتفاهموا إلا بِالضرب
أدريبك بتفهمني وعز الفهم بعد مايمنع أني أخطيت بس مب الخطأ اللي ينزل راسك ياولد أمي وأبوي ياولد محمد اللي ربانِي أحسن تربية
قبل شهور صار بيني وبين تركي أخ مي اللي هوه نفسه اللواء تركي اللي جانا هذاك اليوم يوم وفاة نور موقف ، كان جاي من العمل وماكان بِالبيت فوق الا أنا وهوه
كانت مي تجهز العشاء وكنّا نبي شريط راشد الجديد قالت لي مي أنّه بغرفة حميد وأشرّت لي ع غرفة من غرفتين يم بعضهم وكنت أول مرة أزروها بيتها اللي بحي الريان
وماكنت أعرف غرفة حميد من غرفة تركي ودخلت غرفة تركي بعد تردد كبير وأكدت لي مي أنهم مستحيل يجوا هالوقت وأنا تو بفتح الدرج اللي قالت لي عنه مي أنفتح باب الغرفة وماكان عليّ شيلة
وتلخبطت كل الأمور وماعرفت حتى أوقف ظليت عالأرض جالسة وما أعرف كم مر من الوقت غير أني نزلت رأسي للأرض وأنتبهت أنه مشى وسكر وراه الباب بِالقوة وصدقني وجهي صار هذي كبره
وسمعت صوت مي وهي قريب وبعدها جاتني وقالت : يؤ ياهبلة جيتي غرفة تركي وأنا قلت لك غرفة حميد
رفعت رأسي وأنا أبكي وقلت لها : الهبلة أنتي ليه مادخلتي أنتي الغرفة وجبيته قبل تنزلين ليه حطيتيني بهالموقف السخيف
_ ضي وش فيك..!
_ يعني ماشفتي أخوك وهو طالع فوق ..!
_ لا ماشفته ، ليه تركي جاء..!
_ تروحين له الآن تفهمينه أني كنت ادور شريط وأن انتي اللي قلتي لي أجي وأن توّ بفتح الدرج هوه جاء
_ ول ول عليك بالعة لي مسجّل
_ ياهبلة ليه مستسخفة موقفي وربي طاح قلبي برجلي ، نظرته لي أول شئ وكأني أفتش عليه وسكر الباب بِالقوة يعني معصب وأنا أنتي قاهرتني باقي واقفة لا وتستهبلين بعد
وراحت مِي لأخوها وعلمتّه بِكل السالفة ومن يومها وهو متلوم فيني وودّه يعتذر وأعتذر بطريقته
ماح أقول لك ياضياء أن تركي حبنِّي لا ، لأن اللي يِحب مايؤذي اللي يِحبّه ، أنا بس اللِي تعلّقت فيه ، تركِي جرحنِي ياضياء
وأخذت تبكِي مِن جديد وأنا بإنتِظار أن تنتهِي مِن حديثها لأتحدث وأكملت بعد أن أستعادت رِباطة جأشها : تركِي قبل تجِي أنت بثلاثة شهور تقدم لي تركِي ورفضته
تمنيتك تكون يمي وتفكر معي ، تمنيت كثير أشياء تصير ومايتدخل فيني عمي عادل ولايفرض عليّ رغبته ، صح أنه ماتركنا ويطل علينا دوم بس كنت بموت لو أن أمي قبلت عرضه وراحت معه لقصره
عمي عادل يبغاني لولده أحمد ياضياء وأنا مابيه ، مابيه
تكلمتُ قبل أن يأتي الوقت الذي يُسمح لِي فِيه بِذلك ، فقلت : تنتظرينه..!
_ من..!
_ أقصد تركي..!
_ لا تركِي مابيجِي ومابيه يجِي خلاص
_ كيف..!
_ البارح خبرتنِي مِي أنها مسافرة لِلعلاج وأن تركِي بيروح معها وقبل كذا بيتزوج بنت عمه
_ وهاللي خلاك تبكين البارح وتطيحين ..!
أنزلت رأسها فقد نسيت المكان والزمان وهِي تتكلم وتمتمت تُحاول إخفاء مشاعرها : أنا مشآن مي
_ ضي أنا أخوك لاتطوين أي صفحة عنِي خليك كتاب مفتوح قدامي لاتخبين شئ
بخِجل نظرت لشي وهززتُ رأسي لها مُشجعًا أن أكملِي ، قالت : أيه مشآنه ، مرض مي مو شئ جديد وهيّه رايحة تتأكد مِن تقارير هنا وأنا أنبسطت لها وشجعتها
_ شوفي ياضي أبيك تؤمنين أن أي شخص يروح تراه ماأستحق أنّه يبقى ولايستحقك ولايستحق يكون معك
أشتري اللي يحبونك ياضي ولاتبكين على ماضي ممكن حتّى هوه تركي نساه ، ضي الحياة قصيرة لو مالقينا الفرح الآن وتمكسنّا فيه متى بنلقاه..!
لو ماعشناه وحسينّاه متى بنعيشه ونحسّه ، تركِي لو أنّه يبيك ماكان خطب بنت عمّه حتى لو كان يحبّك بقلبه ، عقله يقول له كثير شغلات
_ أي قلب ، محد عنده قلب ، محد
_ حتّى أنا ..!
_ إلا ، عندك قلب وقلب كبير بعد
_ طيّب حتى تركي عنده قلب لأنه فكّر بأخته وبيسافر معها ومايبي يتغرّب هو وهيّه لحالهم ثم أن حرمته بتكون مع أخته المريضة
_ .....
_ ضي حسبت أن عقلك أكبر من قلبك وأنك بتوزنيها صح ، يعني ماحطيتي ببالك ليه يبي يتزوج قبل يروح مع أخته..!
_ ....
_ تركي مابيروح وبيجلس فاضي وراه مستشفيات وتقارير وروحة وردة وحرمته بتكون له سند هناك ولأخته ومهما كان الحريم
ينسجموا مع بعضهم أكثر وتراهم بدار غربة ، شئ صعب على تركِي أنه يتغرّب مع أخته لحالهم
صمتتّ ولا أعلم مايدور فِي خُلدها الآن
.
.
الفصل التاسِع عشر
كم مِن المرّات عليّ أن أسقط لأتعلّم فنّ التماسك
كم مرّة عليّ أن أسقط لأتقن التعثر فيكون أخفّ حِدّة
كم مرّة..! آه
ليسَ بِالضرورة أن نبقى مع من نحبّهم لِنبقى نحبّهم ، يالله
هل زرعتَ هذا القول فيّ ياضياء ..!
هل أجدتَ القدرة على كفّ الدموع عنِي ، سأتماسك صدقنِي مِن أجلي ومن أجلك ومِن أجل ماريا ولكن أعطنِي وقتًا فَالذهُوُل أخذ منِي الكثير
كُلّ حرفُ نطقَ بِه ضياء منطقِي ودموع مِي ليلة البَارِحة وصُعوبة الأمر عليها جعلت الصمت موقفِي ولم أنبس حينها بِحرف
لذا أنفجرتُ بعدها وما كانت نتيجة إنفِجاري إلا سقوطِي وما أراحنِي سِوى حديثِي مع ضياء الآن
آه يا تركِي أهديتنِي نزفًا أشدُّ بشاعة مِن الوجع
وأنا أبكِي ودموعِي تنحدر أخذتُ يدي ووضعتها على قلبِي الصغير حجمًا الكبير همًا وكأنني أرغب بِالتخفيف عنه وأخذتُ أُغنّي له : آنا مُو أول ولا آخر حبيب فِي النهاية مع حبيبه يفترق
مِن متى صابت معي حتّى تخيب
البخت ويّاي عمره ماصدق
أشلون أصير الجرح وآصير الطبيب من يرد اللي مِن أيامي أنسرق
أيه ياقلبي معاك مالي نصيب ، آه آه
عُدنا إلى البيت قبل أن تشرق الشمس وبِهدوء دخلنا وسمعتهُ يقول بِصوت خافِت : ربّك ياضيّ توجهِي له بِخالص النيّة وأدعي
قال تعالي : (أدعونِي أستجب لكم )
_ ونعم بِالله ياضياء
_ ربي يحميك ، يلاّ حاولي ترتاحِي شوي ورانا شغلات اليوم
_ شنو شغلاته..؟
_ أنتي نامي وبعدين أحكي لك
_ طيب
_ تصبحي أو تمسين ع خير
_ تصبح ع خير
وجُودهُ بِقُربِي الآن نعمة كبيرة أحسدنِي عليها ، ماذا كنتُ سأفعل لو لم تكُن موجودًا
ماذا..!
كنتُ أجلسُ على سجادتِي وفرغتُ مِن تِلاوة سورة البقرة كامِلة والحمدُلله شعرتُ بِراحة كبيرة
ورفعتُ يدي لِلسماء [ ربِي أفعل بِي ما أنتَ أهله ، ولاتفعل بِي ما أنا أهله ] ياربّ ، اللهم أنك قلتَ فِي كِتابُكَ الكريم
( أدعونِي أستجِب لكم ) وأنتَ قولكَ الحق ووعدكَ الصدق نجنِي من الهم والغمّ والكرب والضيق والشدة والذُل والبرص والجُدام والمرض والجنون ، يالله أنكَ قادر على ماتشاء
يالله ، إذا لم أدعك فتستجيبُ لِي فمَن ذا الذي أدعوه فيستجيب لِي!
إذا لم أسألك فتعطينِي فمَن ذا الذي أسأله فيعطيني!
إذا لم أرجوك فترحمنِي فمَن ذا الذي أرجوه فيرحمنِي!
ربِي هبنِي هِداية أهتدي بِها لِطريق الحق ، ربِي لاتتركنِي فأنا قد وكلّت أمري إليك
وبكيتُ خشوعًا وتذللاً ، بكيتُ همًا ، بكيت رحمة أبتغيها مِن لُدن خالقِي القدير على كُل شئ
بكيتُ كما لم أبكِ مِن قبل ، ليسَ إلا تقربًا من ربِي و رغبة بِنسيان هذا الجرح
صحوتُ على صوت ماريا التِي لا أعلم مَن جاء بِها إليّ مِن غرفتها فبعد أن عُدت طللتُ على غرفتها فوجدتها نائِمة
يبدو أن ضياء أتى بِها ، لا أنا أسمع صوتًا هُنا ألتفتُ لِلجانب الآخر مِن غرفتِي لأرى ووجدت أثنتان كانتا هُدى وشذى وحالما أستدرت أستدارتا والقلق بادٍ عليهما
بادرت هُدى : شلونك الآن..!
أبتسمت لهما : منيحة أجنن شوفوني كاني أضحك
_ الله لايروعك ع غالي ياضي ، كنا بنروح فيها لما جانا أحمد ووجهه رايح فيها يقول أنك بالمستشفى حتّى أن عندي تطبيق اليوم ومارحت من خوفي عليك
_ ياحبني لك ياشذى وربي فيك الخير
_ أحم أحم
_ وأنتي بعد ياهُدى فيك الخير ، يعني ضياء أتصل لكم..!
نظرت شذى لِهُدى وكأنها تقول لها أخبريها أنتِ فبادرت هُدى : تبين الصدق ..!
_ أيه وماغيره
_ أحمد جانا بعد صلاة الصبح على طول وقال لنا أنّك بِالمستشفى ومن شكله قلقنا كثير وخفنا وكنّا بنجيكم المستشفى وأحمد رفض وقال هوه بيروح بس ،وكنا بنجي البيت ننتظرك بس ضيا عيّا يقول الوالدة نايمة ومو عارفة شئ
أش صار لك ياضي..! البارح تركناك وأنتي تشطحين ..؟
_ هه ، عجبتني تشطحين بس لاتعيدينها ماشئ يالغلا شويّة أرهاق وكنت أبكِي بعد ماجات نور على بالي وفجأة لقيتني بِالمستشفى
[ يارب سامحنِي على كذبِي ]
قالت شذى بإنفِعال : أكيد أن ضغطك نزل لأنك أرهقتي نفسك وعلى فكرة الأكيد أنك بذلتي مجهود قوي
_ والله مدري يبدو كذا
_ طيب دقيتي لمي ..!
وتذكرتُ كُلّ شئ ودموع مِي وخوفها عليّ وهي تتكلم وعبستُ بِقوة فلاحظت هُدى التِي تفهمنِي أكثر مِن الأخرى وقالت : مي لها شغل بالسالفة ..!
بِسرعة أجبتها : لا ، لا مي مالها شغل أبدًا
_ طيب أش كان فيها البارح..!
_ أبد ، بس قالت لِي أنها راح تسافر قريب مشآن شويّة تحاليل
_ وين..!
_ لندن
_ آها
قالت شذى : طيب أش فيها بِالضبط..!
_ الكلى عندها تعبانة [ وأكتفيتُ بِقولِي هذا فكم تكره مِي أن تُخبر أحد عن مرضها ]
_ الكلى بس..!
_ أيه ، أش فيك شذى ..!
بِتردد : لا أبد ولا شئ ، يلا صحصحي وتروّشي وأنا وهدّاي بننزل نجهز الفطور
وحملت هدى ماريا ونزلتا
نظرتُ لِلساعة بِشاشة جوالي أنّها التاسِعة
وجدتُ مايِقارب الـ أربعة عشر مُكالمة مِن مِي و ثلاثة رسائِل
الرسالة الأولى مِن مي : ضي ياغلاي لو عليّ أنا كنت أخذتك وسافرت بس الأمر مو بيدي وربي لا تتعبيني اكثر من تعبي ردي عليّ
الرسالة الثانِية مِن عمّة ماريا : شلونك ضي..! ، كيف الأمورة بنت أخوي عالخميس ممكن أجي أشوفها وآخذها معِي ألعبّها وأرجعها لِك بِالليل
والرسالة الثالثة مِن رقم غريب : سلامتك يابعد هالدنيا
قبل أن أنهض أتصلتُ على مِي فلم ترد
وأرسلتُ لِهند عمّة ماريا : ولايهمّك الغلا أجهزّها لك مِن الظهر لو تبين
وتساءلتُ كثيرًا عن صاحبـ / ـة الرسالة الثالثة ..!
.
.
الفصل العشرون
نهضتُ وشعرتُ بِأن ثقل كثقل الجبل فوق ظهري بِصعوبة مشيت لِدورة المياة [ أكرم ربي القارئ ]
تحممتُ وأرتديت ملابسِي ونزلتُ لهُن وأنا أُحاول النسيان وصنع إبتِسامة : واااو أوميلت ، هذا اللي بِيخليني أطيب حبيب ألبي والله ، منو سوّاه..!
هُدى : أحم أحم
_ لبّاكِ بس ، ظنيتك مخبّلة ماتعرفين تطبخين شئ
_ لا والله شوفي لأنك مريضة ترا بسكت عنك وإلا بس تطيبي أوريّك
_ ههههه
_ أيه أضحكِي وأملِي البيت فرح
كان صوت أمِي قادِم مِن الخلف وأستغربتُ قولها ونظرت لِبنات عمِي وغمزت لِي هُدى أي أنها لم تعرف أي شئ
قمت مِن كُرسِي : يوووه يمّه ماصبحت عليك وجيت عطول للأكل فديتك بس وطول عمري أضحك يايمّة وعسى ماينغّص عليّ شئ ، أفطرتِي..!
_ ياربّ ، أنا مِن قبلك فطرتنِي هُدى ربِي يحميها
ونظرت أمِي لِهُدى نظرة لم يفهمها سِواي
_ أووه الأخت صايرة دافورة بيت اليوم هههههه
_ غصب عنّك
وضحكنا معًا ، الحمدُ لله الذي أنعم عليّ بِوجود بنات عمِي شمعتا درانا والحمدُلله على كل شئ
الحمدُلله الذي لايُحمد على مكروهٍ سِواه
الجو حار جِدًا اليوم أخذتُ ُأمرر أطراف أًصابعِي فِي شعري الطويل الذي قارب على الوصول لِكتفِي والذي أشعثتهُ الشمس الحارة وعكست لونها عليه
تأخرتُ اليوم عن عملِي لأننِي لم أُعد مِن المستشفى مُبكرًا وكم كنتُ قلقًا عليها
أرتبكتُ حين أتصل ضياء البارِحة يُخبرنِي أنّه بِالمستشفى ، لا أعلم ماسر رغبة ضياء أن يكون أحد بِقربه حين تعترضه هكذا مواقف وكم أنا مُمتن لِهذهِ الرغبة
الآن الراديو على قناة mbc fm وبرنامج توّ النهار
بندر ال........ طلبَ أغنية أعشقها وتُحاكينِي الآن : ما أريدك تشيل همي أو تجاريني بحنيني
بس أريد تحس بيا .. تحس بيا
مو حرام أنا ما أفكر إلا بيك
وقلبي مثل النار يالغالي عليك
وأنت ما أقساك مو فارق معاك
مو حرام .. حرام .. حرام .. حرام
دوم أهدد بيك همي والأرق
كأنك أنت النار وهمومي ورق
وأنت ما أقساك مو فارق معاك
مو حرام .. حرام .. حرام .. حرام
من يقول الموت بس مره ويفوت
لو تحب تشوف كم مرة تموت
إنت ما أقواك مو فارق معاك
مو حرام .. حرام .. حرام .. حرام
ما أريدك تشيل همي أو تجاريني بحنيني
بس أريد تحس بيا .. تحس بيا ..!!
أنّه كاظم اليُلامسنِي ويُذكرنِي بِضي الرُّوُح
الحمدُلله أنّها الآن بِخير ، بِالأمس كُنتَ سعِيد لِوجُودها قُربِي واليوم تعيِسُ لأنّها مريضة
تُرى مالذي يحلّ بكِ يا صغيرتِي الجميلة ضي..!
حِين أخبرنِي أبِي بِرغبته بِأن يزوجنِّي بابنة عمِي أستغربتُ الفكرة ورفضتُ فكرة أن أتزوج فتاة لا أعرفها ولم أرها ثم أنني أنوي الزواج بطريقة غير عادية وليست تقليدية
وياسُبحان الله [ ربَّ ضارّة نافِعَة ] بعد موت ابنة عمِي أصبحت علاقتنا مع بيت عمِي أقوى
لازلتُ أذكر ليلة وفاتها هزّني صوت ابن عمِي ضياء حين أتصل لِي والحِيرة تأكله ليلتها وقلقِي المُفاجئ عليه وعلى أهله
كانَ أبي دائِمًا مايزور بيت عمِي غير أنّه يرفض أن نذهب معه خِلال السنوات الأخيرة ولم أعلم مالسر إلا الآن ، كُنَّ نِساء وحيِدات دون رجل بعد سفر ضياء
ثم أن أمِي الكويتية الأصل كانت مِن شِدة خوفها على أخواتي ترفض أن يزرن بيت عمِي ، كانت تخشى على حد قولها إختلاطهن بأناس لايعرفنهن وكان أبِي يستجيِب
لها رغم إمتِعاضه
نسيتُ أن أخبركُن أنجبت أمِي آخر العنقود لمى وماتت وهِي صغيرة والسبب شهقة حسد كما أخبروا أمِي لِذا ترفض أمِي الإختِلاط بِالغرباء ولكن ليسَ دمنا يا أمِي
ووسط أفكاري جاءنِي صوت : بيييب بيييب
أستدرتُ مُسرعًا بعد أن أنتبهت ورأيت صفًا مِن السيارات ينتظر أن أسير هززتُ رأسي أحدثنِي : هذا اللي بِيفكر بِبنت عمّه بِالسيّارة يا أحمد
.
.
|