وبلا مخالب تشهرها بوجه الكل ... عدوانيه شرسه اندفاعيه هذه هي صمود ....
امتدت يده لمحفظته بالوقت الذي دخلت فيه صمود للسياره .. واغلقت الباب بعنف ...
: وعليكم السلام > قالها ساخرا
فاشاحت بوجهها الغاضب نحو النافذه
: الباب ماله دخل بمزاجج .... والمكان اللي تدخلين فيه سلمي .. السلام لله ...
دلال برجاء : صقر
لينفث غضبه فيها : اكرمينا بسكوتج ...
ادار المحرك .. وكم تمنى لو يملك مبلغا يمكنه من شراء عباة وغطاء لتلك المشاكسه
... لكن ككل مره .. يراها فيها يفتح المحفظه فلا يجد الا ما سيدفعه لمحطة الوقود ...
من اين له .. واشغاله غير مستقره متناثره هنا وهناك .. واعباء منزل وسياره وأسره على عاتقه ...
اطلق تنهيده بلا شعور .. التفتت على اثرها شقيقته دلال هامسه : سلامتك ..
اتسعت ابتسامته لها ..... لتبادله اياها من تحت الغطاء......
اما الاخرى لم تكن معهم .. ولم تسمع حديثهم الذي تداولوه .... مشغول عقلها بمن
ستحلق بهم الطائره بعد ساعات الى رحاب الحرم ..والدتها ... وشقيقاتها
آخ كم تتمنى ان ترافقهم مره ... فقط مره واحده .. امنيه تتكرر في مثل هذا الوقت
البغيض من كل عام ... امنيه باتت تتلاشى كالضباب بحضرة الشروق ..
" في منزل ام فيصل ..ابولافي "
الهم نفسه والحسرة ذاتها تطوق قلبها الصغير وهي تشيع بنظراتها المنكسره والدتها وشقيقاتها
كم كانت تحلم ان ياتي ذلك اليوم الذي لا تضطر فيه للوداع ، كانت تحلم باللحظه التي تضع يدها
بايديهم تسابق بخطاها خطاهم الى ذلك العالم المجهول الذي سمعت فيه ولم تره ..
مطار كبير وواسع وطائره خياليه عملاقه وتحليق بين السماء والارض ومناظر خلابه آسره
عالم جديد ودنيا حالمه ومعالم رائعه كما يصفنها شقيقاتها ..
ايقظها صوت شقيقتها عبير لتفيق على مرارة الواقع : صوصو تآمرين على شي ... شنو تبين
نجيبلج معانا ؟...في شي بخاطرج؟
: سلامتكم بس ادعولي
عبير بابتسامة صادقه : اكيد هالشي مفروغ منه ... خلاص عيل اجيب لج شي على ذوقي ..
بادلتها الابتسامه لكنها ابتسامه مره ممزوجه بلوعه : كل شي منج حلو ... بس الاهم سلامتج ...
.
.
صمـــــــــــــــــــــــــووووووووود ...
التفتت صمود لتلك القادمه كالصاروخ من باب الغرفه
: صمووووووونه صموووووووونتي
صمـود ترفع حاجبها مستنكره : صمونه بعينج يا............
لم تهتم الاخرى بما قالت بل عانقتها بشوق ولهفه : زييين انج جيييتي .. اتصل عليج وما تردين كنت بخليهم
يمرونج بالمدرسه .. وحلفت ما اركب الطياره قبل ما اسلم عليج
طوقتها صمود بذراعيها لثواني ... تلك شقيقتها الاقرب والاحب... لا تنسى المشاحنات
والمشاكل الطلابية التي كانت تدخل فيها بسببها ..
كانت خط الدفاع الاول عن صمود وتتاثر بجرحها قبل ان تتاوه منه... الى ان
اتخذوا القرار بالتفريق بينهن في المدرسه لتردي مستواهن الدراسي اظافة الى الفصل
المتكرر لصمود فيها
غدير بعبره وهمس : وربي مابي اروح ... احس اني رايحه الموت كل مره بدونج ...
ابتسمت صمود وكانها اجادت هذا الدور : افا احد يحصل له يروح بيت الله وما يروح
.وبعدين اذا تنطريني اروح معاكم عز الله مارحتي ولا طلعتي من الديره ..... روحي يا
غدور واستانسي وادعيلي من قلبج ...
مسحت غدير دمعه ونطقت بعبره : اكيد بدعيلج .. وبصورلج كل شي مثل كل مره ...
واكتبلج تقرير عن الرحله ...من اول ما نطلع لين نرجع ...انتي بس آمري تبين شي غيره
" وٍدٍي آبُوح كل مآبخآطرٍي مكنونٌ
لكنٍ ظرُوفْ آلوٍقت تلزٍم .. سكًوتًي .. !!
"
~ ايييه ابي ابي ... ابي اشوفها .. المسها ... اكحل عيوني بشوفتها .. ابي اطوف
حولها وأصلي بصحنها واشرب من ماي زمزم واسعى بالصفا والمروه ... ابي اروح
مثل المسلمين ما يروحون ابي امارس حق اعطاه ربي لكل مسلم ورغبه فيه.......~
( تلك صرخه وامنيه بداخلها تنازعها تريد ان تخرج تتحرر فتملأ العالم بحروفها لكن كتمانها بهذا الوقت مطلوب )
صمود : ابي سلامتكم ويالله هذا عمي يناديكم لا تتاخرون ...
نزلن وتبعتهن للاسفل ...تجر خطاها اسى والم فهناك الوداع الاكبر ....
اقتربت ...
ولم تخفى عليها دموع والدتها المنهمره التي سارعت بمسحها عندما لمحتها تقترب ..
كانت تتحدث مع صقر ودلال وعهود ... اللذين هموا بالمغادره فور وصولها ....
اقتربت من والدتها التي فتحت ذراعيها لها وضمتها بقوه ..والاخرى ترتشف من
رحيق حنانها ما يكفيها طوال فترة غيابها ...
: دربالج على نفسج وسمعي كلام خالتج واختج وكل يوم راح اتصل عليج مو ما تردين واذا
تبين أي شي قولي لخالتج تراها حسبة امج لا تستحين منها
" اكتفت صمود بالصمت "
( ابعدتها والدتها واكملت بعبره )
: دودي قلبي ... تدرين ما ودي اروح واخليـ .....
حركت صمود راسها بمعنى الايجاب : روحي يمه ولا تشيلين هم ماني صغيره ... واوو
وانا ودي اقعــد مع خالتي وعمامي .. اصلا انطر جمعتهم نطاره من عطله لعطله ( كاذبه كاذبه كاذبه )
هذا ما ينطق به قلبها وكل خليه فيه وفي جسدها المتألم ....لكنها مضطره لـ ان تخفف
شيئا من حرارة كبدها ووالدتها ...
نعم هي لحظات متكرره كل سنه كشريط يعاد مره بعد مره... لكنه في كل مره يزداد مرارة والم.
لفت ذراعيها حول عنق والدتها بقوه ثم اخرجت كلماتها بعد معاناة ومجاهدة : تروحون وترجعون بالسلامه
.
" في السيــــــــاره .."
كان بامكانه ان يرى بوضوح بريق الدمع في تلك المحاجر ....
نقطة ضعف الرجل دموع انثى ...فكيف ان كانت تذكره بتلك النظرات التي اشتاق لها...ويوجعه الحنين اليها
" صاحبه بل شقيقه بل توأم روحه ..."
نعم يعلم هي كالزجاج شفافية ورقة ...ويعلم ان تلك القسوة التي تغلف بها
ضعفها مزيفه ... وان تحديها وشموخها
امام الضعف الذي يعصف بها ويزعزع ثباتها ..انما هو مكتسب ..وموروث ... تماما كما كان يصنع شقيقها ..........
كم تشبهه الى حد الجنون ؟!!
امتدت يده لشريط القرآن .. علة يخفف من وطأة الالم على قلوبهن
...وقلبه
.
توقفت السياره امام منزل الخاله ام صقر .. الملاصق لمنزل العم بوخالد والعم بوفهد..فلا يفصل بينهم سوى جدار
يتوسطه باب ليربط البيوت ببعضها ...
نزلت الفتيات والتقين بالخاله التي استقبلتهن بالترحيب والابتسامه الحنونه ..
بادلنها الترحيب ... وجلست عهود بالقرب منها ... بينما اسرعت دلال لتحضير الغداء ...كما اوصتها والدتها ..
اما الاخرى فاستئذنت بهمس وانطلقت لوجهتها التي تحتاجها بقوه ...
(الحمام ) " اعزكم الله "
كان ملجأها الوحيد في ذلك المنزل الشعبي الصغير ... ومكان حريتها
الذي لا يقيدها بقيود .. وشاهد ضعفها
وانكسارها وخدش شموخها وكبريائها ....فقط هو الوحيد الذي تسمح له برؤية
الحقيقه........
اسندت ظهرها للباب بعد ان فتحت صنبور الماء لآخره ... واطلقت شهقاتها المكبوته
وحررت دموعها الحاره لتتدفق بغضب وتوجع
بكت وبكت حتى خارت قواها ونزل جسدها الضعيف للارض ...لم تعد تحتمل قدماها النهوض
بكت ..وصاحت ... بلا قيود ... ولاخوف .... بكت تغسل بصيحاتها ودموعها حرقة
القلب وحسرة النفس وتوجع ينهش الفؤاد ..بكت حتى افرغت كل ما كان لديها وفيها ....
لتعود بعد ذلك صمود القوية الشامخه تماما كما كانت ...
.
أنا يابحر ماجيتك فضى ولمشاهدك شفقان
أناجيتك أبنـــــسى الياس وبعض الهم يباريني
على جالك انا جالس اسامر موجك الغضبان
أسولف له عن اوجاعي وعناي وغربه سنيني
علامك يابحر غاضب علامك تصرخ بكتمان
|