من رسالة ابن حميد إلى أهل بغداد
ساروا نحو مدينة السلام ( بغداد ) معلنين للبغي والاقتداء ، مظهرين للغي والإصرار ، فتأناهم أمير المؤمنين ( المستعين ) وفسح لهم النظرة ، وأمر بالكتاب إليهم بما فيه تبصيرهم الرشد ..... وأن يبين لهم ما سلف من بلائه عندهم من اسنى الواهب ، وأرفع الرغائب ، والاختصاص بسني المراتب ، ، والتقدم في المحافل ، فأبوا إلا تمادياً ونفاراً ، وتمسكاً بالغنى وإصراراً ... وقابلو الموعظة بالإصرار على الذنب ، وعارضوا التبصير بالاستبصار في الباطل .... وصدقهم أولياء الله في لقئهم بقلوب مستجمعة لهم ، وعلم بـأن الله لا يخلف وعده فيهم ، فجالت الخيل بهم جولة ، وعاودت كرة بعد كرة ، طعناً بالرماح ، وضرباً بالسيوف ، ورشقاً بالسهام ، فلما مسهم ألم جراحه وكَلَمَتهم الحرب بأنيابها ، ودارت عليهم رحاها ، وصمد لهم أبناؤها ظمأ إلى دمائهم ، ولوا أدبارهم ، ومنح الله أكتافهم ، وأوقع بأسه بهم ، فقثتلت منهم جماعة لم يحترسوا من عذاب الله بتوبة ، ولم يتحصنوا من عقابه بإنابة ... فمن قتيل غُدرت جثته بمصرعه ، ونقلت هامته إلى مصير فيه معتبر لغيره ، ومن لاجئ من السيف إلى الغرق لم يجره الله من حذاره ، ومن أسير مصفود يقاد إلى دار أولياء الله وحزبه ، ومن هارب بحشاشة نفسه ... فرقاً أربعاً تجمعها النار ، ويشملها عاجل النكال عظة ومعتبراً لأولي الأبصار .
|