الفصل الخامس عشر
لا تقــــــــــــــــــول
اتفقت مع هيله أن احجز لها بأشهر صالون بالرياض
بعد مغرب الغد
إذا انتهيت من لقاء نادين
ذهبت لغرفتي
واتصلت باستقبال الصالون
حجزت لهيلة
ترميم كامل
كما طلبت
لمن تتزين المرأة بسخاء
للرجل
إجابة خاطئة
الرجل أبخس زينة للمرأة
كان سريري الصغير محتل من علب المجوهرات
فتحت الغطاء
ليشع الماس بنوره على وجهي
مبهر اللمعان المحرر من مناجم التراب
أغلقتها مسرعة
خفت أن يغضب القمر ويرفض أن يسلمني نظرة الساري له
فلا يجتمع ارضي وسماوي معا
فتحت شباكي
وتلثم القمر بنطف سحاب وشح علي بانعكاس وجه الغائب عليه
استلقيت على سريري
انظر للقمر
انتظر العفو
ونمت
في الحلم كنت على ضفاف بحيرة صافية
أسبح بلذة
خرجت منها ولففت جسمي بمنشفتي الوردية
جلست على العشب انتظر
كان الساري خلفي
يخرج من الماء
تنزاح المياه عن بيجامة المستشفى الزرقاء فتغدو بيضاء ناصعة
يبتسم فرحا
لينقلب رضاه كدرا
و يشير بإصبعه على كتفي
انظر أجد حبال السوداء بدأت تنمو
ما خفت
أشرت له بيدي أن يصمت
وسلمتها جسدي لتغطيه كله
استيقظت
والعرق البارد يغطيني متجاهل نسائم باردة تهب من شباك لم يزره في ليلته القمر
تفحصت كتفي
خاليا
إنها الحبال التي أفزعت أمي
لماذا طلبت من الساري أن لا يقول
هو يتحول الآن
لأنقى
أسعدتني هذه البشرى
وأنا
ماذا يحدث لي
هذا ما قاله سعد الماكس في سيارته بالطريق إلى الجامعة صباح الغد :
ميثى أنت وش قاعد يصير لتس
كنت انتظر أن يطلب مني وصف مقر شركة أبناء عمي
إذا به يردد سؤالي بعد كابوس
قلت لأطرده خارج حدود أملاكي الروحية الخاصة :
سعد أنا أجهز لعرسي
واحتاج سواق
ما عندك مانع
الله يعطيك العافية
مرتبط
انتهينا
قال كثير بصوت لا يسمع وبسرعة لا تفهم إلا كلمات منها :
سواق
لي الشرف عمتي
قلت وأملي أن القلوب الطيبة مفاتيحها استنجاد :
أنا أبي أصير بحماك
تذكر
حماك
قال بصوت لا يخطئه السمع :
أنت كنتي بحماي عشاني
لا
يجب أن أوقف الكلمات القادمة
الزمن
انساب من بين كفي مرة عندما خطبني فهد راكعا بعبثية بجوار كنبته القديمة
والآن
كفى
لتتوقف الكلمات الخطرة
قلت بأمر العمة للسائق :
سعد
انتبه
لا تقول شيء
سكت سعد
وعرف أن سبب ضمي لحماه وصل لي وان استحال أن تتجند أي حروف بمهمة انتحارية للتعبير عنه
استمر الصمت إلى اقترابنا من بوابة الجامعة ليقول ببرود :
وين هي فيه شركة المعزب
وصفت الطريق ونزلت متأخرة
عند خروجنا من الجامعة أنا و فطومه ظهرا
طال انتظارنا لسيارة سعد
إذا به يفتح باب السيارة المرسيدس السوداء الواقفة أمامنا منذ دقائق
وهو يضحك ويقول :
ما بغيتوا تعرفوني
لتصفر فطومه رغم زحمة البوابة وتقول :
اكشخ يا ذا العز
في السيارة كلمني يوسف معاتبا :
إلى الحين ما مريتي على مزنه
قلت له :
ما تصدق كيف مشغولة
قال بضيق :
عادي
الفلوس تغير النفوس
يوسف
كيف تعيب المال وأنت تطارده بين كل ممنوع
هذا هو الحال هنا
نذوب عشقا بما نجلد بسياط ألسنتنا
نمعن بسب كل ما تمجد قلوبنا
الازدواجية ديدننا
تابع بحماس :
أنا كلمتك بطلب من أبوي
ممكن تسألين لنا فهد
وش بالضبط قالت الداخلية لعمي عثمان
أبوي منحرج يكلم عمي لأنه دايم يقول له لا تحرجني بأولادك الثلاثة
وحنا ما ندري
نبي نستقبله ويجي معنا للبيت
وإلا يبونه الداخلية يحققون معه نأخذ عياله للمطار يشوفونه
ها تسألينه
إذا كان فهد ينهى أن أناديه باسمه مجردا أمام الناس
فكيف أن أشعت بين الأسرة أنني اقصر الطرق إليه
قلت ليوسف بجرأة :
أسفه
عندكم رقمه كلموه
النفوس تغيرت على قولتك
وأنهيت المكالمة
لتقول فطومه بدعابة :
ميثى
ترا أنا صقيقتك
في العصر
جاءت سيارتي الجديدة لموعد نادين
وانطلقنا لمقر الشركة
حيث كانت تنتظرني
نادين التي كانت نادرا ما تتعطف وتسألني عن أخبار الدراسة وكيف الحال
تنساق اليوم لمشيئتي بتبعية يمتاز بها من يعبد الدولار
حاولنا إنهاء كل الإجراءات والمواعيد التي أمر بها فهد
وما بقي وعدت بإكماله وحدها
وعرفتني على جيزيل صديقتها التي استعان بها فهد لمساعدتي بالتجهيز للزواج
كانت سيدة قصيرة متأنقة
تكلمت عن مميزات مظهري وعيوبه
وعن احتياجاتي كعروس المدرجة عندها بقوائم محترفة التنسيق
كانت تسألني رأيي :
شو بديك
متل ما بتريدي
بس انا بأئترح عليك هيك
تخيرني
رغم أنها قادمة من عالم فهد القائم على المفروض
أخذت قياساتي لإرسالها بالبريد الالكتروني إلى ميلانو فقد اختار فهد فستان العرس
قالت :
الشيخ فهد
بدا يكون مفاجأة إليك
ممتعة جيزيل
كانت موسوعة معرفية بالذوق واللياقة
وعلى اطلاع بشبكة محلات الرياض الراقية التي لا تظهر خفاياها لكل من طرق أبوابها سائلا الجديد
كثيرة هي الترتيبات
ولكنني أنهيت الجلسة لوعد بيني وبين هيله
طلبت أن نتقابل السبت القادم
لتعرض على ما استطاعت توفيره من هنا وخاصة فستان حفلة الأحد و تجهز قائمة باحتياجاتي التي ستراسل لإحضارها من أوربا
قالت بقلق وهي تعيد تنظم أوراقها بملف مقوى :
أوف تلات أسابيع شو وئت قصير
بس كل شيء بدو يصير
متل ما بتريدي
هل أقول لها
لا تقولي مثل ما أريد
أنا لا ادري
إرادة من هي التي تتلاعب بي
بأحلام البنات
ما كان فستان الفرح طائر غامض يهبط من ايطاليا
وما كانت البدل الرسمية لباسي ماتينيه
والأسود هو السواريه
وما تمنيت فراء المنيك أو معطف طويل
ما عيب أن ارسم فستاني ليفسده الخياط وتخفي عيوبه طرحة الدانتيل البيضاء
وان البس التنورات المنفوشة والفساتين الملونة بالخرز المنثور
لماذا يا فهد هذا الإصرار على أن تبخل على رغم كرمك
تجرد زواجنا من جمال العفوية وارتباك الخطأ
هل يحق لي أن اعترض
أما قلت انه
انتقام
كانت هيله واقفة أمام باب بيت السويدي تنتظرني بعباءتها
أجلت الاطمئنان على صحة مزنه لعودتنا
التي تأخرت بسبب احتياج هيله لخدمات قائمة الصالون كاملة
إذا سأراها بالغد
فهيله تقول أن عمي سيقيم مأدبة غداء للعائلة بمناسبة عودة مصعب
ويذبح حاشي
الجمل رمز الصحراء حيا
وسعادتها النادرة منحورا
أوصلني سعد لبيتنا وأنا مرهقة
لأنام ببنطلون الجينز وبلوزتي القصيرة
في الصباح الباكر
أيقظتني أمي وهي تسمي الله
قلت لها وأنا أظنها كعادتها غاضبة من نومي بالبنطلون الضيق :
ما أبي أغير
مرتاحة فيه بس تكفين خليني أكمل نومي
لكنها قالت بصوت خافت :
ميثى قومي فهد يبيك بمجلس الرجال
نظرت لي وتابعت :
وكدي شعرك
قفزت من السرير ونظرت لساعتي
كان الساعة السابعة
هل أخطأت بأوراق الأمس
رتبت شعري بيدي وأسرعت للمجلس
وكان فهد وجه يكسوه السواد
يدخن بقلق
قلت أمازحه :
أي غلطة أسفه
النظام التعليمي عندنا هو السبب
نتفاهم بشويش
بس تكفى
ما أبي محاضرة يوم الخميس
ليقول دون أن ينظر لي :
صباح الخير ميثى
استلمنا مصعب
يصمت ليأخذ نفسا عميقا من السيجارة ويقول :
و وديناه الراجحي
نرفض أن نستوعب كلمة النهاية وان سطرتها حروف صارخة
لذلك قلت :
أي راجحي
فيه بنك فاتح الحين
قال فهد :
مسجد الراجحي
مغسلة الموتى
قلت طلبي اليائس :
فهد
لا تقول
تكفى
لا تقول
ما كان فهد ليصغي لهروب فأكمل :
مصعب راجع من العراق جثة
قالت أمي الواقفة عند الباب بإيمان العجائز :
لا حول ولا قوة إلا بالله
إنا لله وإنا له راجعون
عياله يعرفون
قال فهد موجها الحديث لي :
أنا قلت اخذ ميثى تعلمهم
زوجته كانت معك أمس
نعم كانت معي
تبدد ظرفها الأزرق على لقاء مصعب الذي لن يري لون شعرها الجديد
أو يصافح يدها المنعمة بالبرافين
ولن يتمرغ بما فعلناه لنهزم سلطة السنين على مقدرات امرأة منسية
مسكينة هيله
تزينت لزوج عائد مشحون بصندوق بعد أن لفظته مدن جهاده المزعوم
هي لا تعلم
أن الرجال هنا لا يخطئون
لهم الدنيا يسرحون ويمرحون
وإذا تذكروا بيتا بزوجاتهم مسكون
وعادوا
كانوا هم الفاتحين
وزوجاتهم أسرى الخطيئة التي نفتهم للأزقة التي بها عن المتع يبحثون
لبست عباءتي بجمود المفجوع
ركبت السيارة بجوار فهد المتوتر
كانت يده القوية تمسك بالمقود
رأيت فيها حركة واثقة
قريبا سترحل
مثل مصعب
هل بمثل هذا تفكر يا فهد
احتاجك
ساندني بقوة تنبض بها
الآن
أنا اضعف من انقل خبر وفاة لزوجة مشتاقة
وضع يده اليمنى بالقرب مني بما أغراني أن استأذنته بما يكره
أن يتصل به جسدي
وأتحسس الحياة في يديه
قلت بصوت يخاف مصير التجاهل :
ممكن امسك يدك
ليرد وعينيه لا تفارق الطريق :
لا
قلت وكأنني متسول لحوح :
طيب
أديني سيجارة
أطفئت ما تبقى منها قبل أن ادخل بيت السويدي
بعد أن صورني فهد وأنا انفثها بعمق
بلعبته الجديدة التي بدأ يستفزني تكرارها
كان أولاد عمي جميعهم يرتبون السجاد الأحمر المستأجر بساحة البيت الكبيرة
التفوا حول فهد ليتحادث معهم همسا
رأيت عبد الرحمن ابن مصعب بثوب جديد
يصرخ بوجهه فهد :
أنت السبب
قلت لنا ما دام قالوا استلموه يعني ما يبونه
حتى حنا بعد
ما نبيه
ميت
ما نبيه
أخذه يوسف خارج البيت ليهدئه
وركضت للداخل لئلا ينقل صراخ عبد الرحمن الثائر الخبر قبلي
كانت هيله بالصالة واقفة
امرأة محسنة
تنتظر غيري
الذي لن يعود
نظرت لي وقالت :
ميثى
يا خسارة ظرف السنة
ليت شريت به سيكل لعبد الرحمن وشنطة لحصة ورفعت الباقي للعيد
ضاعت أموال ظرفك يا هيله على عملية خاسرة
ترميم امرأة بور
لن يطأها رجل
فكرت
كأنك لم تخسري غيره يا هيله
حضنتها
وبكينا
سرعة الانتقال من الفرح للحزن امتياز نجدي
بلحظات فتح بيت عمي للعزاء
ولبست هيله السواد
وصار المهنئون معزين
وفي العاشرة جاءت الجوهرة و ميساء للعزاء
نظرت لي ميساء بغضب
لم تحادثني بكلمة
فكرت أن اصعد لمزنه بغرفتها
كانت ُمسجاة على سريرها تنظر للفراغ بعيون مفتوحة لا ترى إلا الخواء
وضعت رأسي على طرف سريرها
وبكيت الميتة الأخرى
سمعت صوت عبد الله يقول :
تراها ما تدري عنك
ما في داعي للتمثيل
رفعت رأسي ورأيت الحقد مصورا برجل وقلت :
عبدالله
أنت تحسب كل الناس مثلك
قال بسخرية :
يا ليت مثلي
طلعتي أحسن مني بمراحل
فهد
وش ذا الهبره يا ميثى
يا حول يا أنا اللي تورطت بأم رجل
هنا وقفت وأنا من يرفع السبابة هذه المرة
فلم اعد سلمى
التي لا تستطيع الانتصار ولا تطيق الانكسار
أنا ميثى التي قلت له مهددة :
تهنئتك بالزواج وصلت بالجوال
وبعدين
لا تقول الكلمة هذي ثاني
فاهم
لا تهين بنت عمي و أخت زوجي
أما أني أحسن منك
بمراحل
هذا أكيد
كان يظن أن له حصانة من ماضي العشق
ليتجرأ بصفاقته على مسمعي
لكن شفائي منه جعله يخرج متعثرا بثوبه
نظرت لمزنه
كأنها غفت رغم العراك
كان الأطفال يلعبون بمكنونات مكتبها
لتصير طائرات وسفن ورقية
لن يرضيك يا معلمتي سر الكلام أن تهان الأوراق وتستباح الأقلام
أخذت استرجعها من أيديهم الصغيرة العنيدة
وأرسلهم لساحة الدار ينتظرون الغداء
الحاشي الموعود
خط مزنه الجميل مسطرا رسالة أخيرة
لا تقول
عني
مقتاتة على الفتات
أنا من وهبتك ملذات الحياة
و صوتك كان بعثي من ممات الأجداث
فكرك أحافير كل حضارات الجزيرة
لا تقول
عريس أنا لهيفاء
تعيقينني يا أنت عن متعة الأجساد
أنا
أسألك فقط
لماذا تلونت كالحرباء
إما كنت لك كل النساء
لا تقول
لا تقول
مزقت الورق
سيقول يا مزنه
ويكفر بجدارية تشريعات مزنه القادر
|