من رسالة للصابي
وكان الغامط لإنعامنا ، الجاحد لإحساننا ، المتردي من ذروة طاعتنا ، الهاوي هوة معصيتنا ، الخلع رِبقه ذمتنا ، النازع جُنبة مشايعتنا .... ونحن نحمل أمره على ظاهره ، ونظن غائبه مثل حاضره ، وباطنه مثل عالنه ، حتى جذبنا بضبعه من المسقط المنحط ، إلى المرفع المشتط ، ووانتهينا في الإناقة بقدره ، والإشارة بذكره ،والتفخيم لأمره ، والتقديم لقومه ، إلى الغاية التي لا تسمح بها نفس باذل ، ولا تسمو إليها همة آمل ، فلما عز بعد الذلة ، وكثر بعد القلة ، وبعد صيته بعد الخمول ، وطلع سعده بعد الأفول ، وجمت عنده الأموال ، ووطئت عقبه الرجال ، وتضرمت بجسده جوانح الأكفاء ، وتقطعت بمنافسة أنفاس النظراء ، نزت به بطنته وأدركته شقوته ، ونزع له الشيطان وامتدت في الغي أشطانه، فنصب أشراكه وحبائله ، وأعمل مكايده ومخاتله .
|