من رسالة يصف فيها هجير الصحراء
والجو يتنفس عن صدر مسجور كصدر المهجور ، والحر وصاليه في هذا النحو كجار ومجرور ، والمهامة قد نشرت فيها ملاء السراب ، وزخر فيها ماء ولو لغير رشده على غير فراش ، السحاب وجر الرمل قد منع حث الرمل ، ونحن في أكثر من جموع صِفين إلا أننا نخاف وقعة الجمل ، ووردنا ماء هذه العيون ، وهو كالمحبر يغترف من المجرم ، مثل عمله ويرسل سهماً فلا يخطئه نقر مقتلة .
وهو مع هذا قليل مما جادت به الآماق في ساحات النفاق ، لا في ساعات الفراق ، فيالك من ماء لا تتميز أوصافه عن التراب ، ولا يرتفع به فرض التيمم كما لا يرتفع بالسراب ، ولا يعدو ما وصف به أهل الجحيم في قوله تعالى : (وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب ...) ، فنحن حوله كا العوائد حول المريض يعللون عليلا لا يرد الجواب .
|