08-09-2011
|
|
11 ـ أغنية إلي الريح الشمالية
قبلّ مجففة على المنديل
من دار بعيد
ونوافذ في الريح ،
تكتشف المدينة في القصيدة .
كان الحديث سدى عن الماضي
وكسرني الرحيل
وتقاسمتني زرقة البحر البعيد
وخضرة الأرض البعيدة
أماه ! . . وانتحرت بلا سبب
عصافير الجليل .
يا أيّها القمر القريب من الطفولة والحدود
لا تسرق الحلم الجميل
من غرفة الطفل الوحيد
ولا تسجل فوق أحذية الجنود
اسمي وتاريخي ـ
سألتك أيّها القمر الجميل .
هربت حقول القمح من تاريخها
هرب النخيل .
كان الحديث سدى عن الماضي
وكان الأصدقاء
في مدخل البيت القديم يسجلون
أسماء موتاهم
وينتظرون بوليسا
وطوق الياسمين
قبلّ مجففة على المنديل
من دار بعيده .
ونوافذ في الريح تكسر جبهتي
قرب المساء
كان البريد يعيد ذاكرتي من المنفى
ويبعثني الشتاء
غصنا على أشجار موتانا
وكان الأصدقاء
في السجن .
كانوا يشترون الضوء
والأمل المهرّب
والسجائر
من كل سجّان وشاعر
كانوا يبيعون العذاب لأي عصفور مهاجر
ما دام خلف السور حقل من ذره
وسنابل تنمو . .
بلادي خلف نافذة القطار
تفاحة مهجورة .
ويدان يا بستان كالدفلى . .
كأسماء الشوارع . .
كالحصار .
بالقيد أحلم ،
كي أفسّر صرختي للعابرين
بالقيد أحلم ،
كي أرى حريّتي ، وأعدّ أعمار السنين
بالقيد أحلم ،
كيف يدخل وجه يافا في حقيبة
بيني وبينك برهة في زى مشنقة
ولم أشنق . . فعدت بلا جبين
بيني وبين البرهة امتدّت عصور
بالقيد أحلم ،
كيف يدخل وجه يافا في حقيبة ! . .
قبلّ مجفّفة على المنديل
من دار بعيده .
ونوافذ في الريح ، يا ريح الشمال
ردّي إلي الأحباب قبلتهم
ولا تأتي إلي !
من يشتري صدر المسيح
ويشتري جلد الغزال
ومعسكرات الاعتقال
ديكور أغنية عن الوطن المفتت في يديّ ! . .
كان الحديث سدى عن الماضي ،
وكان الأصدقاء
يضعون تاريخ الولادة بين ألياف الشجر
ودّعتهم . .
فنسيت خاصرتي وحنجرتي وميعاد المطر
وتركت حول زنودهم قيدي
فصرت بدون زند ، واختصمت مع الشجر
والأصدقاء هناك ينتظرون بوليسا
وطوق الياسمين
وأنا أحاول أن أكون
ولا أكون . .
12 ـ أغنية حب علي الصليب
مدينة كل الجروح الصغيرة
ألا تخمدين يدي ؟
ألا تبعثين غزالا إليّ ؟
وعن جبهتي تنفضين الدخان . . وعن رئتيّ ؟ !
حنيني أليك . . اغتراب
ولقياك . . منفى
أدقّ على كل باب . .
أنادي ، وأسأل ، كيف
تصير النجوم تراب ؟
أحبك ، كوني صليبي
وكوني ، كما شئت ، برج حمام
أذا ذوبتني يدلك
ملأت الصحارى غمام
لحبك يا كلّ حبي ، مذاق الزبيب
وطعم الدم
على جبهتي قمر لا يغيب
ونار وقيثارة في فمي !
إذا متّ حبا فلا تدفنيني
و خلي ضريحي رموش الرياح
لأزرع صوتك في كل طين
و أشهر سيفك كل ساح
أحبك ، كوني صليبي
و ما شئت كوني
و كالشمس ذوبي
بقلبي . . و لا ترحميني
13 ـ الأغنية والسلطان
لم تكن أكثر من وصف . . لميلاد المطر
و مناديل من البزق الذي يشعل أسرار الشجر
فلماذا أقاموها ؟
حين قالت إن شيئا غير هذا الماء
يجري في النّهر ؟
و حصى الوادي تماثيل ، و أشياء أخر
و لماذا عذبوها
حين قالت إن في الغابة أسرارا .
و سكينا على صدر القمر
ودم البلبل مهدور على ذاك الحجر ؟
و لماذا حبسوها
حين قالت : و طني حبل عرق
و على قنطرة الميدان إنسان يموت
و ظلام يحترق ؟
غضب السلطان
و السلطان مخلوق خيالي
قال : إن العيب في المرآة ،
فليخلد إلي الصمت مغنيكم ، و عرشي
سوف يمتد
من النيل إلي نهر الفرات !
أسجنوا هذي القصيدة
غرفة التوقيف
خير من نشيد . . و جريدة
أخبروا السلطان ،
أن الريح لا تجرحها ضربة سيف
و غيوم الصيف لا تسقي
على جدرانه أعشاب صيف
و ملايين من الأشجار
تخضر على راحة حرف !
غضب السلطان ، و السلطان في كل الصور
و على ظهر بطاقات البريد
كالمزامير نقيّ و على جبهته وشم للعبيد ،
ثم نادي . . و أمر :
أقتلوا هذي القصيدة
ساحة الإعدام ديوان الأناشيد العنيدة !
أخبروا السلطان ،
أن البرق لا يحبس في عود ذره
للأغاني منطق الشمس ، و تاريخ الجداول
و لها طبع الزلازل
و الأغاني كجذور الشجرة
فإذا ماتت بأرض ،
أزهرت في كل أرض
كانت الأغنية الزرقاء فكره
حاول السلطان أن يطمسها
فغدت ميلاد جمره !
كانت الأغنية الحمراء جمره
حاول السلطان أن يحبسها
فإذا بالنار ثوره !
كان صوت الدم مغموسا بلون العاصفة
و حصى الميدان أفواه جروح راعفة
و أنا أضحك مفتونا بميلاد الرياح
عندما قاومني السلطان
أمسكت بمفتاح الصباح
و تلمست طريقي بقناديل الجراح
آه كم كنت مصيبا
عندما كرست قلبي
لنداء العاصفة
فلتهبّ العاصفة !
و لتهبّ العاصفة !
|