بكت بكتف عمها تبث همومها وقال: هو... نسى... نسى الخنساء... نسى...
كان يدري منو قصدها... فقال: لا يا بنتي... هو...
مسكت الخنساء يد عمها وهي تقول مقاطعته: خلاص... عمي... ما أبي... خذني... بيت بابا...
حاول يتكلم بس الخنساء هزت راسها: عمي... أرجوك... ما أبي بيت... وليد...
ما تكلم خالد... يحق لها تبعد... وخاصة إنه يحط اللوم على وليد إلي هو إلحين أبد ما حس بحاجة الخنساء له...
قال بحنية: يا ببنتي خلني أتصل على أمي مريم تجي معك...
هزت الخنساء راسها... وبعد مشاورات وافقت الجدة تروح مع الخنساء وشغالتين لبيت أحمد... وهناك تركهم خالد... وراح لبيت سيف يتطمن على لجين... ويمكن يروحوا من هناك يزوروا سلمى ومحمد... وحتى رغم الأحداث إلي صارت تبقى أخته... وهم أهله...
ولما قاله سيف إن لجين رجعت لبيت أبوها هي وأمها... حس بالحزن عليها... قرر يروح لهم يشوفهم هم محتاجين حاجة... بس تذكر طلال... وغير وجهته وطلع للمركز...
.
.
خيم الليل وهي جالسة على البلكونة تناظر النجوم بخوف... كان المكان موحش... اليوم راحت لأختها واستوعب... وقامت من غيبوبتها... بس حالتها النفسية زفته... مثلها مثل أمها... لفت طالعة رايحة لأمها... ناظرتها متمددة عالسرير تناظر للسقف... وباين من عيونها الفارغة إنها تفكر بسوداوية... نشوى بعد كم يوم بتطلع من المستشفى ومصيرها مثل أمها... أما طلال فما تدري عنه... كم مرة حاولت تتصل بس ما كانت محظوظة... وأبوها!!... عماتها قالوا إنهم راح ياخذون أبوها لعندهم... لحد ما يتشافى... ابتسمت بألم... ما بقت إلا هي... وين مصير؟! وكيف مصيرها مع جلند؟! ما تدري...
رجعت للمطبخ تعمل لها شيء ياكلوه رغم إنها ما تاكل إلا حتى تكون بوعيها... وتحاول تتملق أمها تاكل... وكانت تشيل صحن بالشوربة لما سمعت صوت الباب الرئيسي حق الصالة ينفتح ويطل منه شخص... هو بآخر أحلامها كان سراب... كان الصحن بيطيح بس هو مسكه...
همست بصرخة متألمه لما شافته حقيقة وهو يحط الصحن على جنب... ورمت نفسها له...
ضحكت وهي تبكي: آآآآآآآآآآآآآه طلااااااااااال... طلاااااال!!!... متى طلعت؟! من طلعك من الحبس؟!
شد عليها طلال... آآآه اشتاق لها ولضحكاتها وعصبيتها... اشتاق لأخته إلي كانت أقرب إنسانه له من أهله...
طمنها: خالي خالد هو إلي طلعني... وهذا هو...
لفت تشوف خالد واقف على جنب يتأملهم بحب حزين... ركضت لخالها وضمته بقوة وهي تبكي: خالي... خالي... آآآآآه...
مسح خالد على راسها: الحمد لله على سلامة طلال يا لجين... يلاااا شدي حيلك أهلك محتاجين لك...
لجين مسحت دموعها وراحت مسكت بأخوها وهي مو مصدقة إنه طلع... ضحك طلال بخفوت...
وهمس لها: صدقيني لجين... أنا ما طلعت إلا وكلي ندم...
ردت لجين بخوف: أمي ونشوى...
ابتسم طلال بتردد: رغم كل شيء هم أهلي... شرفي... أمي... أختي...
ضمت يده بيدها الثنتين وهمست: الحمد لله... الحمد لله... طلال... تعال... أمي... داخل...
تقدم خالد وقال: أنتظروا هنا بدخل لها أنا بالأول...
ونفذوا كلامه وهم مضطربين... وجلست لجين تاخذ أخباره وهي مرة تمسح دموعها ومرة تبتسم... ومرة تضحك بوجع...
وبعد ما مرت أقل من نص ساعة طلع خالد... وقفوا الأخوين بتوتر ما يدروا شو كان رد فعل خالهم مع أمهم...
لما شاف خالد نظرة التوتر بعيونهم طمنهم: تكلمت معها... الظاهر الصمت هو الجواب الوحيد عندها... بس صدقوني بترجع مثل ما كانت وانتوا جنبها... نسوها أحزانها... وأهتموا فيها... لا تترددوا تتصلوا فيني وخبروني بكل شيء... بروح إلحين البيت التعب هدني... وسيف إن شاء الله بكرة على وصول لأمكم...
وكان بيطلع لما سمع أصواتهم تناديه...
همست لجين: خالي... أرجوك سامحهم...
وردد طلال وهو خجلان يحط عينه بعين خاله: خالي...سامح أمي... نشوى... أستسمح من وليد... والخنساء... لو إننا ندري إنهم ما يطيقوا لنا وجه أو أسم...
ابتسم خالد بوجع وقال: المسامح كريم يا ولدي... المسامح كريم...
وطلع تارك طلال ولجين بحيرة... ما يدروا متى راح يرجعوا لدائرة أهلهم... ورجعوا يمشوا لغرفة أمهم... طلال قوى قلبه... وحاول قدر ما يقدر يزيح نظرة الخوف من عيون أمه... هي أمه رغم كل شيء... حاول بكل حنية يفهما إنه يبيها تصحى وتستعيد قوتها... لكن... مثل ما قالوا... لا حياة لمن تنادي... سلمى محتاجة للوقت إلي ترجع فيها تثق إن أهلها وأولادها ما زالوا محتاجين لها مثل ما هي محتاجة لهم...
|