صرخ بوجع: آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه بدر... شوي... شوي... الله... يخليك...
همس بدر وجبينه معرق: لا حول... ولاقوة إلا بالله... أصبر شوي... إلحين بطلعها... والله ما صرنا بدنيا الواقع... أحسني أمثل بفلم...
تأوه وليد وهو يحط يده على خصره ويرتجف: أخخخخ... هذي هي حياتي... أنت تدري... مو شيء غريب...
وصرخ لما حس بنصل السكين الحار بدت تحفر بجسمه ويسحب الطلقة....
وكمل بهذيان: عملي كان... صورة من هذي... سكين... زجاج مكسور... مسدس... حديد... كله أكل من جسمي... آآآآآآآآآآآآآه... بـ..ـد..ر...
بدر بعد ما طلع الطلقه وتدحرجت عند رجوله قال: خلاص... خلاص خلصت...
ولف له يطمنه شافه أغمى عليه من الألم... حاول يعقم جرحه ويضمده... وطلع وقتها يجيب له دكتور يشوف حاله...
مشى وهو يردد: الله يهديك يا وليد... الله يهديك... الحمد لله مرت على خير...
ولما وصل الدكتور أضطر بدر يخبره إنه شرطي وأعطاه إثبات وهذا غير إنه شرح له إنهم كانوا بمهمة عمل...
قال الدكتور معاتب: يا خوي الحمدلله جات الطلقه سطحية... والجرح مو عميق وإلا كانت كبد هالشاب تفتت ألف قطعه...
تجرع بدر ريقه وهمس: الحمدلله على كل حال...
الدكتور: أعطيته مهديء... جسمه منهد لازم ننقله للمستشفى بيتلقى علاج أفضل...
رد بدر: وهو الله يهديه رضى... لو كان راضي كنت وديته من أول للمستشفى...
الدكتور عفس بوجهه: عالعموم هذا قراركم... شكله هالشاب ما شاء الله عليه عنده إرادة فكلها ساعة ساعتين وبيقوم... أعطه هالأدوية إذا أشتد عليه الألم... وأنصحك طبعا توديه للمستشفى...
هز بدر راسه بعد ما طلع الدكتور...
وصحيح كلها ساعة ونص قام وليد وهو يهذي وينادي: بـ..ـدر... وينك؟! وين أنت؟!
رد بدر وهو جنبه: هنا... ها شو تحس؟!
همس وليد: الحمدلله... أحسن...
رد بدر بإضطراب: الله يهديك أي أحسن... الدكتور كان بينجن وهو يشوف حالتك هذي بشقتي...
ابتسم وليد بوجع: الحمد... لله... كنت أنت.. معي... وإلا كان... صرت علوووم...
تنهد بدر وفتح موبايله بعد ما نساه: شو الخطة إلحين أنت ما تقدر تتحرك...
وليد همس: إلا... بس أعطني ساعتين بالكثير اقوم فيها على رجلي...
فيصل فتح موبايله وسمع صوت المسجات المتراكمه: لا... بشيلك من هنا للمستشفى... وبروح مع فرقة للعامرات... ما شاء الله كل هذي مسجات؟!
وليد بعصبية: أنا ما خبرتك علشان بالنهاية ترميني بالمسـ...
قاطعه بدر وهو يأشر له ويقرأ بصوت عالي: بدر... إذا كنت تعرف مكان وليد... فخبره إن الخنساء زوجته بأمان... هي مع أمها وزوج امها رايحين للعامرات... بيت جدها...
انتفض وليد بكل وجع وهو يحاول يجلس: آآآآآآآآآآآه... الخنساء... يا ربي شو هالمصايب؟!
مسكه بدر يحاول يعدل وضعه: شو يوديهم للعامرات؟!
همس وليد: والله مدري... مدري... أخخخخ قومي ساعدني أوقف على رجلي... وخلينا ناخذ طريق العامرات...
رد بدر بعنف: أنت تبي تقتل عمرك؟؟!
رد وليد بصورة قاطعه وهو يحاول يشيل نفسه ويتوجع وعينه تدمع: تدري... يا بدر... الخنساء... فخطر...
تنهد بدر وساعد وليد وقال: هذي هي الساعتين إلي تبيني أعطيك إياها... خلني أتصل بعمي خالد عالأقل...
وليد بوجع: تمام أتصل وإحنا بالطريق... ما عندنا وقت...
وتسحب بكل وجع للباب وللسيارة... وهو يتذكر إن الشخص إلي راح يقابله تخلف عن موعده ودرى إنه ما فيه الشجاعة يقول له... وأضطر يسأل عنه ويعرف مكانه بنفسه ولما وصل له مع بدر... أنقلب الحال أشتبكوا مع شلة خمارى وسكارى وطلع منها وليد بجرح قريب من خصره... مثل ما سحب كلمتين من الشخص الغامض... إن عمر من يوم هرب وهو مختبي فبيت العم علي... وهذا آخر مكان وليد فكر إنه يبحث عنه... وإلحين الخنساء شو مصيرها وهي تمشي للخطر... لا... لا... لازم يوصل لهناك قبل... لازم...
.
.
وما درى وليد إنه تأخر كثير...
وخاصة إن الخنساء كانت خلاص رجلها تطب باب العتبه وهي تتذكر كل زاوية تأثرت فيها بحونو... ومن دون ما تحس قطعت الليل وسكونه بصراخها... صراخها الممزوج بالدموع والصياح... كانت تشوف كل مقاطع من حياتنا من موت جدها... لحد موت ولدها خالد... وهي تدور حوالين نفسها ويدها تنغرس براسها تحاول تسكن شيء من آلآمه...
وبالأخص إنها درت... ودرت إن هالدمية ما هي خالد... وبصورة دراميه... رمت الدمية عالأرض بدون أهتمام والمشهد ينعاد قدامها...
..
"إنتهى كل شيء... كل شيء فجأة...
عمي المرتمي عالأرض والدم يسيل منه... طفلي إلي طاح من بين يدي وأرتمى عالأرض... طفلي إلي سكن... وتوقف بكاه... طفلي إلي مات فيه الروح...
رغم كل جروحي... حبيت والدم يسيل مني... أطبع بدماي عالأرض... بدون دموع... بدون صراخ... حبيت لطفلي... وبست العيون إلي نامت... نامت نوم أبدي... بست الأنف... الخد... الجبين... الراس... العنق... الصدر... اليد الصغيرة... البطن... الرجل...
شلته بين يدي بكل حذر... وتربعت وهو بحضني... شميت ريحته... وإلي إختلطت بريحة الدم... وبكل رجفة مررت يدي على راسه ووجهه... أمسحها بكل لطف... أخاف يقوم يبكي ويصارخ ...
صرخت صرخة هزتني... وهزت كل نبض فيني... هزت جدرا الصمت... السكون... هزت حالتي... وأنتهيت من الصدمة للألم... للوعة والدموع... وفهمت وقتها ليش هو ما يسمعني... فهمت ليش ما يتحرك... ينبض... يتنفس... يفتح عيونه... فهمت... فهمت وقتها إنه... تركني وراح...
تركني وراح... ولدي خالد راح... راح... راح... }}...
..
أرتمت عالأرض وفيصل وأمها يحاولون فيها... سعاد تضمها لها بكل قوة... بكل قوة تحاول تكبت هالصرخات الهستيرية... لكنها عرفت إلحين إن خالد مات... وهي كانت عايشة بوهم خالد... وهذي هي رجعت للواقع بكل بطء... سلسلة الآهآت ما أنقطعت من جوفها... فطل صوتها ضعيف مكبوت بصدر أمها...
همست بكل شجون وهي تغمض عيونها قبل لا يغمى عليها: أحضنيني حييييل... أحضنيني... يا ماما... أحضنيني...
.
*
|