* * *
الثلاثاء...
15-7-2008...
رفضت أروح لعمتي فبيتها... على قولتها مسوية عزيمة علشان طلال حصل وظيفة من قبل ثلاث أشهر... وكانت بتسوي عزيمة من قبل بس... على حد قولها أنا نكد عليهم... خربت عليهم الفرحة...
تنهدت وأنا أجلس عالكنبة وأفتح التلفزيون وخالد بحضني نايم... عمي سيف كان رافض يتركني أنا وخالد الصغير بالبيت لوحدنا مع الشغالة... بس أنا أصريت... أصريت يروحون وينسوا أحزاني... وينسوني فترة... سمعت صوت الشغالة من وراي... انتفظت وأنا أناظرها لأنها فزعتني...
قالت لي: ماما... خلاص أنا شغل... تبي أجلس مع بيبي...
أبتسمت لها وأنا أقول: أيوه... خذي خالد... أنا أسوي... حليب...
أخذت خالد وهي تهدهده بأغنية غريبة... ناظرت الساعة وكانت على 9 الليل... وصلت للمطبخ وحطيت الماي بالنار علشان يغلي... ووقفت عند باب المطبخ لأن كانت لي رغبة أطلع للحوش... مشيت لباب المطبخ الخارجي وطلعت للحوش وأنا مو حاسه... وقفت أتنفس بعمق... مشيت للمرجوحة وجلست عليها وأنا أناظر السماء...
..
{{... إش فايدة نبكي على شي قد راح
وإحنا قتلنا الحب من دون رحمة
المشكلة جيتك وبي حب يجتاح
جيتك طفل محتاج من الوقت ضمه
جيتك وله وأشواق والشوق فضاااح
رد الصدى ياصاحبي صاحبك راااااااااااح!
ومن يومها كل الفرح صار صدمة...
صار صدمه...!! }}
..
أدمعت عيني وأنا أفكر بوليد... أشتقت له... أشتقت لضحكته... لحنانه... لوجوده... لكلامه... لهمسه... أشتقت له... ما كنت أكذب لما قلتها إني أحبك... ما كنت صادقة لما قلتها إني كرهتك... إنت بخفوقي تسكن... بقلبي إنطبعت... بشفايفي حروف أسمك ترددت...
قالوا لي سافر... سافر علشان عمل... وتركني هنا بدون حتى ما يسأل عني أو حتى يسأل عن خالد ولده... وهذا أكبر دليل على إنه رماني...
تنهدت بألم وأنا أتمنى الأيام ترجع لورا... دفنت راسي بيدي وأنا أنتحب... أقدر أكسر هالكبرياء العنيدة وأرجع لوليد... أقدر أمحي هالحزن بلحظة وأرجع لوليد... بس هو... هو بين لي شو كثر أنا كنت كذابة ألعب عليه... والله... والله ما كذبت عليه... ما كذبت بأي لحظة عليه... آآآآآه... ليت... ليت الزمن يرجع لورا...
: تؤ... تؤ... تؤ... شو يبكيك يختي؟!
انتفظت ووقفت أرتجف... ناظرت لوراي بالظلمة وأنا أشوف نشوى واقفة وجنبها شخص مو غريب أبداً... وهالشخص ما كان إلا إلي شفته فبيت أبوي يحاول يشتريه...
رددت وأنا أرجع لوراي: أنتي... شو... تسوي هنا؟! وهذا...؟!
أشرت على الرجال...
ضحكت نشوى بميوعه وقالت: أمممم حبيبتي الخنساء... لما سوينا العزومة قلت بتجين... بس ما جيتي وخيبتي آمال... آمال أمي وآمال عمر...
وبعدها سألت بكل حقد: كيف البيبي؟! يشبهه؟ يشبه حبيبي وليد؟!
ما أهتميت لكلامها... وناظرتها بخوف ورجعت أناظر الرجال جنبها... هذا إلانسان مو غريب عني... مو غريب أبداً... أرتجفت يدي ورجعت لوراي... وركضت أهرب... ركضت أهرب لأني حسيت إن شيء بيصير... بيصير لي من ورا هالإنسان...
سمعت صوت ضحكاتها تتبعني وتلكز ظهري...
صوتها يصرخ: روح... روح وألحقها... روح وألحق هالغبية... وطفي نار الإنتقام إلي فيك...
وفجأة صرخت وأنا أحس بقبضة يد تكتفني... حاولت أنزع قيد يده من يدي وأنا أصارخ... حاولت أخمشه وأنا أصارخ... حاولت وحاولت... وبالنهاية تلقيت ضربتين على خدي تسكتني...
ليش؟! ليش ما يصير لي إلا هالأشياء؟! ليش؟! ليش الناس تكرهني... تجرحني... تألمني... وأنا ما عملت لهم أي حاجة... ليش... ليش... ليش؟!!
أرتخت يدي بين يديه وهو يهمس... بصوت كان الشر نفسه...
قال بحقد: تذكرين؟!
أرتجفت وهو يكمل ويضغط علي بقوة: تذكرين راشد؟! تذكرين حمد؟! حمادة؟!
سكنت وأنا أتذكر... حمادة؟!... هذا الرجال... هذا...
وكمل هو بأحقد يكبر ويكبر: أخوه... أخوه إلي رميتيه بالسجن...
ومرر يده على يدي وأنتفظت وهو يقول: تتبعت كل معلومة عنك... تتبعت مكان سكنك... وبالنهاية وصلت لبيت أبوك... وللأسف ما كنتي موجودة... وبالصدفة شفتك يومها فبيت أبوك... عرفت إنك إنتي المقصودة لأنك خرسا ومثل ما وصفك حمد بالضبط...
لفني ومسك يدي يضغط علي...
وبكل حرة بصقت بوجه وصرخت: شو... تبي مني؟!
صفعني مرتين من كل خد وهو يصرخ بهمس: وسسسسس... يالحقيرة... يا بنت...
وكمم فمي وجرني... حاولت أصرخ بنشوى... حاولت وحاولت... هل في إنسانة بهالشكل حقيرة؟! تبيعني لإنسان أحقر منها؟!
رجعت تلويت بين يديه وآلمني لما لزقني عالجدار... نزلت دموعي بكل بطء... كل دمعه تحكي معاناة... كل دمعة تصرخ بوجع... كل دمعة تنادي وليد...
والغريب... سكون ما شابه إلا أنيني... مرتين أنحط بهالموقف وما ألاقي حامي... مرتين أكون قريبه من الضياع والموت... مرتين وشكلها مالها ثالث...
غمضت عيوني ويده تمتد لذقني... غمضت عيوني بلحظة ضعف... وصورتين مروا قدامي... ولدي خالد... ووليد...
: أبعد أيدك عنها يالكلب...
.
.
ناظرت قدامي أحاول أخترق الظلام... مثل ما أحاول أخترق جدار الأحزان... وشفت المنظر قدامي... عمي خالد ماسك نشوى إلي كانت تبكي عند رجوله... وعرفت من الكدمات على خدودها إنه ضاربها...
وبس هي لحظات وأحس بالقيد أنفك... بس هي لحظات وأشوف صراع قايم قدام عيوني... صراع عنيف... ضرب... رفس... سب... دم...
صرخ عمي خالد: الخنساء روحي... روحي وأتصلي عالشرطة...
وقفت جامدة وما حسيت إلا وأنا أركض وأدخل للبيت... ركضت للصالة وشفت الشغالة نايمة وبحضنها خالد يبكي... أخذت خالد وقومت الشغالة...
قلت بصرخة: حرامي... حرامي... روحي... موبايل... يلااا...
أنتفظت الشغالة وما حسيتها إلا وهي طايرة تجيب التلفون وتتخبى وراي... كانت تصارخ بهستيرية...
مسكت الموبايل وأنا ما أدري كيف بتكلم مع الشرطة... أرتجفت يدي وطاح الموبايل... ورجعت أخذه وقررت أتصل على عمي سيف... الصدمة ما خلت فيني ذرة تعقل وتمسك بالشجاعة...
تكلمت أول ما إنشال الخط وأنا ألهث بخوف: حرامي... عمي خالد... حرامي...
وفجأة وأنا أسمع صوت صرخة جات من برا... وبدون ما أحس رميت الموبايل وركضت للمطبخ وبعدها للحوش... وقفت أشوف عمي خالد يوقف والدم ينزف من أنفه... وعمر واقف يركض لاف للحوش الأمامي...
قال عمي خالد يصرخ بكل وجع: والله... والله إني مو مخلنك (تاركك)... مو مخلنك يالنذل...
وجرى وراه... مسكت فيه وأنا اتبعه...
صرخت بخوف وأنا أحاول أعلي صوتي على صوت بكى خالد: عمي... عمي... لا... لا...
شو يبيله؟! كفايه... خله يروح... خله يولي...
هز عمي راسه وهو يجري وراه وأنا أتبعه: لا... والله مو مخلنه... مو مخلنه... بقطع يده إلي أنمدت عليك... بقطعها...
وصلنا لباب الحوش وأنا أبكي مع ولدي خالد... كنت حافية وأنا أمشي ورا عمي... شفنا عمر وصل لسيارته...إلي كانت على جنب البيت... وقبل لا يدخلها مسكه عمي خالد... وطاح فيه للمرة الثانية ضرب... ورمى عمر عمي وهو يصارخ للأرض... وفتح الباب ودخل السيارة... مسكت عمي وأنا أتشبث بولدي...
بكيت: بس... بس عمي... خله...
حاولت أوقفه لما أنطلقت السيارة... مسكت عمي وأنا أبكي وأحاول أوقف الدم إلي يسيل من أنفه... عيونه كانت مورمة وتندمي... مديت يدي أمسح الدم...
كنا بوقفتنا ذيك وإحنا ما نحس بالسيارة إلي رجعت... بالسيارة إلي تمشي بدون أضواء... بالسيارة إلي قربت منا شعرات...
صرخة عمي خالد طغت عالمكان وهو يحضني... صرخة أختلطت ببكى طفلي وهو يتلوى بين يدي... صرخة أختلطت بهيماني... صرخة إختلطت بدموعي... صرخة إختلطت بصراخي أنا...
.
.
إنتهى كل شيء... كل شيء فجأة...
عمي المرتمي عالأرض والدم يسيل منه... طفلي إلي طاح من بين يدي وأرتمى عالأرض... طفلي إلي سكن... وتوقف بكاه... طفلي إلي مات فيه الروح...
رغم كل جروحي... حبيت والدم يسيل مني... أطبع بدماي عالأرض... بدون دموع... بدون صراخ... حبيت لطفلي... وبست العيون إلي نامت... نامت نوم أبدي... بست الأنف... الخد... الجبين... الراس... العنق... الصدر... اليد الصغيرة... البطن... الرجل...
شلته بين يدي بكل حذر... وتربعت وهو بحضني... شميت ريحته... وإلي إختلطت بريحة الدم... وبكل رجفة مررت يدي على راسه ووجهه... أمسحها بكل لطف... أخاف يقوم يبكي ويصارخ ...
قلت أحاكيه علشان يقوم: حـ..بيبي... حبيب... ماما... بس نوم...
ولما ما جاوبني... همست بحلاوة: بس نوم... ماما... تبي... تشوف عيـ..يونك... حلوة...
ورجعت أهمس للمرة الثالثة: ماما... ما تبكي... بس نوم... حا... حاكي ماما... يلااا حبـ..بيب ماااما...
أرتجفت شفايفي لما ما سمعت أي همس منه... نزلت دمعه يتيمة لخدي... تاخذ مجرى على خدي... وأنا ما أشوف أي حركة بهالجسد إلي ساكن بحضني...
هزيته عالخفيف ورجفة شفايفي ما توقفت: خالد... حـ..بــ..يـ..بـ...ـي... قـ..قوووم يلااا... يـ.. يـلاااا...
وبلحظة بس...
دمعت...
انتحبت...
شاهقت...
بكيت...
أنتفظت...
وصرخت... : لا...لا...لا...لاااااا... لااااااا... لااااااااااااا... لاااااااااااااااااااااااااااااااااااا....
|