عضيت إبهامي بتوتر... وأنا أنزل جزمتي (تكرمون) قبل لا أدخل الجناح...مشيت بكل خفة حتى أوصل لغرفتي من دون صوت... وما حسيت إلا بإيد تمسكني وتثبتني عالجدار... كان وليد وهو مابدل لبسته أبد... شكله كان ينتظرني على جمر...
قال يصرخ يفرج عن كبته: شو يعني هالحركات السخيفة تحت؟؟!
عضيت على شفتي وابتسمت بكل براءة وأشرت: أي حركات؟!
وبطريقة مختلفة عن السحب والضرب وإطلاق الإهانات ... نقرت على كفه...
أشرت بحلاوة: ممكن يا أستاذ... عقيد وليد... تنزل يدك... أعني لو سمحت... ناظر هالثوب... جديد وأنعدم بالعصير... صرااحة عجبني كثير لما شفته بالمحل حتى إني لابسته بصباحيتي... أوه... صحيح... مو حلوه هاللبسة؟؟
سألته بلهفة وأنا أحط عيني بعينه... إرتعشت شفايفه... حلوووو... بكمل...
وأشرت مرة أسأله: حتى تصفيفة شعري خليتها على جنب... لاحظ... هذا علشان ثقب أذني إلي أنشرخ ما يبان...
وشلت (بنسة) من شعري وخليته يناظر الثقب...
وكملت بابتسامة: هااا ما قلت لي رايك بهالبسة؟!
ناظرني... بكل توتر... عيونه مره على أذني ومره على عيوني...
أشرت بصبر وإبتسامة حلوة: هااا... ما قلت لي شو رايك بلبستي؟؟
وجاني صوته هامس ومتوتر: صفوة الصفوة...
كلمة ورماها وابتسمت بكل إشراق... رغم إني أحس بخذلان برجولي وقلبي... إلا إني كملت تمثيليتي وناظرته بعيون وساع... وفمي يتسع بإبتسامة وعيوني تلمع بالنصر...
وكانت هذي الضربة القاضية إلي أفاقته من توتره وربكته...
عض على شفته ورجع يصرخ: لا تفرحي... وبعدين... بعدين حركات النذالة هذي ما تمشي علي... أنا مو طفل تلعبين عليه... فاهمك وعارف قصدك...
ابتسمت وأنا أسحب يدي منه... أشرت له بنكران وأنا أرفع حاجب: قلت لك أنا ما أقصد حاجة؟؟ شو قصدي يكون يعني..؟!
مد يده يرفع ذقني يجبرني أناظره... وهمس:أدري عن لعبتك التافه هذي... لكن إنتي سألتي نفسك إنك قدها هاللعبة أو لا؟؟؟
ضحكت وأنا ألعب بحاجبي وأشرت: أنا قدها... قدها ونص يا وليد... وإلا نسيت إني مره لعوبة... الحياء والشرف عافوا مني...
وأرتفع الدمع بعروقه... مسكني من شعري وصرخ: وهالشيء يشرفك؟!
هزيت راسي بعنف وعيوني تلمع... أشرت: أيوه يشرفني... يشرفني...
وما حسيت إلا بالصفعة من هالخد والخد الثاني... صرخت وضربت صدره بألم...
أشرت: أكرهك... أكرهك... أتركني... إنت ناسي إن الدم إلي يسريي فشراييني دم أمي؟!
ظنيته بيتركني ويطلع بعد ما يصفق بالباب لكن حساباتي أخطأت لما عدت كلماته... أخطأت لما حسبت إني بترديدي لكلامه راح ينفجر من العصبية ويطلقني... أخطأت وأخطأت...
مسكني يغرس يده على كتفي... وتنقلت لوجهي يغرسها ويطبع فيه الألم...
همس وأنفاسه تتلاحق: لا تجربيني يالخنساء... وإلا والله...
ما تركته يكمل... ومديت يدي للمرة الثانية وصفعته بكل قوة... أفرج وأسرح عن غضبي بأوامره وتوعداته إلي كرهتها... وإلي تحسسني إني نكره ما أسوى شيء...
أشرت بكل عنف وشراسة وأنا أبعد وهو يقرب مني وعيونه شرر: أنت مو تقول إني رحت برضاي لبيت خالي؟! أنت مو تقول إنها نزوة بنفسي وإني بايعة الشرف والحياء؟! أنت مو تقول إني مسؤولية انحطت على كتفك؟! أنت مو تقول إنك عايف المستعمل؟!
ورغم إني أدري إنه هددني إلا إني أشرت بكل قوة وشجاعة: خلااااص... اتركني وريح وأرتاح... طلقني... طلقني... طلقني...
جمد بمكانه... ورفع راسه... وبعيونه شرر وهو تيقظ لكل إشارة أشرت بها...
الصمت صار مرض...
والغضب أصبح دوا...
التعقل صار منسي...
والتسرع أصبح صاحب...
الوليد صار قنبلة موقوته... وأنا صرت روح هايمة... هايمة.... هايمة...
وهمس بلسعة: ما زلت عايف المستعمل... عايفه... بس... والله لذوقك من القهر إلي يسري فيني... من ألم الشرف المطعون إلي راح يحرق صدرك...
بنظرة غضب مكتوم...مسك كتوفي بإيد شرسة... يهز فيني... روح من الضيم تداعت...
وتجرد... من قيم...دعوها فسالف الزمن... بالأخلاق... وأتخذ... من العنف... صديق... ضيفه ...وأضافه... في قاموسه...
.
.
بكيت ...على جنين ... يدعوه بالمشاعر ...بأكثر الأساليب قسوة... جهض... و توسلت له ... يرأف...بمخلوق...هو يتيم...قبل كونه...وحيد ...
لكن وليد صم أذنه الغضب... وعمى عينه القهر... وأخرست فمه الإهانات...
.
.
ظلم... ليلة سودا... وحيرة... وندم على تسرع... وعيون دامية...
تكورت على نفسي...لامه فرش السرير علي... وشعري متناثر بجنون... عيوني عاصفة عنيفه ودموع ماطرة...ما عاد للدموع قدرة على الكبت... وما عادت النفس لها قدرة تدفن المحظور... كفاية ذل يا نفس...وكفاية جروح يا قلب... كفاية... كفاية...
* * * * *
|