السبت...
13-10-2007...
فتحت دولابي وأخذت تنورة زرقا وقميص أبيض ماسك عالجسم وعليها بلوزة زرقا... لبست شيلة زرقا... ناظرت المرايه بشرود وأنا أتذكر كلام عمي سيف بأيام العيد هذي... أرملة أبوي جابت أمها وأخوها حتى يسكنوا معها بالبيت لحد ماتخلص عدتها وبترجع معهم هي وأخواني لصحار... واليوم بالعزيمة إلي عاملها عمي لتجمع الأهل ماراح يجوا أخواني... أرملة أبوي رفضت بشكل قاطع... مثل ماراح تجي عمتي وبناتها... حسيت إن كل شيء تغير بعد وفاة أبوي... تخيلت كيف كان ممكن العيد يكون لو أبوي حي... تنهدت وأنا أحمد ربي أن لي أهل إلحين يسألوا عن أخباري... ويحاولوا قدر ما يقدروا يحسسوني بالحنان...
طلعت لهدى بالمطبخ وهي تصب العصاير...
قالت لي بابتسامة حلوة: هلا بالغلا الخنساء... ما شاء الله... قمر بسم الله عليك...
أشرت لها وأنا أبتسم: جزاك الله خير يا هدى... هذا تعبكم... أنتي وعمي ماقصرتوا من ناحيتي...
قالت بطيبة نفس: نشيلك فوق رؤسنا يا الخنساء... عمامك ندموا على كل لحظة ترددوا فيها بمساعدتك... وإلي نسويه إلحين مايوفي حقك...
وشالت العصير وحطته بيدي وهي تقول: وخلنا من هالكلام... الله لا يهينك خذي هالعصاير للصالة...
وبعد ما قدمت العصاير لعمي جلست بمكاني شاردة ولاحظت إن وليد مو موجود... ما صادف إني ألتقيت فيه هالأيام إلي مرت... غير مرتين وكانت كلها بحضور الجدة مريم إلي إما تنسيني وليد... أو إن الواحد يتجاهل الثاني...
وبعد العصاير جا العشا والسوالف توالي... والصلاة وبعدها القهوة والسوالف... حتى وصلت الساعة 12 بالليل لما قرروا أهلي أن السهرة خلصت...
كنت أمشي بالحوش متضايقة... صح كان تجمع كبير لأهلي بس حسيت بملل كبير... فكرت إني يمكن بسبب الأحداث المتقلبة بحياتي صرت أحس بالملل والكسل بهالحين...
انتفضت لما سمعت صوت من وراي...
: شو تسوين هنا بهالوقت؟؟
لفيت أشوف وليد واقف وهو متكي على الجدار... سكنت وأنا ألاحظ للمرة الثالثة إختلاف بشخصية وليد... كان يلبس بنطلون جينز وقميص أخضر وفوقها بلوزة لونها بني مفتوحة أزرارها... رافع راسه بشرود بناحيتي... ويبين إنه متعمق بتفكيره... من متى هو هنا؟؟ ما كان موجود بالعزيمة... بلعت ريقي وأنا أناظر لأي مكان غير على وليد...
قال بهداوة غريبة: ليش جالسة لوحدك بهالوقت والفجر قرب... ؟! إحنا مو برمضان...
تذكرت إن هاليوم عيد... غريب ليش أحس إني أفتقر لكلمة "عيدك مبارك" من وليد... ليش كلي لهفة حتى أسمعها منه...؟!
وأشرت له مرة: من متى أنت هنا؟؟
تجاهل سؤالي وقال: جيت أخبرك إن بعد أسبوع زفتك... أعطيت الضوء الأخضر لهدى تشتري لك أي شيء تريديه...
يحسبني متسولة ما همني إلا هالزفة والفلوس والذهب إلي تبصم لي إنها من هالإنسان...
ولما ما جاوبته رفع راسه ناظر للسماء والصمت حل فجأة بصورة رهيبة...
بعدها رجع يناظرني ويقول فجأة: تدرين إني أدري عن سبب طلاق أمك من أبوك...
أستغربت ليش يتكلم عن هالموضوع لكني سكت ولا علقت... أنتظره يكمل...
وكمل: ما أخفى إني أندهشت وأستغربت لكل كلمة قالها عمي... كل حدث حكاه...
ورجع يناظرني بحدة: وعرفت... عرفت وقتها إنك نسخة عن أمك... مره لعوبه ما همها إلا تأذي من هم حواليها...
وكمل بكل تجريح: الصورة إلي لقيتك فيها فبيت راشد كانت ضربة قاضية... أثبتت لي هالشي رغم محاولة عمي يقنعني إنك تورطي وهو سبب كل إلي صار لك... لكن أنا...
وقف معتدل وكمل بصوت قاسي جمد الدم بعروقي: لكن أنا شفت إلي ماهو شافه... ومستحيل أقتنع بغير هذا... مستحيل... لأن هالدم إلي يسري فيك هو دم أمك...
عضيت على شفايفي... وأرتفع الدم بعروقي يطالبني بالثأر... بالرد عليه بتمرد... وأبد ما خيبت ظنها... أبد ما خيبتها...
أشرت له بعصبية: أحب أذكرك إذا ما نسيت إن هالدم بعد إلي يسري بشراييني هو دم أبوي...
وصرخت صرخة خافته من العصبية وأنا أأشر: أدري النخوة... والشهامة... إلي طالبك فيها أبوي هي سبب زواجك مني... وجيت إلحين تصب غضبك على حساب نفسي المجروحة... لكن تذكر رغم إني تزوجتك وأنعقد إسمي مع أسمك... أبقى أنا أنجبرت بدون رضاي...
ورغم ترددي إلا إني وصلتها له وراسي مرفوع: أنجبرت على إنسان قلبه قُدَّ من حجر... إنسان ما يعرف إلا القسوة والتجريح والسخرية له سلاح... إنسان أنا كارهته... كارهته... كارهته...
ومشيت له ويدي تتكور على جوانبي... وبدون تفكير ضربته بيدي الثنتين على صدره... وأنا أردد بتحريك شفايفي... كارهته... كارهته...
ومثل كل ردة فعله... قيد يدي الثنتين من رسغي... وشدني له وأنا أشوف عرق جبينه ينبض... جسمه يرتعش... شفايفه متوتره... أنفاسه حاره... وعيونه تسبح بعيني...وهالمرة بدون كلمات جارحه ناظرني بكل قوته... يسحب مني قوتي وشجاعتي إلي بالعكس... زادت وزادت...
وبعد فترة طويلة نفضني من بين يديه... وعيونه تعلقت بعيوني إلي إشتعلت بكل عزة... مواقف مرت وهو يزرع الضعف فيني بس هالمرة لا أنا إلي بزرع فيه هالضعف... هالمرة أنا إلي بذيقه من الجرح...
تراجعت لوراي ووقفت وأنا أحس بدفعة شجاعة... رغم الخوف إلي يهز كياني إلا إني تصنعت هالشجاعة بعد ماشفت نظرة وليد المشتتة...
شيء خلاني أوصل له هالمعاني... وبكل حرارة أشرت له أرمي السلاح الأخير بهالموقف: أنت صممت قناعاتك... ورسمت مصيري معك... خططت لمصير كل جزء ولكل عرق ينبض فيني... نخوتك... شموخك... شهامتك... كل هالمعاني هي السبب بهالمعمعة إلي إحنا فيها... أنت أنعميت بكبرياءك إلي أعدمت فيك شوفت إني مظلومة... أنت بقسوتك وسخريتك وإهاناتك...ولدت فيني العناد واللامبالاة... ولدت فيني التمرد... وقتلت المشاعر إلي أنذبحت وأندمت... وصدقني... صدقني إن مصير ي عندك هو الفناء...غسلتني وأنتهيت... وأنت على أستعداد بابتسامة تترتعش لها الشفاه حتى تكفني...
تــــكــــــــــفـــنــي...
تـــكـــــــفـــنــي يا وليد...
.
.
إرتجفت يدي وأنا أغرسها على شعري... أحاول... أحاول أنزع صدى هالكلمات... صداها الصامت... إلي يرن براسي بكل وجع... ولأول مرة أشوف الضعف يرتسم على ملامح وليد... لأول مرة أشوف على ملامحه نظرة مشتته... مهزورة... محتارة... ومتوجعة...
* * * * *
.
.
{{ نهاية الفصل السادس... أرجوكم نداء للصامتين أتمنى رأيكم ولو بضع كلمات......}}
|