وصف الطبيعة في الشعر الجاهلي
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الشعر الجاهلي الذي هو ديوان العرب، تطرق إلى العديد من المواضيع من وصف و مدح و رثاء
وغزل و هجاء. و موضوعنا اليوم كما جاء في مقولة الدكتور عمر فروخ هو الوصف، و صف الأطلال
والحيوان و الطير و المطر و الليل.
في البداية لا بد من الإشارة إلى أن أغلب هذا الوصف كان يأتي ضمن مقدمات القصائد، و الذي كان يغلب
عليها ذكر الأطلال، يقول امرؤ القيس في معلقته:
قفا نبك من ذكرى حبيب و منزل
بسقط اللوى بين الدخول فحومل
هنا نجد أن الشاعر وقف واستوقف و بكى و استبكى و ذكر الأطلال و حدد موقعها بالتدقيق بالمكان
المعروف سقط اللوى، و الموجود بين مكانين هما الدخول و حومل.
ثم انتقل ليتحدث عن ساعة خروجه ليذكر الطيور التي ما تزال في أعشاشها، ليصف لنا فرسه الذي استعمله
وسيلة للتنقل و الترحال:
و قد أغتدي و الطير في وكناتها
بمجرد قيد الأوابد هيكل
مكر مفر مقبل مدبر معا
كجلمود صخر حطه السيل من عل
نلاحظ أنه وصف هذه الفرس و أعطى أوصافا دقيقة للحصان العربي الأصيل ، ثم يقوم بتشبيه قوته بصخرة
تدفعها السيول الناجمة عن الأمطار الغزيرة من الأماكن العليا نحو المنخفضات.
أما الليل فكان له الحيز الأكبر في مختلف القصائد الجاهلية، لنستمع إلى امرئ القيس و هو يصف الليل:
و ليل كموج البحر أرخى سكونه
علي بأنواع الهموم ليبتلي
فقلت له ألا أيها الليل الطويل
ألا انجل بصبح و ما الإصباح منك بأمثل
أما طرفة بن العبد فقد وصف ناقته بقوله:
و إني لأمضي الهم عند احتضاره
بعوجاء مرقال تروح و تغتدي
أما عنترة بن شداد فقد تحدث عن هطول المطر ، لنستمع إليه يقول:
سحا و تسكابا فكل عشية
يجري عليها الماء لم يتصرم
و خلا الذباب بها فليس ببارح
غردا كفعل الشارب المترنم
ختاما يمكن القول بأن الوصف في الشعر الجاهلي تطرق إلى كل ما كانت تعج به الطبيعة الصحراوية آنذاك،
فوصفوا وسائل تنقلهم، و وصفوا أطلال منازل الحبيب، و وصفوا الظواهر الطبيعية التي كانت تصادفهم في
حلهم و ترحالهم من برق و رعد و أمطار و سيول.. فلا غرو إن كان الشعر ديوان العرب.
|