03-29-2011
|
#6
|
•√♥ بقاياحلم ♥√•
شربت ليال وأخذت تتمعن في وجه حميدة الخمري وعينيها الصغيرتين اللتين ينبعث منهما الحنان والدفء.
هذه السيدة النوبية الأصل كانت هي العرين الذي تختبئ فيه لتظهر ضعفها كاملا بلا خجل.
وها هي ترتمي في حضنها تشهق بصوت متحشرج:
- ليش يادادة ليش؟
طمأنتها حميدة وهي تمسح دموعها كي لا تراها ليال باكية:
- ده الله ودي حكمته.
محدش يعرف الخير فين يا بنتي, أكيد الأحسن إنها تكون جنب ربنا لأنها ملاك ومكانها في السما مش في الأرض, وكأنها بنت موت سبحان الله.
فزعت ليال من تشبيه حميدة وقالت:
- ليه يادادة بنت موت؟
- يعني الإنسان الطيب الحنين الصادق اللي زي منال, الله يرحمها, ما ينفعش يفضل في الدنيا.
لازم يكون في مكان يعرف يعيش فيه والأرض مش المكان ده!
- يعني هي مرتاحة؟
- سبحان الله, لكن أكيد ما دام عند الله وتوفت في حادث تكون إن شاء الله شهيدة والشهدا بيكونوا في الجنة فأكيد مرتاحة.
- يارب تكون مرتاحة ومبسوطة.
وروت ليال لها مشاهد من الحلم, وماذا جرى بينها وبين منال.
فابتسمت حميدة, وقالت:
- الحمد لله ربنا بيطمنك عليها, مهو لما تشوفي المتوفي بحال أفضل من اللي كان عليه معناه إنه كويس.
أما باقي الحلم الله أعلم يا بنتي معرفش افسرهولك.
بس عموما لازم تتصدقي عن أختك كل ما تشوفيها.
أيقنت ليال أن حميدة لم تشأ تفسير الحلم كاملا برغم وضوحه لما تضمنه من دلالات.
لكنها أدركت أن هذا الحلم رسالة واضحة من منال, أو كأن أختها تبعث إليها بخيط نور رفيع قد يصل بها إلى الحقيقة.
عادت ليال تدريجيا إلى الاهتمام بالدراسة متطلعة إلى أن تنال أعلى الدرجات تطبيقا للتوصية التي أبدتها منال في الحلم.
كذلك عاودت ركوب الخيل.
ولم يمر يوم من دون أن تزور أحب الأمكنة إليها, وهو المكان السري الذي كثيرا ما لاذت به هي ومنال.
وتماما مثلما كان يحصل في الماضي, دونت ليال ما حدث خلال اليوم.
وفي نهاية الصفحة التي تمثل يوما من عمرها, كتبت:
- أنا حاسة إنك معاي!
ماقلتي لي وش رأيك في اللي صار اليوم؟
ذات غروب وهي تكتب إحدى يومياتها, نظرت إلى الأعلى, فوجدت شيئا معلقا بلاصق على الحائط, فنهضت وانتزعته.
وإذا به رسالة بخط منال, هذا نصها:
حبيبتي ليال
ما أدري أنا ليش قاعدة أكتب الورقة هذي أو ليه حاسة أنك حتقريها لحالك.
يمكن أكون أتزوجت أو ماأدري أيش بيصير! لكن أنا بقول لك على أشياء نفسي
فيها يمكن تجيبي لي إياها في عيد ميلادي! أمزح بس ما أدري ليه نفسي نربي
كلب, ونفسي ربي يرزقك بأحد يحبك وتحبيه مثلي أنا وبسام. ونفسي نسافر
ندرس بأمريكا ونفسي أكون جريئه مثلك. ونفسي أشوفك متفوقة في حياتك أو
يمكن بطلة رياضية. ما أدري ليش حاسة أنه فيه دور في حياتك راح يعتمد عليه
حياة ناس ثانين. وش اللي أنا قاعدة أكتبه هذا؟ ما علينا. اسمعي, انتبهي على
ماما ما حد في الدنيا بيحبنا مثل أمنا وأبونا ودادة حميدة, لكن أنا أحبك أكثر منهم
قرأت ليال الرسالة مرارا, وانهارت من فرط البكاء والتنهد والحزن.
لكنها أيقنت أن منال موجودة معها.
ففي كل مكان تثبت منال لها أنها مازالت حاضرة.
لكن العبارة التي علقت في ذهنها هي :
"دور في حياتك بيعتمد عليه حياة ناس ثانين".
مثلت هذه الكلمات هدفا عزيزا على قلبها وقد وضعته نصب عينيها, مقررة أن تبلغه, مهما تكن المشقات.
|
|
|
|