03-29-2011
|
|
.:الجزء التاسع (9):.
تأنقت منال وبدت في منتهى الجمال حتى إن والديها نظرا إليها, وقالا:
- ماشاء الله تبارك الله طالعة قمر اليوم.
وهي همست لليال:
- يارب بسام يشوفني مثلهم.
فردت:
- لا والله أحلى من القمر.
بسم الله عليك.
نزلتا إلى الحديقة.
لم يختلف اثنان في ذلك اليوم على حسن منال.
وعندما رآها بسام لم يسعفه الكلام للتعبير عن إعجابه بها, فقبل يدها وأفصح لها:
- ماكنت أعرف أن الملايكة تمشي على الأرض.
فعلا كان هذا هو الوصف الصائب.
كان جاسر هو أيضا يريد أن يعبر عما تراه عيناه من جمال, لكن عيني منال لم تفارقا بسام.
خلال الغداء, نادت السيدة نوارة ابنتيها.
وإذا بالجد عادل يقول لحفيدته منال:
- تعالي جنبي.
أنتي اليوم ملكة.
أنا بأكلك بيدي.
لبت منال رغبته, وكانت تتصبب عرقا من الحياء.
فهي في الرابعة عشرة من العمر ويطعمها جدها كأنها طفلة في الرابعة.
وفيما الجميع يأكلون ويتبادلون الأحاديث القصيرة والتعليقات العابرة, وجه زوج السيدة سارة الكلام إلى السيد عادل:
- وش ذا الدلع كله يا عمي؟
ترى بديت أغار منها, وليه ماتقعد بسام الجهة الثانية وتأكلهم هم الاثنين؟
ضحك الجد وقال:
- ما أعتقد بسام غاير.
أحب ما على قلبه أني أدلع منول, مو صح يا بسام؟
بدا ما جرى كأنه موافقة جماعية على حب منال وبسام.
عندئذ أيقن جاسر أن منال ضاعت من يده, فانسحب وراحت غيوم الثأر تتلبد في صدره.
انضم السيد أحمد إلى المجلس متأخرا لانهماكه بإنهاء صفقة مهمة.
وما إن وصل حتى لاحظ اختفاء جاسر, فسأل عنه فأجابه السيد تركي بأنه مريض منذ الصباح, وقد ذهب ليأخذ قسطا من الراحة.
لكن جاسر كان كالصقر يتابع فريسته من نافذة غرفته.
وعندما حان موعد المغادرة همت السيدة سارة بالدخول إلى المنزل لتلقي التحية على والدها.
في هذه الأثناء, تمنت منال على ليال أن تذهب إلى المنزل, وهي سترافق بسام إلى سيارته ثم تلحق بها.
رفضت ليال, لكنها بعد إلحاح شقيقتها, خضعت لرغبتها وغادرت وهي تخطو خطوات متألمة كأنها تسير على الشوك.
تمشي قليلا وتقف.
ظل يدور في رأسها أن هناك شيئا نسيته, وأن عليها العودة إلى حيث أختها, لكنها أحست أنها تختلق الأعذار, فذهبت إلى المنزل وبقيت جالسة قرب النافذة منتظرة عودتها, وقلبها يدق كأنها ركضت عشرة كيلومترات خلال عشر ثوان.
في الجانب الآخر, كانت منال تودع بسام:
- أبي أطلب منك طلب.
- سمي.
- أحلف أنك بتوقف دايم جنب ليال وبتعقلها إذا انجنت كثير.
أنت عارفها طيبة لكن متسرعة وعصبية.
- وليه, أنتي غسلتي يدك منها خلاص؟
- لا والله صدق أحلف ريحني يا بسام.
فحلف وقبل رأسها, وقال الكلمة التي ذهبت بها إلى البعيد:
- أحبك يا منول.
لم ترد من شدة الحياء ووقع المفاجأة, لكن عينيها كانتا تصرخان أنها هي أيضا متيمة به.
في طريق العودة, أحست أن قلبها يرقص من شدة الفرح.
كان منظر الشلال والأنوار المضيئة أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع.
وقفت تتأمل المشهد البديع.
لم تشعر أن أحدا واقف خلفها يتأمل جسدها, كأنه يلتهمه بعينيه, أو يهيء نفسه للانقضاض عليه.
وإذا بصوت خافت يهمس "منال".
كانت متأكدة أن هذا الصوت صوت أختها, فأحبت أن تلعب.
فهرولت إلى الجهة الأخرى من الشلال, منادية "ليال".
وفوجئت بجاسر يقف قبالتها وعيناه تقدحان شهوة حارقة, وقال بنبرة هي مزيج من الود المفتعل والمكر الخفي:
- مانتي لحد في هالدنيا غيري.
ولو فكرتي تكونين لغيري فموتك أهون.
نظرت منال إليه وهي ترتعد خوفا:
- بسم الله, أنت وش جابك هنا؟
أيش تبي مني؟
خليني أروح البيت واتعوذ من إبليس.
- إبليس هو اللي يتعوذ مني الحين, ما حتكونين لبسام.
فيكون بكيفك أحسن ما يكون غصب عنك.
ما إن سمعت التهديد المباشر حتى رفعت يدها وصفعته:
- غصب عني!
أنت مجنون ... مجنون وخر عن طريقي.
لم يرحمها جاسر, فحاول معانقتها وتقبيلها مدفوعا بالرغبة التي كانت تموج في عينيه الحمراوين وجسده.
|