الجبل الزاني
عصى جرسي هذا هو الجبل الزاني** وهذا هو الرجّام ذو النفس الفاني
فلا تطرقي شبّاكه فهو شمعة** تخبؤها الظلماء عن نجمك الداني
ولكن أضيئي خطوة في طريقه** فإنّ الضياء الحرّ خطوة إنسان
فهذا سياج لم يكن ظلّ طائر** ولكّنه ظلّ لصخرة سجّان
هو القفر لا يسقي وكم في دلائه** من الجبل المرجوم أنجم غدران
عصا جرسي قد تسعد الطين زهرة** تفوح به أو يسعد الطلل الباني
وما النّار إلاّ باصطلاء جذورها** تعيش فكوني المصطلي الساهر الحاني
وهذا تراب لم تزل فيه ناره** وإن ذاذ عنها الريح مطفئها الجاني
فلمّي من الأحطاب تمثال غابة** ونادي له القاصي ونادي له الداني
فقد كان ميناء الحياة رصيفها** وداع لألوان لقاء لألوان
وحين يضيء الليل كلّ نجومه** وتعلو من الأمواج صيحة طوفان
أريقي به النار التي لم ترق به** وإن سكبتها فيه قبلك عينان
ونادي له الطفل الذي لم يزل له** ليحرق أحلام الحياة بأغصان
وقولي له والسحب تهوي بجمره** وترسم ألواحا بريشة ربّان
سلام مجير الطّفل من ثدي أمّه** سلام غريق لا يلوح بشطآن
|