نافذة الكهف
في مكان ينهار فيه الجناح ** وتسوق الزمان فيه الرياح
ويفوح النسيان ألهثه الموت ** كأفعى قد ألهثتها جراح
ويخاف السكون منه كطفل ** علقت في ثيابه الأشباح
كوكب ترصد النهاية عيناه** ولا شاطىء ولا ملاّح
ليس فيه من الحياة سوى الليل ** ضريرا يقوده مصباح
وصحارى من العواصف تلتفّ** عليها من اللّظى أدواح
وسماء من الخرائب تجتاح** سماء نجومها أرواح
صور من براعم الموت فاحت** في عيون دموعها أقداح
ليس تدري آفاقها من شذاها** أين يهوى المجداف والإصباح
وهي ما أورق الفراغ دلاء** وهي ما أجدب السكون رماح
***
أنا في النهر صورة كسرتها ** يد أعمى خياله لمّاح
فتماسكت عالقا بظلاّلي **وهي تطفو كأنها ألواح
وتلفتّ والرجاء غراب ** ضلّ , واليأس طائر صدّاح
والمصبّ العملاق أعور كالشمس** قد اجتاح رأسه مجتاح
وحرام على المصبّ ابتلاعي**وأنا منه جدول فوّاح
فنيت قوتي ومات خريري **ودعاني هديره الصيّاح
فتلعثمت ثمّ ناديت لبّيك**وجدّفت والهوى فضّاح
وإذا النّهر والرّياح دموع **في مآقيه والخرير نوّاح
نفضته أعماقه وتغشّى **ضفتيه من الضباب وشاح
فجرى عاصفا وحوّل مجراه **شتاء مزلزل وكفاح
|