02-05-2011
|
#4
|


قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) (قد) حرف يدل على التحقيق فيكون المعنى المراد ذكره : تحققُ فلاح من تزكى أي: طهّر نفسه من رجس الذنوب, ودرن المعاصي , وبادر إلى الطاعات , وعلى رأسها الصلاة والذكر!
( بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) وفي هذه الجملة الشريفة ، يبيّنُ الله تعالى الطبيعة البشرية ، وما جبلت عليه من حُبّ الدنيا ، وتقديم العاجلة ، وإيثار الفانية؛ لعدم صبرهم, وضعف إرادتهم وصدق الله العظيم فها هم بنو آدم يتسابقون في جمع الحُطام, وتغليب الشهوات, والاستسلام للأهواء ، وكأنّهم باقون مُخلّدون لا يزولون ، ولا يحولون !
رُغم كثرة تنبيههم وإرشادهم إلى فضل الآخرة وضرورة التشمير لها, والمسابقة إليها وأنّه مع فضلها فهي باقية أبد الآباد لا نهاية لها ولا حدّ !
ولقدْ تنبه أسلافُنا الكرام إلى هذه الحقيقة النفيسة فركلوا الدنيا بأقدامهم ، وباعوها بأبخس الأثمان ودونك سيرهم العطرة وصحائفهم البيضاء ناطقة بكل عجيب!!
( إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الاولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ) أي : إنّ هذه المواعظ السالفة في السورة مذكورة بمعناها ومضمونها في صحف إبراهيم الخليل ، وموسى الكليم عليهما الصلاة والسلام ، وهذا يدل على أنّ شرائع الأنبياء متفقة كلها على أصول الإيمان وأمهات الأخلاق فلله الحمد والمنة .
فوائد السورة :
1- لزوم تنزيه الله تعالى عمّا لا يليق بجلاله وعظمته .
2- وجوب توحيد الله تعالى في ربوبيته وخلقه وتدبيره وألوهيته وعبادته .
3- بديع صنع الله ، وإتقانه لمخلوقاته وتسويته لها وحسن تقديره وهدايته لآحادها .
4- الاستدلال بإخراج المرعى وإنبات الأرض الجدباء على إحياء الأموات وبعث الفانيات .
5- عناية الله تعالى بنبيه صلى الله عليه وسلم حيث ضمن له حفظ القرآن وعدم نسيانه إلا ما شاء تعالى من المنسوخ والمرفوع .
6- سعة علم الله وإحاطته للسر والعلن .
7- ضعف بني آدم وإيثارهم الدنيا الفانية على الآخرة الباقية.
8- اتفاق الأنبياء والشرائع السابقة على أصول الدين ومكارم الأخلاق .
---------------
[1] - أخرجه البخاري في كتاب التفسير (4568) ومسلم في كتاب القدر ، باب كيفية خلق الآدمي (4787) .
د. رياض بن محمد المسيميري
م / ن
|
|
ربي يحفظك لي ياأمي ولايحرمني اياك
|
|