عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 05-10-2009
Saudi Arabia     Male
SMS ~
سلام ... !
لوني المفضل Black
 عضويتي » 52
 جيت فيذا » Nov 2008
 آخر حضور » 08-25-2017 (08:10 AM)
آبدآعاتي » 6,210
الاعجابات المتلقاة » 1
الاعجابات المُرسلة » 0
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » نادر الوجود is an unknown quantity at this point
مشروبك
قناتك
اشجع
مَزآجِي  »
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي مكسبات الطعم واللون والرائحة وموقف الإسلام منها



مكسبات الطعم واللون والرائحة وموقف الإسلام منها


أ . د . عبد الفتاح محمود إدريس
في زمن غلبت فيه الماديات ، واندثرث فيه القيم الروحية التي تدعو إليها الفطر السليمة والدين الصحيح ، وأصبح جمع المال هو ولع الكثيرين وشغلهم الشاغل ، سواء كان من حل أو من حرمة ، من نفع أو من مضرة ، قد يجد بعضهم من أقوات الناس وأغذيتهم الوسيلة المثلى لجمع المال ، إما لأن الناس لا يستغنون عن القوت ، وإما لأن هذا الغذاء يرتبط بتوقان النفس البشرية إليه ، والتي قد يجذبها فيه أمور بعيدة كل البعد عن مواطن النفع ، فتنجر لإشباع حاجتها منه ، دون اعتبار لأمر آخر ؛ ولهذا فقد تفتقت قرائح صانعي الغذاء ، في جعل المواد الغذائية أكثر إغراء للنفس البشرية من ذي قبل ، واتبعوا في ذلك وسائل شتى ، منها خلط هذه المواد بإضافات كيميائية وغيرها ، إما لإكسابها طعماً مستساغاً محبباً إلى النفس أو نكهة طيبة تستريح إليها وتشتهيها ، أو لوناً مبهراً يجذب الناظر إلى هذه المواد ويدعوه إلى التزود منها ، أو نحو ذلك من إضافات قد يكون لها أثر فى زيادة استهلاك الناس لهذه الأغذية .
ولهذا كان لا بد من إماطة اللثام عن هذه الإضافات في عجالة سريعة ، وبيان موقف الشريعة الإسلامية منها في ضوء ما تخلفه من آثار على أجزاء الجسم البشري .
* أولاً : حقيقة الإضافات الغذائية : صدر التعريف الدولي الأول للمواد المضافة عام 1956م ، بأنها : « أية مادة ليست لها قيمة غذائية تضاف بقصد إلى الغذاء ، وبكميات قليلة ، لتحسين مظهره أو طعمه أو قوامه أو قابليته للتخزين » .
إلا أن هذا التعريف أغفل المواد التي تضاف لرفع القيمة الغذائية ، كالفيتامينات والمعادن ، في الوقت الذي اعتبر فيه بقايا المبيدات والمواد الكيماوية التي تتسرب إلى الأغذية عن تعبئتها ، مواد مضافة .
وقد صدر تعريف دولي حديث يعرِّف المواد المضافة بأنها « مادة لا تُستهلك بذاتها كغذاء ، ولا تُستعمل عادة كمكون غذائي ، سواء كان لها قيمة غذائية أم لا ، وتضاف لتحقيق أغراض تكنولوجية ، سواء أثناء التصنيع أو التحضير ، أو التعبئة أو التغليف ، أو النقل ، ويتوقع أن تصبح هذه المواد جزءًا من الغذاء ، وتؤثر على خواصه .
وهذا التعريف وإن أخرج من حقيقة المواد المضافة : بقايا المبيدات أو المضادات الحيوية أو الهرمونات والسموم ، التي تفرزها البكتريا الممرضة أو الفطريات ، أو الكيماويات التي تتسرب إلى الغذاء عن طريق مواد التعبئة ، إلا أن هذا التعريف كسابقه لا يشمل المواد التي تضاف إلى الغذاء لرفع قيمته الغذائية .
* ثانياً : تصنيف الإضافات الغذائية : اقترح المعهد البريطاني لعلوم الأغذية ، تصنيف هذه الإضافات إلى مجموعتين : المجموعة الأولى : المواد المضافة التي تساعد في عمليات التصنيع وتشمل : مانعات التكتل ، والإنزيمات ، ومانعات الرغوة ، ومانعات الالتصاق ، ومساعدات الكبسلة ، ومانعات الاسمرار ، ومذيبات الاستخلاص ، ومساعدات الترطيب ، ومحسنات القوام .
المجموعة الثانية : المواد المضافة التي تؤثر على خواص المنتج النهائي ، وقد صنفت في أربعة أقسام : القسم الأول : المواد المضافة التي تؤثر على الصفات الفيزيوكيماوية ، والفيزيائية للمنتج .
القسم الثاني : المواد التي تؤثر على الصفات الحسية ، وتشمل : المستحلبات ومثخنات القوام ، والمثبتات ، والمواد المنظمة ومساعدات الانتفاخ والمركزات البروتينية ، ومواد النكهة ، والزيوت الطيارة ، والبهارات ، والمواد الملونة ، ونحوها .
القسم الثالث : المواد المساعدة على تخزين الأغذية ، وتشمل : المواد الحافظة ومانعات الأكسدة ، ومانعات التلون والمواد التي تساعد على الإنضاج والمحلِّيات .
القسم الرابع : المواد التي تساعد على تحسين القيمة الغذائية لما تضاف إليه من غذاء وتشمل : الفيتامينات ، والمعادن ، والأحماض الأمينية .
* ثالثاً : أسباب استخدام الإضافات الغذائية : يمكن إجمال الدوافع لاستخدام الإضافات الغذائية في : رفع جودة الغذاء أو نوعيته ، وتحسين القيمة الغذائية له ، والمحافظة عليه من الفساد أو التلف ، وزيادة تقبُّل المستهلك للغذاء ، وتيسير تحضيره ، وتوفيره بصورة أفضل وأسرع ، وتقليل الفاقد أو التالف منه بقدر الاستطاعة ، هذا بالإضافة إلى العامل الاقتصادي المتمثل في زيادة تصريف المنتج من المواد الغذائية وتحقيق زيادة في عائد تسويقه .
* رابعاً : الأضرار الناجمة عن هذه الإضافات : لم يكن يهتم بهذه الإضافات الغذائية منذ نصف قرن تقريباً ، إلا من يقومون بالصناعات الغذائية ، إلى أن صدر عام 1958م ، مادة في شكل قاعدة قانونية ، تسمى ( قاعدة ديلاني ) تمنع استخدام المواد المضافة في الغذاء ؛ إذ ثبت أنها تسبب حدوث الأورام السرطانية لحيوانات التجارب ، وعلى إثر ذلك زاد الاهتمام بهذه الإضافات الغذائية ، وأثارت جدلاً حاداً بين العلماء ما بين مؤيد لإضافتها إلى الغذاء وبين معارض لذلك ، إلى أن أعلن مختبر كيميائي بكندا عام 1969م ، أن مادة « السيكلاميت » التي تضاف إلى بعض أنواع المرطبات ، مادة مسرطنة ، وذلك بعد مضي عشرين عاماً على استخدامها في هذه الصناعة ، وكان من نتيجة ذلك زيادة السُّعار المحموم بين الناس ، ضد كل مادة كيميائية تضاف إلى الأغذية التي يتناولها الإنسان ثم أعلن بعد ذلك ( د .فينجولد ) العامل في إحدى مستشفيات فرانسيسكو ، عن ملاحظاته عن المواد المنكِّهة والملوِّنة الصناعية ، المضافة إلى الآيس كريم ، وما لحق الأطفال الذين كان يعالجهم من أضرار بسبب تناولهم له ؛ ونتيجة لذلك أخضعت الإضافات الغذائية لإعادة الفحص والتقويم ، وكان من نتائج ذلك أن توصل العلماء إلى أن بعضها ضار ، ويشكل خطورة على صحة الإنسان ، ولهذا صدرت الأوامر في العديد من الدول بمنع استخدامها ، لما تشتمل عليه من أضرار شديدة ، و بلغت المواد الممنوعة منها حتى عام 1976م ، خمساً وعشرين مادة ، وعدد هذه المواد الممنوعة في تزايد مستمر ، نظراً لما تسفر عنه البحوث العلمية من اكتشاف المزيد من أضرار هذه المواد .
ومن الإضافات الغذائية التي منع استخدامها في الصناعات الغذائية ، لما تسببه من أضرار شديدة : المادة الصناعية الملونة المسماة ( ButterYellow ) ، التي تحدث سرطان الكبد ، والمادة الملونة المسماة ( FD & C Yellow ) ، التي تتلف القلب ، وحامض الخليك أحادي الكلور ، الذي يستخدم كمادة حافظة ، وهي شديدة السمية ، ومادة الدولسين Dulcin ( P-ethoty Phengl Urea ) ، التي تستخدم في تحلية بعض المنتجات الغذائية ، وهي مادة محدثة لسرطان الكبد ، ومادة 8- سيتاريب بولي أوكس الإيثيلين ( Poly oxy ethylene - 8-terabe ) التي تستخدم كمادة مستحلبة لمنتجات المخابز ، وهي مادة محدثة لأورام وحصوات في المرارة ، ومادة كومارين ( Comarin ) وهي مادة منكهة ، وتحدث تسمماً بالكبد ، والمادتان الملونتان للأغذية ( FD & C orange 8 2 ) اللتان تسببان تلف الأعضاء ، وكذلك المادة الملونة ( FD & C Red 1 ) المسببة لسرطان الكبد ، ومادة ( FD & C Red 4 ) الملونة ، المحدثة لتلف الغشاء الكظري والمادة الملونة ( FD & C Red 32 ) ، التي تسبب تلف الأعضاء ، والمادة الملونة ( Sudan 1 ) المسرطنة ، والمادة الملونة ( FD & C Yellow 1 .
2 ) ، التي تحدث أضراراً معوية ، والمادة المنكهة ( Safrole ) التي تحدث سرطان الكبد ، وزيت الكالاموس ( Oil of Calamus ) الذي يستخدم كمادة منكهة ، وهو يسبب سرطان المعدة ، وحمض ( NDGA ) المانع للأكسدة ، والذي يسبب تلف الكلية ، والمادة الحافظة للمرطبات ، المسماة ( DEPC ) Deithyl Pyrocarbonate ) ، التي تتحد مع الأمونيا وتكون اليوريات ، والمادة الملونة ( FD & C Violet 1 ) ، المسببة للسرطان ، إلى غير ذلك من أمثلة يضيق المقام عن ذكرها [1] .
وقد ترتب على اكتشاف هذه الآثار الضارة بصحة الآدميين في هذه الإضافات أن انقسم المهتمون بها إلى فريقين ، قام أحدهما بإعطاء صورة قاتمة لهذه الإضافات وحذر من استخدامها ، بحسبانها ضارة ضرراً محضاً ؛ فليس فيها نفع البتة لأحد ، إلا لأصحاب مصانع الغذاء التي تستخدم هذه الإضافات ، لتحقيق ثروات طائلة دون وازع إنساني أو أخلاقي ؛ بينما اعتبر الفريق الآخر أن الهجوم على هذه الإضافات الغذائية هجوم على العلم والتكنولوجيا التي أنتجتها في المقام الأول .
وسواء كان الميل إلى الفريق المؤيد أو المعارض لاستخدام هذه الإضافات ، فإنه لا بد أن يؤخذ في الاعتبار ، مقدار الضرر الذي يمكن أن يتحمله المستهلك لهذه الأغذية ، وحاجات ورغبات المستهلكين ، وخاصة الأطفال الذين تغريهم الأغذية المضاف إليها مكسبات الطعم واللون والرائحة أكثر من غيرها ، والذين تؤثر فيهم هذه الإضافات أكثر من غيرهم ، لضعف مناعاتهم ، وقلة مقاومة أجسامهم النحيلة للأمراض ، وكثرة استهلاكهم للأغذية المشتملة على هذه الإضافات ، والعوامل الاقتصادية ، ومدى توافر عوامل السيطرة على مقدار هذه الإضافات ، وإجراء التحاليل الدائمة للمنتجات المضاف إليها ذلك ، لبيان مدى صلاحيتها للاستهلاك الآدمي .
ومما ينبغي مراعاته في مثل ذلك ، أن إضافة مادة جديدة غير معروفة إلى النظام الغذائي ، غالباً ما ينتج عنه ضرر ، ومن ثم فإن إضافة مادة كيميائية إلى المواد الغذائية المصنعة ، سواء كانت مادة منكهة ، أو ملونة ، أو حافظة ، أو محسنة للقوام أو المذاق ، أو نحو ذلك ، يزيد من احتمال إصابة متناولها بالضرر ولو كانت المادة المضافة قليلة ؛ ولهذا اقْتُرِحَ وضع معادلة للموازنة بين المضار والمنافع ، من تناول الأغذية المشتملة على هذه الإضافات ، وفي ضوء ما تسفر عنه هذه المعادلة يتقرر استعمال هذه الإضافات في المواد الغذائية أو منعها .
إلا أنه في جميع الأحوال ينبغي منع استخدام هذه الإضافات في الغذاء ، إذا كانت لتغطية الأخطاء أو العيوب في عملية التصنيع ، أو لإخفاء فساد المادة الغذائية أو لخداع المستهلك ، أو إذا كانت إضافتها تؤدي إلى فقد مقدار كبير من القيمة الغذائية للغذاء ، أو كان بالإمكان الاستعاضة عنها بأساليب التصنيع الجيد ، أو اقتضى الحصول على النتيجة المرجوة منها ، زيادة نسبة المضاف منها إلى المواد الغذائية .
* خامساً : موقف الشريعة من تناول الأغذية المشتملة على هذه الإضافات : بينت من قبل مدى الضرر الذي يصيب الإنسان ، من تناول المواد الغذائية التي أضيفت إليها مكسبات الطعم واللون والرائحة ، والمواد الحافظة ، ومساعدات التصنيع ، وغيرها من إضافات ، والذي قد يصل إلى حد الإصابة بالتسمم ، أو الإصابة بالسرطان ، أو الفشل الكبدي أو الكلوي ، أو تلف الأعضاء والذي قد ينتهي بالمصاب إلى الوفاة .
ومن ثم فإنه يحرم تناول المنتجات الغذائية التي أضيفت إليها هذه المواد التي ثبت بالتحاليل المعملية أو غيرها إضرارها بالإنسان ، سواء على سبيل القطع أو الظن ، وسواء كان هذا الإضرار متمثلاً في مجرد اعتلال الصحة ، أو الإخلال بوظائف الجسم البشري ، أو إحداث أمراض ولو في المستقبل ، أو كان هذا الإضرار يصل إلى حد الإصابة بالأمراض المزمنة ، أو التي لا يرجى البرء منها ، أو مؤدياً إلى ذهاب منفعة عضو أو أكثر من أعضاء البدن ، أو الإخلال بأدائه لهذه المنفعة ، أو يؤدي إلى هلاك متناول الأغذية المشتملة على هذه الإضافة .

ومما يستدل به على حرمة تناول هذه المنتجات إن ترتب عليها ذلك ما يلي :

- أولاً : الكتاب الكريم : 1 - قال تعالى : [ وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ ]( البقرة : 195 ) .
2 - قال سبحانه وتعالى : [ وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ]( النساء : 29 ) .
وجه الدلالة منهما : نهى الحق سبحانه في الآيتين عن قتل النفس والإلقاء بها إلى ما فيه هلاكها ، والنهي يفيد التحريم عند إطلاقه ، ولما كان تناول الأغذية المشتملة على إضافات ، قد يؤدي إلى الهلاك ولو على المدى البعيد ، فإنه يكون محرماً .
3 - قال تعالى : [ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ ]( الأعراف : 157 ) .
وجه الدلالة من الآية : حرم الله سبحانه وتعالى كل ضار خبيث ، ولما كان من شأن هذه الإضافات الإضرار بصحة من يتناول الغذاء المشتمل عليها ، فإنها تكون خبيثة منهياً عنها .
- ثانياً : السُّنة النبوية المطهرة : روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : « لا ضرر ولا ضرار في الإسلام » [2] .
وجه الدلالة منه : نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم - عن كل ما يشتمل على ضرر ، وإذا كان في الإضافات الغذائية السابقة إضرار ببدن الآدميين ، حرم استعمالها ، وحرم تناول المنتجات الغذائية التي أضيفت إليها ، إن كانت تؤدي إلى الإضرار بمتناولها ، سواء اقتصر الضرر على اعتلال صحة أو بلغ حد إهلاكه .
- ثالثاً : القواعد الشرعية : من هذه القواعد : قاعدة « ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب » [3] .
وإذا كانت المحافظة على النفس أحد المقاصد الضرورية للشارع ، فإن الحفاظ عليها يكون واجباً ، ولا يتأتى الحفاظ عليها في حال الغذاء المشتمل على الإضافات الضارة ، إلا بالكف عن تناوله ، فيكون الكف عن تناوله واجباً ؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .
ومن ثم فإن ما يتيقن أو يغلب على الظن اشتماله على إضرار بأعضاء البدن في الحال أو في المآل ، أو يؤدي إلى الإصابة بأمراض مزمنة أو لا يرجى البرء منها ، أو يودي بحياة متناوله ، فإنه لا يباح في حال الاختيار ، ولا في حال الضرورة كذلك ؛ لأنه لا نفع فيه أصلاً أو هو مما يغلب ضرره على النفع الذي يرجى منه .
ومن الإضافات الغذائية السابق الإشارة إليها ، ما له أثر مدمر لبعض أعضاء البدن ، ومنها ما يسبب السرطان ، أو الفشل الكلوي ، أو الكبدي ، أو يؤدي إلى التسمم ، أو نحو ذلك من أضرار ؛ فإذا أخذ في الاعتبار أن ما يمنع في بعض البلاد من هذه الإضافات لآثاره الضارة ، قد يسمح به في بلاد أخرى لم تصلها نتائج تحاليل هذه الإضافات ، أو ليس لديها من الأجهزة ما يمكنها من كشف أضرارها ، وفي غيبة الرقابة على المنتجات الغذائية أو ضعفها ، يكون ثمة إفراط في استعمال هذه الإضافات ، بغية تحقيق الربح ، ومن ثم فإن الضرر منها يكون أكثر ولهذا فإنه ينبغي منع استخدام ما ثبت ضرره من هذه الإضافات في الصناعات الغذائية ، وعدم التوسع في استخدام ما لم يتم الكشف عن آثاره منها ، لدرء المفسدة التي قد تنجم عنها بقدر الاستطاعة ، إذا تبين مستقبلاً أن لها آثاراً ضارة بالجسم ؛ إذ درء المفاسد معتبر في الشرع .
وإذا كان هذا هو حكم تناول هذه الأغذية ؛ فإن حكم إضافة المواد السابق ذكرها يتبع هذا الحكم ؛ بحيث يحرم إضافة ما ثبت ضرره من هذه المواد ، وعدم التوسع في إضافة ما لم يكتشف ضرره منها بعد ؛ بغية تقليل المفسدة التي قد تنجم عنه ، إذا اكتشف أن به ضرراً ، يضاف إلى هذا أن من يتولى إنتاج الأغذية فيضيف عند تصنيعها هذه الإضافات التي ثبت ضررها ، أو يقوم باستيراد الأغذية التي تشتمل على هذه الإضافات الضارة ، يكون آثماً ، لتعمده الإضرار بغيره ، ويكون ضامناً ما يترتب على هذه الإضافات من أضرار ، وفقاً لقواعد الضمان في الشريعة الإسلامية ، إذا قامت علاقة السببية بين تناول هذه الأغذية الضارة وبين الضرر الناجم عن التناول ، سواء كان اضطراباً معوياً ، أو تسمماً ، أو إتلاف عضو ، أو ذهاب منفعته ، أو إتلاف نفس ، أو نحو ذلك من وجوه الضرر التي قد تصيب الآدميين .
ومما يدل على حرمة قيامه بذلك ما يلي : 1 - حديث ابن عباس السابق : « لا ضرر ولا ضرار في الإسلام » .
وجه الدلالة منه : ورد في هذا الحديث نفي بمعنى النهي ، يقتضي حرمة إضرار الإنسان بغيره ، ومن يتولى إضافة هذه المواد الضارة بصحة الآدميين إلى أغذيتهم أو يقوم باستيراد الأغذية المشتملة على هذه المواد الضارة ، يضر بمن يتناولها منهم ، فيكون واقعاً فيما نُهي عنه في الحديث .
2 - روي عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : « الدين النصيحة ثلاثاً قلنا : لمن هي يا رسول الله ؟ قال : لله ، ولكتابه ، ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم » [4] .
وجه الدلالة منه : أفاد هذا الحديث أن عماد الدين الإسلامي هو النصيحة ، ومن صنع للمسلمين أغذية ، فأضاف إليها مواد ضارة بهم ، أو استورد هذه الأغذية ، فلم ينصح لهم ، ويكون بهذا هدم دعامة من دعامات الإسلام .
3 - روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال : « من غش فليس منا » [5] .
وجه الدلالة منه : أفاد هذا الحديث أن من غش المسلمين فلا يكون متخلقاً بأخلاقهم ولا يكون على طريقتهم وعادتهم ، ومن يتولى إنتاج أو استيراد أغذية مشتملة على إضافات ضارة بالناس ؛ فإنه يكون غاشّاً لهم ولغيرهم من الناس .
وهذا وغيره دليل على حرمة ما يأتي به من ذلك ، يضاف إلى هذا النصوص الشرعية الكثيرة الموجبة للضمان عند تضرُّر الغير به ، والتي يكون المنتج أو المستورد للمواد الغذائية المشتملة على هذه الإضافات الضارة ، بمقتضاها ضامناً ما يترتب على تناول هذه الأغذية من أضرار ؛ وذلك لا ينفي تأثيمه باعتباره قد اقترف أمراً لا يحل من وجهة نظر الشرع .


________________________
(*) أستاذ الفقه المقارن بجامعتي الأزهر و الإمارات والجامعة الأمريكية المفتوحة .
(1) د علي كامل الساعد : المواد المضافة للأغذية ، 7 15 Jacaboon , H F (1976) Eatera Digest : The Consumers Factbook of Food dditives .
(2) أخرجه البيهقي وابن ماجة و الدارقطني في سننه ، و أحمد في مسنده ، وصحح الحاكم إسناده .
(مسند أحمد 1/313 ، المستدرك ، 2/57 ، السنن الكبرى ، 6/69 ، سنن ابن ماجة 2/784 ، سنن الدارقطني ، 3/77 (3) السيوطي : الأشباه والنظائر ، 286 .
(3) أخرجه مسلم في سننه ، وقال : حديث حسن صحيح ، وذكره السوطي في الجامع الصغير ورمز له بالصحة ( سنن الترمذي 3/1315 المناوي التيسير في شرح الجامع الصغير 6/239 ) .
(4) أخرجه مسلم في صحيحه (الصنعاني : سبل السلام 4/210) .
(5) أخرجه الترمذي في سننه ، وقال : حديث حسن صحيح ، وذكره السيوطي في الجامع الصغير ورمز له بالصحة (سنن الترمذي 3/1315 ، المناوي : التيسير في شرح الجامع الصغير 6/239) .


منقول بتصرف




رد مع اقتباس