نحن نعيش وسط عالمٍ لا يقدّم لنا سوى صمتٍ ثقيل، صمتٌ يجعل أسئلتنا تتردّد في الفراغ بلا جواب. ومع ذلك، لا أستطيع أن أنكر أنّ هناك شيئًا، ولو كان ضئيلاً، يُبقي الإنسان واقفًا رغم قسوة العدم. ربما هو العناد، وربما هو ذلك الشعور الغامض بأنّ اللحظة، مهما كانت عابرة، تستحق أن تُعاش. إنّ كلّ ما حولنا يُذكّرنا بالنهاية: الأصدقاء الذين نفقدهم، المدن التي تُهدم، الوجوه التي تتلاشى من ذاكرتنا، ومع هذا فإنّ شيئًا في أعماقنا يرفض الاستسلام، يرفض أن يذوب تمامًا في هذا العبث. لذلك أقول: لعلّ الحياة بلا معنى، ولكننا نحن الذين نمنحها القليل من المعنى، بمجرد أن نختار أن نواصل السير، حتى وإن كان الطريق يقود في النهاية إلى الصمت الأبدي. إنّ ما يدهشني دائمًا هو أنّ الإنسان، رغم كل شيء، لا يزال يجد في نفسه القدرة على الحب، على الضحك، على رفع رأسه للحظة قصيرة في مواجهة عالمٍ لا يعرف الرحمة. وهذا وحده كافٍ ليجعلني أقول: نعم، إنّ الحياة عبث، لكنها أيضًا مقاومة ضد العبث.
- ألبير كامو
|