الموضوع
:
خطبة: اغتنام عشر ذي الحجة خير الأيام
عرض مشاركة واحدة
#
1
منذ 7 ساعات
SMS ~
[
+
]
أحبك وأنت النبض ودقات قلبي كله
:066
لوني المفضل
White
♛
عضويتي
»
28589
♛
جيت فيذا
»
Oct 2015
♛
آخر حضور
»
منذ 3 ساعات (03:19 PM)
♛
آبدآعاتي
»
1,103,431
♛
الاعجابات المتلقاة
»
14379
♛
الاعجابات المُرسلة
»
8493
♛
حاليآ في
»
سلطنة عمان
♛
دولتي الحبيبه
»
♛
جنسي
»
♛
آلقسم آلمفضل
»
الفنى
♛
آلعمر
»
22سنه
♛
الحآلة آلآجتمآعية
»
عزباء
♛
التقييم
»
♛
♛
♛
♛
مَزآجِي
»
بيانات اضافيه [
+
]
خطبة: اغتنام عشر ذي الحجة خير الأيام
الخطبة الأولى
الحمد لله المبدئ المعيد، الفعالُ لما يُريد، خلق فسوَّى، وقدَّر فهدى، أحمده وأشكره، وأُثني عليه الخير كله، هو ربُّ كل شيء ومليكُه، وأُصلي وأُسلم على رسوله ومصطفاه محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله وأطيعوه تفوزوا وتفلحوا بالثواب العظيم، والغفران الكبير، والرحمة الواسعة، ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الحديد: 28].
أيها المسلمون، نِعَم الله تعالى على عباده كثيرة، ومن أجلها ما هيَّأه سبحانه لهم وخصَّهم به من أيامٍ مباركات يُضاعِفُ لهم فيها الأجور، ويُعطيهم فيها جَزيلَ الثَّوابِ على أعمالهم الصالحة، ويُفيض عليهم فيها من الهبات رَحمةً منه وكرَمًا، قال عليه الصلاة والسلام: "إن لربكم في أيام دهركم نفحات، ألا فتعرَّضوا لها"؛ رواه الطبراني، ومن هذه الأيام المخصوصة بالفضل والهبات: الأيامُ العَشرُ الأُوَلُ مِن ذي الحِجَّةِ؛ فإن إدراكها فضل من الله تعالى على العبد؛ لكونها مغنمًا كبيرًا وموردًا عظيمًا للثواب، فهنيئًا للموفقين المغتنمين لها بالمسارعة للخيرات، وقد تميَّزت هذه العشر عن غيرها من أيام العام بمزايا كثيرة وخصائص عظيمة، من أبرزها: أن الله تعالى أقسم بها في كتابه العزيز، ولا يُقسم سبحانه إلا بعظيم، فقال: ﴿وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾ [الفجر: 1، 2]، والمفسِّرون على أن الليالي العشر، هي: العشر الأُوَل من ذي الحجة، قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسيرها: "هي عشر ذي الحجة، وهي أفضل أيام السنة، وهي العشر التي ذكرها الله في قصة موسى عليه السلام، بقوله: ﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ [الأعراف: 142]، فالثلاثون ليلة هي شهر ذي القَعْدة، والعشر من أول شهر ذي الحجة"، وقال الإمام ابن رجب رحمه الله في فضل عشر ذي الحجة: "إن الله تعالى أقسم بها جُملةً، فالليالي العشر هي عشر ذي الحجة، فعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في قوله تعالى: ﴿وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ﴾ [الفجر: 2، 3]: "العشر عشر الأضحى، والوتر يوم عرفة، والشفع يوم النحر"؛ أخرجه أحمد وإسناده حسن، وهي خاتمة الأشهر المعلومات أشهر الحج التي قال الله عنها: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة: 197]، ومن فضائلها أنها الأيام المعلومات التي شرع الله ذكره فيها على ما رَزق من بهيمة الأنعام، فيكون كثرة ذكر الله في أيام العشر شكرًا على هذه النعمة المختصة ببهيمة الأنعام، وأفضل الأعمال ما كثُر ذكر الله تعالى فيها"، فهي خير أيامٍ يُحب الله عز وجل العمل الصالح فيهن، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من أيامٍ العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر- يعني عشر ذي الحجة- قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله، فقال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء"؛ رواه البخاري.
ومن فضائل عشر ذي الحجةأنَّ فيها يومَ عرفة، صيامُه يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ، قال عليه الصلاة والسلام: "صيام يوم عرفه إني أحتسب على الله أن يُكفِّر السنة التي بعده، والسنة التي قبله"؛ رواه مسلم، وهو يوم العتق من النار، قال صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم أكثر من أن يُعتق الله فيه عبدًا من النار من عرفة، وإنه ليدنو ثم يُباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟"؛ رواه مسلم، وهو يوم إكمال الدين، أخرج البخاري في صحيحة: "أنَّ رَجُلًا، مِنَ اليَهُودِ قالَ لعمر رضي الله عنه: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ في كِتَابِكُمْ تَقْرَؤُونَهَا، لو عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لَاتَّخَذْنَا ذلكَ اليومَ عِيدًا. قالَ: أيُّ آيَةٍ؟ قالَ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: 3]، قالَ عُمَرُ: قدْ عَرَفْنَا ذلكَ اليَومَ، والمَكانَ الذي نَزَلَتْ فيه علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهو قَائِمٌ بعَرَفَةَ يَومَ جُمُعَةٍ"، وأفضل الدعاء ما كان في يوم عرفة، قال عليه الصلاة والسلام: "خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أنا والنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لا إله إلَّا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كلِّ شَيْءٍ قَديرٌ"؛ رواه الترمذي. قال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: «وفيه من الفقه أن دعاء يوم عرفة أفضلُ من غيره، وفي الحديث أيضًا دليل على أن دعاء يوم عرفة مُجاب كله في الأغلب".
ومن فضائل العشر:
أنَّ فيها يومَ النَّحر، وهو اليومُ العاشرُ من ذي الحجة، وهو يوم الحج الأكبر، ففيه كثير من أعمال الحج؛ من طواف، وسعي، ورمي جمرة العقبة، والهدي للقارن والمتمتِّع والحلق أو التقصير، ولغير الحجاج ذبح الأضاحي سنةُ أبينا إبراهيم عليه السلام الذي أُمِرْنا باتِّباع مِلَّتِه، وسنةُ نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، قال الإمام ابن كثير رحمه الله عن يوم النحر أول يوم من عيد الأضحى الذي سمَّاه الله تعالى يوم الحج الأكبر: "وهو يوم النحر الذي هو أفضل أيام المناسك، وأظهرُها وأكثرُها جمعًا".
ومن فضائل العشر من ذي الحجة:
اجتماعُ أمهاتِ العبادة فيها، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أُمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتَّى ذلك في غيره".
أيها الفضلاء: الأعمالُ الصالحةُ التي عملَها في هذه الأيام أحبُّ إلى الله تعالى كما ذكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم تَشملُ الفَرائضَ والواجِباتِ، كما قال ربنا عز وجل في الحديث القدسي: "وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضته عليه"؛ رواه البخاري، ويلي ذلك أعمال البر والتطوُّع المختلفة؛ من صلاةٍ، وصَدَقةٍ، وبِرٍّ وصِلةِ رَحِمٍ، وإحسانٍ إلى الآخرين، والصيام، والذكر بأنواعه، وأعلاه تلاوته كتاب الله تعالى، كما قال عز وجل في الحديث القدسي: "ما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ"؛ رواه البخاري، كما أن اجتناب المعاصي والمنكرات من الأقوال والأعمال في أيام العام عامة وفي العشر خاصةً مما يُحبُّه الله تعالى ويرضاه.
ومن أبرز الأعمالِ الصالحة المُستَحبَّةِ في عَشْرِ ذي الحِجَّةِ:
التكبيرُ والتحميدُ والتهليلُ، كما قال تعالى: ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ﴾ [الحج: 28]، وقد فُسِّرتْ بأنها أيامُ العشر، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "الأيام المعلومات: أيام العشر"، وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أن النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ"؛ رواه الإمام أحمد، وصيغ التكبير كثيرة، منها: "الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد"، ومن صيغ التكبير: "الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا".
ويرفع الرجال بالتكبير أصواتهم في المساجد والطُّرُقات والأسواق والبيوت وغيرها كما كان صحب النبي صلى الله عليه وسلم يعملون ذلك، فقد كان ابنُ عُمرَوأبو هُرَيرَة رضي الله عنهما يَخرُجانِ إلى السوقِ في أيَّامِ العشرِ يُكبِّرانِ، ويُكبِّر الناسُ بتكبيرِهما؛ رواه البخاري.
وعن ميمون بن مهران رحمه الله قال: "أدركت الناس وإنهم ليُكبِّرون في العشر حتى كنت أشبهه بالأمواج من كثرتها"، وتخفض النساء بالتكبير أصواتهن خاصةً في الأماكن العامة".
ومما يُستحبُّ في أيام العشر من الأعمال:
الصيام، فعَنْ هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ امْرَأَتِهِ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ"؛ رواه أبو داود.
والصيام من أفضل الأعمال الصالحة، قال صلى الله عليه وسلم: "من صام يومًا في سبيل الله، بعَّدَ الله وجهه عن النار سبعين خريفًا"؛ رواه البخاري، ويزداد أجر الصيام إذا وقع في هذه الأيام المباركة، قال الإمامُ النوويُّ رحمه الله: "فليس في صومِ هذه التسعة- يعني تسع ذي الحجَّة- كراهةٌ شديدةٌ؛ بل هي مستحبَّة استحبابًا شديدًا".
ومن الأعمال الصالحة في أيام العشر وأفضلها حج بيت الله الحرام وقصده لأداء المناسك لمن تيسَّر له، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "والحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إلَّا الجَنَّةُ"؛ متفق عليه، فمن لم يحج الفريضة فليبادر لإبراء ذمته وإكمال دينه، قال عليه الصلاة والسلام: "تعجَّلوا إلى الحج- يعني الفريضة- فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له"؛ رواه الإمام أحمد، ومن تهيَّأ له وتيسَّر حج التطوُّع فقد وُفق لخير عظيم.
ومن أجلِّ الأعمال في هذه العشر التي يظهر فيها الاستجابة والتعظيم للرب سبحانه ذبح الأضاحي تقرُّبًا له جل وعلا، وهي سنة مؤكدة، فعن أنس رضي الله عنهقال: "ضَحَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا"؛متفق عليه، فينبغي للمسلم ألَّا يُفرِّط في هذه الشعيرة العظيمة إن كان قادرًا، قال عليه الصلاة والسلام في فضل ذبح الأضاحي: "ما عمِلَ آدمِيٌّ مِن عمَلٍ يومَ النَّحْرِ أحبَّ إلى اللهِ مِن إهراقِ الدَّمِ؛ إنَّها لتَأْتي يومَ القيامةِ بقُرونِها وأشعارِها وأظْلافِها، وإنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِن اللهِ بمكانٍ قبلَ أنْ يقَعَ مِن الأرضِ، فَطِيبوا بها نفسًا"؛ رواه الترمذي.
ومن دخلت عليه عشر من ذي الحجة، ونوى أن يُضحِّي، فلا يأخذ من شعره، وأظفاره شيئًا حتى يُضحِّي؛ فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَاره"؛ رواه مسلم، ومع وجود خلاف بين العلماء في هذه المسألة، إلا أن الفتوى وقول كثير من العلماء وجوب الإمساك عن الأخذ من الشعر والظفر حتى يذبح المضحِّي أضحيته، قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: "وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ كُرِهَ لَهُ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ أَنْ يَأْخُذَ من بَشَرَته، وَأَنْ يُقَلِّمَ أَظْفَارَهُ أَوْ يَحْلِقَ شَعَرَهُ، وَلْيَتَشَبَّهْ بِالْمُحْرِمِينَ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ يَحْرُمُ ذَلِكَ كله"، فما أجمل أن يكون المسلم راجيًا فضل ربِّه، مُعظِّمًا للنصوص، يأخذ بالعزيمة ولا يبحث عن الرخص.
بارك الله لي ولكم في الكتاب والسنة، ونفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة، قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أيها المباركون، المعاصي في كل حين وفي العشر خاصةً شؤمها عظيم، قال الإمام ابن رجب رحمه الله: "احذروا المعاصي فإنها تحرم المغفرة في مواسم الرحمة، والمعاصي سبب البعد والطرد، كما أن الطاعات أسباب القُرب والود، فالغنيمة الغنيمة بانتهاز الفرصة في هذه الأيام العظيمة، فما منها عوض، والمبادرة المبادرة بالعمل، والعجل العجل قبل هجوم الأجل، قبل أن يندم المفرط على ما فعل، قبل أن يسأل الرجعة ليعمل صالحًا، فلا يُجاب إلى ما سأل، قبل أن يحول الموت بين المؤمل وبلوغ الأمل، قبل أن يصير المرء مرتهنًا في حفرته بما قدم من عمل، يا من طلع شيبه بعد بلوغ الأربعين، يا من مضى عليه بعد ذلك ليالي عشر سنين حتى بلغ الخمسين، يا من هو في معترك المنايا بين الستين والسبعين، ما تنتظر بعد هذا الخبر إلا أن يأتيك اليقين؟! يا من ذنوبه عدد الشفع والوتر، أما تستحي من الكرام الكاتبين؟ أم أنت ممن يُكذِّب بيوم الدين؟ يا من ظلمة قلبه كالليل إذا يسري، أما آن لقلبك أن يستنير أو يلين؟ تعرَّض لنفحات مولاك في هذا العشر، فإن لله فيه نفحات يصيب بها من يشاء، فمن أصابته سعد بها آخر الدهر".
إخوة الإيمان، ليس الشأن والمهم أن نعلم فضائل هذه العشر فقط ثم نبقى على حالنا من التقصير، ولكن الأهم والشأن كله أن نجد ونجتهد فيها بالأعمال الصالحة التي بها ترتفع درجاتنا ويعلو شأننا عند ربنا عز وجل، ونكون من الذين اغتنموها حق الاغتنام، والنفس تحتاج لمجاهدة وأطر على الحق وإكراه لها عليه، وترغيبها بحُسن عاقبة الطاعة وجميل جزائها، فهنيئًا لمن خطَّط واهتمَّ لاستغلال هذه العشر بكل عمل صالح يقرب إلى الله تعالى بالأعمال، فقد مَدَّ الله تعالى في العمر وبلغناها بفضله ولا ندري من يدركها العام القادم.
اللهم اجعل هذه العشر شاهدة لنا بأعمال صالحة نودعها فيها، وأعِنَّا يا كريم على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
عباد الله، صلوا وسلموا على من أمرنا المولى بالصلاة والسلام عليه، فقال عز من قائل عليمًا: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين والأئمة المهديين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر الصَّحْب والآل، ومَنْ تَبِعَهم بإحسان إلى يوم التناد، وعنا معهم بمنِّك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداءك أعداء الدين، وانصر عبادك الموحِّدين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا سخاءً رخاء، اللهم وفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده لما تحبه وترضاه من الأقوال والأعمال، ومُدهما بنصرك وإعانتك وتوفيقك وتسديدك، وأدم على هذه البلاد أمنها وإيمانها وقيادتها ورخاءها، ومن أراد بها سوءًا فأشغله في نفسه، واجعل كيده في نحره، اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المسلمين، ونفِّس كرب المكروبين، واقضِ الدَّيْن عن المدينين، واشْفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، اللهم أصلح نيَّاتنا وذرياتنا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا، وحرِّم على النار أجسادنا، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
عباد الله، ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل: 90]، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ [العنكبوت: 45].
مشكوره قلبي ضوى الليل على تصميم مميز ربي يسعدك يارب
زيارات الملف الشخصي :
21325
إحصائية مشاركات »
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل : 313.47 يوميا
MMS ~
ضامية الشوق
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى ضامية الشوق
البحث عن كل مشاركات ضامية الشوق