أَتعرفني سألتُ الظلَّ قرب السورِ ،
فانتبهتْ فتاةُ ترتدي ناراً ،
وقالت : هل تُكَلِّمني ؟
فقلتُ : أُكَلِّمُ الشَبَحَ القرينَ
فتمتمتْ : مجنونُ ليلى آخرٌ يتفقد الأطلالَ ،
وانصرفتْ إلى حانوتها في آخر السُوق القديمةِ
ههنا كُنَّا . وكانت نَخْلَتانِ تحمِّلان
البحرَ بعضَ رسائلِ الشعراءِ …
لم نكبر كثيراً يا أَنا . فالمنظرُ
البحريُّ ، والسُّورُ المُدَافِعُ عن خسارتنا ،
ورائحةُ البَخُور تقول : ما زلنا هنا ،
حتى لو انفصَلَ الزمانُ عن المكانِ .
لعلَّنا لم نفترق أَبداً
- أَتعرفني ، بكى الوَلَدُ الذي ضيَّعتُهُ :
(( لم نفترق . لكننا لن نلتقي أَبداً ))
وأَغْلَقَ موجتين صغيرتين على ذراعيه ،
وحلَّّق عالياً فسألتُ : مَنْ منَّا المُهَاجِرُ
— محمود درويش
|