عرض مشاركة واحدة
قديم 12-26-2023   #87


الصورة الرمزية كتف ثالثه

 عضويتي » 29424
 جيت فيذا » Jun 2017
 آخر حضور » منذ ساعة واحدة (11:08 PM)
آبدآعاتي » 53,879
الاعجابات المتلقاة » 1815
الاعجابات المُرسلة » 1765
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الادبي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » عزباء
 التقييم » كتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond reputeكتف ثالثه has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   water
قناتك abudhabi
اشجع ithad
مَزآجِي  »  انا هنا

اصدار الفوتوشوب : لا استخدمه My Camera: غير ذلك

мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي



ينظُر لبياض الجُدران من حوله , سكُون و هدُوء يجبره بالغوص في تفكيره.
كيف يُصدِق الجوهرة ؟ و يكذب أخيه ؟ كيف تقول منذُ 2005 ؟ كيف كل هذه السنين لم ألاحظ ؟ لم أنتبه لتصرفاتها و لتصرفات تُركي معها ؟ لم أناقشها في أسباب رفضها للكثير مما تقدّموا إليها , في رفضها إكمال طموحها في الماجستير وغيره , كيف لم أنتبه لكل هذا ؟ من الجنُون كل هذه السنواتْ تمُّر و الجوهرة صامِتة ؟ لم صمتت ؟ و تُركي ؟ كيف تُركي ؟ لا أُصدِّق بأنَّ تُركي يفعل بي غدرًا هذا الأمر.
دخل الدكتُور مُبتسمًا : إن شاء الله كويِّس ؟
عبدالمحسن : الحمدلله
الدكتُور يأخذ من الطاولة ملفِه ليقرأ فحوصات اليوم : لآ الأمور متحسنة مرَّة بفضل الله بس يبيلك تشد حيلك وتبعد نفسك عن الضغوطات و المشاكل و لو تسمع نصيحتي وتسافر كم يوم لمدينة قريبة تغيِّر جو وترتاح نفسيتك
عبدالمحسن : إن شاء الله ماتقصّر
الدكتور : وأدويتك تنتظم عليها عشان ماتصير لك مضاعفات
عبدالمحسن : ومتى الخروج ؟
الدكتور : على هالفحوصات أقدر أقولك بكرا إن شاء الله بس لازم نتأكد قبلها بفحوصات أدق
عبدالمحسن : مشكور
الدكتور : العفو واجبنا يا بوريَان .. وخرجْ تاركِه
أخذ هاتفه , أتصلَّ على رقم الجوهرة .. دقائِق طويلة تمُّر و الجوَّال على أذنه.
في جهةٍ كانت الجُوهرة بلاشعُور تنظُر لوضع الغُرفة بعد أحداث الأمس , شعرت بإهتزاز الهاتف , رفعت غير مصدِّقة بالإسم , والدها ؟ نعم والِدها يتصِل . . بأنفاس مُتعالية مُرتبكة وصلت لعبدالمحسن
عبدالمحسن ولم يسمع مِنها حرفًا سوَى ربكةِ أنفاسها : الجوهرة
الجوهرة أنحنت برأسها ودمُوعها تتسرَّب بتدفُّق من عينيْها , وصل صوتُ بكائِها لقلب الأبْ المتقطِّع.
أترانِي أبكِي ضُعفًا أم إنكسارًا أم حُزنًا . . أم جحيمًا ؟ وَ دمُوعي لا تنامْ ترميني مُنذ أمس و لم تمّل
يا ليتْ قولِي يخفف عنك يا أبي , ياليتنِي ألفُظها دُون قيود .. ياليتك تُصدِّق الحديثَ و تحسنُ بي الظنّ
عبدالمحسن بكسرِ الرجال : رُوحي
الجُوهرة بكلمتِه هذه شعرت بأن رُوحها تصعدُ لعنقها , شعرت بأن البُكاء الآن يقف عثرة في حُنجرتها.
ودَّت لو أنّها ترتمي إليه دُون أن تنسلخ أبدًا , لو انها لم تكبُر و بقيت طفلتِه الرقيقة , لو أنَّ أشياءً كثيرة تعُود لما كدَّرتُ صفو حياتِك يا أبي.
يصِلهُ أنينها , يصِلهُ الحُزن المحشوُّ في داخلها , يصِله كل شيء حتى أحاديثُ قلبها إلا صوتُها.
الجُوهرة بصوتٍ مجروح بالبحَّة : ما عصـ ..ـيتك
عبدالمحسن و الشيبُ تغلغل في شعرِه و مع ذلك تجمَّعت بعضُ الدموع في محاجره وأبت النزول.
الجُوهرة و كلماتٌ مُتقطعة بالبكاء : والله والله كل شي يهُون .. سوّ كل اللي تبيه فيني بس لاتضيِّق على حياتي بدونك
عبدالمحسن أخذتهُ التنهيدة لألمٍ لن يُدرك حجمه أحدًا , لن يُدرك إلا من جرَّب لسعَة الغدر و القهر.
الجُوهرة بنبرةٍ وجعُها تسرَّب بين شرايينها وهي تُناديه : يُــبــــــــه
عبدالمحسن و قهرُ الرجَال والله لا يرحم
الجُوهرة : لا تخليني .. والله و ربّ خلق بي هالروح أنه ماهو برضايْ و أني مافكرت لثانية أكون بهالطريق , والله يبه
عبدالمحسن بصمتْ عقله يفرض عليه هذا الصمتْ , يمُوت معنويًا وهو يسمع هذا الحديثْ.
الجوهرة بصوتٍ ضيِّق عجب أنه مازال يتنفس : ما عُمرك جيت بعكس دعواتي ولا الحين يبه بتجي
وهذه الجُملة كـ وجعٌ مُزمِن طرق قلب عبدالمحسن
الجُوهرة و بين هذا الإنهيار تلفُظ : أمس كنت أردد يارب كما سخرت القوي للضعيف و الجن لنبينا سليمان و سخرت الطير والحديد لنبينا داوود وسخرت النار لنبينا إبراهيم سخِّر لي أبِي و سهِّل اموري .. ماتجي عكسها يُبه ؟ ما تضيِّعني بدونك ؟
عبدالمحسن و فعلاً لن يأتِي بعكس دعوتها , لم يكسِر قلبها وهي طفلة بين أحضانِه , أيكسُر قلبها الآن ؟
هي تؤمن و جيدًا بأن الله ما أمرنا بالدُعاء إلا ليستجيب لنا , من يُصدِّق أنَّ والِدها يعرفُ بهذه المُصيبة ويقفُ معها ؟ من يُصدِّق سوَى أنّ الله هو من يُريد و سخَّر لها هذا , من تمسَّك بالله لم يخيب رجاءه أبدًا مهما أستعصت حاجته فالله قادِر أن يصنع المُعجزات لعبدِه.
الجُوهرة بهمس كاد لا يصِل من بُكائِها العميق : عمِّي أوجعني يا يبــه
كلماتها سيُوف تخرج من فاهٍ رقيق و لكن تُسقِطه في نارٍ من اللاتصدِيق لما يحدُث له و كأنه كابوس غير قادر على الإستيقاظ منه.
تعبت , صوتُها تعب و مات جُزئيًا .. كلمات قليلة فقط و شعرت بوخزٍ يسار صدرِها يُرغمها على التوقُف.
تعبت و أنفُها لا يكُّف عن مُشاركتها البُكاء دمـــًــا.
,

نظرت للساعَة بإرهاق , لم يتصِل إلى الآن ؟ لن تُصدِّق بأنه لم يرى رسالتها بعَد , رُبما يحاول تجاهلها ... هذه الصفة تكرهها وتكرهُ صاحبها دائِمًا , تُحب أن تُشعر بإهتمام من حولِها بها , تبكِي و تنهار إن رأت أحدًا يتجاهلُها .. تبكِي الآن لأن من وهبتهُ قلبها لا يسألُ عنها.
عاتبت نفسها كان من المُفترض أن لا تتطاولُ بحديثها و تُعاتبه أبدًا , تعرفُ بأمور عمله و تُقدِّر إنشغاله ولكن حاجتها و شوقها له تُمرِضها تمامًا.
فتحت الواتس آب لتنظُر آخر دخُول لـ عبدالرحمن كان ليلة الأمس , كتبتْ له : ما حنيت ؟

,

بمقعدين مُتقابلينْ في أرضٍ خضراء بين جبالٍ لا يُرى بها سوَى أخضرُها الزاهي , بينهُم طاوِلة ذات غطاءٍ مُشجَّر وبوسطِها زُجاجةٍ طُولية متناثِر بداخلها الزهرُ دون سيقانِه , الجوُ هادىء سوَى من نسماتِ البرد البسيطة رُغم أشعة الشمس التي تُغازل الأرض بإختفاءها دقائِق بين السُحب و سطوعها دقائِقٍ أخرى.
إنّـهُ الريف الفرنسِي.
الصمت ساد كثيرًا و أعيُنهم تُجيد التحدُّث دُون ملل.
قطعت هذا الصمتْ بصوتٍ خجُول وكفوفها تضّمها بجانب بطنِها : إييه وش الموضوع ؟
ناصِر بإبتسامة عريضة : عيشي هالهدُوء
غادة بضحكة خرجت مُتغنِّجة أردفت : بس كذا ! ماأصدق
أتت النادِلة الريفية بشعرٍ أشقَر مُنسدِل على أكتافها و قُبعةٍ مصنوعة يدويًا على رأسها و فُستانٍ ممتلىء برسوماتِ الزهر و مُطرَّز يصِل لمنتصف سيقانِها , واضِعة كأس عصير الفراولة بجانب ناصِر و آخر بجانب غادة , مُبتعِدة والإبتسامة لا تكفّ عن التمايُل بفمِها
ناصِر : وش رايك بالمكان ؟
غادة : هانت ساعات الطريق يوم شفت هالجمال
ناصِر : و وش رايك لو نمنا فيه ؟
غادة بإستعجال : مستحيل أبوي ماراح يرضى أنام برا و بعدين ماينفع توّ ماتم العرس
ناصِر : طيب وش رايك بعد أنه عبدالعزيز يدبِّر لنا عذر عند أبوك
غادة ضحكت : مستحيل ناصِر ماأحب أنام برا البيت
ناصِر : كلها ليلة !
غادة : ولو .. حتى لبس ماجبت !
ناصِر : كل شي موجود
غادة : واضح أنك مخطط للموضوع ومحضِّر له
ناصر بإبتسامة : إيه و عبدالعزيز بينام برا البيت عشان يقول لأبوك أنه معاك
غادة : يالله مستحيليين وتقولون كيدنا عظيم وماتشوفون حالكم
ناصِر : تضرَّك ليلة ؟
غادة : ماتضرّني بس كمبدأ ماأرضى أكون كذا وانا قدام الناس ماني زوجتك
ناصِر بحُب عميق وهو ينظُر للزهر الذي حولِه : الورود ماتفتِّن
غادة أبعدت وجهها للجهة الأخرى والخجل يكتسيها لتُردف : عارفة الورود ماراح تقول للناس لكن ما ينفع
ناصِر : ولي أمرك المتنقل راضي
غادة : عزوز لو هديل تتزوج ماراح يرضى لو أيش تطلع معاه كذا ! بس عشان رفيقه معطيك حريتك
ناصِر : بس حرية جائزة يا حضرة المفتية
غادة : عليّ ماهي جائِزة
ناصِر رفع حاجبه : عليك !!
غادة أبتسمت حتى بانت أسنانها : أثق فيك بس ماأثق بالشيطان
ناصِر بصوتِه الرجُولِي و في حضرة أغاني العصافِير الريفية : ما بيننا شياطين , كل اللي بيننا تحفَّه الملائِكة
غادة وتنظُر ليمينها بخجل حتى لا تقع عيناها بعينِ ناصِر
ناصِر و ينظُر للعصافِير القريبة جدًا من غادة
غادة وتبتسم عندما رأتهم بألوانهم المُبهِجة : يالله على أصواتهُم
ناصِر بصوتٍ أمتلى عِشقًا : تعرفين ليه تحب تغني عندِك ؟
غادة بضِحكة : ليه ؟
ناصر : يذكرون الله عليك
غادة تزداد عِشقًا له و لسانِها يُعقد دُون حديث سوى رسائِلُ عينيها
ناصِر : و ما تغنِّي العصافِير حولك إلا بتسبيحها .. سُبحانه من صوَّرك

بين يديه صُورة تُعيد له ما كان أمسًا , صورٌ كثيرة ألتقطها في الرِيف هُناك , كان يشعُر بأن شهر عسلِه قضاهُ في ليلة تسامَر بها مع قمرَه.
عضَّ شِفته السُفلية يمنع نفسه من سخطِه على القدَر , يمنع نفسه من أن يُعارض هذا القدر المكتوبْ , قرَّب الصورة لفمِه , قبَّلها بعُمق و كأن غادة أمامه , أغمض عينه ليعيش الوهَم.
لم يعرف بحياتِه أو حتى شاهَد احدًا بمثِل حُبهم , ليس تمجيدًا لنفسه و لكن لم يتصوَّر أنَّ الله سيأتِيه بُحبٍ طاهِرًا لا يجرُّ إلى المعصية أبدًا.
كان كل ماهو مُتشكِلٌ في رأسه أنَّ أغلب حُب المجتمعات الشرقية ينتهِي بمصائِب و أهواء و معاصِي و هذا ليس حُبًا.
الحُب أطهَر و أسمَى من أن يُقذف بقلُوب هؤلاء الراغبين و فقط يُريدون الأخذ دون العطاء.
كُنت أحبَّها حتى أنني رأيتُ بأن دُنيـا واحِدة لا تكفِي لحُبنـا , كُنت أقُول هذه الحياة لا تكفِي لحُبك هذه الحياةُ ضيِّقة كثيرًا من أن أتوسَّعُ بعِشقك .. نحنُ يلزمنا الجنَــــة حتى ننُشِد البقاءَ لحُبنــا.
تمتم بالنبرةِ المكسُورة : يالله إن نسيتُها يومًا فذكِّرني بأيامِي التي جمعتني بها وَ لا تُشقي قلبي بغيرِها و زِد بقلبي حُبِّك وثبِّت يقيني و أرزقنِي من بعدِ حُبك حُبًا لها يتكاثرُ ولا ينقُص .. يالله زدني بها حُبًا , يالله أني أحببتها فيك حُبًا عظيمًا فلا تجعل آخر لقائي بها في دُنيــاك.

,

أنفه ينزفْ و جرحٌ أعلى حاجبه الأيمنْ , تعارُكه معه كان شديدًا , أخرَج كُلَّ غضبِه عليه دُون أن يتعب.
ذاك يُناديه : مجنون وش سويت فيه ؟
هوَ الكئيبُ بحدِ قولِهم والقليلُ حديثًا حتى أنه يُشعرك بأن الكلام يخرج منه بـ " فلوس " : خله يمسك لسانه و يعرف كيف يحكي
: صدق أنك غريب الواحد مايعرف كيف يتفاهم معك
فتح ألوانِه و ويبدُو أنه سيبدأ بالرسم الآن
بغرابة ينظُر إليه : من جدِك !! هذا اللي فالح فيه ترسم ! الحمدلله والشكر يالله أرزقنا العقل
بدأ بتلطيخ اللوحة البيضاء بالسواد و بعضُ البنِي يُباغت هذا السواد
يُكمل رُغم تجاهل الرسَّام له : أنا أخبر الناس لا عصبت تجلس تصارخ تجلس ترمي تجلس تصيد تجلس تسبح لكن ترسم ! يخي مرهف الحس بقوة
وكأنه لا يسمع شيء
هوَ مازال يُكمل : ترى الحكي ببلاش أبد ماعليه رُسُوم
ألتفت عليه و نبرته الرجُولية الثقيلة : هه هه هه
الطرفُ الآخر إنحرج من ضِحكته التي من باب " التسليك " : أكلمك جد
يُكمل رسمه دُون هويَّة , يرسمُ نهرًا بُنيًا بين جبالٍ سوداء و لا وجُود للسماء .. رُبما لا يعترفْ بسقف البياض.
وقف أمامه : ماألوم صلاح لو بلَّغ أبوك بهاللي تسويه
هوَ عينه على اللوحة : طفّ النور كله وأترك بس النور اللي فوق راسي و سكِّر الباب وراك
طردَة مُحترمة له , أردف : طيب زي ماتبي وأرسم و إن شاء الله تموت مالنا دخل فيك بس بُكرا محد بيندم غيرك ...

,

دخل لهُم وهم بين ضوضاءِ تفكيك شِفرات وأشياء أخرى لا يفهمها.
عبدالرحمن أقترب من عبدالعزيز : الحرس كانوا موجودين عند الباب ؟
عبدالعزيز بصوتٍ خافت : كان موجود عسَّاف *حارس شخصي تم وضعه منذ حادثة الإعتداء على بيته*
عبدالرحمن القلِق على بناتِه
عبدالعزيز : والشرطة محاصرة الحيّ ؟ وش صار ؟
عبدالرحمن : حصَل إختراق للأنظمة الأمنية هنا
عبدالعزيز عقَّد حاجبيه مُستغرِبًـــا و نظر لشاشةٍ صغيرة هي المفتوحة من بين كل الشاشات , عليها مُستطيلٌ احمر و 75%
عبدالرحمن : قاعدين ينقلون معلومات .. ها أحمد ؟
أحمد : قاعد يجري تحقق من اليوزر .. وقف أحمد ليتجه للوحَة التحكُم الرئيسية و يضغط زر نقل المعلومات وبهذا الزر يُسرِّع عملية خرُوج الملفات منهم , رُغم جراءتِه بفعلته هذه إلا أن كانت غايته أن يتحقق المستخدم الوهمي بسُرعة , هي دقيقتين و أقفل النظام ليصِل نقل الملفات إلى 87% و يتأكد المستخدم الوهمي
بوسعود عرف بأنه كان المقصد أن يستعجل بعمليته فلم يُعلق أحدًا
سلطان ويسحب ورقة ليكتُب عليها مُعرفات الآي بِي المُتجسسَة
عبدالرحمن يأخذ الورقة منه ويُعطيها متعب : شف لنا وين أماكنهُم
سلطان و أستطاع أن يدخل لشبكتِهم ولكن عجز عن الدخول لنظامِه و يمنع نقل الملفات.
أحمد الآخر الذي كان يعمل على الدخول لنظامِ المعلومات التابع لهُم حتى يمنع هذا النقل
سلطان وضع الحاسُوب المحمول والذي يبدُو صغيرًا نوعًا ما
متعب و الذي أتى من فريق الصيانة والذين ثبَّتُوا الشبكات التجسسية و مصدرِها ولم يستطيعوا إيقاف النقل أيضًا
سلطان بدأ بضغط أزرارٍ كثيرة مفادُها تعليق النقِل ولكن عاد النقِل مرةً أخرى ليصِل إلى 30% : كويِّس
وقف ليتجه لأزرار التحكم الرئيسية و يفتح ماكان مُغلقًا حتى يُتيح لأحمد حُرية التصرف بسُرعة.
أحمد : الرقم التسلسلي
سلطان و الذي يحفظه : 70865023461 .. إيش آخر رقم ؟
متعب وينظُر لشاشةٍ أُخرى : 8
وصَل النقل مع فتح لوحة التحُكم الرئيسية إلى 55% و النقل يسير سريعًا.
دقائِق تلعبُ بالأعصابْ و جدًا , بوسعود يُراقب وضعُ الأمن في شوارِعٍ مُعينة التي تعطلت بها كاميرات المراقبة
في جهةٍ كان سُلطان يشعرُ بالدقائِق تنهشُ في عظامه و عينُ على نقلِ الملفات و عينٌ أخرى على أحمد.
أما عبدالعزيز ينظرُ لما يحدُث بغير إداركٍ حقيقِي و " متنِّح ".
أحمد : دخلنا
سلطان ويجلس بجانب أحمد وينظُر لملفاتِهم الضخمة الأمنية , ولكن ما كان صدمَةٍ فعلا أن ما يتم نقله الآن ليست الملفات السرية البحتة بل الملفات المُختصة برائِد الجوهي و جماعتِه فقط.
أحمد و التنقُل بمستخدِم ثانوي جدًا بطيء بعكس لو كان مُستخدم رئيسي : ننقلها ؟
سلطان : إيه بس لازم تتوقف عملية نقلهُم
عبدالرحمن الذي كان يُراقب جهةٍ أخرى ولكن عقله مازال معهُم : اليوزر الوهمي اللي سويته سلطان خله ينقِل ملف ثاني
أحمد : نسوي ملف جديد بفيروسات ونحوِّل النقل عليها
سلطان : بالضبط .. وقف ليتجه للحاسُوبِ الآخر ويدخل بمستخدمه الوهمي الذي مازال بشبكتهِم , وش سميت الملف ؟
أحمد بخبث : عيالك يا وطن
سلطان رُغم كل هذا و كل مايحدث الآن من توتر وشد أعصاب إلا أنه ضحك على الإسم المستفز لكل من هو عدوّ لوطنه : لازم نكافئك
بحث عن الإسم وبالطبع اللغة المعلوماتية تكُون بالإنجليزية البحتة وليست المُعربة فـ وجد الملف المحشُو بالفيروسات A'ialk ya wtan
ضغط عليه لينقلُه لشبكةٍ أيضًا وهمية لا حقيقة لها ولا مصدَر.
أصبح الآن النقل إثنان على الشبكة ويضغط على السرعة مما جعل النقل الأول الواصِل لـ 55% بطيئًا وبشدة.
أحمد : ينقلْ النسخ الإحتياطية لملفات الجُوهي بأكملها لجهةٍ أخرى أكثر أمانًا , وصَل به النقل إلى 10%
عبدالرحمن : لو ندمِّر برنامج الحماية الثانية النقل بيتسهَّل ؟
سلطان : بس نقلهم بيكون سريع !
عبدالرحمن : بس الحين صار نقليين ؟
أحمد : نحط نقل ثالث ؟
سلطان : و نبطىء أكثر من النقل بعد
أحمد و يفتح ملفًا آخر و ينقل إليه الفيروسات المُدمِّرة لأيّ شبكة
سلطان ثواني و لقي الملف الجديد إسمه nfdak_ksa
عبدالرحمن بإبتسامة عريضة له وهو يقرأ بجانب سلطان : لازم نجتمع نحدد مكافئتك
سلطان وهو ينقُل الملف : إستفزاز عدوِّك هذا أقوى سلاح
عبدالعزيز و ينظُر كيف أنَّ الإستفزاز ينتشِر بجميعهم دُون إستثناء من الصغير إلى الكبير , فكَّر لو أن أحدًا يكره شيئًا ويأتي آخرًا يقول له نفداك يا هذا الشيء .. سيشعُر بحقدٍ عظيم و لكن لأنه للوطن فالأكيد سيشعُر الطرف المُعادي بهذه الأسماء بالخجل و الخُزي والعار لأنه يقف عدوًا لوطنه , كم مخجل أنَّ شخصًا يقول لمن تخلى عن وطنه " أنا أفديك يا وطن "
أحمد و بقيَ القليل وصَل لـ 90%
سلطان تنهَّد : كم بقى أحمد ؟
أحمد : الحين 95
نظر لنقل الملفات من جهة الشبكة الأخرى المتجسسة عليهم و وصَل لـ 66%
يزداد قلقه إن تمت عملية النقل بذلك سيكونون مكشوفين للجوهي وغيره.
فريقُ الصيانة الذي يُرسِل المعلوماتِ طباعةً
متعب يقرأ : الخلية موجودة في حيّ الزمرُّد *الأحياء أسماء وهمية*
عبدالرحمن بأمر دون مناقشة سلطان : حرِّك فرقة 800 أو 870 لهُم وألقوا القبض عليهم الأكيد أنهم مُرسلِين من ناس أعلى منهم
سلطان و لم يُعارض أمر بوسعود.
أحمد : لكن لو دمَّرنا الملفات و فشل النقل بيعرفون أننا كشفناهم و ممكن يهربون !
سلطان بعد تفكير لدقائِق أردف : أترك النقل دامه بطيء إلى أن يوصلون القوات لهُم
عبدالرحمن بتأييد : يالله متعب مافيه وقت
متعب و بلَّغ قواتٍ أُخرى للذهابْ هُناك.
أحمد و بقيَ زِر واحد يضغطه و ستُدمِّر الملفات المحفوظة بعد أن تم نقلها جميعًا لشبكة ثانوية أخرى و آمنة.

,

عاقِد الحاجبينْ غاضِبًا , يقف عند الباب و أمامُه من أصبح يكرهها و بشدة : أبغى أشوفها
أم رؤى : و أنا قلت لك ماتبي تشوفك
وليد : طيب ماأبغى أستخدم معك أسلوب مبتذل لكن ممكن أتصل على مقرن و أسأل عن أخباره *أردف كلمته الأخيرة بسخرية*
أم رؤى تنهَّدت بضيق لتُردف : نايمة
وليد : صحِّيها الموضوع ضروري
أم رؤى : وش هالموضوع إن شاء الله ؟
وليد : مايخصِّك يخصَّها
أم رؤى رفعت حاجبها مُستغربة قلة ذوق وليد في الحديث معها : عفوًا ؟
وليد : اللي سمعتيه
أم رؤى : واضِح جدًا إحترامك لأم من تحبها
ولِيد : على حسب إذا كانت الأم متنكرة بملابس تكبِّرها و مدري هذي تجاعيد طبيعية ولا بعد مسوية شي بوجهك
أم رؤى الغير فاهمة لما يقصُد
وليد : أظن فاهمة قصدي زين والحين نادِي رؤى ولا والله وأنا عند حلفِي لأفضحك قدامها
أم رؤى دون أن تنطق حرفًا أتجهت لغرفة رؤى , أيقظتها : رؤى حبيبتي قومي
رؤى وتنظُر إليها بتعبْ شديد
أم رؤى : وليد برا و يبغى يكلمك
رؤى و لا تنطق شيئًا سوى التعبْ بملامِحها
أم رؤى : قومي يالله شوفي وش عنده
رؤى وقفت بمساعدة والِدتها , توجهت قبل ذلك للحمام لتُبلل ملامِحها وتُطهِّرها من سوادِ دمعها , نشفت وجهها و أخذت حجابها لتلفَّه على شعرها
وليد و ينظُر لعينها المُتعبة و أنفِها المُحمَّر و هالات السوادِ على جانبيّ أنفِها و رمُوشَها المُبتلَّه و شفتيها الشاحِبة و الحُمرَة التي ماتت من وجهها ولم يبقى سوَى البياض الشاحِب.
وليد : أبي أكلمها على إنفراد
أم رؤى : نعععم ؟ طبعًا لأ
وليد ينظُر لها بنظرات تهديد
أم رؤى تنهدت وخرجت لخارج الشقَّة نازلة للأسفَل.
وليد جلس بمُقابلها : كيفك ؟
رؤى بصمت الأمواتْ
وليد : رؤى !!
رؤى و غير واعية بأن من أمامها وليد , تنظُر إليه بأنَّهُ شخصٌ آخر , شخصُ هي تجهله و لكن قلبه يعرفه جيدًا : أشتقت لك
وليد و صدمته الكلمة رُغم أنه يعلم بأنها تُحبه
رؤى : وينك من زمان ؟
وليد أبتسم : موجود , أبي أكلمك بـ
قاطعته وعينها تبكِي : عارفة أنك زهقت من أوامر أبوي بس أصبر شوي
وليد وصدمةٌ ألجمته , عرف بأن رؤى تستعيدُ ذاكِرتها بلا وعي منها , سكَت ينظُر إليها بذهول
رؤى : وحشتني كثير
ولِيد وعينه بعينها , لمعةُ هذه العيُون تقتله.
رؤى بإبتسامة رُغم عذوبتها إلا أنها شاحبة جدًا : توبة أزعلك بشيء
ولِيد و أدرك نفسِه : رؤى حبيبتي ركزي معاي باللي بقوله
رؤى : عارفة وش بتقول
وليد ويُجاريها : أدري أنك عارفة بس بقوله مرة ثانية , هذي ماهي أمك و مقرن ماهو أبوك
رؤى : مين أنت ؟
وليد وتذكَّر إسمًا واحِدا : عبدالعزيز ..
رؤى تبكِي بشدة وهي تسمع الإسم , شعرت بأن روحها تتقطَّع : يا روحي خذوك منِّي
وليد : طيب رؤى مايصير تجلسين عندها
رؤى : مين رؤى ؟
وليد ولعن في داخله هذه المرأة التي أوصلت حال رؤى لهُنا : اللي صحتك قبل شوي مين ؟
رؤى : جارتنا
وليد و تأكد تماما بانها ليست أم رؤى : طيب هذي جارتكم ماتحبك ماتبي لك الخير , لازم تروحين بعيد عنَّها
رؤى ببراءة : وين أروح ؟
وليد : بُكرا الصباح تجهزين شنطتِك و بوديك لمكان ترتاحين فيه لفترة
رؤى هزت رأسها بالطاعة
ولِيد : رؤى لا تنسين
رؤى تلتفت يمينًا ويسرى : وين رؤى ؟
وليد : أنا أحب أسميك رؤى
رؤى : الإسم شين
وليد : وش إسمك ؟
رؤى هزت كتوفها : مدري
وليد و كانت رؤى بإذن الله ستعود ذاكرتها دون كل هذه المشاق لو أن والدتها المزعومة لم تفعل بها كل هذا , أعادتهم لنقطة الصفر : وش تبيني
أناديك ؟
رؤى أبتسمت بين بكائها : عزوز نادني اللي تبي
وليد بإبتسامة : ما أعرف أختار لك , أنتي أختاري
رؤى : سارة
وليد : طيب يا سارة
رؤى : بس مايصير صح ؟
وليد : ليه ؟
رؤى : أمي إسمها سارة
وليد : عادي نناديك عليها
رؤى أبتسمت : دام كذا خلاص
وليد : بكرا لا تنسين
رؤى : لا ماأنسى أبد .. كررت هذه الكلمة 5 مرات
ولِيد لم يُشفق عليها ولكن تضايق من نفسِه ليته لم يتركها لحظة في بيت هذه القاتِلة , هي قتلت روح رؤى بتشكيكها في صحة عقلها.

,

أُطلقت صرخة خافتة عفوية من أحمد : أوووووووووووه .. الحمدلله
الجميع أطلق تنهيدات الراحة بعدما فشَل النقِل
سلطان : بس شركة الحماية تحدد لي أقرب موعِد لها وش هالفوضى بسهولة يتم إختراق النظام
متعب : أبشر طال عُمرك
سلطان : هالفوضى أبد ماأبيها تتكرر و الأنظمة دوريًا تتحدَّث برامج حمايتها ماهو كل مرة تسلم الجرَّة
متعب : إن شاء الله
عبدالرحمن وهو يتلقى خبر القبض على هذه الشبكة و كل ماوصل إليه أنها شبكة شبابية و لكن يملكون قُدرات ذكية هائلة وهذا أسوأ شيء قد يحصل أن تُستغل ماوهبنا الله إليه بمضرَّتنا.
عبدالرحمن : وكَّلت من يستجوبهم واضح أنهم معطينهم فلوس وقايلين لهم يخترقون مايدرون أنهم يخترقون نظام أمني ماهو منتدى *أردف كلمته الأخيرة بسخرية*
سلطان : أكيد ماراح يقولك الجوهي
عبدالرحمن : لأن الجوهي ماهو غبي يدخِّل إسمه بهالأشياء أكيد وكَّل أحد ما هو محسوب عليه يكلمهم
سلطان : قلت أنهم شباب ؟
عبدالرحمن : إيه
سلطان ويشعر بالشفقة حيال هذه الفئة : دامهم قدروا يخترقون اجهزتنا ليه مانستفيد منهم ؟
عبدالرحمن بإستغراب : مُجرمين !!
سلطان : طيب هم شباب أكيد بحاجة توجيه ؟ وأكيد لو نفهمهم أنهم يخدمون دينهم ووطنهم ماراح يعارضون , فيه أحد يرفض وظيفة زي كذا
عبدالرحمن : تبي تقابلهم براحتك
سلطان : ماأبي أقابلهم أبي نوظفهم عندنا بأمن المعلومات بدل هالشركة الأجنبية اللي مخلينها مسؤولة عن معلومتنا وبسهولة قدروا يخترقونا
عبدالرحمن بإقتناع : خلاص أجل بس أول يتم إستجوابهم و نتأكد

,

بعد هذا اليوم الشاق و الطويل , تسلل النوم لعيُون البعض في حين صدّ عن عيون الآخرينْ.
صلَّى الفجِر و توجّه لمنزلِه والساعة تقترب من الرابعة فجرًا , في داخله ينبذُ أن يبيت معها تحت سقفٍ واحِد , يشعُر بأن كُل شيء ينفره من الدخُول لبيته , كل مصائِب الكون تحدُث داخل قصره , كل شيء سيء حصَل في حياته بدأ هُنا , هذا المكان يبثُّ في داخله من التعاسَة أشكالاً و ألوانْ و طبعًا هذه الألوان لا ترتاح دُون رماديتها و سوادها.
تنهَّد وهو يضع المفتاح على الطاولة القريبة من الباب , صعد أول الدرجات حتى يسمع : قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ , وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِن سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ, وبدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ , فَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ, قدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ , فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَـظ°ؤُلاَءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ, َأولم يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ , قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ , وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ.
وقف في الدرج و صوتُها يتغلغل في عقلِه , يسمعُ جيدًا تلاوتِها و يسمع أكثر بكائها بين الآيات وتقطُعها لثوانِي فتعُود بصوتٍ مُبكي للقراءة
دقائِق طويلة وجدًا وهو واقف مُتجمِّد في مكانه حتى فاق على " وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ "
يحاوِل بشدة أن يُصدِّق فيها قولا ولكن هذه المرة حتى قلبِه يُكذِبها
لا أحد يقف مع الجوهرة لا عقله و لا قلبه و لا مبادئِه تقول له أنها " مظلومة "
سكتت كل هذه السنين لأنها خافت .. لأنها فعلت مُصيبتها وخشيْت من والِدها.
و رُبما فاقت مؤخرًا و تابت إلى الله و حفظت كتابه والله غفورٌ رحيم و لكن أنا ؟ لستُ قادر أبدًا أن أغفر لها.
كانت تُبعدنِي عنها و انا أحسن ظنِي وأفكارِي بسذاجة تقول لي موقفٌ بالماضِي يؤلمها أو أنها خجولة أو أنها تعرضت لحرقٍ في جسدِها أو جرحٌ لا تُريدني أن أراه و أشياء ساذجة والله أني أستحقرُ نفسي لأنها " زوجتي ".
صعَد و لا مكان لملابسه سوَى هذه الغرفة التي من اليوم لن يقبَل بأن يراها بحجة ملابسه .. هُناك كثير من الغرف لها حُرية أن تختار أيّ جحيمٍ تُريده.
دخل و من شدَّة إستحقارهِ لها لم يضع عينه عليها ولا حتَى فكَّر بأن ينتبه لها.
الجوهرة أغلقت كتاب الله و أصابعها ترتجفْ , بُكائها لم يجف .. شعرت بقلبها ينفضُ نفسه و يتعالى بضرباتِه
خافت أن يقترب منها .. خافت كثيرًا
دخل لجهة دولابِه , أخذ بنطال بيجامته فقط *يُريد العودة لما قبلَ الجوهرة عندما كان ينام عاري الصدِر* .. ودُون أن يلتفت عليها وهو يسير خارج الغرفة وبنبرةٍ جعلت أنفاس الجوهرة تتعالى : من بُكرا تخلين الخدم يجهزون لك أي زفت تنقبرين فيه *أردف كلماته بعصبية لم يمسك نفسه عنها*
وخرج صاعِدًا للدور الثالِث و أولِ غُرفةٍ على يمينه , الغُرفة المُحرمة الدخول على الجميع.


,

صباحُ الرياض يتغنَّجُ اليوم من فاهِ رتيلْ , صباحُ الإثنين.
تتفطَّر بطاقةٍ كبيرة و مُفاخرة أيضًا : وركضت تقريبا من طلعت لين صار العصر
بوسعود : صدق ؟
رتيل : إيه والله ولا وقفت ولا أيّ ثانية , الحين لو تسابقني وأنت اللي صار لك سنين كل يوم تركض أفوز عليك
عبير : اللهم أني أعُوذ بك من الهياط
رتيل : بس للأمانة يعني وقفت مرة يمكن ماهو تعب بس زلقت من الأرض المبللة
عبير توسَّعت عينيها : الله يالكذب ! ترى رمُضان هاا بعد كم يوم بطلي كذب الله يغفر لنا بس
بوسعود : لآ مصدقِك
رتيل : إيه طيب وين المقابل
بوسعود : ههههههههههههههههههههههههه هههههه أنا قلت بعطيك شيء
رتيل شهقت : لا تقولها يبه تكفى لا تقول أنك تلعب عليّ وأنا قايلة إن شاء الله أني هالسنة بتخرج و برفع راسك وأبوي يستاهل من يرفع راسه فيه
عبير : يختي كثر الله خيرك فكرتي بدراستك أنتي ومعدلك اللي يفشِّل
رتيل بفلسفة : أنا كانت نفسيتي تعبانة أيام الدراسة فعشان كذا ضيعت السنة اللي فاتت
بوسعود بسخرية : من زود ماهي تعبانة خذت نقاهة للشرقية
عبير التي كانت تشرب الحليب أبعدته حتى تُطلق ضحكاتٍ صاخبة
رتيل وفعلاً أنحرجت
بوسعود ضحك من إحراجه لإبنته بأفعالها : ههههههههههههههههههههههههه هههههههههههه بس دامك أنحرجتي يعني تحسين بتأنيب ضمير فأنا أقدِّر هذا الشي
رتيل : مارحت له بنص الطريق رجعنا
بوسعود : سواءً رحتي له أو لأ مبدأ انك ناوية تطلعين من الرياض بدون شوري هذا من أساسه كارثة
رتيل بتهرُّب : خلاص موضوع وأنتهى
بوسعود : عشان دايم تحطينه في بالك
رتيل : أنت تضيِّع موضوع المقابل حق ركضي أمس
بوسعود : لا ركضك لنفسك
عبير بضحكة طويلة وتتشمَّت : آآآآخ ياقلبي ركضت وركضت و طول يومها تقول هانت اهم شي بنهاية هالركض فيه شي حلو بيصير
رتيل برجاء : حرام عليك يبه
بوسعود : وش تبين آمري تدللي كم رتيل عندنا ؟
رتيل أمالت فمها لتُردف : آممممم أي شي أطلبه
بوسعود : بحدود المعقول
رتيل وتحاول أن تستغل هذه الفرصة : وترتني فيه أشياء كثيرة
بوسعود : شياطينك للحين ماتنشطُّوا
رتيل بدلع عفوي : يبــــــــــــــــــه
بوسعود : ههههههههههههههههههههه طيب يالله عندك 5 دقايق
عبير : وأنا مالي شي
بوسعود يبتسم : آمريني
عبير بإبتسامة : قررت أشتغل
بوسعود وتغيرت ملامحه
عبير تتدارك ضيق والدها الواضح : يعني أي شغل أنت تشوفه ! ماني مختارة شي مايرضيك
رتيل بحلطمة : وهذا وقته الحين راحت عليّ المكآفآءة
بوسعود لم يمنع نفسه من الإبتسامة في وجه رتيل
رتيل : أشوى الحمدلله أسمعني قبل عبير لا تنكِّد عليك
بوسعود : قولي
رتيل : بنت عبدالله اليُوسف هيفاء قبل كم يوم قالت لي بتطلع وكذا يعني ننبسط شوي وبصراحة ضايق خلقي و ودِّي أطلع معها
عبدالرحمن حز في خاطره أنَّ رتيل تطلب منه هذا الطلب و كأنه أمنية أو شيء شبه مستحيل.
رتيل : ها وش قلت ؟
بوسعود : طيب وين بتروحون ؟
رتيل : مدري ماقررنا بس يعني أهم شي وافق وأنا أكلمها وأرد لك خبر
بوسعود : طيب
عبير : زعلت مني ؟ بس والله يبه تمللت و مليت من أنه أحد يصرف علي كأني بزر يعني من حقي أشتغل و أفرح بمعاش من تعبي
بوسعود و يبدُو أن اليوم بناتِه يثقبون قلبِه بطلباتِهم العادية عند أشخاص آخرين و عنده وكأنها أشباهُ المستحيل.
عبير : أنت أختار لي أيّ وظيفة تبي وبأي مكان
بوسعود : طيب ياعبير بفكِّر بالموضوع
عبير أبتسمت
بوسعود : أنا مسافر الليلة
عبير و رتيل في لحظةٍ واحِدة شهقُوا و كأنهم سمعُوا خبرًا مؤسِفًا.
بوسعود : بسم الله عليكم ... مسافر أسبوع وراجع
رتيل : أسبوع يعني بداية رمضان ماراح تكون هنا
بوسعود : إيه
رتيل : طيب ليه و وين ؟
بوسعود : عندي شغلة ضرورية في باريس ولازم أسافر
عبير مستغربة حتى في سفراتِ عمله كان يأخذهم معه : دايم تآخذنا معك
بوسعود : إيه بس هالمرة مقدَر , المهم طيارتي الفجر اليوم
رتيل : توصل بالسلامة يبه و أنبسط هناك وفلّ امها ماوراك لا حُرمة ولا بنات
بوسعود ضحك ليُردف : مُخك مافيه الا الخراب
رتيل : ههههههههههههههههههههههههه ه بعدِك شباب يابعد عُمري عيش حياتك
عبير : وش يعيش حياته ؟ فاهمة الحياة غلط
رتيل تُقلد نبرة عبير : الشخص بالحياة لازم يمشي مستقيم مايفرح بالعكس عشان مايقولون عنه خبل لازم دايم عقل
بوسعود : رتيل تتطنزين عليها قدامي !
رتيل : ههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههه دُعابة وش فيكم أعوذ بالله الواحد عندكم ماينكِّت
عبير : يالله أرزقنا الصلاح بس
رتيل وضحكت على نرفزة عبير لينسحب والِدهُم مُتجِهًا للعمل.

,

لم تنام , تتأمل السقف و كأنها تعدُ أشياءً من خيالِها لا وجُود لها , ضاقت من تفكيرها و ضاقت أكثر من نفور سلطان مِنها ولكن تُصبِّر هذا التفكِير بوقوف والِدها بصفِّها هذا ماكانت تحتاجه , شعرت بالخجل أن تطلب الله شيئًا آخرًا والله سخِر والِدها لها , هو الآخر يحاول أن ينفيها من حياتِه ولكن يُريد أن يعاقبني ولا أعرف بأي عقابٍ يُريد .. تخافه الآن كثيرًا تخاف حتى من خطواتِه التي إن سمعتها توقفت أنفاسها لثواني طويلة , تخاف من صوتِه , تخاف من جسدِه , من عينِه .. آآه يا عينه هذه ما تُشعل في داخلها خوفًا لا ينتهِي , ليتهُ يحسن ظنه بي .. ليتهُ.

.
.

لننسَى هذا اليوم الذي كان في بدايتِـــه رُغم ما حدث في نهارِه الطويل و ليله أيضًا , لنقُل مرحبا لفجر الثلاثاء.
الساعة الرابعة والنصفْ فجرًا – بقِي القليل و رُبما الجمعة أو السبت رمضان.
لم يتبقى في داخلِه ذرة إحترام لأيّ أحد , القصر شبه خالي مادام بـوسعود ليس هُنا.
يقترب من خلفِها وهي تصفصف الأعمدة الخشبية في الحديقه الخلفية , فراغُها أتى بها هُنا.
شعرت بوجود أحدٍ وألتفتت برعب : بسم الله .. أنت وش جايبك
عبدالعزيز لم يُجيبها
رتيل بعصبية : أبعد عن وجهي وش تبي !!
عبدالعزيز بإبتسامة ذات معنى : مين اللي يبعد عن وجهك
رتيل وصدرُها يهبط ويعتلِي بخوفْ : أنت
عبدالعزيز ويقترب : مين ؟
رتيل خافت : أنت وش صاير لك ؟ أنهبلت ولا عشان أبوي ماهو فيه تـ
لم تُكمل وهو يضع ذراعه حول خصرِها و يشدُّها نحوِه لترتفع قليلا عن مستوى الأرض وهي تقف على أطراف أصابعها و صدرُها ملاصِق لصدرِ عبدالعزيز.
رتيل وقلبها يسقُط في بطنها : يامجنون أبعد لا تخليني أصرخ و يجون الحرس
عبدالعزيز : أصرخي بس قبلها ..

.
.


أنتهى


 توقيع : كتف ثالثه

!!!

أقف على خاصرة الدهشة بثلاث نقاط...





رد مع اقتباس