ويذكر الشيخ الصقعبي أن الأسباب التي تدفع الفتيات للإعجاب فيما بينهن كثيرة منها افتقار كثير من الفتيات إلى التوجيه والتربية السليمة وخاصة فيما يتعلق بكيفية صرف العاطفة في إطارها المشروع حيث إن قضية العاطفة لدى الفتاة ليست عيباً ولكن الخلل والعيب حصل في قضية تصريفها في أمور غير محمودة وقال:أناشد الآباء والأمهات لاحتواء عاطفة بناتهم وذلك من خلال السؤال عنهن وتفقد أحوالهن ومشاكلهن لأن الفتاة في الغالب تقع في الإعجاب لشعورها بحاجتها إلى من يهتم بها ويسأل عنها ومن ثم يتطور الأمر إلى أمور سيئة وأضاف ان القضايا الجنسية المرتبطة بقضية الإعجاب ليست هدفاً من البداية وإنها في الغالب نتيجة والدليل أنه ثبت لديّ أن بعض الفتيات في سن المرحلة الابتدائية وقعن في هذا الداء وأشار إلى أن النبي النبي صلى الله عليه وسلم اهتم بهذا الجانب فقد كان يقبل ابنته فاطمة وأبو بكر رضي الله عنه كان يفعل ذلك مع ابنته أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وكان ابن عمر يقبل ابنه سالماً ويقول شيخ يقبل شيخاً، وتطرق الشيخ الصقعبي إلى الاهتمام الزائد من قبل بعض المعلمات بمظاهرهن مما قد يؤدي إلى وقوع الفتاة في الإعجاب بمعلمتها خاصة وأن أغلب قضايا الإعجاب تقع في المحيط التربوي فحينما تعيش الفتاة جواً مشحونا بالمشاكل في المنزل تأتي إلى المدرسة ولديها الاستعداد الكامل للانجراف وراء قضية الإعجاب للتنفيس عن مشاكلها، إضافة إلى الغفلة عن الدار الآخرة وعدم تقوى الله سبحانه وتعالى، وتحدث عن الفراغ وأثره في المشكلة وخاصة إذا صاحبه قلة خبرة في كيفية الاستفادة منه مشيراً إلى الفراغ انه نعمة إذا استغل بطاعة الله وقال إن من أهم الأسباب أيضاً الإفراط في النظر والتأمل في الوجوه وعدم غض البصر مع وجود الفتنة، وكذلك الجمع بين طالبات مرحلة المراهقة المبكرة وبين طالبات مرحلة المراهقة المتأخرة كالجمع بين طالبات المرحلة المتوسطة والثانوية فالصغيرة في الغالب مولعة بالتعلق بمن هي أكبر منها.
ومن الأسباب أيضاً يرى الشيخ الصقعبي أن الإعلام الساقط سبب رئيسي حيث يثير الغرائز وبالتالي لا تجد بعض الفتيات ما تفرغ به عاطفتها إلا بنات جنسها لكونها تتهيب من الارتباط بشاب لأي سبب من الأسباب.
ويعزو الدكتور أسعد سبب هذه الظاهرة الى عدة أمور أبرزها:
الإنفتاح الثقافي الذى حصل في المجتمع في الآونه الأخيرة وبشكل متسارع وغير منضبط بحيث أصبح افرادالمجتمع من جميع الفئات العمرية يتعرفون على ثقافات مجتمعات أخرى بجرعات كبيرة ومتزايدة يصعب على الفرد معها تمييز الغث من السمين والنافع من الضار فالأب مشغول بالانفتاح على أخبار العالم وثقافاته والأم مشغولة بالانفتاح على دور الأزياء وصيحات الموضة وليس لديهما وقت لتفنيد ما يشاهده أطفالهم وتوعيتهم ومعرفة أثر ما يشاهدونه ويسمعونه من أفكار دخيلة على نفسياتهم ونمط تفكيرهم .
وكذلك نقص العاطفة لدى الفتاة في مرحلة الطفولة والمراهقة فعند انشغال الوالدين (وخصوصاً الاب في حالة الفتاة) عن إعطاء الطفلة ما تحتاجه من حب وحنان وعطف وتفهم لحالتها النفسية ومايطرأ عليها من تغيرات عاطفية وماتتعرض له من أفكار في المدرسة ومن صديقاتها ومن وسائل الإعلام المختلفة ، فإنه ينشأ لديها جوع عاطفي ورغبة جامحة في أن تغذي هذه العاطفة بأيه وسيلة كانت حتى وإن كانت وسيلة غير مشروعة أو غير مقبوله عرفاً .
إضافة إلى تعرض بعض الفتيات لتحرش جنسي أو عاطفي في الطفولة مما ينتج عنه اضطراب في نمو العاطفة الجنسية لدى الفتاة في سن المراهقة فتسعى إلى اشباع هذه العاطفة من خلال علاقات مثلية (من نفس الجنس) قد تتطور في بعض الحالات إلى شذوذ جنسي . واخيراً لا شك أن ضعف الوازع الأخلاقي والديني والوعي المعرفي والعاطفي وعدم وضوح المشكلة وأبعادها وحجمها ومضاعفات في المجتمع (خصوصاً كونها دخيلة على ثقافتنا) تلعب دوراً أساسيا في تطورها وتفشيها داخل المجتمعات المغلقة .
جفاف العلاقة
وتقول الدكتورة رقية بنت محمد المحارب الداعية المعروفة سمعنا كثيراً ورأينا بعضاً من مظاهر الإعجاب والتعلق بين طالبة ومعلمتها أو بين طالبة وزميلتها التي لا تقف عند الحدود الطبيعية. وكان من نتيجة هذا أن تم التنبيه المتكرر على تقوى الله عز وجل والتذكير بالرابطة القوية عبر المطوية والشريط والمحاضرة والندوة والمقالة وغيرها. لكن الذي حصل كرد فعل أحياناً هو الجفاف في العلاقة، وتحولت مظاهر الإعجاب التي أقلقت يوماً ما كثيراً من المربيات إلى مظاهر من القطيعة لا مبرر لها،وأضافت نحن لا نريد أن نعالج الخطأ والانحراف بمثله ولا يصح أن نقابل التطرف بتطرف مضاد فالتوازن مطلوب ومعرفة أصول العلاقة الصافية مقدمة لسلامة مسيرة الأخوة الصادقة.
وقالت لا يمكن أن تؤثر المعلمة في الطالبة وتعمق من توجهها الطيب وتغير من سلوكياتها المنحرفة إن وجدت إلا بقدر من الإعجاب الشرعي والحب والتعلق. وما أجمل أن تكون شخصية المعلمة جذابة بحسن كلامها وخلقها وملبسها وتعاملها مع طالباتها، وتحصيل هذه الجاذبية مطلوب لتحقيق هدف إيصال الرسالة التربوية.
والسؤال هو: إذا كانت بعض المربيات يتجنبن أن يكن جذابات فكيف يمكن أن يؤثرن على من حولهن. إننا نرى من تظهر علامات الصفاء والنقاء على وجوههن نتيجة قلوب مخبتة وصدق وإخلاص وقيام ليل وصيام ونشعر بارتياح لهن ومحبة للاستماع إليهن والجلوس إليهن فهل يعد هذا إعجاباً ينبغي محاربته أم أن اللائق أن نقابل من حولنا بنوع من الغلظة حتى لا يحصل الإعجاب المذموم؟
وأضافت انه من يتأمل في السنة النبوية يدرك كيف أسرت شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ومع ذلك لم يؤد بهم هذا إلى غلو في محبته والخروج عن المقاصد الشرعية وعندما حصل شيء من هذا جاء التوجيه النبوي بإصلاح الوضع وليس بتغيير معاملته صلى الله عليه وسلم للناس، كما جاء التوجيه المتكرر للحب في الله عز وجل والدعوة إلى تنميته وزيادته وأمثلة هذا كثيرة منها ما رواه مسلم رحمه الله تعالى عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رجلاً كان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فمر به رجل، فقال: يا رسول الله إني لأحب هذا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أعلمته؟ قال: لا، قال: أعلمه. فلحقه فقال: إني أحبك في الله، قال: أحبك الذي أحببتني له.
علاج الظاهرة
وشدد الدكتور اسعد على ضرورة علاج هذه الظاهرة وذلك بالتصدي لها بالتوعية ونشر الثقافة الصحيحة وتعريف جميع فئات المجتمع بخطرها وكيفية التعامل معها والتدابير الممكن أخذها للحيلولة دون انتشارها إضافة إلى توعية الآباء والأمهات بدورهم في إعطاء بناتهم الحنان الكافي والاهتمام المناسب والمتوازن لتنشأ الفتاة ولديها اكتفاء عاطفي وتوازن نفسي يغنيها بإذن الله عن مثل هذه العلاقات.
ويرى الشيخ الصقعبي من جانبه ان علاج داء الإعجاب أمر يسير على من صدقت مع الله وقال إن من الأهمية بمكان أن نبين للفتاة أنها لابد أولاً أن تتخذ سياجاً قبل وقوعها في ظاهرة الإعجاب ولذا أرى أن من الأهمية بمكان أن اذكر الفتاة أن علاج ظاهرة الإعجاب يكون من شقين :
الأول : خطوات تتخذها الفتاة قبل وقوعها في داء الإعجاب .
الثاني : خطوات تسلكها الفتاة للتخلص من هذه الظاهرة بعد وقوعها في داء الإعجاب أما الخطوات التي تتخذها الفتاة قبل وقوعها في الإعجاب فيمكن أن نوجزها فيما يلي :
- الشروع في غض البصر ومجاهدة النفس على ذلك .
- إشغال الفتاة وقت فراغها بما يعود عليها بالنفع في الدنيا والآخرة لأن من أبرز أسباب الوقوع في الإعجاب هو الفراغ .
- إغلاق مداخل الشيطان حتى لا ينفذ إلى القلب قال ابن القيم رحمه الله كل ذي لب يعلم أنه لا طريق للشيطان عليه إلا ثلاث جهات التزيد، والإسراف، والغفلة .
- الابتعاد عن الصحبة السيئة .
- أن تعلم الفتاة التي بينت على غير طاعة الله أنها ستنقلب إلى عداوة يوم القيامة .
أما الخطوات التي تتبعها من وقعت في داء الإعجاب لتتخلص منه فلذلك خطوات كثيرة أذكر منها
:
- مجاهدة النفس على الإقلاع عن هذا الداء وهذا أمر مهم لأن علاج قضية الإعجاب الأولى تقع على عاتق الفتاة .
- الدعاء إلى الله سبحانه وتعالى في ذلك .
- المصارحة مع النفس وأعني بذلك أن تتفكر الفتاة بالهدف الأسمى الذي من أجله خلقت له .
- صحبة الجليسات الصالحات .
- الإكثار من الذكر وخاصة قراءة القرآن .
- الإكثار من نوافل العبادات وخاصة الصلاة والصيام وحتى ولو لم تجد الفتاة في بادئ الأمر أثرا لذلك فإنها مع التعلق بهذا النوافل والطاعات ستجد لذلك أثراً بمشيئة الله .
- إذا كانت الفتاة وقعت في الإعجاب في فتاة في مدرسة مثلاً فعلى هذا الفتاة التي أرادت أن تعالج نفسها أن تنتقل من ذلك المكان وقد تجد صعوبة في بادئ الأمر ولكن أمر ذلك سيخف مع مرور الأيام .
- التأمل في عظمة الله وقدرته حينها يمتلئ القلب بمحبة الله تعالى وبالتالي يظهر لها حقارة في داء الإعجاب فيكون ذلك عوناً لها للتخلص من داء الإعجاب وبالجملة فالخطوات كثيرة ولكن تبقى الإرادة هي سيدة الموقف ومن أرادت الاستزادة من الكلام حول هذه الظاهرة فلي شريطا اسمه فتياتنا والإعجاب وكذلك رسالة اسمها الإعجاب ففيها مزيد بيان وإيضاح لمن أرادت ذلك .