أغمضْ عينيك، فقط بُرهة من زمن... تأمَّلْ الشريطَ الذي عكست صورتَه ذاكرتُك... ففي الذاكرة نصيحةُ المحبِّ الصادق بالمحبة... في الذاكرة كلمةٌ طيبة خرجت من روحٍ أحبت لك الخيرَ كُلَّه... في الذاكرة ضحكات مشرقة من نفوس طاهرة نقية... في الذاكرة يدٌ حانية تمتدُّ لسعادتِك فهي كبَلْسَمٍ للروح شافية... في الذاكرة جَمْعٌ طيِّب على الخير كان اجتماعُه وتفرُّقه... في الذاكرة مَن بذلوا لك وقتًا وجُهدًا لترسِمَ على صفحة الوجه ابتسامة... في الذاكرة أناسٌ تُحِبُّ لك الخيرَ دائمًا، وتسعد حينما تنالُه، فهُمْ كُنُوزُ الدنيا والآخرة... في الذاكرة ذاك الموقفُ الذي ساءك لمظلوم مغلوب على أمره، ولم تستطع تقديمَ أي معونة... في الذاكرة اتِّهامُ حقود... ونظرةُ حسود... وتَمْتَماتُ شياطينَ إنسيةٍ... في الذاكرة مؤامرات حِيكت بفنٍّ كذِبٍ، وألحانِ سُوءٍ، خُلقت من نفوس معتدية... في الذاكرة مَن يرتدي ثوبَ الكراهية بقِناعِ المحبة ممَّن غرَّتُه خبيئتُه... في الذاكرة مَن يُمثِّل دورَ المظلوم البائس وهو رأسُ الفتنة لا الضحية... في الذاكرة كل هذا وذاك مما فعلتَه أنت لنفسك... عطاؤك... منعك... ابتسامتك... عُبُوسك... صدقك... كذبك... محبتك... كرهك... طهارة نفسك. .. خَلَجَات قلبك... طفولتك... شبابك... مراحل عمرك التي عشتها حتى اللحظة بجمالها وسعادتها... ويسرها وعسرها. هذه فقط برهة من زمن، مرَّ الكثير والكثير أمام عينيك...! أناسٌ كانوا هنا، ودَّعوا الدنيا وبقوا في الذاكرة... وغدًا ستكون أنت في الذاكرة... فإما حسنة فيقال: "رحمه الله كان وكان..."، وإما ...ولتكن في الذاكرة ذكرى جميلة... كن وسطًا لا مالحًا ولا حُلوًا، فإن زاد أحدهما عن الآخر أمرض... *