

***
دخلت أم مساعد على ابنتها بشاير وجلست بقربها , اذ أنّ بشاير
كانت جالسةً على طرف الفراش وهي شاردة وتفكّر , قال أم
مساعد بهدوء : بشاير .. معقول تفتحين قلبتس لأختس ولا تفتحينه
لأمتس ؟! , أنا ما راح ألزّم عليتس .. بس تكفين يا بنيتي .. قولي
الصدز , قولي لي وش صاير بينتس وبين ناصر ؟!
التفتت عليها بشاير وبدأت عيناها تدمع وانفجرت بالبكاء وضمّت
والدتها , خافت أم مساعد كثيراً اذ أنّها لم ترى بشاير تبكي هكذا
من قبل , حاولت تهدئتها أم مساعد وقالت : بشاير لا تصيحين قطّعتي
قلبي يا بنيتي .. طيّب اهدي , خلاص مافيه شي يسوى تصيحين
عليه .. قولي لي ليش هالصياح , وش صاير ؟!
قالت بشاير : يمه .. يمه السالفه مهيب اللي قلت لتس عليها ,
كنت أكذب عليتس !
قالت أم مساعد : كنت متوقعه بيني وبينتس .. طيّب قولي ..
وش هي السالفه الصدقيه ؟!
قالت بشاير وهي تبكي : تزوّج علي يا يمّه .. بيتزوّج علي !!
وانفجرت بالبكاء مرةً أخرى وضمّت والدتها بقوّه , عندها نزلت
دمعة من عين أم مساعد , كان شيئاً صعباً , شيئاً فوق طاقتها
أن ترى ابنتها ذالت الخمسة والأربعين عاماً تبكي بهذه الحرقه
قالت أم مساعد : اهدي يا يمّه .. طيّب انتي وشلون عرفتي ؟! ,
هو قال لتس ؟!
قالت بشاير : عرفت بالصدفه
قالت أم مساعد : طيّب متى أعرَس ؟!
قالت بشاير وهي تبكي : اليوم العقد .. الليله بيملكون يا يمه !
اهئ اهئ
قالت أم مساعد : هذا مْهبول ولا صاحي ! , اعنبو ابليسه فيه
أحد يسّوي اللي يسوّيه ! , مَرَه عاشت معك فوق العشرين سنه ..
تقوم تعرس عليها ! , طيّب ما قال لتس يا بشاير ليش .. يعني
ليش أعرس عليتس .. ما تكلّمتي معه ؟!
قالت بشاير وهي تجفّف دموعها : ما تكلّمت معه ولا أبي أتكلّم !
***
جلست حصه ومشاعل في الصاله وهما متوتّرتان جداً
قالت حصه : هالحين وش نزيّن يا مشاعل ؟!
قالت مشاعل : قاعده أفكر .. لازم نلقى حل جذري وسريع لهالسالفه
قالت حصه : دريتي أبو مطلق جا طقّ الباب .. يتطمّن علينا ويقول
انّه زار أبو حمد وهو بخير
وعافيه .. وسألني ان تسان ناقصنا شي ولا شي
قالت مشاعل : فيه الخير أبو مطلق .. ما قصّر
قالت حصه : طيّب أنا بزوره , لازم نشوفه
قالت مشاعل : حتى أنا والله .. كلمي أخوتس بدر خلّيه يودّينا
قالت حصه : خلاص , خلّيني أدق عليه .... ألو .. هلا بدر .. الحمدلله ,
ايه .. أبيك تودّينا السجن نزور أبو حمد , ايه ايه .. أكيد يا بدر لازم
نشوفه .. طيّب .. جزاك الله خير
قالت مشاعل : وش قال ؟
قالت حصه : يقول بيمرّنا بعد ساعتين وبنروح له , يا بعد عمري
يابو حمد .. قلبي بيتقطع عليك , هذي أوّل مره .. أوّل مره في
حياته يبات ليله بالسجن !
قالت مشاعل بأسى : الله يعينه , أحسّه شايل الدنيا على راسه
هالحين .. الله يفرج عنّه ان شالله , يالله ياحي يا كريم رجّعه
لنا سالم واسترها معه يا رب
قالت حصه بانفعال : أبو حمد لازم يطلع .. لازم يطلع !! ,
مشاعل أبو حمد عمره ما انسجن ..معاه الضغط والسكر ورجال
كبير وما يتحمّل ! , أخاف يصير فيه شي .. والله انّي خايفه يصير
فيه شي من قعدة السّجن .. يا مشاعل لازم نلقى حل .. لاااازم
يطلع !!
قالت مشاعل بحزن : كافي يا حصه , لا تعوّرين قلبي زود ..
بيطلع بحيل اللي ما تنام عينه , اسمعي .. أنا بطلع .. تجين معي ؟!
قالت حصه : وين هو له ؟!
قالت مشاعل : بتجين معي ؟!
قالت حصه : ايه .. مدري عنتس
قالت مشاعل : بدق على سواق أمي يجينا بسرعه , وانتي روحي
البسي عباتك وأنا بعد
***
جلست أم مساعد في صالتها وجلس ناصر مقابلها , كان ناصر
خجِلاً ومتوتّراً , أمّا أم مساعد فكانت غاضبةً منه وتنظر اليه
نظرات ببعض الازدراء , قالت أم مساعد : معقوله يا ناصر ..
هذا جزاها اللي عاشت معك هالسنين كلّها عالحلوه والمرّه ,
عالزين والشّين , حفظتك وصانتك وحفظت بيتك وربّت
بنتك أحسن تربيه .. تقوم تعرس عليها ؟!! ..
قال ناصر : تكفين يا عمّتي .. أنا جايّتس بكلمتس , ما
أبيتس تلوميني ..
قالت أم مساعد : ليش اللي سوّيته ما يستاهل أحد يلومك عليه ؟! ,
عمرها ما قصّرت معك بشي ,بنتي وأنا أعرفها زين .. يعني بس
عشانها كبرت وتغيّرت تقوم تشوف لك وحده صغيره تعرس
عليها وتّشبّب معها تسنّك من مراهق ؟! , أنا تعرفني مع الحق ..
ولو انّ الحق معك كان وقفت بصفّك ضد بنتي , بس أنا عارفه
انّ بنتي هي المظلومه .. ومانيب لايقتن لك أي عذر !
قال ناصر : يا عمّتي صدقيني أنا نفسي مدري وش اللي صار
لي .. حسّيت انّي محتاج لمرَه ثانيه , يمكن ابليس لعب براسي ..
يمكن عيني زايغه وأبي وحده حلوه وصغيره أرجّع أيام شبابي
معها زي ما قلتي .. بس يا عمتي أنا أبي أتفاهم مع بشاير ..
لازم أكلّمها وهي رافضه تكلمني نهائياً !
قالت أم مساعد : بنتي معذوره وما تنلام , وان كانها ما تبي
تكلمك هذا من حر ما فيها ! , أفا يا ناصر .. ما هقيتها منك
والله , لو فيه سبب أو عذر تسان يمكن عذرتك .. بس مانيب
شايفتلك أي عذر على اللي سوّيته , .. وبعدين تعال , انت
هماه الليله ملكتك ؟! , بشاير تقول الليله العقد ؟!
قال ناصر بخجل : أجّلته .. أجّلته خلاص , بس تكفين افهميني
يا عمتي , أنا مستعد أسوّي أي شي بس خلّيها ترجع وتسامحني ..
بنتنا هالمسيكينه وش ذنبها !
قالت أم مساعد : أجّلته ؟! , يعني ما ألغيته ! , لا حشا منتب
صاحي يا ناصر .. وبعدين بنتكم كبيره وخلّ عنّك التعذّر ببنتك ,
بنتك سنه ولا سنتين وتتزوج وتروح بيت رجلها .. خلّنا فيك
انت وبشاير
قال ناصر : طيّب كلميها , قولي لها مستعد أسوّي اللي تبيه
بس ترضى وتسامحني
قالت أم مساعد : والله مدري وش أقول لك .. بس ماعليه
أنا بكلّمها وبشوفها وش تقول
قال ناصر : طيّب عمتي كلميها .. وقولي لها انّي أبي أقول
لها كلمه أخيره , يعني بكلّمها لآخر مره وبعدها اذا ما تبي
تسمع صوتي ما راح تسمع صوتي نهائياً !
قالت أم مساعد : طيّب هم بعد بقول لها .. بس تراك ظلمتها
يا ناصر ظلمتها !
قال ناصر : أدري .. وصدقيني ندمان .. عمتي أنا ماشي ..
مع السلامه
قالت أم مساعد : مع السلامه
***
ذهبت مشاعل وحصه الى البنك في البدايه , قالوا لهم بأنّ البنك
لا يتساهل في هذه الأمور و من المستحيل أن يطيلوا المهله , وقد
وقّع أبو حمد على أوراق رسميّة وكلّها موجودة لدىالبنك وقوانين
البنك صارمةٌ جداً وعليه أن يدفع ماعليه بأي طريقه , وبعدها
ركبوا السيارة , قالت حصه : طيّب .. هالحين وبين بروح
قالت مشاعل : مكتب محاماة , أنا لازم أشوف محامي .. بسأله
كم سؤال
قالت حصه : يعني أبو حمد كان يكذب علينا يوم قال ان البنك
معطينه مهله زود ؟!
قالت مشاعل : ايه .. مسيكين ما يبي يضايقنا ويخوّفنا , يا الله
عليك يابو حمد .. للحين أحس انّي للآن ما أعرفك زين !
وصلوا عند مكتب المحاماة ودخلوا عند المحامي وجلسوا في
مكتبه , قال المحامي : تفضلوا .. وش القضيّه بالضبط ؟!
قالت مشاعل : يا أستاذ سالم زوجي أخذ قرض من البنك
وعطوه مهله معيّنه عشان يسدّد وما سدّد .. وهالحين هو
في التوقيف
قال المحامي : يعني ما ودّوه السجن ؟!
قالت مشاعل : لأ بعد .. ينتظرون حكم المحكمه
قال المحامي : طيّب كم المبلغ ؟!
قالت مشاعل : ميه وخمس آلاف بالضبط
قال المحامي : طبعاً اللي راح يصير واضح , القاضي راح
يجبره انّه يدفع ...
قالت حصه : طيّب هو ما عنده شي
قال المحامي : أها .. طيّب عنده سياره باسمه ؟!
قالت مشاعل : ايه .. عنده
قال المحامي : طيّب بيت ؟!
قالت حصه بخوف : بيت !
قالت مشاعل : ايه .. عنده بيت باسمه
قال المحامي : خلاص اذاً , راح يجبر على بيع أي شي
عنده عشان يسدّد فيه المبلغ
قالت حصه : طيّب حنّا كلنا في البيت .. حنّا حريمه ثنتين
وعندي بنات بعد ..
قال المحامي : أها , في هالحاله ما راح يقدرون يرغمونه
لأن ما عندكم مكان ثاني تعيشون فيه صح ؟!
قالت مشاعل : لأ ما عندنا
قال القاضي : راح يرغم على بيع أي شي عنده .. واذا
ما اكتمل المبلغ بينقلونه للسجن وبيقعد هناك فتره طويله
يمكن , حاولوا تدبرون المبلغ المطلوب قبل لا توصل
السالفه للمحكمه لأنها بتتعقد زياده هناك , يعني خلّوا
شغلكم مع البنك
قالت مشاعل : رحنا البنك وقالوا ما بيدينا شي هو لازم
يسدّد
قال المحامي : للأسف شروط البنك واضحه وصارمه
وما يتساهلون أبد ..
قالت مشاعل : طيّب , مشكور وما قصرت .. ماشين
قال المحامي : العفو , ما سوّينا شي .. وهذا كرتي ,
اذا كبرت القضيه لا سمح الله أو احتجتوا أي شي ,
تفضلوا
قالت مشاعل : مشكور .. تسلم , مع السلامه
قال المحامي : حياكم الله , مع السلامه
***
كانت مشاعل وأم مساعد وبشاير في الصالة , قالت
مشاعل : وتوني رحت للبنك وللمحامي ..
قالت أم مساعد : معقوله ؟!! , أبو حمد مسجون !
قالت بشاير : لا حول ولا قوة الا بالله .. الله يعينه
ويفك كربته
قالت مشاعل : ما حنّا عارفين وش نسوي , لازم نسدّد
ولا بيبقى في السجن !
كانت أم مساعد حزينةً ومصدومه : حسبي الله ونعم
الوكيل .. طيّب وش ناوين تسوّون يا بنيتي لازم
تسوّون شي .. أبو حمد مهوب صغير ومافيه شدّه
عالسجن والحبس
قالت مشاعل : ما حنّا عارفين يا يمّه .. أنا وحصه
مختبصين ..
قالت بشاير : والله هالأسهم محد سلم منها .. بس
لازم تدبّرون المبلغ وتلطعونه
قالت مشاعل : أكيد .. اليوم بياخذنا بدر نزوره
ونشوفه , يا ويل قلبي عليك يابو حمد
سكت الجميع ولكن مشاعل قالت : بشاير .. وانتي
وش صار عليتس مع رجلتس ؟!
قالت بشاير : أمي درت بالسالفه خلاص .. وجا
وكلّمها
قالت مشاعل : ايه .. طيّب وش بتسوين ؟! , هو
أعرس خلاص
قالت أم مساعد : يقول أجّل زواجه , ويبي يتفاهم
مع بشاير
قالت بشاير : ما عندنا شي نتفاهم عليه .. خلاص
يمه قولي له زي ما قلت لتس .. لا يأجّل زواجه أكثر
من كذا , ولا يحتري منّي شي !
قالت أم مساعد : أدري انتس معصبه .. والله يلوم
اللي يلومتس و بس لازم تتكلّمون مع بعض يا بنيتي ..
مهيب معقوله يعني
لم تجب بشاير ولكن أم مساعد عادت لتقول : وش
هاللي يصير لنا يا رب .. اللهم انّي لا أسألك رد القضاء
ولكن اللطف فيه .. انتي تهاوشتي مع رجلتس وبيعرس
عليتس .. وانتي رجلتس مسجون وما يندرى متى بيطلع ,
حسبنا الله ونعم الوكيل
قالت مشاعل : دايم كذا .. يقولون المشاكل اذا جت تجي
مرّه وحده ! , يلله أنا بمشي .. يمكن بدر بيودّينا البيت ..
لازم أروح , بشاير فكري زين قبل لا تتخذين أي قرار ..
انتي هالحين مجروحه ومصدومه , عطي نفسك مهله
وحاولي تلتمسين له عذر .. أنا يبيلي قعده معتس .. يلله
عن اذنكم مع السلامه
قالت أم مساعد : مع السلامي يا بنيتي .. وطمنينا على
أبو حمد
***
|
|
|
|