

***
ذهبت بشاير الى شقة عبير بعد أن اتصلت عليها ,
كانت الاثنتان واقفتان قرب الشباك المطل على الشارع ,
قالت عبير : بعد شوي راح يجي ياخد دانيه من بيت
أهلها .. بتقول دانيه انهم رايحين يتعشّو سوا
قالت بشاير : زين ان علاقتك في دانيه وأهلها كويسه
وتقدرين تجيبين كل المعلومات والأخبار ..
قالت عبير : بصراحه أنا ما بدي أقهرك وأغيضك ..
بس بتقول دانيه انهم رايحين يتعشّو بالمطعم اللي
بالكره اللي فوق بعمارة الفيصليّه !
ابتسمت بشاير بحزن وهي تنظر من الشباك وقالت :
هالحين هذا الباب اللي جالسين نطل عليه هو الباب
الوحيد للعماره ؟!
قالت عبير : ايه هو الباب الوحيد , وأكيد رح نشوفو
أو نشوف سيارتوا من هون لأنّو الشباك هاد بيوريك
الداخل والطالع من العماره ..
قالت بشاير : ناظري .. هذا هو , هذي سيارته
قالت عبير : هي هي البيضا ؟!
قالت بشاير : ايه هذي البيضا سيارته .. شوفي وقّف ..
قال عبير : ايه ليكو نزل نزل من السياره ..
وفي هذه اللحضه أسرعت بشاير لتخرج من الشقه
ونادتها عبير : بشاير .. ليك وين رايحه !
قالت بشاير : ماعليك يا عبير يللا مع السلامه ..
نزلت بشاير من الدرج , وهي تنزل من الدرج واذا
بناصر يصعد الدرج ! , نزلت درجة وصعد درجة
وأصبحا بمحاذاة بعضها ولكنه لم يعرفها بالطبع
لأنّها كانت متغطّية وبالتأكيد لن يدقّق في كل امرأة
يراها في الشارع ! , وعندما مرّا بمحاذاة بعضها
أحسّت بشاير بغصّه , نزلت دمعة رغماً عنها , عندما
رأته وهي صاعدٌ الدرج متوجّه الى بيت أهل دانيه ..
رأت فرحة في عينيه , لهفه , شوق , سرور !! ,
لماذا يا ناصر ؟! , لماذا هو سعيد ؟! .. لم أرَ هذه
الفرحة واللهفة في عينيه منذ سنين ! , التفتت قليلاً
لتجده واقفاً أمام بيت أبو دانيه يعدّل مرزام الشماغ
ويحكم اقفال "الكَبَك" , مشت الى خارج العمارة
و ركبت السيارة وقالت للسواق بأن يعود الى البيت
بسرعه , كانت شاردة طول الطريق .. تنزل دموعها
رغماً عنها , فكّرت بأن تتصّل بأختها مشاعل اذ أنّ
مشاعل لا تعرف شيئاً عن الموضوع ولكن غيّرت
رأيها ولم تتصل بمشاعل , وقفت السيارة أمام البيت ,
نزلت واتّجهت الى غرفتها مباشرة ولم تكن لولوه
موجودة في البيت اذ أنّها كانت عند خالتها مشاعل ,
أقفلت بشاير باب الغرفة وبدأت تعمل ..
***
بعد أكثر من ساعة وصل ناصر الى البيت , وعندما دخل
الى الصالة رأى بشاير جالسة وقد لبست عبائتها وشنطتها
في يدها , قال ناصر : السلام عليكم ..
ردّت بشاير بصوت منخفض : عليكم السلام
قال ناصر : لابسه عباتك .. والسواق أشوفه راكب
السياره برى ...
قالت بشاير : ايه .. بعد بكره ان شالله أجل !
قال ناصر : وشو اللي بعد بكره ؟!
قالت بشاير بهدوء وقد ابتسمت ابتسامة حزينه : وشدعوا يا
ابو لولوه .. لا تعزّمنا ولا حتى تقول لنا !
لم يجِب ناصر , قالت بشاير : دانيه أجل .. هاه ؟!
قال ناصر : وش فيك يا بشاير .. وش دانيه ؟!!
قالت بشاير : ناصر خلاص خل عنّك هالتمثيل دامك عرفت
انّي عرفت كل شي ! , عادي صدّقني عادي , أنا كنت متوقعه
هالشي يصير , انت من زمان عايفني وكل يوم تبعد عنّي أكثر ,
وأدري انّ مشاعرك تغيّرت ناحيتي ...
قال ناصر : انتي وش تقولين ؟!!
قالت بشاير : هو سؤال واحد .. بعد بكره ملكتك ولا لأ ؟!
قال ناصر : هاه ...
قالت بشاير بحزم : جاوبني ! , بعد بكره ملكتك ولا لأ ؟!
قال ناصر : انتي .. انتي من وين دريتي ؟! , لحضه بشاير
أنا لازم أشرح لك ...
قالت بشاير : جاوب عالسؤال أوّل
قال ناصر : طيّب .. اسمعيني , خلاص باين ان كل شي
انكشف .. ايه بعد بكره ملكتي !
قالت بشاير : الحمدلله .. عشان ما أكون ظلمتك , الواحد
ما يدري بعد يمكن يكون كل هالشي تمثيليّه وصديقتي عبير
تكذب علي بس عشان تبي تخرّب بينّا ! , المهم .. دامك
اعترفت وطلعت الكلمه من لسانك أنا كذا ارتحت وما راح
أكون ظالمتك زي ما انت ظلمتني , خلاص يا ناصر
صدقني ما عاد فيه كلام أو تفاهم بينّا .. الله يهنّيك ويوفقك ,
مانيب داعيتن عليك والله .. أنا رايحه بيت أهلي , مع السلامه
بدا ناصر بائساً ولم يعرف مالذي يجب عليه قوله , اتّجه
الى غرفته بخطوات متثاقلة , وجد أن بشاير قد أخذت كلّ
ملابسها وأغراضها بلا استثناء ! , قال في نفسه : هذي
من صدقها ! , يعني ما عاد هيب راجعه ! , لا حول ولا قوة
الا بالله يا ربّي أنا شسوّيت ! , الغريبه كيف درت وشلون
عرفت ! , أنا ما كان ودّي أضايقها .. حرام , حرام علي ,
ليه ليييه !!
***
اتّجهت بشاير الى بيت والدتها , كان لديها المفتاح .. فتحت
الباب ودخلت الى الصالة لتجد أم مساعد جالسة تكلّم في الهاتف ,
نادت بشاير الخدامه : ريكيا .. ريكيا فيه أغراض برى دخليها
كلّها وصعديها فوق ..
أنهت أم مساعد المكالمة وقالت : هلا بشاير .. هلا يمّه
قالت بشاير : أهلين يمّه .. وشلونتي وش أخباركم
قالت أم مساعد : بخير الحمدلله .. هاه وش عندتس .. هاو ! ,
وش هالأغراض وهالشناط اللي مدخلتهم ريكيا ؟! , هذولي
لتس بشاير ؟!
قالت بشاير : ايه يمّه , لي
قالت أم مساعد : طيب ليش ؟!
قالت بشاير : يمّه .. صارت مشكله بيني وبين ناصر , وبقعد
عندكم كم يوم ..
قالت أم مساعد بخوف : أفا !! , ليش يا بنيتي وش صار
ما بينكم ؟!
قالت بشاير : يمّه سالفه .. سالفه يعني ...
قالت أم مساعد : طيب قولي .. تراتس روّعتيني !
قالت بشاير : يمّه .. ناصر يبي يسافر برى .. بيقعد شهور
برى .. وبيتركنا أنا و لولوه هنا لحالنا , وأنا ما رضيت ..
وهو عاند , وتهاوشنا .. وجيتكم !
قالت أم مساعد : لا حول ولا قوة الا بالله , يا بنيتي مهما
كان المفروض ما تتركين بيتتس أبد .. طيّب تسان حاولتي
فيه كود يرضى بكلامتس ..
قالت بشاير : يمّه صدقيني بنحل السالفه وكل شي بينتهي ..
هالحين بس لأن الموضوع حامي وتوّه صاير .. لا تشغلين
بالتس يا يمّه , ولا تكلّمين لا مشاعل ولا ناصر .. زي ما
قلت لتس لا تشغلين بالتس تكفين
قالت أم مساعد : وشلون ما أشغل بالي .. هذي أوّل مرّه ..
أوّل مرّه وحده منكم تطلع من بيت رجلها وتجيني !
***
وفي الصباح الباكر اتصلت لولوه على والدتها بشاير : ألو
السلام عليكم .. هلا يمّه
قالت بشاير : هلا بنيتي لولوه
قالت لولوه : يمّه خير عسى ما شر .. ليه ما ردّيتي علي
البارح ؟!
قالت بشاير : كنت نايمه
قالت لولوه : طيّب ليه نايمه عند جدتي .. صدق هي تعبانه
يقول أبوي ؟!
قالت بشاير : ايه كانت تعبانه البارحه واضطريت أنام عندها ..
بس هالحين أحسن
قالت لولوه : طيّب يمّه بجيكم
قالت بشاير : لأ لا تجين , جدتس صارت بخير والحمدلله ,
مافيه داعي تجين خلّتس بدراستتس وجامعتس ودار التحفيظ
ولا تشغلين نفستس فينا , وأنا بعد بجلس عند جدتس ومالتس
شغل فيني
قالت لولوه : يمّه وش فيك ؟! , ليه تكلميني كذا وما تبيني
أشوف جدتي
قالت بشاير : خلاص يا بنيتي .. خلاص , اسمعي اللي
أقولتس عليه
قالت لولوه : طيّب , على راحتك يمّه .. سلمي على جدتي ..
يللا مع السلامه
قالت بشاير : فحفظ الله يا بنيتي
كانت بشاير متوترةً وعلى أعصابها , ابنتها لولوه لا تعلم
بشئ .. و والدتها أم مساعد اضطرت أن تكذب عليها وتخبرها
عن سبب آخر مختلق , كانت بشاير متوترةً كثيراً وقرّرت
أن تتصل بأختها مشاعل لكي تأتي الى بيت والدتها حالاً
***
كانت الساعة التاسعة والنصف صباحاً , استيقظت مشاعل
على صوت الجوال اذ أنّها نسيت أن تضعه على الوضع الصامت
وقد خافت كثيراً عندما قالت بشاير تعالي اليّ الى بيت أمّي
لموضوع هام , غسلت وجهها مشاعل وغيّرت ملابسها ولبست
عبائتها وذهبت الى بيت والدتها مع سواق والدتها , وصلت
مشاعل بيت أم مساعد ودخلت لتجد أم مساعد تتناول فطورها ,
قالت مشاعل : السلام عليكم .. يصبحتس بالخير يمّه
قالت أم مساعد : عليكم السلام , هلا بنيتي
قالت مشاعل : يمّه بشاير وش فيها ووينها فيه ؟! , وش صاير ؟!
قالت أم مساعد : توقعت انّها بتتصل عليتس ..
قالت مشاعل : ايه .. متصله من الصبح تقول أبيتس بموضوع
مهم أنا حتى توني ما صحيت !
قالت أم مساعد : متهاوشه مع رجلها .. تقول هو بيسافر برى
وهي معيّه ومتزاعلين , ما فهمت منها السالفه زين , وهي
ما تبي تقول لي شي , تكفين ارقي لها يا مشاعل هي فوق
وكلميها وشوفي وش سالفتها
قالت مشاعل : طيّب .. بروح أشوفها
صعدت مشاعل الى فوق ووجدت باب الغرفة مفتوحاً وسمعت
منه أصواتاً , طرقت الباب ودخلت وأقفلت الباب , كانت بشاير
توضّب أغراضها في الدولاب , التفتت عليها بشاير وقالت :
أهلين ..
سلّمت عليها مشاعل وقالت : خير بشاير .. ليه نايمه هنا ,
وش صار بينتس وبينه ؟!
جلست بشاير على الفراش ولم تتكلّم , جلست مشاعل بقربها
وقالت : أمي قالت لي انّه صايره بينكم مشكله ومتهاوشين ..
بس ما عرفت بالضبط وش صاير بينتس وبينه ؟!
قالت بشاير : ما عاد بيصير شي !
قالت مشاعل : وشو ؟! , بشاير تكلّمي .. وش سوّى بعد ؟!
نظرت اليها بشاير بحزن ونزلت دمعتان , قال مشاعل :
بشاير وش صار ؟!
بدأت بشاير بالبكاء وضمّتها مشاعل وأخذت تهدّئها أمّا
بشاير فلم تتوقف عن البكاء
قالت مشاعل : اهدي حبيبتي .. اهدي وقولي لي وش
صاير تراتس طيّحتي قلبي !
قالت بشاير : بيتزوج !
قالت مشاعل : وشو ؟!!
قالت بشاير وهي تبكي : بيتزوج !! , شفتي كيف يا مشاعل ..
الرجال نوا يتزوج , خلاص يعني خلااص اهئ اهئ
قالت مشاعل : طيّب وش درّاتس ؟!
قالت بشاير : عرفت بالصدفه ولما سألته قال لي ..
ايه ! اهئ اهئ
قالت مشاعل : حسبي الله عليه , هذا من صدقه ! ,
معقول بيتزوج عليتس !! , خلاص بشاير لا تّضايقين ..
طيّب متى بيتزوج ؟!
قالت بشاير : بكره ! .. بكره كتب كتابا الست دانيه !
قالت مشاعل : أجنبيّه هي ؟!
قالت بشاير : ايه ..
لم تعرف ماذا تقول بشاير وفي هذه اللحضه دق جوالها
ردّت عليه : ألو .. هلا حصه .. خير .. وش صاير ! ..
طيّب طيّب .. أنا جايّه ..
قالت بشاير : خير .. وش فيكم ؟!
قال مشاعل : مدري , حصه تقول تعالي بسرعه موضوع
ضروري مرّه ! , صوتها متغيّر الله يستر بس !
قامت بشاير وعندما همّت بالخروج من باب الغرفة التفتت
الى بشاير وقالت : ماعليه بشاير , أنا برجع لتس بأقرب وقت ..
أدري فيه كلام كثير ودّتس تقولينه وحتى أنا فيه كلام كثير
لازم أقوله لتس , يللا مع السلامه
وعندما نزلت مشاعل وجدت أمّها بانتظارها , قالت أم
مساعد : هاه مشاعل كلّمتيها .. وش صاير بينها وبين رجلها ؟!
قالت مشاعل : يمّه زي ما قالت لتس هي .. وعدتني انها
بتكلمه وبيتفاهمون ان شالله , تطمّني يمّه ولا تشيلين هم
قالت أم مساعد : يا مشاعل هذي أوّل مرّه وحده فيكم تطلع
من بيتها زعلانه وتجي تجلس عندي .. وأنا هالكلام قلته
لبشاير أمس
قالت مشاعل : يمه قلت لتس تطمّني ولا تشيلين هم ..
خلاص كل شي بينحل , يللا أنا ماشيه مع السلامه
يالغاليه
قالت أم مساعد : مع السلامه ..
***
|
|
|
|