

***
تكلّمت ساره في سماعة الجوال بصوتٍ عالٍ : وشو انتي عند الباب ؟
يالله يالله هذاني جايّه ثوااني .. , يمممّه ..
قالت حصه : نعم نعم ؟!
ساره : هذي صديقتي غلا عند الباب بروح معها قبل ساعه استأذنت
منتس يعني لا تقولين
قالت حصه : طيّب وين بتروحون ؟
قالت ساره : السوق , يا خريص يا غرناطه يعني لا تخافين محنا
مقربين من العليا يللا سي يو , غلّوي تحتريني ..
وغلا هي صديقة ساره , بمثل عمرها , فتاةٌ جميله ذات شعرٍ أسود
طويل و وجهٍ كشكل القلب , تخرّجت ولم تدخل الجامعة ولم تكمل
دراستها
وفي السيارة : السلام , هاي غلّو كيفك
قالت غلا : هلا سارونه وينك يا دبّه ساعه أحتريك
ساره : توّك متصله علي حرام عليك
غلا : أنا واعدتك الساعه خمس وهذي هي خمس , يعني ما سوّيت
مثل أغنية عبدالمجيد اللي يقول أجيك قبل موعدك بساعه ... , المهم
ما قلتي لي كيفه روميو .. ههههه من جد انتي ويّاه بصراحه نككته
ساره : نكته فعينك عالأقل أنا راسيَه على واحد موب زيّك كل يومين
واحد جديد , اييه ما قلت لتس .. أنا بقول له يخطبني
غلا : وشو ؟!
ساره : بقول له يخطبني من أبوي .. سالفتنا طوّلت وعلى ما يقولون
الحب يتوّج بالزواج ..
قالت غلا : أي زواج انتي الثانيه .. قال زواج قال .. تدرين انّ أهلك
ماراح يوافقون وانتي عارفه ليه .. عايشه بنيويورك انتي ؟!
ساره : طيّب حتى لو , خلّينا نجرب ونشوف
قالت غلا : انتي وش مفطره اليوم الصبح ؟ وش تجربون ويجرّب لعبه
هي , أساساً مستحيل يوافق يتقدّم لتس واذا انتي خبله هو أكيد لأ
***
التقطت ندى كتابها واستأنفت مذاكرتها , كانت الساعة تشير الى العاشرة
مساءً , دخلت عليها أمّها حصه وقالت : هاه يا بنيتي وشلون الدراسه عاد
هالله هالله بالنسبه الزينه نبيتس تدخلين الجامعه وتتخرجين وترفعين روسنا
انتي وأخوتس حمد مهوب مثل ساروه خلصت الثانويه وقعدت ولاهيب حتى
راضيه تنخطب , المهم عاد اتصلي على مشاعل مابي أدق عليها أبوتس
ما يرد وللحين ما رجعوا تأخروا .. أكيد ذالعجيّز أم مساعد لزمت عليهم
يتعشّون عندها بس ما صار هذا عشا تأخرّوا ! , يللا دقي عليهم وشوفي
متى بيرجعون
ندى : طيّب ان شالله .. , .. ألو .. هلا مشاعل وش أخباركم متى بتجون ؟
أها أوكي مع السلامه هلا ..
قالت حصه : وش قالت ؟!
قالت ندى : تقول توّهم هالثّانيه طالعين من بيت خالتي أم مساعد
حصه : ايه زين المهم انتي لاخلصتي مذاكره نامي بكره وراك قومه
بكره الصبح ..
ندى : ان شالله
***
كانت ساره في غرفتها وبعد أن تأكدت من اقفال الباب أخذت جوالها
واتصلت بمازن , ومازن هو جارٌ لهم في السابعة والعشرين من عمره ,
يعيش في بيته الصغير مع أخيه الأصغر عبدالله في الثانوية العامّة
لوحدهم بعد وفاة والدتهم , ومازن شابٌّ وسيم ذا لونٍ أسمر وعينان
سوداوان وجسمٍ ممتلئ
ساره : ألو
مازن : هلا ساره
ساره : هلا مازن وش أخبارك
مازن : بخير انتي كيفك
ساره : أنا طيبه , وش فيك .. حاسّه صوتك حزين شوي ؟ خير
مازن : لالا أبد لا تشغلين بالك شويّة مشاكل فالشغل
ساره : أها
مازن : المهم ما قلتي لي .. فكّرتي بموضوع المعهد اللي قلت لك
تسجلين فيه ؟؟
ساره : بصراحه ايه وما جازت لي الفكره ..
مازن : بس يا ساره ما يصير , انتي صار لك سنين من تخرجتي من
الثانويه والجامعه خلاص اغسلي يدّك منها يعني ما لك الا هالدّورات
وهالمعاهد
ساره : أنا مالي الا بيت رجلي !
مازن : آ .. أها
ساره : أقول مازن ما تلاحظ ان قصتنا طوّلت .. ويبيلها نهايه ؟!
مازن : والله مدري وش أقول لك بس بصراحه ايه , صحيح انّي أحبك
وتحبّيني وقصدي شريف بس أحس اللي قاعدين نسويه يمكن .. يمكن
يكون غلط ..
ساره : لا غلط ولا شي , وحتى اذا غلط .. تقدّم لي واخطبني من أبوي
وصحّح هالغلط !
مازن : بس .. بس يا ساره
ساره : وش ؟
مازن : انتي عارفه العائق الكبير والوحيد تقريباً اللي قدامنا , انتوا
قبيليين وأنا خضيري وأبوك مستحيل يرضى مستحييل ! ..
ساره : طيّب انت جرّب يمكن يقبل
مازن : الله يهديك يا ساره اللي يسمعك يقول بنت أم عشر سنين
وما تعرف أي شي , وبعدين حنّا جيران وبعد ما أتقدم لك ويرفض
أبوك (وطبعاً أكيد بيرفض) بتصير العلاقه متوتره وما راح يكون
لي وجه أحط عيني بعينه بعد كذا
ساره : طيّب ؟
مازن : وبنفس الوقت أحس ضميري يأنبني , يعني .. يعني كأني
جالس أخون أبوك بمكالماتي لك ..
ساره : لا تخون ولا شي , وبعدين حنّا نحب بعض وقصدنا شريف
وهو الزواج
مازن : لأ يا ساره صدقيني صعبه , لالا مستحيل انتي وش تقولين !
يعني أروح وأخطبك من أبوك ؟! لالا ما أقدر
ساره : مازن ! وبعدين يعني , شف أنا أحبك وما راح أحب غيرك
ومستحيل أرتبط بواحد غيرك فهمت !
مازن : يا ساره افهميني ..
ساره : وبعدين تعال , اذا انت موب قصدك الزواج ومتأكد في نفسك
انه مستحيل يتم أجل ليه جالس تكلمني وتعشّمني ؟ , كل هذا لعب !
مازن : لا يا ساره والله موب كذا الموضوع وانتي عارفه , أنا ودّي
بالزواج اليوم قبل بكره بس .. بس
ساره : ويبس !
مازن : ساره !
ساره : وأنا صادقه ! , المهم هذا أبوي جا مع مرت أبوي أخاف أحد
يدخل علي بعد شوي .. خلاص أكلمك بكره
مازن : أوكي تصبحين على خير
ساره : وانت من أهله حبيبي
مازن : مع السلامه ..
***
دخلت مشاعل ومن خلفها أبو حمد وكانت حصه بانتظارهم : هاه
ابو حمد تأخرتوا كل هذا عشا
أبو حمد : السلام عليكم , والله أم مساعد الله يحفظها لزّمت ما نطلع
من عندها الا ومتعشين , ويا زين طبخ أم مساعد ! , مع ان عندها
خدّامه بس ما تاكل الا من يدها
قالت حصه : المهم .. ماعلينا , ايه الليله ليلتي ترا لا تنسى , ومشاعل
أكيد تعبانه بكره وراها دوام
قالت مشاعل : ايه صادقه , تصبحون على خير
قال أبو حمد : تعالي يا مشاعل هماتس تبيني بموضوع ؟
حصه : خلاص خلها على راحتها تبي تنام .. الموضوع يتأجّل ..
وبعد أن ذهبت مشاعل الى غرفتها
قالت حصه : تعال أنا اللي أبيك بموضوع ..
أبو حمد : خير ان شالله ..
حصه : خير , وش قلت عالموضوع اللي كلّمتك فيه ؟
-أنا قلت لتس , مستحيل آخذ فلوس من مرتي الثانيه عشان أصرف على
عيال مرتي الأولى !
حصه : يابو حمد وش دخّل العيال .. مشاعل بتصرف عالبيت كلّه ..
أبو حمد : يعني مصاريف بناتس وطلباتهن يا كثرها وولدتس بعد يبي
فلوس , وراتبي كلّه خمسة آلاف , ومشاعل صحيح انها تعطي من غير
ما أفتح اثمي بكلمه وتحلف علي آخذ منها بس والله أستحي من هالمَرَه ,
يعني آخذ منها فلوس عشان أصرف على عيال مرتي الثانيه وهي
ماهيب ملزومه تصرف على أحد .. وبعدين هي تصرف على أمّها
لا تنسين , ومن كثر راتبها هي بعد هالمسيكينه .. كلّه تصرفه وما
تخلّي لنفسها ولا شي
حصه : وليه تستحي ؟ هي مدرّسه راتبها بحدود الخمس آلاف , وحتى
لو كان عندها مصاريف أكيد مصاريفها قليله ومهيب كثر مصاريفك ,
وبعدين هي توفّر لوشو ؟! , بعد لا عيال ولاشي , بعدين أنا كلّمتها
وهي رضت ووافقت
قال أبو حمد : كلّمتيها بوشو ؟!
حصه : قلت لها .. قلت لها ان الأكل والشرب ومقاضي البيت وحاجيّات
المطبخ كلّها تصير عليها .. وهي وافقت وقالت ياليت ..
أبو حمد : انتي هالحين وشوله تكلمينها ؟! , شاكي لتس الحال أنا ..
هاه ؟!
حصه : يابو حمد .. والله ذي مهيب عيشه ترا ..
أبو حمد : هاه , رجعنا للخنبقه والخرابيط القديمه ؟!
حصه : يابو حمد وأنا صادقه , يعني وش فيها اذا مشاعل حطّت شوي
ترا راتبها كثر راتبك , وأمّها مصاريفها قليله وبعدين اللي أعرفه ان
هي وبشاير أختها بعد يصرفون على أمها , يعني موب هي لحالها بس ..
أبو حمد : كلمتي ما تثنّى ! , خلاص .. هذي حالتنا وهذي رزقتنا
واللي الله كاتبه لنا .. احمدي ربّتس عالسّتر والعافيه بس
***
كانت مشاعل جالسةً في الصاله تراجع بعض الأرقام في دفتر
درجات الطالبات بالمدرسة , دخَلت حصه عليها وقالت : أقول
مشاعل , وش صار على علاجك انتي ؟ أشوفكم سكته انتي
وأبو حمد
تنهّدت مشاعل وقالت : خلاص .. تركنا العلاج مرّه وحده وعطينا
المستشفى حسابهم
حصه : وشو ؟ من صدقك انتي ؟ والعيال طيّب , وبعدين هماكم
قايلين انّ النتيجه مضمونه بحيل الله ؟
مشاعل : أنا مهيب فارقه معي , أكيد ودّي بالعيال ومتشفقه عليهم
بس .. بس ميزانيتنا على قدنا وهالعلاج ينهب نهب وما شفنا منّه
فايده , بعدين أنا مقتنعه ومؤمنه ان الله كاتب لي أحمل بحمل
حصه : بيني وبينتس هالفلوس اللي كنتي تدفعينها عشان العلاج
والأدويه لو تحطّينها بشي ثاني أحسن , يعني يتراوالي ان فيه
أشياء كثيره أهم .. عموماً زين سوّيتي انتس تركتيه , مصاريف
عالفاضي , وانتي كمّلتي الخمسه وثلاثين ؟ ايه باقي لتس واجد ,
ان الله كاتب بيمديك ان شالله , واذا عالعيال أبو حمد مهيب
فارقه معه ولا همّه (أتوقع يعني) بس هو ما يبيك يعني تزعلين
أو ...
مشاعل : وليه ما يهمّه ؟ أكيد يهمّه وأكيد هو بعد ودّه
حصه : عنده ولد وبنتين الله يخليهم له , وش يبي بعد بالبزارين
والغثا ودوخة الرّاس
مشاعل : هه , يعني يمكن .. , وش يبي بالبزارين والغثا
حصه : أنا موب قصدي , بس هذا الصدق
مشاعل : عادي , متعوده عليك !
رنّ الهاتف فردّت مشاعل : ألو .. هلا .. هلا يمّه وش أخبارتس
وشلون صحتس , أبد والله بخير .. ايه اليوم ندى مسيكينه طاحت
وانكسرت رجلها .. ايه ودّيناها المستشفى .. لالا بخير تطمّني ..
الله يسلمتس من الشر .. وشو هههههه .. بعدين يمّه الله يهديتس
وش مصحيتس لهالوقت ...
قالت حصّه بينها وبين نفسها : "يا مال الوجعه , لو يطيح دبوس
في بيتنا راحت علّمت أمها !" , وخرجت من الصاله
***
|
|
|
|